أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-11-2016
1172
التاريخ: 6-12-2018
1913
التاريخ: 9-08-2015
1435
التاريخ: 27-3-2017
1146
|
أ- ولاية عليّ في القرآن الكريم :
...[الولاية ثابتة للإمام ] عليّ على المؤمنين بعد رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) وهذا بعينه ما عنته الآية الكريمة : {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ} المائدة/ 55.
ويؤيد ذلك الروايات الآتية :
في تفسير الطبري، وأسباب النزول للواحدي و شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني و أنساب الأشراف للبلاذري و غيرها (1) :
عن ابن عباس و أبي ذرّ و أنس بن مالك و الإمام عليّ و غيرهم ما خلاصته : (إنّ فقيرا من فقراء المسلمين دخل مسجد الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) و سأل، و كان عليّ راكعا في صلاة غير فريضة (2) ، فأوجع قلب عليّ كلام السائل، فأومأ بيده اليمنى إلى خلف ظهره، و كان في إصبعه خاتم عقيق يماني أحمر يلبسه في الصلاة، و أشار إلى السائل بنزعه، فنزعه و دعا له و مضى فما خرج أحد من المسجد حتّى نزل جبرئيل (عليه السلام) بقول اللّه عزّ و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ...
الآية (3) ، فأنشأ حسّان بن ثابت يقول أبياتا منها قوله:
أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي |
و كلّ بطيء في الهدى و مسارع |
|
فأنت الّذي أعطيت إذ أنت راكع |
فدتك نفوس القوم يا خير راكع |
|
فأنزل فيك اللّه خير ولاية |
فأثبتها في محكمات الشرائع (4) . |
|
إيراد على دلالة الآية :
أورد بعضهم على مفاد الروايات السابقة أنّ لفظ الآية: الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ جمع، فكيف يعبر بلفظ الجمع و يراد به الواحد و هو الإمام عليّ (عليه السلام)؟
قال المؤلف: توهّم من قال ذلك، فإنّ الّذي لا يجوز إنّما هو استعمال اللّفظ المفرد و إرادة الجمع منه، أمّا العكس فجائز و شائع في المحاورات، و قد ورد نظائره في موارد متعدّدة في القرآن الكريم، مثل التعابير الّتي وردت في سورة المنافقين:{بسم الله الرحمن الرحيم * إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] إلى قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} [المنافقون: 5] إلى قوله: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 7، 8].
قال الطبري في تفسير السورة:
إنّما عني بهذه الآيات كلّها عبد اللّه بن أبي سلول ... و أنزل اللّه فيه هذه السورة من أوّلها إلى آخرها، و بالنحو الّذي قلنا، قال أهل التأويل و جاءت الأخبار (5) .
وروى السيوطي بتفسير الآيات عن ابن عباس انّه قال:
وكلّ شيء أنزله في المنافقين- في هذه السورة- فإنما أراد عبد اللّه بن أبي (6) .
وموجز القصة كما نقلها أهل السير و ورد في التفاسير:
(انّ أجير عمر بن الخطاب، جهجاه الغفاري، ازدحم بعد غزوة بني المصطلق مع سنان الجهني حليف بني الخزرج على الماء فاقتتلا فصرخ الجهني:
يا معشر الأنصار! وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين! فغضب عبد اللّه بن أبيّ و معه رهط من قومه و فيهم زيد بن أرقم، غلام حديث السنّ فقال: أقد فعلوها؟ قد نافرونا و كاثرونا في بلادنا، و اللّه ما اعدّنا و جلابيب قريش هذه إلّا كما قال القائل: سمّن كلبك يأكلك! أما و اللّه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، ثمّ أقبل على من حضره من قومه، فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم، و قاسمتموهم أموالكم، أما و اللّه لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحوّلوا إلى غير بلادكم، فسمع ذلك زيد بن أرقم و مشى به إلى رسول اللّه و أخبره و عنده عمر بن الخطاب (7) .
فقال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنقه يا رسول اللّه. فقال: إذا ترعد له آنف كثيرة بيثرب. قال عمر: فإن كرهت يا رسول اللّه أن يقتله رجل من المهاجرين، فمر به سعد بن معاذ و محمد بن مسلمة فيقتلانه. فقال: إنّي أكره أن يتحدث الناس أنّ محمدا يقتل أصحابه(8).
فذهب عبد اللّه إلى رسول اللّه، و حلف أنّه لم يكن شيء من ذلك، فلام الأنصار زيدا على قوله. و قالوا لعبد اللّه: لو رأيت رسول اللّه يستغفر لك.
فلوّى رأسه و قال: أمرتموني أن أومن فآمنت، و أمرتموني أن أعطي زكاة مالي فأعطيت، فما بقي لي إلّا أن أسجد لمحمّد، فنزلت السورة فيه و هو المقصود بقوله تعالى: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا(9) .
وهو المقصود من قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ ...)(10) .
في هذه السورة عبّر اللّه عن عبد اللّه بن أبيّ القائل الواحد، بقوله تعالى: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ و بقوله عزّ اسمه: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ. القائل و الفاعل واحد كما أجمع على ذلك المفسّرون، و أطبقت الروايات على ذلك، و إنّما أوردنا هذا على سبيل المثال وإلّا فنظائرها متعدّدة في القرآن الكريم مثل قوله تعالى : {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} [التوبة: 61].
