أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-5-2017
1177
التاريخ: 22-11-2016
1232
التاريخ: 22-11-2016
924
التاريخ: 24-5-2017
1025
|
الموقف العام:
أكمل عمرو بن العاص بمعاونة عُقبة بن نافع الفهري فتح لِيبْيَا كلها سنة اثنتين وعشرين الهجرية (1) (642 م). وكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطّاب: "إنّا قد بلغنا طرابلس، وبينها وبين إفريقية (تونس) تسعة أيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لنا في غزوها، فعل"، فكتب إليه عمر ينهاه ويأمره بالوقوف عند هذا الحد، فعاد إلى مصر مكرَهاً بعد أن استخلف على ليبيا عُقْبة بن نافع الفِهْرِي، الذي صار إليه بعد ذلك فتح المغرب (2).
وتولى عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح القرشي العامري (3) مصر لعمرو بن العاص، ففتح إفريقية.
وخلفه معاوية بن حُدَيج السّكوني (4)، فأكمل فتح إفريقية. وخلفه عقبة بن نافع (5)، ففتح حتى المحيط الأطلسي، ولكن فتحه القريب من المحيط لم يكن فتحاً مستداماً، واستُشهد عقبة في ميادين الفتح.
وخلف أبو المهاجر دينار (6) عقبة بن نافع، ففتح أبو المهاجر المغرب الأوسط (الجزائر).
وخلف زهير بن قيس البُلَوِي (7) أبا المهاجر، فعزّز الفتح في إفريقية، وانتصر على البربر انتصاراً سَوقِياً، ولكنه استشهد في ميادين الفتح.
وخلف حسّان بن النعمان الغسّاني (8) زهيراً ففتح قَرْطاجَنّة وفاس وانتصر على الروم في معركة سَوْقِيّة حاسمة.
وجاء موسى بن نصير (9) خلفاً لحسان، فأكمل فتح المغرب الأقصى، وفتح طنجة عَنْوَة، وفتح سبتة صلحاً.
وكان فتح طنجة سنة تسع وثمانين الهجرية (709 م)، وفي هذه السنة مات غيطشة، وتولى مكانه لذريق على الأندلس، وكان على سبتة يُلْيَان الذي قاوم بنجاح موسى وردّه عن فتح سبتة بمعاونة غيطشة الذي كان يمده بكل ما يحتاج إليه للثبات أمام المسلمين الفاتحين. فلما مات غيطشة، لم تصل إلى يليان مِن خلفه الإمدادات، فلم يبق أمامه من خيار غير الاستسلام للمسلمين الفاتحين، فسلم سبتة صلحاً لطارق بن زياد وطنجة لموسى بن نصير.
وكان فتح الأندلس، نتيجة طبيعية لتمام فتح المغرب، لأن الأندلس هو الجناح الغربي للمغرب (10)، ولأن الأندلس كان المجال الحيوي للفتح الإسلامي بعد إنجاز فتح المغرب الإفريقي، واستقرار الفتح فيه بانتشار العرب والإسلام في ربوعه، وبوجود القوة الضاربة بيد العرب المسلمين والبربر المسلمين الفاتحين على البر المغربي.
