أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2016
2854
التاريخ: 15-11-2016
2175
التاريخ: 22-11-2019
1455
التاريخ: 2-9-2018
1475
|
توفّي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبو بكر بِـ «سنح»(1) وأهل بيت الرسالة وذوو قرباه من بني هاشم مع عدة رجال من كبار الصحابة ملتفّون حول جنازته المسجّى على سرير بين المغشيِّ عليه والمتوفّى كمداً وبين من غلبتهم الحيرة من شدّة وطأة تلك الرزيّة العظيمة وما دهمتهم وهالت بهم أهوال ذلك الرزء العظيم.
جاء أبو بكر من «سنح» فكشف الغطاء عن وجه رسول الله وقبّله قائلا: طِبتَ حيّاً وميّتاً، ولم يلبث إلاّ برهةً من الزمن حتّى مضى الى سقيفة بني سعد، واجتمع هناك مع عمر وأبو عبيدة بن الجرّاح وسالم مولى أبي حذيفة، فكان هناك ما كان من الهرج والمرج فيما بينهم والأنصار ورئيسهم سعد بن عبادة، ففاز أبو بكر بتأييد عمر بعد ما احتجّ بأسبقيته إلى إسلامه وكونه من المهاجرين كما كان النبيّ منهم، وأنّه صاحب الغار، وأنّه... وأنّه... حتّى بويع بعد شدّة المنازعة والمخاصمة ممّا أدّى إلى مُضاربة بعضهم بعضاً، ما عدا سعد وعشيرته فإنّهم لم يبايعوه، بل أنذر بأن يحاربهم ما بقي سهم على ظهره، ولكن مات مُغتالاً في خارج المدينة حيث لا يُعرف قاتله، وقد أُذيع الخبر وشاع بين الناس بأنّه قتيلُ الجنّ «ولعلّ الجنّ كان بكريّاً أو عمريّاً».(2)
ولمّا امتطى أبو بكر سنام الخلافة واستولى على رقاب الناس تفقّد قوماً لم يبايعوه، فقال له عمر: لا تدعهم حتّى يبايعوك، فبعث قوماً في طليعتهم عمر وخالد بن الوليد إلى أفضل بيت من البيوت التي {أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [النور: 36] (3).
وقد اجتمع فيه بنو هاشم وعدّة من كبار الصحابة، فقال لهم عمر: تفرّقوا وقوموا إلى بيعة أبي بكر، والذي نفس عمر بيده لتخرجُنّ أو لأحرقنّها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة، قال: وإن، فقالت فاطمة: يا عمر أجئتنا لتحرق دارنا؟ قال: نعم، فصاحت: يا أبتِ يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟! فتفرّقوا جميعاً إلاّ عليّاً (عليه السلام)(4).
فأتى عمر أبا بكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لمولىً له اسمه قُنفُذ: إذهبْ فادعُ لي عليّاً، فذهب إلى علي (عليه السلام) فقال له: ما حاجتك؟ فقال: يدعوك خليفة رسول الله، فقال علي (عليه السلام): لسريع ما كذبتم على رسول الله، فرجع قنفذ فقال لأبي بكر ما قاله علي (عليه السلام)، فبكى أبو بكر طويلاً، فقال له عمر ثانياً: لا تمهل هذا المتخلِّف عنك بالبيعة، فقال أبو بكر لقنفذ: عد إليه فقل له خليفة رسول الله يدعوك لتبايع، فجاء قنفذ وأبلغ ما أمر به أبو بكر، فصرخ عليٌّ قائلاً: سبحان الله لقد ادّعى ما ليس له، فرجع قنفذ وأخبر بذلك أبا بكر فبكى طويلاً.
