هو عنبسة بن سحيم بن مجانس بن مذعور بن مجانس بن هزيم بن عدي بن جناب، تولى ولاية الاندلس بأمر من يزيد بن ابي مسلم سنة 103هـ. (1)

وعندما قتل يزيد بن أبي مسلم تولى أمر افريقية بشر بن صفوان الكلبي وبأمر من الخليفة يزيد بن عبد الملك، فأمر عنبسة على الاندلس. وفيها كانت الاندلس في حالة من الاضطرابات بسبب الهزيمة التي لحقت بالمسلمين في قرقشوتة وبسبب النزاع بين العصبيات العربية الذي أستفحل أمره في ذلك الحين، لهذا فقد مضى عنبسة في تنظيم أمور دولته لمدة أربع سنوات. وسلك نفس الطريق الذي سلكه السمح بن مالك الخولاني ، وعندما استقرت الامور له توجه نحو الشمال في بلاد غالة، وعمل على تدعيم خط الدفاع أمام أربونة وفتح مدينة قرقشونة عنوة. (2)

ثم استولى على مدينة نيمة دون مقاومة، واخذ من أهلها رهائن نقلهم الى برشلونة. (3)

واصل عنبسة زحفه الى وادي نهر ردونة، وتوغل في أقليم برغندية الواقع شمال شالون chalon، واستولى على مدينة أوتون Autun ، وبشر المؤرخون الاوربيون بأن عنبسة أجتاحت جيوشه مدينة أوزة Uzes وفيفيية Viviers وفالانس Valence، وتدفقت الجيوش الى ليون Lyon وماسون Macon وشالون Chalon، وبعد أنقسم الجيش الى قسمين أحدهما باتجاه ديجون Dijon وبيز Beze ولانجر.(4)

في حين أتجه الآخر نحو أوتون، وتوقفت هذه الموجة عند مدينة سانس Senx لشجاعة أسقف هذه المدينة. وهو أسقف أيبون Ebbon ، وبعد ذلك عزم عنبسة في الرجوع الى قرطبة بعد حدوث الاضطرابات هناك ، وعند عودته الى قرطبة تصدى له بعض جموعات الفرنجة فأستشهد في أحدى المواقع سنة 107هـ. (5)

ويعلل أيزيدور الياجي عن سبب نجاح عنبسة بن سحيم راجعاً الى الجرأة والبراعة أكثر منه الى القوة والكثرة وحسن معاملته للسكان عاملاً في تقوية سلطان الاسلام في جنوبي فرنسا. (6)

وهناك حالة اخرى عززت من دور عنبسة وهي معاملة الاسرى الذين ارسلهم الى برشلونة ومعاملتهم معاملة حسنة مرفوقة بالعطف، وهذا وثق عرى الألفة بين أهالي الاندلس وبين العرب الفاتحين. (7)

وكانت ولاية عنبسة أربع سنين وثمانية أشهر، وبعد ذلك تولى عذرة بن عبد الله الفهري أمر الاندلس في شعبان سنة 107هـ. (8)

وعنبسة بعد أن تقدم الى قرقشونة عدل عن مهاجمة أكيتانيا الى اقليم بروفانس وبرعندية، وذلك لوجود صداقة له مع دوق اكيتانيا الدوق أودو الذي كان مخاصماً الى قارلة "شارل أبن ببين ديرستال" حاجب ملوك الدولة الميروفنجية، كما ان الدوق اودو صاهر مونوسة البربري بأن زوجته من أبنته لا مبيجية Lampayic او مينين ، وانه ساعد عنبسة في غزو برغندية ليبعد خطرهم عن بلاده، كما انه لم يكن على علاقة طيبة مع دولة الفرنجة. (9)

______________

(1) ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، ج2، ص457؛ المقري، نفح الطيب، ج4، ص15.

(2) Levi-provencal, op. Cit. P58- Godera, op cit p.311.

(3) مجهول، اخبار مجموعة، ص34.

(4) سالم، عبد العزيز، تاريخ المسلمين وآثارهم في الاندلس من الفتح العربي حتى سقوط الخلافة، مؤسسة شباب الجامعة، الاسكندرية، 1986.

(5) المقري، نفح الطيب، ج4، ص16؛ سالم، عبد العزيز، تاريخ المسلمين، ص138.

(6) طرخان، المسلمون والجرمان في أوربا، ص77.

(7) سيد أمير علي، مختصر تاريخ العرب، ص125.

(8) المقري، من، ج4، ص16؛ ابن عذارى، البيان المقرب، ج2، ص27.

(9) سالم، من، ص139.