أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-2-2017
510
التاريخ: 8-2-2017
574
التاريخ: 8-2-2017
627
التاريخ: 5-10-2017
992
|
[الجواب]
كان البكاء على الميّت، وخاصّة الشهيد، من سنّة الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) فقد روى البخاري في صحيحه : أنّ النبيّ نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للنّاس قبل أن يأتيهم خبرهم وقال :
أخذ الراية زيد، فأصيب. ثمّ أخذ جعفر، فأصيب. ثمّ أخذ ابن رواحة، فأصيب - وعيناه تذرفان- ...(1).
وفي ترجمة جعفر من الاستيعاب و أسد الغابة و الإصابة و خبر غزوة مؤتة من تاريخ الطبريّ و غيره ما ملخّصه :
لمّا أصيب جعفر و أصحابه دخل رسول اللّه ( صلى الله عليه [ واله ] ) بيته و طلب بني جعفر، فشمّهم و دمعت عيناه، فقالت زوجته أسماء: بأبي و أمّي ما يبكيك؟ أ بلغك عن جعفر و أصحابه شيء؟ قال: نعم أصيبوا هذا اليوم. فقالت أسماء: فقمت أصيح و أجمع النساء، و دخلت فاطمة و هي تبكي وتقول: واعمّاه. فقال رسول اللّه ( صلى الله عليه [ واله ] ) على مثل جعفر فلتبك البواكي.
بكاء الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) على ابنه إبراهيم :
في صحيح البخاري:
قال أنس: دخلنا مع رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) ... و إبراهيم يجود بنفسه.
فجعلت عينا رسول اللّه تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنت يا رسول اللّه!؟ فقال: يا ابن عوف، إنّها رحمة. ثمّ أتبعها بأخرى فقال: إنّ العين تدمع و القلب يحزن، و لا نقول إلّا ما يرضي ربّنا، و إنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون.
وفي سنن ابن ماجة : فانكبّ عليه وبكى (2).
بكاء الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) على حفيده :
في صحيح البخاري :
أنّ ابنة النبيّ( صلى الله عليه [ واله ] ) أرسلت إليه: أنّ ابنا لي قبض فأتنا. فقام و معه سعد بن عبادة و رجال من أصحابه. فرفع إلى رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) و نفسه تتقعقع. ففاضت عيناه، فقال سعد:
يا رسول اللّه ما هذا؟ فقال:
هذه رحمة جعلها اللّه في قلوب عباده، و إنّما يرحم اللّه من عباده الرّحماء (3).
ندب الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) إلى البكاء على عمّه حمزة :
في مغازي الواقدي و طبقات ابن سعد ما موجزه:
لمّا سمع رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) بعد غزوة أحد البكاء من دور الأنصار على قتلاهم، ذرفت عينا رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) و بكى، و قال: لكن، حمزة لا بواكي له. فسمع ذلك سعد بن معاذ، فرجع إلى نساء بني عبد الأشهل فساقهنّ إلى باب رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) فبكين على حمزة. فسمع ذلك رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) فدعا لهنّ و ردّهنّ. فلم تبك امرأة من الأنصار بعد ذلك إلى اليوم على ميّت، إلّا بدأت بالبكاء على حمزة، ثمّ بكت على ميّتها (4).
بكى الرّسول ( صلى الله عليه [ واله ] ) على قبر أمّه و أبكى من حوله :
زار رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) قبر أمّه فبكى و أبكى من حوله (5).
أمر الرسول ( صلى الله عليه [ واله ] ) بإرسال الطعام لأهل المصاب :
لمّا جاء نعي جعفر، قال النبيّ ( صلى الله عليه [ واله ] ) : اصنعوا لأهل جعفر طعاما، فإنّه قد جاءهم ما يشغلهم (6).
عيّن الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) أيام الحداد على الميّت :
تواتر عن النبيّ( صلى الله عليه [ واله ] ) أنّه عيّن حداد المرأة على غير زوجها ثلاثا، و على زوجها فكما قال اللّه: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } [البقرة: 234].
منشأ الخلاف حول البكاء على الميّت :
مرّ في ما سبق أنّ رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) بكى على المتوفّى قبل أن يتوفّى و بعده، خاصّة الشّهيد، و أنّه أمر بالبكاء على الشّهيد، و بكى على قبر أمّه وأبكى من حوله، و أمر بصنع الطّعام لأهل الميّت، و عين حداد المرأة على غير الزوج ثلاثا.
إذن، فالبكاء على المتوفّى و الحداد عليه و صنع الطّعام لأهله، من سنّة الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) فما هو منشأ الخلاف و النهي عن البكاء على الميّت؟ نرجع أيضا إلى صحيحي البخاري و مسلم فنجد حديث المنع عن البكاء من الخليفة عمر .
الخليفة عمر يروي أنّ رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) نهى عن البكاء، و أمّ المؤمنين عائشة تستدرك عليه :
في صحيح البخاري و مسلم، عن ابن عبّاس:
لمّا أن أصيب عمر دخل صهيب يبكي و يقول: وا أخاه! وا صاحباه! فقال عمر: يا صهيب، أتبكي عليّ و قد قال رسول اللّه: «إنّ الميّت ليعذّب ببكاء أهله عليه»؟ فقال ابن عباس: فلمّا مات عمر، ذكرت ذلك لعائشة فقالت: رحم اللّه عمر، و اللّه ما حدّث رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) : إنّ اللّه ليعذّب المؤمن ببكاء أهله عليه، و لكن رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) قال: «إنّ اللّه ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه»، وقالت: حسبكم القرآن : {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } [الأنعام: 164] قال ابن عبّاس (رض) عند ذلك: واللّه هو أضحك و أبكى (7).