وبين الأندلس والبر المغربي الإفريقي - الذي فتحه المسلمون - بحر المجاز، عرضه ما بين طنجة والبر الأندلسي ثمانية عشر ميلاً، وهو عرضه أيضا بين جزيرة طريف على البر الأندلسي وسبتة على البر المغربي الإفريقي، ويعرف هذا الموضع بالزقاق، وبحر المجاز هو الذي يصل البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي (11)، وهذا المجاز هو الذي يفصل بين المسلمين الفاتحين من جهة، وأهل الأندلس من جهة ثانية. ولكي يحمي المسلمون ما فتحوه في المغرب من أهل الأندلس والقوط الذين يحكمونها، كان لابد لهم من فتح الأندلس، لحماية البر الإفريقي في شمالي إفريقية، فقد رأينا طنجة وسبتة قبل فتحهما تحت حكم الأندلس، فقد كان يليان عامل لذريق على سبتة (12): "ثم ساروا إلى مدائن على شط البحر، فيها عمال لصاحب الأندلس، قد غلبوا عليها، وعلى ما حولها، ورأس تلك المدائن سبتة، وعليها علج يسمى: يليان، قاتله موسى، فألفاه في نجدة وقوة وعدّة فلم يُطِقْهُ، فرجع إلى مدينة طنجة، فأقام بمن معه، وأخذ بالغارات على ما حولهم والتضييق عليهم، والسفن تختلف إليهم بالميرة والإمداد من الأندلس من قبل ملكها غيطشة، فهم يذبّون عن حريمهم ذباً شديداً، ويحمون بلادهم حماية تامة، إلى أن هلك غيطشة، فاضطرب حبل أهل الأندلس .. " (13) هكذا كانت العلاقة وثيقة للغاية بين ولاية سبتة وطنجة وغيرهما مع مملكة القوط في الأندلس، وكان التعاون بين الطرفين وثيقاً، ومنذ أقدم العصور، إذا كان الحكم في الأندلس قوياً، سيطر على المدن الإفريقية المواجهة لساحل الأندلس، وإذا كان الحكم فيها ضعيفاً سيطر البر الإفريقي على الأندلس أو على جزء منها، والهدف هو حماية الأندلس بالسيطرة على مدن الساحل الإفريقي، لتكون الخط الدفاعي الأول عن البر الأندلسي، وحماية البر الإفريقي من حكام الأندلس، بفتح الأندلس، كما فعل المسلمون الفاتحون، فلا بد من أن يكون أحد الطرفين مسيطراً على الطرف الثاني.
إن الهدف من فتح الأندلس، هو ترصين الفتح الإسلامي في شمالي إفريقية بعامة وفي ولايتي طنجة وسبتة بخاصة.
أما الهدف الثاني من الفتح، فهو نشر الإسلام في ربوعها وإعلاء كلمة الله فيها. إن الفاتحين حملوا إلى الناس الإسلام بالفتح، ولم يحملوا الناس بالفتح على الإسلام.
وقد كان الروم قد اتخذوا من جزيرة صِقِلِّيَة قاعدة أمامية متقدمة لهم، ينطلقون منها للتعرض بالساحل الإفريقي المقابل لها، فأمر موسى بن نصير بالتأهب لركوب البحر، وأعلمهم أنه راكب بنفسه، فرغب الناس وتسارعوا، فلم يبق شريف ممن كان معه إلاّ وقد ركب الفلك وعقد موسى لواء هذه الغزوة لابنه عبد الله بن موسى، وأمّره على رجالها، وولاّه عليهم، ثم أمره أن يتوجه إلى صقلية. وإنما أراد موسى بما أراد من سيره في هذه الحملة أن يركب أهل الجلد والحماية والنكاية والشرف، فسميت هذه الغزوة غزوة الأشراف (14)، وكان ذلك سنة خمس وثمانين الهجرية (705 م).
وفي سنة سبع وثمانين الهجرية (707 م)، أغزى موسى ابنه عبد الله جزيرة سَرْدَينيا (15) فغنم وعاد سالماً غانماً.
وكانت هاتان الغزوتان لحماية الساحل الإفريقي من غزو الروم من قواعدهم البحرية في هاتين الجزيرتين.
وبعد أن أنجز موسى بن نصير استعادة فتح المغرب الأوسط، وأكمل فتح المغرب الأقصى، وفتح طنجة، أصبحت السواحل المغربية المواجهة لبعض جزر البحر الأبيض المتوسط وللأندلس، معرضة لهجمات الروم، لغرض استعادة تلك المناطق المغربية الغنية إلى سيطرتهم من جديد، ومعرضة لهجمات من القوط الذين يحكمون الأندلس، لغرض إبعاد المسلمين الفاتحين عن بلادهم بطردهم من السواحل المغربية القريبة منهم، وحماية الأندلس من غزو المسلمين المتوقع لها، ومحاولة فتحها.
وكان من جزر البحر التي اتخذها الروم والقوط قواعد لهم متقدمة: جزيرتا مَيُورُقة ومَنُوْرَقة، وهما جزيرتان في البحر الأبيض المتوسط، بين صقلية وشبه جزيرة الأندلس (16).
وفي سنة تسع وثمانين الهجرية (709 م) جهز موسى ابنه عبد الله فافتتح هاتين الجزيرتين (17)، وغنم ما لا يحصى، وعاد سالماً (18).
والهدف الأول والأخير، من تعرض المسلمين بهذه الجزر، هو حماية الساحل الإفريقي من هجمات الروم والقوط، والهجوم أنجع وسائل الدفاع كما يقولون (19).
