أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-11-2016
609
التاريخ: 24-5-2017
1134
التاريخ: 7-12-2018
1314
التاريخ: 22-11-2016
1045
|
في مايو سنة 589 م عقد اجتماع مجمع طليطلة الكنسي الثالث، الذي انضم إليه الملك "ريكاردو". وقد شجب القساوسة والملك مذهب آريوس في هذا الاجتماع، وتحولت الدولة من التوحيد إلى التثليث.
وتبع ذلك اضطهاد متواصل للموحدين دام سنين طويلة. وتشبث أهل الأندلس، جنوب شبه الجزيرة الإيبرية، بمذهب التوحيد ولم يرضوا عنه بديلاً. واضطروا بعد سنين من العذاب إلى إخفاء عقيدتهم الحقيقية.
وفي هذا الجو من السخط العارم وصل الإسلام إلى شمال إفريقيا، فرأى أهل الأندلس المسلمين إخوانًا لهم في الدين، واتصلوا بهم اتصال المستغيث. وهكذا هيئ فتح الأندلس بتعاون كامل بين المسلمين من عرب وأمازيغ في الضفة المغربية وأهل الأندلس الأصليين في الضفة الأندلسية، مما سهل تحرير شبه الجزيرة الإيبرية من سيطرة القوط وأهل التثليث في ظرف لم يتعد ثلاث سنين، وذلك من سنة 92 إلى 95 هـ (711 - 714 م)، أي 122 سنة فقط بعد الانقلاب الثالوثي، لدرجة أن بعض المفكرين الإسبان المعاصرين نعتوا هذا الفتح الإسلامي للأندلس بثورة إسلامية في الغرب.
وهكذا دخلت منطقة لا تقل مساحتها عن 700.000 كيلومتر مربع دار الإسلام.
وهي تضم معظم دولة إسبانيا الحالية، عدا منطقة جبلية شمال غربية التي تغطيها اليوم مقاطعتا البسك وآشتورياش، كما كانت تضم كل دولة البرتغال وقسمًا كبيرًا من جنوب فرنسا بما في ذلك مدن أربونة وقرقشونة ونيمش. ولقد أعطى المسلمون الحرية المطلقة للأهالي في اختيار دينهم، فبقيت قلة على المذهب الثالوثي النصراني، ورجعت الأكثرية إلى المذهب الموحدي الأريوسي. ومع مر الزمن، وفي ظرف لم يتعد القرن الواحد، انضم جميع الموحدين إلى الإسلام ودانوا به، وأصبحت اللغة العربية لغة حضارتهم وثقافتهم بينما حافظوا على اللغة الأعجمية في مخاطباتهم الخاصة. وانضم إلى هذه الملايين من أهل البلد الأصليين الذين أسلموا اختيارًا وحبًّا في الإسلام سيل صغير من المهاجرين العرب والأمازيغ وغيرهما اندمجوا فيهم. كما حدث بالضبط بالنسبة للمغرب.