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ...} [آل عمران: 173].
{يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ ...} [آل عمران: 154].
هذه إلى غيرها ممّا عبّر فيها بلفظ الجمع و أريد بها الواحد، تعدّد نظائرها في القرآن الكريم.
ب- أولو الأمر: عليّ و الأئمة من ولده :
أثبتت الروايات المتظافرة المتواترة السابقة أنّ عليّا هو مولى المؤمنين و وليّ أمرهم بعد رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ])، كما أنّها تفسّر المراد من أولي الأمر في الآية الكريمة:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } النساء/ 59.
ودلّت على ذلك أيضا الأحاديث الآتية:
أ- في شواهد التنزيل عن علي أنّه سأل رسول اللّه عن الآية و قال: يا نبي اللّه من هم؟ قال: أنت أوّلهم.
ب- و عن مجاهد: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.
قال: علي بن أبي طالب ولّاه اللّه الأمر بعد محمّد في حياته حين خلّفه رسول اللّه بالمدينة فأمر اللّه العباد بطاعته و ترك الخلاف عليه.
ج- وعن أبي بصير، عن أبي جعفر:
أنّه سأله عن قوله اللّه: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.
قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب.
قلت: إنّ الناس يقولون: فما منعه أن يسمّي عليّا و أهل بيته في كتابه فقال أبو جعفر:
قولوا لهم؛ إنّ اللّه أنزل على رسوله الصلاة و لم يسمّ ثلاثا و لا أربعا حتّى كان رسول اللّه هو الّذي يفسّر ذلك، و أنزل الحجّ فلم ينزل طوفوا أسبوعا حتّى فسّر لهم ذلك رسول اللّه، و أنزل: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فنزلت في عليّ و الحسن و الحسين و قال رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) أوصيكم بكتاب اللّه و أهل بيتي إنّي سألت اللّه أن لا يفرق بينهما حتّى يردا عليّ الحوض، فأعطاني ذلك (11).
ج- قول النبيّ( صلى الله عليه [ واله ] ) : مثل أهل بيتي كسفينة نوح (عليه السلام) و مثل باب (حطّة) في بني إسرائيل :
روى من الصحابة و أهل البيت كلّ من الإمام علي و أبي ذرّ و أبي سعيد الخدري و ابن عباس و أنس بن مالك:
أنّ رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) قال:
«مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا و من تخلّف عنها غرق».
وفي ألفاظ بعضهم :
«ومثل باب حطّة في بني إسرائيل».
المصادر:
ذخائر العقبى للمحبّ الطبري ص: 20.
مستدرك الحاكم 2/ 343، و 3/ 150.
حلية الأولياء لأبي نعيم 4/ 306.
تاريخ بغداد للخطيب 12/ 19.
مجمع الزوائد للهيثمي 9/ 168.
الدر المنثور للسيوطي بتفسير الآية: {وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ} البقرة/ 58.
وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي ص: 270 بترجمة المنصور: عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس عن النبيّ (صلى الله عليه واله) :
«مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا و من تخلّف عنها هلك».
كنز العمّال، ط. الأولى 6/ 153 و 216.
الصواعق لابن حجر ص: 75، رواها عن الدار قطني و الطبراني و ابن جرير و أحمد بن حنبل و غيرهم.
كلّ ما ذكرناه في ما سبق نصوص من الكتاب و السنّة تدلّ على تعيين اللّه ورسوله (صلى الله عليه واله) وليّ الأمر بعد الرسول (صلى الله عليه واله) .
_____________________
(1) تفسير الطبري 6/ 186. و أسباب النزول للواحدي ص 133- 134، و في شواهد التنزيل 1/ 161- 164 خمس روايات عن ابن عباس و في ص 165- 166 روايتان عن أنس بن مالك، و ستّ روايات أخرى في ص 167- 169. و أنساب الأشراف للبلاذري ح 151 من ترجمة الإمام 1/ الورقة 225. و غرائب القرآن للنيسابوري بهامش الطبري 6/ 167- 168. وأخرج السيوطي كثيرا من رواياتها في تفسيره 2/ 293- 294، و قال في لباب النقول في أسباب النزول ص 90- 91 بعد إيراد الروايات:( فهذه شواهد يقوّي بعضها بعضا).
(2) يستفاد ذلك من رواية أنس حيث قال: خرج النبيّ إلى صلاة الظهر فإذا هو بعلي يركع.
ونظيرها رواية ابن عباس، و كلتاهما في شواهد التنزيل 1/ 163- 164.
(3) إلى هنا أوردنا ملخّصه من شواهد التنزيل.
(4) نقلا عن كفاية الطالب الباب 61 ص 228، و بقية مصادر الحديث في تاريخ ابن كثير 7/ 357.
(5) تفسير الطبري 28/ 270.
(6) تفسير السيوطي 6/ 223.
(7) تفسير الطبري 28/ 75.
(8) تفسير الطبري 28/ 74.
(9) تفسير الطبري 28/ 74.
(10) لخّصنا روايات متعددة وردت في تفسير الطبري 28/ 71 فما بعدها، و تفسير السيوطي 6/ 222 فما بعدها إلى غير ذلك ممّا ورد في التفاسير و السير.
(11) الأحاديث: أ، ب، ج وردت متواليات في شواهد التنزيل 1/ 148- 150.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|