وعندما ضعف المسلمون في شمال إفريقية، أصبحت تلك الجزر قواعد لأساطيل أعدائهم وحشود قواتهم للهجوم على المسلمين، وأسر نسائهم ورجالهم، وأخذهم إلى القسطنطينية وغيرها.
إن فتح الأندلس، هو الوسيلة الوحيدة لحماية البر الإفريقي المقابل لها، والذي كان المسلمون قد فتحوه، وصارعوا الأهوال من سنة اثنتين وعشرين الهجرية إلى سنة تسعين الهجرية، أي مدة ثمان وستين سنة، بذلوا خلالها كثيراً من الجهد والنفقات والشهداء، على رأسهم قائدان: عقبة بن نافع، وزهير بن قيس البلوي.
هكذا فتح المسلمون الفاتحون ما فتحوه، وهكذا حافظوا على ما فتحوه: بالتعرض والجهاد، وبفتح جديد يرصِّن الفتح القديم.
فتح طَرِيْف:
أرسل موسى في شهر رمضان من سنة إحدى وتسعين الهجرية (آب =أغسطس - أيلول = سبتمبر 710 م) سرية استطلاعية إلى جنوبي الأندلس ففتح جزيرة طريف والجزيرة الخضراء، وعاد مع رجاله في رمضان أيضاً سالماً غانماً (20).
فتح طارق بن زياد:
أنزل طارق بن زياد قواته في منطقة جبل طارق بوجبتين، فكوّن المسلمون في تلك المنطقة رأس جسر لقوات المسلمين. وأرسل طارق أحد قادته وهو: عبد الرحمن بن أبي عامر المعافري ففتح مدينة قرطاجنة الجزيرة، ومدينة الجزيرة الخضراء (21). وانتصر طارق على جيش لذريق في معركة وادي لَكُّهْ الحاسمة. وفتح طارق بعد هذه المعركة شَذُونَة والمَدُور وقَرْمونة وإشبيلية وإسْتَجَة، وأرسل مغيثاً الرومي ففتح قرطُبة، وأرسل سرايا ففتحت مالَقَة وإِلبيرَة وغرناطة وكورة تُدْمِير وأُورْيُولة ومرسِيَة، ثم قصد هو طُليطلة ففتحها (22).
الفتح المشترك بين موسى وطارق:
أولاً: عبر موسى بن نصير إلى الأندلس في شهر رمضان من سنة ثلاث وتسعين الهجرية (حزيران - تموز 712 م). ففتح موسى قبل لقائه بطارق شَذُونَة وقَرْمُونَة ورَعْواق وإشبيلية ومارِدَة ولَقَنْت وإسْتَجة. ومن الواضح أن هذه المدن كان قد فتحها لأول مرة طارق ابن زياد، فيبدو أنها قد انتقضت فأعاد موسى فتحها من جديد.
ثانياً: وبعد لقاء موسى بطارق، فتحا معاً بالتعاون بينهما: سَرْقُسطَة ووشْقَة ولارِدة وطَرمونَة وبرشلونة وجلِّيقِية وقشتالة القديمة. ثالثاً: وانقسم جيش المسلمين إلى قسمين: قسم بقيادة موسى، وقسم بقيادة طارق، ففتح طارق وحده أماية وأشرقة وليون، ثم عاد مع موسى إلى طليطلة في طريقهما إلى دمشق، حيث استدعاهما الخليفة.
فتح موسى بن نصير:
أولاً: عبر موسى بن نصير إلى الأندلس في شهر رمضان من سنة ثلاث وتسعين الهجرية (حزيران - تموز = يونيو - يوليو - 712 م)، ففتح موسى قبل لقاء طارق: شَذُونَة وقَرْمُونَة ورعْواق وإسْتَجَّة وإشبيليَة ومارِدَة ولَقَنت وطليطلة. ومن المعروف أن طارقاً سبق له فتح هذه المدن الأندلسية، فمن المحتمل أنها انتقضت، فأعاد موسى فتحها من جديد.
ثانياً: وبعد لقاء موسى بطارق، فتحا معاً بالتعاون بينهما سَرقسطة ووشْقَة ولارِدَة وطَرَّكونَة وبرشلونة وجلِّيقِيَّة وقشتالة القديمة.