ثمَّ قام عمر وذهب بجماعة حتَّى أتوا بيت فاطمة (عليها السلام) فدقّوا الباب فأخرجوا عليّاً فمضوا به إلى أبي بكر فقالوا له: بايع، فقال عليّ: إن أنا لم أفعل، فمه؟ فقال له عمر: إذن والله نقتلك، فقال عليٌّ: إذن تقتل عبد الله وأخا رسول الله، فقال عمر: أمّا عبد الله فنعم، وأمّا أخو رسول الله فلا، وأبو بكر ساكتٌ لا يتكلّم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟ فقال: إنّي لا اُكرهه ما دامت فاطمة بجنبه، فقال عمر: لستَ متروكاً حتّى تبايع، قال علي: يا عمر إحلبْ حلباً لك شطره، واشدُدْ له اليومَ أمرَه يرددْهُ إليك غداً، أنا أحقّ بهذا الأمر منكم، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً، ونحن أولى برسول الله حيّاً وميّتاً، فأنصفونا إن كنتم مؤمنين، وإلاّ فبؤوا بظلم وأنتم تعلمون.
وقوله (عليه السلام): يا معشر المهاجرين لا تخرجوا سلطانَ محمد في العرب إلى دُوركم وقعور بيوتكم وتدافعوا أهلَه عن مقامه في الناس وحقِّه ـ إلى أن قال ـ : فلا تتّبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيله، فتزدادوا من الله بُعداً، ولكنّ القوم لا يُلقون إلى قوله سمعَهم.
فأتى علي قبر أخيه المصطفى قائلاً بما قاله هارون لأخيه موسى (عليهم السلام): (يا ابنَ أُمَّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني). انتهى.
فليُراجع القارئ إذا حاك في صدره أدنى شكٍّ في حدوث هذه القضيّة ما يلي من الكتب:
1 ـ الامامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري: ج1 ص19.
2 ـ تاريخ الطبري في أحداث السنة 11: ص52 ج4 وفي ط ج3 ص198 و 202.
3 ـ العقد الفريد لابن عبد ربّه: ج3 ص13 وفي ط ج2 ص250.
4 ـ تاريخ أبي الفداء: ج1 ص156.
5 ـ أعلام النساء : ج3 ص127.
6 ـ الأموال لأبي عبيد: ص 131.
7 ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج1 ص124 وفي ج2 ص19.
8 ـ الامام علي لعبد الفتّاح عبد المقصود: ج1 ص225.
9 ـ تاريخ ابن كثير البداية والنهاية: ج6 ص218 ط مصر.
10 ـ فضائل الخمسة للسيد مرتضى الحسيني: ج1 ص40 ـ 41.
11 ـ الغدير لعبد الحسين أحمد الأميني: ج7 ص77.
فإذا لم تكن بيعة أبي بكر إلاّ بعد هذا التهديد والترهيب فما عسى أن يقال لمن زعم أنّ بيعته بشورى من المسلمين !
وهل هتكُ حرمة هذا البيت المعظّم قدرُه بنصّ آية الذكر الحكيم، المكرّم في نظر المسلمين، ومسُّ كرامة أهل بيت الوحي والنبوّة من الاجتهادات في الدين؟!.
_________________
(1) سُنُح: وهي إحدى محال المدينة كان بها منزل أبي بكر الصديق حين خروج مليكة، وهي في طرف من أطراف المدينة، وهي منازل بني الحارث بن الخزرج بعوالي المدينة، وبينها وبين منزل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ميل.
والسُنُح أيضاً: موضع بنجد قرب جبل طيء ونزله خالد في حرب الردة فجاءه عدي بن حاتم بإسلام طيء وحسن طاعتهم. معجم البلدان: ج3 ص265.
(2) راجع الاستيعاب بهامش الإصابة: ج2 ص40.
(3) النور: 36.
أخرج الثعلبي في معنى الآية من التفسير الكبير بالإسناد إلى أنس بن مالك وبريد، قال: قرأ رسول الله هذه الآية (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ وأشار إلى بيت عليّ وفاطمة، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم من أفاضلها. انتهى.
راجع: الدر المنثور للسيوطي: ج5 ص 50، تفسير روح المعاني للآلوسي: ج8 ص157، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي: ج1 ص 409، المراجعات للموسوي: ص 94، تتمة المراجعات لحسين الراضي: ص59.
(4) الإمامة والسياسة: ج1 ص12 - 13، الغدير: ج7 ص77.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|