أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-11-2016
4821
التاريخ: 15-2-2017
13833
التاريخ: 12-2-2017
4033
التاريخ: 14-2-2017
14079
|
قال تعالى : { أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 75].
هذا خطاب لأمة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول {أفتطمعون} أيها المؤمنون {أن يؤمنوا لكم} من طريق النظر والاعتبار والانقياد للحق بالاختيار {وقد كان فريق منهم} أي ممن هو في مثل حالهم من أسلافهم {يسمعون كلام الله} ويعلمون أنه حق ويعاندون فيحرفونه ويتأولونه على غير تأويله وقيل إنهم علماء اليهود الذين يحرفون التوراة فيجعلون الحلال حراما والحرام حلالا اتباعا لأهوائهم وإعانة لمن يرشوهم عن مجاهد والسدي وقيل إنهم السبعون رجلا الذين اختارهم موسى من قومه فسمعوا كلام الله فلم يمتثلوا أمره وحرفوا القول في إخبارهم لقومهم حين رجعوا إليهم عن ابن عباس والربيع فيكون على هذا كلام الله معناه كلام الله لموسى وقت المناجاة وقيل المراد بكلام الله صفة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) في التوراة وقوله {ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه} قيل فيه وجهان (أحدهما) أن يكون معناه أنهم غيروه من بعد ما فهموه فأنكروه عنادا {وهم يعلمون} أنهم يحرفونه أي يغيرونه (والثاني) أن معناه من بعد ما تحققوه وهم يعلمون ما عليهم في تحريفه من العقاب والأول أليق بمذهبنا في الموافاة وإنما أراد الله سبحانه بالآية أن هؤلاء اليهود الذين كانوا على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إن لم يؤمنوا به وكذبوه وجحدوا نبوته فلهم بآبائهم وأسلافهم الذين كانوا في زمان موسى (عليه السلام)(2) أسوة إذا جروا على طريقتهم في الجحد والعناد وهؤلاء الذين عاندوا وحرفوا كانوا معدودين يجوز على مثلهم التواطؤ والاتفاق في كتمان الحق وإن كان يمتنع ذلك على الجمع الكثير والجم الغفير لأمر يرجع إلى اختلاف الدواعي ويبطل قول من قال إنهم كانوا كلهم عارفين معاندين لأن الله سبحانه إنما نسب فريقا منهم إلى المعاندة وإن كانوا بأجمعهم كافرين وفي هذه الآية دلالة على عظم الذنب في تحريف الشرع وهو عام في إظهار البدع في الفتاوى والقضايا وجميع أمور الدين .
___________________
1- مجمع البيان، الطبرسي ، ج1 ، ص270-271.
2- وفي نسخنا المخطوطة والمطبوعة : (كذبوا موسى) بدل : (كانوا في زمان موسى) .
كل صاحب رسالة يحرص كل الحرص على أن يؤمن الناس بها ، فيبث الدعوة لها في الأوساط أملا أن يكثر أتباعها وأنصارها ، ويتحمل في سبيل ذلك المتاعب والمصاعب ، وهكذا فعل رسول اللَّه (صلى الله عليه واله ) وأصحابه . . بثوا الدعوة إلى الإسلام في كل وسط رجوا أن يكون لها فيه أتباع وأنصار ، وكان بين الأنصار ويهود المدينة علاقة جوار ورضاعة وتجارة ، فدعوهم إلى الإسلام بأمر النبي ، وناظروهم بالحجة الدامغة ، والمنطق السليم ، وطمعوا أن تتحرك فيهم العاطفة الانسانية ، بخاصة وانهم أهل كتاب ، وبوجه أخص ان أوصاف محمد (صلى الله عليه واله ) قد وردت في توراتهم تصريحا أو تلميحا .
ولما أصر اليهود على رفض الدعوة ، والاستمرار في الكفر ومعاندة الحق خاطب اللَّه نبيه الكريم وأصحابه بقوله : {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ } وقد كان أسلاف هؤلاء اليهود يسمعون كلام اللَّه من موسى مقترنا بالآيات والمعجزات فيحرفونه ويتأولونه حسب أهوائهم ، على علم منهم بالحق ، وتصميم على مخالفته ، وما حال يهود المدينة إلا كحال أسلافهم . . حرّف السلف ، وجعل الحلال حراما ، والحرام حلالا تبعا لهواه ، وحرف الخلف أوصاف محمد (صلى الله عليه واله ) الواردة في التوراة ، كي لا تقوم عليهم الحجة .