ثالثاً: وافترق جيش المسلمين إلى قسمين: أحدهما بقيادة طارق، والآخر بقيادة موسى، ففتح موسى وحده: بلد الوليد وقلعة لُك وخيخون حتى وصل إلى ساحل المحيط الأطلسي، ثم عاد أدراجه إلى طليطلة مع طارق في طريقهما إلى دمشق، حيث استدعاهما الخليفة إلى دمشق.
فتح مغيث الرومي:
بعد أن فتح طارق مدينة إسْتَجَّة بعث سرايا من جنده إلى عدة جهات، فبعث جيشاً بقيادة مغيث الرومي لفتح مدينة قرطبة، فاستطاع مغيث فتح المدينة دون مشقة كبيرة.
فتح عبد العزيز بن موسى بن نصير:
وجه موسى بن نصير ابنيه عبد العزيز وعبد الأعلى إلى جنوبي شرقي الأندلس، وكان هذا بعد استعادة فتح إشبيلية، فاستطاع عبد الأعلى بالتعاون مع أخيه عبد العزيز فتح مالَقَة وإلبيرة من جديد، ومن الواضح أن طارقاً سبق له فتحهما، فيبدو أنها انتقضتا، فاستعاد فتحهما عبد العزيز وأخوه من جديد.
ثم توجه عبد العزيز إلى المنطقة الجنوبية الشرقية من البلاد، فالتقى بالقرب من أُوريُولة بالدوق تُدمِير حاكم هذه المقاطعة، فصالحه على مدن المقاطعة كلها وهي: أُوريولة وبَلانَة ولَقَنت ومولَة وبِسْقَرَة ولُورَقَة، فاستعاد المسلمون فتح مدن هذه المقاطعة صلحاً بموجب معاهدة (23).
وفي الوقت الذي كان موسى وطارق يقومان بالفتح في شمالي الأندلس، كان عبد العزيز يقوم بفتح وسط البرتغال. فقد فتح يابُرَة وشَنْتَرين وقُلُمْرِيَّة، وقد فتح المدينتين الأخيرتين صلحاً.
فتح عبد الأعلى بن موسى بن نصير:
وجه موسى بن نصير ولديه عبد الأعلى وعبد العزيز إلى جنوبي شرقي الأندلس، وكان هذا بعد استعادة فتح إشبيلية، فاستطاع عبد الأعلى بالتعاون مع أخيه عبد العزيز من فتح مالَقَة وإلْبَيرَة من جديد، ومن الواضح أن طارقاً سبق له فتح هاتين المدينتين لأول مرة، والظاهر أنها انتقضت، فاستعاد عبد الأعلى وعبد العزيز فتحهما من جديد.
فتح عبد الله بن موسى بن نصير:
في سنة تسع وثمانين الهجرية (708 م) وجه موسى بن نصير ابنه عبد الله لفتح جزيرتي مَيُورَقَة ومَنُورَقة، فاستطاع فتح هاتين الجزيرتين، وعاد إلى قواعدها في إفريقية سالماً غانماً (24).
فتح السمح بن مالك الخولاني:
فاتح شطر جنوبي فرنسة، وبخاصة مدينة أربونة.
عبرة الفتح:
1 - التوقيت:
كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، يفكر في إقفال المسلمين من الأندلس، إذ خشي تغلب العدو عليهم (25)، ولانقطاعهم من وراء البحر عن المسلمين (26)، فقيل له: "إن المسلمين قد تكاثروا بها واستقرّوا"، فعدل عن مشروعه، "وقالوا: وليت الله تعالى أبقاه حتى يفعل، فإن مصيرهم مع الكفار إلى بوار، إلاّ أن يستنقذهم الله برحمته" (27). ويبدو أن هذه الأمنية: "وليت الله تعالى أبقاه حتى يفعل"، سُجِّلت بعد حدوث ما حدث في الأندلس، أي بعد أن خسر المسلمون الأندلس، وخسروا كثيراً من أرواحهم وأملاكهم وكثيراً مما هو أغلى من الأرواح والأملاك.
لقد عبر طارق بن زياد إلى الأندلس فاتحاً في اليوم الخامس من شهر رجب سنة اثنتين وتسعين الهجرية (نيسان - أبريل - 711 م)، واستقر حكم المسلمين في الأندلس ثمانية قرون، منذ فتحها بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير في تلك السنة، حتى سقوط غرناطة سنة سبع وتسعين وثمانمائة الهجرية (1492 م).