وهكذا تكوّنت في الأندلس لهجة عربية خاصة تتصف بالإمالة الشديدة كبعض لهجات لبنان وتونس اليوم، لكنها انقرضت بعد ذلك بانقراض الإسلام في الأندلس في ظروف سنوضحها، كما كان أهل الأندلس يتكلمون لغة أعجمية من أصل روماني انقرضت هي كذلك اليوم. وقد سجلت هاتان اللغتان تسجيلاً موثقا في الكتب الأندلسية: في الأمثال والأزجال والموشحات. ومما يدل على أن الشعب الأندلسي كان مزدوج اللغة هو تكون الأزجال الشعبية باللغتين في آن واحد. ومثال ذلك هذا المقطع من القرن الثاني عشر للزجال القرطبي ابن قزمان، وهو باللهجة العربية والأعجمية الأندلسية في آن واحد:
أين ذيك الأيام وذيك الليالي؟
كأنن باش لفاج أباد مالي
إنما القاضي رجل من رجالي
عالي الهمّة يضرّ وينفع
الأسطر الأول والثالث والرابع بالدارجة الأندلسية والثاني بالأعجمية الأندلسية ومعناه: "أين تلك الأيام وتلك الليالي؟ التي لا ترى وجهها وإنما ترى شرها، إنما القاضي رجل من رجالي عالي الهمة يضر وينفع". وهكذا تكوّن شعب جديد مسلم العقيدة عربي اللغة له خاصيته متأصل في بلده. ولم يكن بذلك الفتح الإسلامي غزوًا لأمة أخرجت أمة أخرى أو إجبار أمة على دين ولغة لم ترتضيهما. وإنما الشعب الأندلسي هو نفسه اختار الإسلام دينًا واللغة العربية لغة حضارة ورحب بالفاتحين المسلمين الأوائل ترحيب المقهور للمنقذ. وأصبحت الأندلس أول الفتح الإسلامي مقاطعة تابعة لولاية المغرب في الدولة الإسلامية وعاصمتها القيروان. ثم أصبحت ولاية قائمة بنفسها وعاصمتها إشبيلية. ثم انفصلت الأندلس عن الدولة العباسية في المشرق سنة 756 م تحت زعامة عبد الرحمن الداخل الأموي الذي أسس دولة أموية في الغرب بعد ست سنوات من سقوط الدولة الأموية في دمشق، واتخذ عاصمة لها مدينة قرطبة على الوادي الكبير. وأصبح المسلمون أكثرية ساحقة في البلاد تحت الحكم الأموي حين وصلت الأندلس أوج حضارتها وقوتها، لا تضاهيها دولة في العالم الأوروبي حينذاك. وأصبح النصارى أقلية صغيرة أضاعت لغتها وتعربت أسماؤها. وهؤلاء الذين يسمون "المستعربون" وقد بقوا طابورًا خامسًا داخل الدولة الإسلامية يظهر كلما ضعفت شوكتها. ووصلت الدولة الأموية الأندلسية أوجها أيام عبد الرحمن الناصر الذي حكم البلاد 49 سنة بين 912 وسنة 961 م استتب في أيامه الأمن وتقدم العلم والأدب.
بداية انهيار الدولة الاموية:
نزلت مساحة الدولة الأندلسية أيام عبد الرحمن الناصر إلى حوالي 440.000 كيلومتر مربع بعد أن فقد المسلمون أربونة سنة 751 م وقرقشونة سنة 759 م وبمبلونة سنة 798 م وبرشلونة سنة 801 م وبرغش وليون وأبيط وكل جليقية وسمورة وغيرها من المدن شمال غرب الجزيرة الإيبرية. تنظمت الفلول النصرانية التي بقيت في الجيوب الشمالية الغربية في دويلات نصرانية كانت مركز مقاومة ضد الدولة الإسلامية منذ بدايتها. وأول هذه الدويلات هي مملكة جليقية وأشتورياش التي أصبحت بعد ذلك مملكة ليون عندما نقلت عاصمتها من أبيط إلى ليون. وانفصلت عن ليون سنة 359 هـ (970 م) مملكة قشتالة، وعاصمتها الأولى برغش. وانفصلت عن ليون قبل قشتالة مملكة نبارة، وعاصمتها بمبلونة، حوالي سنة 836 م. وأخذت هذه الدويلات الثلاثة تتسع على حساب الدولة الأندلسية كلما سنحت لها الفرصة وبمساندة أوروبا بأكملها.
