أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2016
546
التاريخ: 18-11-2016
548
التاريخ: 12-1-2017
977
التاريخ: 18-11-2016
798
|
[جواب الشبهة]
إنّ حياةَ البَشَر قائمةٌ على أساس الاستفادة من الوسائل الطبيعيّة والاِستعانة بالأسباب، التي لِكلّ واحدٍ منها أثرٌ خاصٌ.
فَكُلُّنا عندما نعطش نشربُ الماء، وعندما نجوعُ نأكلُ الطعام، وعندما نريد الانتقالَ من مكانٍ إلى آخر نستخدم وسائلَ النَقل، وعندما نريد إيصال صوتنا إلى مكانٍ نستخدم الهاتفَ، لاَنّ رفعَ الحاجة عن طريق الوسائل الطبيعيّة ـ بشرط أن لا نعتقد بإستقلالها في التأثير ـ هو عينُ «التوحيد» ومن صميمه.
فالقرآنُ الكريمُ وهو يُذكّرُنا بقصّة ذي القرنين في بنائه للسدِّ يُخبرُنا كيف طلب العونَ والمعونة من النّاس إذ قال: { فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} [الكهف: 95].
وإنّ الذين يُفسّرُون الشركَ بالتعلُّق والتوسُّل بغير الله، إنَّما يصحُّ كلامُهم هذا إذا اعتقد الاِنسانُ بتأثيرِ الوسائل والاَسباب على نحوِ الاِستقلال والاَصالةِ.
وأمّا إذا اعتقد بأنَّها تؤثّر بإذن الله فإنّه سينتهي حينئذ إلى نتيجةٍ لا تُخرِجُه عَن مسيرِ التوحيد.
ولقد قامَت حياةُ البشرية من أوّل يوم على هذا الاَساس والقاعدة أي على الاستفادة من الوسائل والوسائط الموجودة، ولم يزل يتقدم في هذا السبيل.
والظاهر أنّ التَوَسُّل بالأسباب والوسائلِ الطبيعيّة لِيس مَحَطّاً للمناقشة والبحث، إنّما الكلام هو في الاَسباب غير الطبيعيّة التي لا يعرفها البَشرُ، ولا سبيلَ له إليها إلاّ عن طريق الوحي.
فإذا وُصِفَ شيءٌ في الكتاب والسُّنة بالوسِيلِيَّةِ كانَ حكمُ التوسّل به نظير حكم التوسّلِ بالاُمور الطبيعيّة.
وعلى هذا الاَساس فإنّنا إنّما يجوز لنا التوسل بالاَسباب غير الطبيعيّة إذا لاحَظنا مطلبين:
1. إذا ثَبَتَ كونُ ذلك الشيء «وسيلةً» لنيل المقاصد الدنيويّة أو الاُخروية بالكتاب أو السنة.
2. إذا لم نعتقد بأيّة أصالةٍ أو استقلال للوسائل والاَسباب، بل اعتبرنا تأثيرها منوطاً بالإذن الاِلَهي والمشيئةِ الاِلَهيّة.
إنّ القرآنَ الكريمَ يدعونا إلى الاِستفادة من الوسائل المعنوية إذ يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 35].
هذا ويجب الاِنتباهُ إلى أنّ «الوسيلة» لا تعني (التقرُّب) بل تعني الشيء الذي يوجب التقرّبَ إلى الله، وأحَد هذه الطرق هو الجهادُ في سبيل الله الذي ذُكِرَ في الآية الحاضِرة كما يمكن أن تكون أشياء أُخرى وسيلة للتقرّب أيضاً.(1)
التوسُّل بأسماء الله الحسنى ودعاء الصالحين :
ثَبَت في [ما سبق] أنّ التوسّلَ بالاَسباب الطبيعيّة، وغير الطبيعيّة (بشرط أن لا تُصبَغ بصبغة الاَصالة ولا يعتقد فيها بالاِستقلال في التأثير) عينُ التوحيد، ولاشك في أنّ القيام بالواجباتِ والمستحبّاتِ، كالصَّلاة والصَّوم والزَّكاة والجِهاد في سبيل الله وغير ذلك وسائل معنويّة تُوصِل الاِنسان إلى المقصد الاَسمى، ألا وهو التقرّبُ إلى الله تعالى.
فالإنسان في ظلّ هذه الاَعمال يجد حقيقة العبوديَّة، ويتقرّب في المآل إلى الله تعالى.
ولكن يجب الاِنتباهُ إلى أنّ الوسائل غير الطبيعيّة لا تنحصر في الاِتيان بالاَعمالِ العبادِيّةِ، بل هناك سلسلة من الوسائل ذكرَت في الكتابِ والسُّنةِ يستعقبُ التوَسلُ بها استجابةَ الدعاءِ، نذكر بعضَها فيما يأتي:
1.التوسُّل بالأسماء والصّفات الاِلَهيَّة الحُسنى التي ورَدَت في الكتاب العزيز، والسُّنة الشريفة، إذ يقول سبحانه:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } [الأعراف: 180]. ولقد وَرَدَ التوسُّل بالأسماء والصفات الاِلَهيّة في الاَدعية الاِسلامية كثيراً.
2. إن التوسُّل بأدعية الصالحين، والذين يكون أفضلُ أنواعه: التوسّلُ بالأنبياء والاَولياء المقرّبين إلى الله، لِيَدعو للاِنسان في محضر ذي الجلال.
إنّ القرآنَ الكريمَ يحثُّ الذين ظَلَموا أنْفُسَهم (أي العُصاة) إلى أن يذهَبوا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم ويطلبوا منه أن يَستغفِرَ لهم، إلى جانب استغفارِهم هم بأنفسِهم، ويبشِّرُهم بأنّهم سيجدون الله توّاباً رحيماً:
{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } [النساء: 64].
ويَذمُّ في آية أُخرى المنافقين، بأنّهم كلّما دُعوا إلى الذهاب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لِيَستغفر لهم أعرَضوا عن ذلك إذ يقول:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} [المنافقون: 5].
ويُستفاد من بعض الآيات أنّه كان مثل هذا العَمَل جارياً ورائجاً في الاُمم السابقة.
وللمثال: طلبَ أبناءُ يعقوب من أبيهم أن يستغفرَ لهم، واستجاب لهم أبوهم يعقوبُ عليه السلام ووعدهم بذلك: {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [يوسف: 97، 98] .
_____________
(1) قال الراغبُ الاِصفهاني في مفرداته (في مادة وسل): الوَسيلة التوصّلُ إلى الشيء برغبة، وحقيقةُ الوسيلة إلى الله سبيلُه بالعلمِ والعِبادة وتحرّي مكارم الشريعة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|