وقد مرت الأندلس، خلال تلك القرون بعدة عهود، تقلبت خلالها بين الضعف والقوة، وهذه العهود بإيجاز هي:
أ - عهد الفتح: الذي استمر نحو أربع سنين: 92 - 95 هـ (711 - 714 م).
ب - عهد الولاة: من سنة 95 هـ-138 هـ (714 - 755 م).
ويعتبر قسم من المؤرخين عهد الفتح داخلاً في هذا العهد الذي ينتهي بقدوم عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس سنة 138 هـ (755 م)، وقد حكم الأندلس في هذا العهد - الذي استمر نحو اثنتين وأربعين سنة - 19 والياً تقريباً، كانوا تابعين للخلافة في دمشق أو لولاية الشمال الإفريقي: (إفريقية والمغرب).
ج - عهد الإمارة: من سنة 138 هـ-316 هـ (755 - 929 م)، ويبدأ من قدوم عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس، حتى إعلان الخلافة من قبل عبد الرحمن الناصر (الثالث) سنة 316 هـ (929 م)، وقد أسس عبد الرحمن الداخل إمارة مستقلة عن الخلافة العباسية، استمرت مائة وثمانٍ وسبعين سنة.
د - عهد الخلافة: من سنة 316 هـ إلى سنة 422 هـ (929 - 1009م)، ويبدأ منذ إعلان الخلافة حتى وفاة الحكم المستنصر سنة 366 هـ (976 م) أو حتى الدولة العامرية في نهاية القرن الرابع الهجري (بداية القرن الحادي عشر الميلادي)، فكان عمر الخلافة نحو قرن من الزمان.
هـ - عهد الطوائف: من سنة 400 هـ - 484 هـ (1009 - 1091م)، وهو عهد دول أو ملوك الطوائف، التي سبقت أعوام الفوضى، وقد استمر هذا العهد نحو ثلاثة أرباع القرن، حتى دخول الأندلس سلطان المرابطين.
و- عهد المرابطين والموحِّدين: من سنة 484 هـ - 633 هـ (1091 - 1235 م) حيث دخلت الأندلس أولاً في دولة المرابطين التي تنتهي في حوالى 541 هـ (1146 م) أي أقل من نصف قرن وبعد مدة انضوت الأندلس لحكم الموحدين قرابة قرن من الزمان، ينتهي في حوالي سنة 633 هـ (1235 م)، ويمكن اعتبارهما عهدين مستقلين (28).
ز - مملكة غرناطة: من سنة 635 هـ-897 هـ (1237 - 1492 م) حيث قامت دولة بني الأحمر واستمرت ما يزيد على قرنين ونصف القرن، حتى نهاية القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي) ويمثل سقوطها نهاية الحكم الإسلامي للأندلس وذهاب السلطان السياسي منها. وبقي ملايين من المسلمين، ولكنهم تحملوا عشرات السنوات الكثير من الاضطهاد وعمليات الإفناء التي أتت عليهم في النهاية قتلاً وتشريداً وإذابة، وكادت تأتي على كل ما خلفه المسلمون بأجناسهم من إنتاج حضاري رفيع شمل مختلف الميادين (29).
أسباب النصر:
وكان تعداد جيش طارق بن زياد الذي عبر على رأسه من الشمال الإفريقي إلى الأندلس فاتحاً هو سبعة آلاف مجاهد، وكان تعداد جيشه في المعركة الحاسمة التي خاضها، فانتصر على القوط الغربيين، وقتل ملك إسبانيا القوطي لذريق، اثنى عشر ألف مجاهد، تكبّدوا في معركتهم الحاسمة ثلاثة آلاف شهيد (30)، أي ربع مجموع القوة الإسلامية الذين قدموا فاتحين.