وبدأ الضعف يسري في الدولة الأموية عندما سيطر على الحكم حاجب هشام الثاني المؤيد (حفيد الناصر) المنصور بن أبي عامر. وكان المنصور هذا من أحسن القواد المسلمين ومن أبرع رجال الدولة. فأعاد للبلاد قوتها الأولى ووحدها تحت راية الإسلام من جديد. لكن أبناء المنصور لم يكونوا في مستوى أبيهم ولا كان أحفاد الناصر في مستوى جدهم. يزيد على ذلك أن المجتمع الأندلسي أصبح مجزأ عنصريًّا. فالمنصور بن أبي عامر لم يثق بأهل بلده فأدخل أعدادًا كبيرة من الأمازيغ المغاربة والمماليك السقالبة في جيشه، وكان السقالبة يجلبون من فرنسا وايطاليا وشمال أوروبا ويعتنقون الإسلام عند وصولهم إلى الأندلس. فعندما ضعفت الدولة الأندلسية أخذت هذه العناصر الأربعة (العرب والأمازيغ والأندلسيون والسقالبة) تتطاحن مع بعضها. فانهارت الدولة الأموية سنة 1031 م بعد حروب أهلية طاحنة. وتجزأت الأندلس إلى مجموعة متعددة من الدويلات العنصرية تحت حكم ملوك الطوائف قضت على الوحدة الأندلسية وفتحت المجال للإمارات النصرانية الموحدة تحت إرشادات بابا روما بغزوها الواحدة تلو الأخرى. وأصبح عدد هذه الدويلات الإسلامية الأندلسية 23 دولة، منها العربية كبني عباد في إشبيلية وبني هود في سرقسطة، ومنها الأمازيغية كبني الأفطس المكناسيين في بطليوس وبني النون الهواريين في طليطلة، ومنها السقلبية كبني مجاهد وبني غانية في شرق الأندلس.
وعندما انهارت مقاومة الدويلات الأندلسية أمام الغزو النصراني استنجد الأندلسيون بأمير المسلمين بالمغرب يوسف بن تاشفين المرابطي، فانتقل إلى الأندلس عدة مرات وهزم القوات النصرانية في معركة الزلاقة سنة 1086 م في عبوره الأول.
ثم ضم الأندلس إلى المغرب، وقضى على ملوك الطوائف. غير أن هذه الأحداث أدت إلى ضياع مناطق شاسعة من أرض الأندلس الإسلامية التي تقلصت مساحتها إلى 250.000 كيلومتر مربع فقط أيام دولة المرابطين. وكانت أهم القواعد الإسلامية التي سقطت في هذه الحقبة ولم يستعدها المرابطون مدينة طركونة التي سقطت سنة 960 م وبراغة شة 1040 م وقلمرية سنة 1064 م ووادي الحجارة ومجريط وخاصة طليطلة سنة 1085 م، الخ ... وفي أواخر القرن الحادي عشر الميلادي تغير الوضع كذلك بالنسبة للدويلات النصرانية فأصبحت أكبرها مملكة نبارة. ثم توحدت قشتالة وليون في مملكة واحدة سنة 1035 م. ثم انفصلت مملكة أراغون من مملكة نبارة وانفصلت عن قشتالة مملكة البرتغال. وكانت هذه الدويلات كلها رغم حروبها مع بعضها تنسق حربها ضد دولة الأندلس وتكبر على حسابها بانتظام، وكثيرًا ما كانت هذه الحروب بزعامة قشتالة.
ولمّا ضعفت الدولة المرابطية أخذت الأندلس تتجزأ إلى ممالك طوائف مرة ثانية. فاستنجد الأندلسيون بالموحدين المغاربة فأنجدوهم سنة 1145 م وضموا الأندلس للدولة الموحدية بعدما ضاعت مناطق أخرى كبيرة ومدن مهمة أهمها مدينة سرقسطة سنة 1118 م.
ثم ضعفت الدولة الموحدية وانهزم المسلمون انهزامًا فادحًا سنة 1212 م (609 هـ) في معركة العقاب، واجتمعت جيوش الممالك النصرانية الإسبانية كلها (قشتالة ونبارة والبرتغال وليون وأراغون) ضد الجيوش الموحدية. واستطاعت بعد هذه المعركة أن تفرض قشتالة هيمنتها على باقي الممالك النصرانية إما بالضم كجليقية وليون أو ببسط حمايتها عليها. ولولا الحروب الأهلية بين الدويلات النصرانية لقضي أمر المسلمين بعد معركة العقاب. غير أن الأندلس توزعت من جديد إلى دويلات طوائف متناحرة. فغلب ابن هود على مرسية وشرق الأندلس، وغلب ابن الأحمر على بسطة وجيان ووادي آش ... وتمخضت هذه الأحداث، على مولد مملكة غرناطة الأندلسية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
معهد الكفيل للنطق والتأهيل: أطلقنا برامج متنوعة لدعم الأطفال وتعزيز مهاراتهم التعليمية والاجتماعية
|
|
|