أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-1-2016
2453
التاريخ: 2024-06-22
613
التاريخ: 23-04-2015
2146
التاريخ: 2024-11-27
35
|
ويمكن أن يقال : إن الصحابة قد تصرفوا في تأليف القرآن ، وفي آياته وذلك بدليل :
ما يدّعونه في حديث جمع القرآن ، من العسب ، واللخاف ، وصدور الرجال ، من أنهم وجدوا آيتين عند البعض ؛ فألحقوهما بسورة التوبة.
بل جاء في بعض الروايات ، قول عمر بن الخطاب : (لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة ، فانظروا آخر سورة من القرآن ، فألحقوهما في آخرها..) (1).
ومعنى ذلك : هو أن الصحابة ، قد أعملوا سلائقهم وذوقهم ، في ترتيب آيات القرآن ، فضلاً عن سوره..
ولعل مما يدل على ذلك : أنهم يقولون أيضاً : إن بعض الآيات المنسوخة ، قد تأخرت فيه على الناسخة ، مع أن الأمر بحسب النزول ، لا بد وأن يكون على العكس ؛ فراجع ما ذكروه في آية تربص المرأة المتوفى عنها زوجها إلى الحول ، أو إلى أربعة أشهر وعشراً.. (2)
ولعل هذا يفسر ما ورد ، من أن من الأمور ، التي يقوم بها الإمام المهدي ، هو أنه يعلّم الناس القرآن ، وفق ترتيب النزول..
فعن الإمام الباقر عليه السلام : (إذا قام القائم من آل محمد ، ضرب فساطيط لمن يعلم الناس القرآن ، على ما أنزله الله عزّ وجل ؛ فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ؛ لأنه يخالف فيه التأليف) (3).
ونقول : إن الشواهد الآنفة الذكر ، لا تدل على تصرف الصحابة في آيات القرآن ؛ إذ قد يكون النبيّ (صلى الله عليه واله) ، هو الذي ألفه على هذا النحو ، لكن المصلحة تقتضي ؛ أن يعلم الإمام المهدي الناس القرآن ، على حسب ترتيب النزول..
كما أن تقدم الآية الناسخة في الذكر في القرآن ، لا يدل على التصرف فيه من قبل الصحابة ، فلعل النبيّ صلّى الله عليه وآله نفسه ، هو الذي أمرهم بوضعها في هذا المورد ، لمصلحة ، ولمناسبة رآها.. وإنما يجب عدم تقدمها على المنسوخة في النزول ، لا في الكتابة في المصحف..
وأما بالنسبة للرواية عن عمر بن الخطاب حول الآيات الثلاث ، وسائر ما يروى فيما يرتبط بجمع القرآن بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فقد عرفنا ما فيه ، وأن الجمع والتأليف قد كان في زمن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نفسه ، لا بعده..
هذا بالإضافة.. إلى أنه قد روي : أن سورة التوبة ، قد نزلت بتمامها دفعة واحدة.
فعن عائشة ، عنه (صلى الله عليه واله) ، قال : ما نزل عليّ القرآن إلا آية ، آية ، وحرفاً حرفاً ، خلا سورة البراءة ، وقل هو الله أحد ؛ فإنهما نزلتا علي ، ومعهما سبعون ألف صف من الملائكة ، كل يقول : استوص بنسبة الله خيراً (4).
لكن يرد على هذه الرواية أنها تقول : إن ما عدا سورة الإخلاص ، وبراءة ، كله قد نزل مفرقاً.. مع الأمر على عكس ذلك ، فهناك نصوص في نزول سورة الأنعام والمائدة ، والمرسلات وكثير غيرها ـ نزوله ـ دفعة واحدة أيضاً..
إلا أن يكون المراد : أن الفرق بين سورتي التوبة ، والإخلاص ، وبين غيرهما من سور القرآن ، هو في نزول سبعين ألف صف من الملائكة ، لا غير.
ولكن ظاهر الرواية لا يتلاءم مع هذا التوجيه أيضاً.
وكلمة أخيرة نقولها هنا :
وهي : أنه.. حتى مع وجود بعض الروايات الدالة : على أن بعض الآيات التي تأخر نزولها ، قد وضعت في سور تقدم نزولها.. فإنها لا توجب القطع بأن ذلك قد حصل بالفعل ، ولربما يوصلنا التحقيق في هذه الروايات إلى أنها غير صحيحة ، بحيث يثبت : أنها إنما نزلت في زمان نزول تلك السورة.
كما أن ما يذكر من آيات مكّية في سورة مدنية ، أو العكس ، يحتاج هو الآخر إلى تحقيق ، وتأمل أيضاً..
فلقد تعودنا وجود الكثير من الروايات المكذوبة ، أو التي تفتقر إلى الدقة في هذا المجال.. هذا كله بالإضافة : إلى أن ذلك ربما يكون بأمر من رسول الله (صلى الله عليه واله) ، في خصوص هذا المورد ، أو ذاك..
وهكذا.. فإننا نخرج بنتيجة مفادها : أن دعوى وضع بعض الآيات في سور تقدم نزولها ، تصبح موضع شك وريب ، وأن روايات نزول بعض السور دفعة واحدة ، ونزول بعض السور تدريجاً ، حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم ، فيعلم حينئذٍ ابتداء السورة ، وانتهاء غيرها ـ إن هذه الروايات ـ تبقى هي الأساس المعتمد ، ولا يعدل عنها إلا في المورد الخاص ، الذي يثبت قطعاً ، بعد التحقيق والتدقيق فيه ، أنه ليس كذلك..
والله هو الموفق ، وهو الهادي..
___________________________________
(1) راجع : فتح الباري ج9 ص12و13 وتفسير الميزان ج12 ص20 عن ابن أبي داود في المصاحف.
(2) راجع : بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص237 وراجع أيضاً : الإتقان ج1 ص24.
(3) روضة الواعظين ص265.
(4) مجمع البيان ج5 ص1/2 عن الثعلبي.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|