وقال صاحب مجمع البيان : « في هذه الآية دلالة على عظم الذنب في تحريف الشرع ، وهو عام في اظهار البدع في الفتيا والقضايا ، وجميع أمور الدين » .
ونزيد على قول صاحب المجمع أن في هذه الآية دلالة أيضا على ان من اتّبع الضلال لا يسيء إلى نفسه فقط ، بل يمتد أثر إساءته إلى الأجيال ، ويتحمل وزر عمله ، وعمل من اتبعه على الغواية والضلالة ، كما جاء في الحديث الشريف.
____________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص131-132.
السياق وخاصة ما في ذيل الآيات يفيد أن اليهود عند الكفار، وخاصة كفار المدينة: لقرب دارهم منهم كانوا يعرفون قبل البعثة ظهيرا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعندهم علم الدين والكتاب، ولذلك كان الرجاء في إيمانهم أكثر من غيرهم، وكان المتوقع أن يؤمنوا به أفواجا فيتأيد بذلك ويظهر نوره، وينتشر دعوته، ولما هاجر النبي إلى المدينة وكان من أمرهم ما كان تبدل الرجاء قنوطا، والطمع يأسا، ولذلك يقول سبحانه: {أ فتطمعون أن يؤمنوا لكم} إلخ، يعني أن كتمان الحقائق وتحريف الكلام من شيمهم، فلا ينبغي أن يستبعد نكولهم عما قالوا ونقضهم ما أبرموا.
قوله تعالى: {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم}، فيه التفات من خطاب بني إسرائيل إلى خطاب النبي والذين آمنوا ووضعهم موضع الغيبة وكان الوجه فيه أنه لما قص قصة البقرة وعدل فيها من خطاب بني إسرائيل إلى غيبتهم لمكان التحريف الواقع فيها بحذفها من التوراة كما مر، أريد إتمام البيان بنحو الغيبة بالإشارة إلى تحريفهم كتاب الله تعالى فصرف لذلك وجه الكلام إلى الغيبة.
________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج1 ، ص180.
لا أمل في هؤلاء
كان سياق الآيات السابقة يتجه نحو سرد تاريخ بني إسرائيل، وفي هذه الاية يتجه الخطاب نحو المسلمين ويقول لهم: لا تعقدوا الآمال على هداية هؤلاء اليهود، فهم مصّرون على تحريف الحقائق ونكران ما عقلوه {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُوْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ يُحْرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}!
وهذه عظة للمسلمين، ودفع لما قد يعتريهم من يأس نتيجة عدم استطاعتهم إقناع اليهود وجذبهم إلى الدين الجديد.
الآيتان الكريمتان توضحان أن السبب في عدم استسلام هؤلاء القوم أمام المعجزة القرآنية وسائر المعاجز النبوية الاُخرى، إنما يعود لعناد متأصل في هؤلاء ورثوه عن آبائهم الذين سمعوا كلام الله عند جبل الطور، ثم ما لبثوا أن حرّفوه بعد عودتهم.
من عبارة {وَقَدْ كَانَ فَريقٌ مِنْهُمْ ...} نفهم أن بني إسرائيل لم يكونوا بأجمعهم محرفين، بل إن فريقاً منهم ـ ومن المحتمل أن يشكل عددهم أكثرية بني إسرائيل ـ كانوا هم المحرفين.
ورد في أسباب النّزول أن مجموعة من بني إسرائيل حين عادوا من جبل الطور قالوا: «سمعنا أن الله قال لموسى: إعملوا بأوامري قدر استطاعتكم، واتركوها متى تعذر عليكم العمل بها»! وكان ذلك أول تحريف في بني إسرائيل.
على أي حال، كان من المتوقع أن يكون اليهود أول من يؤمن بالرسالة الإِسلامية بعد إعلانها لأنهم أهل كتاب (خلافاً للمشركين)، ولأنهم قرأوا صفات النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في كتبهم. لكن القرآن يوجه أنظار المسلمين إلى سوء السابقة لدى هؤلاء القوم، ويوضح لهم أن الإِنحراف النفسي يدفع إلى الإعراض عن الحقيقة، مهما كانت هذه الحقيقة واضحة بيّنة.
__________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص226-227.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|