واندفاع طارق بهذا العدد القليل من المجاهدين لفتح بلاد واسعة بالتغلب على دولة القوط القائمة لم يكن نزهة من النزهات الترفيهية التي تخلو من الأخطار والمعضلات الجسام، وانتصار طارق على القوط وفتح الأندلس ليس لأن القوط كانوا ضعفاء في جيشهم وقيادتهم، كما يحاول أن يزعم المستشرقون ويتابعهم عليها المستغربون، فالعكس هو الصحيح، لأن تقاليد القوط العسكرية وشجاعتهم معروفة حتى اليوم، كما أن لذريق ملك الأندلس كان من أبرز قادتهم وأكثرهم كفاية كما يقرر ذلك مؤرخو الأسبان المحدثون، حتى جعلوا منه بطلاً قومياً، كما أن ضعف أمة من الأمم لا يتيح الفرصة لغيرها أن تكون قوية متماسكة بدون مسوِّغ، وما انتصر طارق ومن معه من المسلمين الفاتحين إلاّ لأنهم كانوا مجاهدين صادقين، قاتلوا قتال أهل العقيدة الراسخة التي جعلت الجهاد فرضاً، وجعلت الشهيد حيّاً عند الله يرزق في الجنة في درجات رفيعة من درجاتها، كما أن طارق قائداً والمسلمين المجاهدين جنوداً، كانوا يشعرون أنهم ليسوا وحدهم في الميدان، بل هم في ضمان الإسلام ديناً، والمسلمين أمة، لا يمكن أن يتخلى عنهم المسلمون أبداً، فهم في ضمان المسلمين كافة وفي رعاية الله، لذلك كان إقدامهم فذاً عجيباً، وانتصاراتهم مذهلة مدهشة، بكل المقاييس العسكرية المعروفة.
هذا هو سبب انتصار طارق ورجاله: انتصروا بالإسلام والمسلمين، فما ينبغي أن ننكر هذا السبب في دراستنا، مجاملة لأعداد العرب والمسلمين، أو خشية من أحد، لأن الحق أحق أن يُتَّبع وأن يُدوّن وأن يُصرّح به وأن يُدافع عنه. ومن المعلوم، أن الجيش الذي يقاتل في ساحة من ساحات العمليات، وهو يعلم علم اليقين، أن مصيره جماعات وأفراداً، لا يهم ذوي قرباهم من المسلمين فحسب، بل يهم المسلمين كافة في أرجاء الوطن الإسلامي، من الخليفة المسئول الأول في المسلمين، إلى أصغر فرد من أفراد المسلمين، وأن مصيره لا يغيب عن أذهان المسلمين كافةً، كما لا يغيب عن أذهان أهليهم الأقربين، هذا الجيش الذي يقاتل بضمان المسلمين جميعاً، ليس كالجيش الذي يقاتل بدون ضمان ولا تضامن، فالأول يقاتل بمعنويات عالية جداً تتناسب مع ضمان المسلمين له وتضامنهم معه، والثاني يقاتل بمعنويات منهارة، لأن مصيره ليس موضع اهتمام أحد من المسئولين وغير المسئولين، كالشجرة بدون جذور، أو كالبناء بدون أُسُس، تنهار الشجرة، وينهار البناء اليوم أو غداً، ولا يقاوم العواصف والهزّات.
وكان للفتوحات الإسلامية بدون استثناء حافزان لا ثالث لهما: الأول هو الحافز الديني، المتمثل بالجهاد والدعوة إلى الله، فقد كانت الفتوحات فتوحات عقيدة. أما الحافز الثاني فهو حافز عسكري، وهو الدفاع عن البلاد المفتوحة، بفتح البلاد التي يكمن فيها أي خطر على مصير تلك البلاد، فكان فتح الأندلس هو لحماية شمالي إفريقية من خطر يتهددها من الأندلس في الحاضر أو المستقبل، حتى لا تصبح قاعدة للعدو ينطلق منها لتهديد الشمال الإفريقي. وقد ثبتت سبتة أمام المسلمين بمعاونة من ملك الأندلس في حينه كما هو معروف (31).