وفي صحيح مسلم: ذكر عند عائشة أنّ ابن عمر يرفع إلى النبيّ( صلى الله عليه [ واله ] ) :
«إنّ الميّت يعذّب في قبره ببكاء أهله عليه» فقالت: وهل (8)، إنّما قال رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) :
«إنّه ليعذّب بخطيئته أو بذنبه و إنّ أهله ليبكون عليه».
وفي رواية قبله :
ذكر عند عائشة قول ابن عمر: الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه، فقالت رحم اللّه أبا عبد الرحمن سمع شيئا فلم يحفظه. إنّما مرّت جنازة يهوديّ على رسول اللّه و هم يبكون عليه، فقال:
«أنتم تبكون و إنّه ليعذّب.» (9).
قال الإمام النّووي (ت: 676 ه) في شرح صحيح مسلم عن روايات النهي عن البكاء المرويّة عن رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) : و هذه الروايات من رواية عمر ابن الخطّاب و ابنه عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- و أنكرت عائشة و نسبتها إلى النسيان و الاشتباه عليهما، و أنكرت أن يكون النبيّ( صلى الله عليه [ واله ] ) قال ذلك (10).
ويظهر من الحديث الآتي أنّ منشأ الخلاف كان اجتهاد الخليفة عمر في النهي عن البكاء في مقابل سنّة الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) بالبكاء، فقد ورد في الحديث أنه: مات ميّت من آل الرسول( صلى الله عليه [ واله ] ) فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر ينهاهنّ و يطردهنّ فقال رسول اللّه( صلى الله عليه [ واله ] ) : دعهنّ يا عمر فإنّ العين دامعة و القلب مصاب والعهد قريب (11).
وفي صحيح البخاري: كان عمر يضرب فيه بالعصا، و يرمي بالحجارة، و يحثي بالتراب (12).
كان ذلكم منشأ الخلاف في شأن البكاء على الميّت، الأحاديث المتعارضة الواردة بشأنه في كتب الصّحاح، و لعلّ اجتهاد الخليفة عمر في المنع كان منشأ للأحاديث المرويّة في منع البكاء على الميت. فقد رووا غير ما ذكرنا بعض الحديث في تأييد اجتهاد الخليفة الصحابيّ عمر، و لا مجال في هذه العجالة لبيان علل تلك الأحاديث. و في ما ذكرنا الكفاية في معرفة منشأ الخلاف في شأن البكاء و الّذي نحن بصدده.
___________________
(1) صحيح البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي، باب مناقب خالد بن الوليد، 2/ 204 ط.
الحلبي بمصر.
(2) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبيّ( صلى الله عليه [ واله ] ): إنّا بك لمحزونون، 1/ 158 و اللفظ له. و صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب رحمته بالصبيان و العيال، ح 62. و سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في النظر إلى الميّت، ح 1475، 1/ 473. و طبقات ابن سعد، ط. أوربا، 1/ ق 1/ 88. و مسند أحمد 3/ 194.
(3) تتقعقع: أي تضطرب روحه لها صوت و حشرجة كصوت الماء إذا ارتقى في القربة الخالية. صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبيّ(صلى الله عليه [ واله ]):« يعذّب الميّت ببعض بكاء أهله عليه» و اللفظ له. و كتاب المرضى، باب عيادة الصبيان، 4/ 3. و صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، ح 11، ص: 636. و سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، ح 3125، 3/ 193. و سنن النسائي، كتاب الجنائز، باب الأمر بالاحتساب و الصبر، 1/ 264. و مسند أحمد 2/ 306 و 3/ 83 و 88 و 89.
(4) أوردناه من ترجمة حمزة في طبقات ابن سعد ط. دار صادر بيروت 1377 ه، 3/ 11.
وأكثر تفصيلا منه في مغازي الواقدي 1/ 315- 317. و بعده إمتاع الاسماع 1/ 163. و مسند أحمد 2/ 40. و تاريخ الطبري.
وأورده ابن عبد البرّ بإيجاز بترجمة حمزة من الاستيعاب، و باختصار أيضا. ابن الأثير بترجمته من أسد الغابة.
(5) سنن النسائي، كتاب الجنائز، باب زيارة قبر المشرك، 1/ 267. و سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب زيارة القبور، ح 3234، 3/ 218. و سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في زيارة قبور المشركين، ح 1572، 1/ 501.
(6) سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت ح 1610 و 1611، 1/ 514. و في سنن الترمذي 4/ 219، أبواب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميّت، و قال: هذا حديث حسن صحيح. و سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب صنعة الطعام لأهل الميّت، ح 3132، 3/ 195، و مسند أحمد 1/ 205 و 6/ 370.
(7) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي(صلى الله عليه [ واله ]) يعذب الميت ببكاء أهله عليه، 1/ 155- 156، وصحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه، ح 22، ص 641.
(8) وهل: بفتح الواو و فتح الهاء و كسرها، أي غلط و نسي.
(9) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه، ح 25 و 26، ص 642- 643 و ح 27، ص 643. و قريب من لفظ الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الرخصة في البكاء على الميّت، 4/ 225. و سنن أبي داود، كتاب الجنائز، ح 3129، 3/ 194.
(10) شرح النووي بهامش صحيح مسلم ط. المطبعة المصرية 1349 ه، 6/ 228، كتاب الجنائز، باب الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه.
(11) سنن النسائي، كتاب الجنائز، باب الرخصة في البكاء على الميّت. و سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في البكاء على الميّت ح 1587 ص: 505. و مسند أحمد 2/ 110، 273، 333، 408، 444.
(12) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، 1/ 158.
وقوله:« يضرب فيه» أي يضرب لأجل المنع من البكاء.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|