أما ما يردده المستشرقون ويصدقه المستغربون من أن: إسبانيا في السنوات الأخيرة التي سبقت الفتح العربي، عانت من الفوضى والارتباك في الدولة القوطية، نتيجة اغتصاب العرش من قبل لذريق، حيث واجه وضعاً داخلياً سيئاً للغاية، فقد كانت الدولة بحاجة ماسة إلى الأموال، للقضاء على الفتن وحركات التمرد المعادية، لا سيما في منطقة الباسك. لهذا فقد استولى لذريق على خزائن أسلافه في كنيستي سان بيدرو ( San Pedro) وسان بابلو ( San Pablo) في طليطلة، مما سبب استياء رجال الدين. ويمكن القول بشكل عام، إن إسبانيا، كانت تعاني من مشاكل سياسية واجتماعية كبيرة قُبيل مجيء العرب إليها، وإن جيشها لم يكن بحالة تسمح له بالوقوف أمام الجيش العربي الإسلامي (32)، ومثل هذه التخرصات لا يصدقها أحد، لأن لذريق كان من أقوى قادة القوط وأقدرهم، وقد قضى على التخلف والانحلال باستيلائه على السلطة الضعيفة. كما أن ضعف دولة من الدول، لا تتيح الفرصة لغيرها من الدول أن تكون قوية وقادرة على الفتح. وما كان العرب ولا غيرهم من المسلمين كالبربر يطمعون بحماية أنفسهم من القوط قبل أن يصبح البربر مسلمين، فأصبحوا قوة قادرة بالإسلام وبروح الجهاد الذي بعثه الإسلام في نفوسهم. فإذا كان المستشرقون بروحهم الصليبية والصهيونية يهدفون إلى التقليل من شأن أثر الإسلام في الفتوح والنصر، لأسباب لا يجهلها أحد، فما ينبغي للعربي المسلم أن يردد مزاعم الصليبيين والصهاينة، لأنها مزاعم مغرضة أولاً وخاطئة ثانياً وغير واقعية ثالثاً، ولا تستقيم مع مناهج البحث العلمي رابعاً وأخيراً، والعربي المسلم أحرى بالدفاع عن أمته بالحق، ولا نريد من أحد أن يدافع عن أمته بغير الحق.
___________
(1) ابن الأثير (3/ 25 - 26) والعبر (1/ 26).
(2) البلاذري (316) واليعقوبي (2/ 134).
(3) انظر سيرته المفصلة في كتاب: قادة فتح المغرب العربي (1/ 51 - 74).
(4) انظر سيرته المفصلة في كتاب: قادة فتح المغرب العربي (1/ 75 - 89).
(5) انظر سيرته المفصلة في كتاب: قادة فتح المغرب العربي (1/ 90 - 136).
(6) انظر سيرته المفصلة في كتاب: قادة فتح المغرب العربي (1/ 137 - 149).
(7) انظر سيرته المفصلة في كتاب: قادة فتح المغرب العربي (1/ 150 - 170).
(8) انظر سيرته المفصلة في كتاب: قادة فتح المغرب العربي (1/ 172 - 220).
(9) انظر سيرته المفصلة في كتاب: قادة فتح المغرب العربي (1/ 221 - 309).
(10) المسالك والممالك للأصطخري (33).
(11) نفح الطيب (1/ 145 - 146).
(12) نفح الطيب (1/ 251).
(13) نفح الطيب (1/ 250).
(14) الإمامة والسياسة (2/ 70 - 71).
(15) النجوم الزاهرة (1/ 216)، وانظر العبر (1/ 104) وشذرات الذهب (1/ 98) والبداية والنهاية (6/ 77).
(16) النجوم الزاهرة (1/ 216)، وانظر العبر (1/ 104) وشذرات الذهب (1/ 98) والبداية والنهاية (9/ 99).
(17) النجوم الزاهرة (1/ 216)، وانظر تاريخ خليفة بن خياط (1/ 305) وابن الأثير (4/ 540).
(18) ابن الأثير (4/ 540).
(19) انظر تفاصيل هذه الفتوح، في سيرة: عبد الله بن موسى بن نصير في كتاب: قادة فتح الأندلس والبحار.
(20) ابن الأثير (4/ 511).
(21) تحفة الأنفس وشعار أهل الأندلس (مخطوط) ص (70) - علي بن عبد الرحمن ابن هذيل.
(22) انظر تفاصيل هذه الفتوح في سيرة طارق بن زياد.
(23) انظر نص المعاهدة في سيرة: عبد العزيز بن موسى بن نصير في كتاب: قادة فتح الأندلس والبحار.
(24) انظر التفاصيل في سيرة: عبد الله بن موسى بن نصير في كتاب: قادة الأندلس والبحار.
(25) افتتاح الأندلس (12).
(26) أخبار مجموعة (23) ونفح الطيب (24).
(27) أخبار مجموعة (23) ونفح الطيب (3/ 15).
(28) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة - (39 - 40).
(29) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة (40).
(30) استفتاح الأندلس (222) وأخبار مجموعة (7) وتاريخ الأندلس (47) ونفح الطيب (1/ 258).
(31) سيرد تفصيل ذلك في سيرة طارق بن زياد، كما ورد في سيرة موسى بن نصير، انظر قادة فتح المغرب (1/ 236).
(32) E. Saavedra, Estudio Sobre la invasion. De las en Espana, Madrid, 1892, pp. 40-43.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|