أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2016
2013
التاريخ: 14-11-2016
1398
التاريخ: 27-3-2021
2380
التاريخ: 13-1-2021
4839
|
اختلف الاخباريون في اصل كلمة مكة وتفسيرها، وجاءوا بروايات مختلفة منها:
1) حسب قول ابي بكر الانباري، سميت مكة بهذا الاسم (لانها تمك الجبارين اي تذهب نخوتهم)(1).
2) قال الشرقي بن القطاعي(انما سميت مكة لان العرب في الجاهلية كانت تقول لا يتم حجنا حتى نأتي مكان الكعبة فنمك فيه اي نصفر صفر المكاء حول الكعبة، وكانوا يصفرون ويصفقون بأيديهم اذا كانوا بها، والمكاء بتشديد الكاف طائر يأوي الرياض)(2).
3) وقيل (سميت مكة لانها بين جبلين مرتفعين عليها وهي في هبطة بمنزلة المكوك).
4) وفي تفسير لغوي ان (مكة مشتقة من امتك لقلة مائها، وفي قولهم امتك الفصيل اخلاف الناقة، اذا جذب جميع ما فيها جذبا شديدا فلم يبق فيها بشيئا، ولما كانت مكة مكانا مقدسا للعبادة، فقد امتكت الناس اي جذبتهم من جميع الاطراف).
5) وفي قول آخر(انها قد تكون مشتقة من ملك في البابلية بمعنى البيت)(3).
وفي القرآن الكريم ورد اسم اخر لمكة هو (بكة) في قوله تعالى { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96] (4).
ويذكر الاخباريون ان (بكة موضع البيت وما حول البيت مكة).
وفي راي بعضهم ان بكة هي نفس مكة ابدلت فيها الميم باء على عادة اهل الجنوب ويؤيد ذلك الدكتور جواد علي (ان بكة ليست سوى لهجة من لهجات القبائل التي تبدل الميم باء)(5).
ومن الاسماء الاخرى التي ذكرها الاخباريون (الباسة) لانها تبس اي تحطم الملحدين ومنها (الحاطمة) لانها تحطم من استخف بها، ومنها (القادسي) لانها تقدس اي تطهر من الذنوب وسميت ايضا (ام القرى) وجاء في ذلك قوله تعالى (لتنذر ام القرى ومن حولها)(6).
وقد وصفها الله تعالى بالبلد الامين، في قوله تعالى {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: 1 - 3] (7).
وتقع مكة في بطن وادي يعرف ببطن مكة، وتشرف عليها الجبال من جميع النواحي، في دائرة حول الكعبة.
مصادر الثروة والموارد الاقتصادية في مكة في العصر الجاهلي:
كانت مكة تقع في واد(غير ذي زرع) مما جعل اهلها يعتمدون في اقواتهم وحياتهم المعيشية على البلاد الاخرى فكانت الاقوات تأتيهم من الطائف ومن السراة.
وكان عماد دخل اهل مكة يقوم على التجارة والضرائب التي تجبى من التجار الاجانب والقوافل التجارية، بالاضافة الى ما كان ينفقه الحجاج في موسم الحج.
وقبل الاسلام كانت مكة مركزا للطريق التجاري بين اليمن وبلاد الشام، كما كانت على اتصال وثيق ببلاد الحبشة. وبفضل جهود هاشم بن عبد مناف زعيم قريش، فقد سيطرت مكة على تجارة الهند والحبشة واليمن، وهو اول من سن رحلتي قريش، رحلة الشتاء الى اليمن والحبشة والعراق، ورحلة الصيف الى الشام.
ويذكر ان هاشم رحل الى بلاد الشام، وشاع عنه الكرم والسماحة(8)، وبلغ ذلك قيصر الذي كانت بلاد الشام تابعة له، فأرسل اليه ، فلما رآه وسمع كلامه اعجب به ، فقال له هاشم(ايها الملك لي قوم وهم تجار العرب، فتكتب لهم كتابا يؤمنهم ويؤمن تجاراتهم حتى يأتوا بما يستطرف من ادم الحجاز وثيابه، ففعل قيصر ذلك، فجعل كلما مر بحي من العرب اخذ منة اشرافهم الايلاف (اي العهد) ان يأمنوا عندهم وفي ارضهم فأخذوا الايلاف من مكة والشام)(9).
وذكر البلاذري ان هاشم بن عبد مناف اخذ لقريش( عصما من ملوك الشام، فتاجروا آمنين، ثم ان اخاه عبد شمس اخذ لهم عصما من صاحب الحبشة، واليه كان متجره، واخذ لهم المطلب بن عبد مناف عصما من ملوك اليمن، واخذ نوفل بن عبد مناف عصما من ملوك العراق، فألفوا الرحلتين في الشتاء الى اليمن والحبشة والعراق، وفي الصيف الى الشام)(10).
بالاضافة الى ذلك فقد اتاح موقع مكة الجغرافي وحيدة قريش، ان تقوم بدور الوسيط التجاري، اذ استعان البيزنطيون بالقرشيين كوسطاء للتجارة الهندية، وكانوا يتهافتون على منتجات الهند والصين.
وقد نجح القرشيون في عقد المعاهدات التجارية مع حكومتي بيزنطة وطيسفون للحصول على ضمانات لتامين تجارتهم.
وكانت حكومة بيزنطة لا تسمح لتجار العرب بحرية الاقامة والتجارة الا في عدد محدود من المدن في بلاد الشام، منها آيلة وغزة والقدس وبصرى. كما عقد القرشيون معاهدات مماثلة مع امراء العرب في الجزيرة العربية ومنهم شيوخ قيس واقيال اليمن وامراء اليمامة وملوك غسان والحيرة، ومن التجارة حققت بعض الاسر والشخصيات في مكة ثروات ضخمة، منهم هاشم والمطلب ونوفل بني عبد مناف، وابو احيحة وعبدالله بن جدعان والوليد والمغيرة المخزومي وابو سفيان وامية بن خلف.
وكانت قريش تفرص الاتاوات على التجار الغرباء وعلى العرب الذين لا يرتبطون بحلف معها.
ومن بين الضرائب التي كانت تفرضها قريش على التجار الغرباء ضريبة العشور التي كانت تتحصلها ممن يدخل مكة من تجار الروم والفرس واقباط مصر، وقد توافد على مكة عدد من هؤلاء وأقاموا فيها وتحالفوا مع وأثريائها، ومنهم من اقاموا بمكة نظير دفع جزية مقابل حمايتهم وحفظ اموالهم وتجارتهم .
وكان حج البيت احد مصادر دخل اهل مكة فألى جانب كونه مظهرا دينيا للعرب في الجاهلية، كان الحج وسيلة للاجتماع والتعارف ووسيلة للكسب بالتجارة، اذ كانت تقام في موسم اسواق تجارية وادبية مثل سوق عكاظ وسوق مجنة وسوق ذي المجاز وفي هذه الاسواق كان العرب من انحاء الجزيرة العربية يفدون بسلعهم للتبادل والبيع ويستفيد منهم اهل مكة.
وكانت العملات السائدة في المكة والحجاز بوجه عام، الدينار والدرهم وهما عملتان اجنبيتان، والدينار وحدة ذهبية، وهو مشتق من اللفظة اليونانية اللاتينية (ديناريوس) اما الدرهم فمشتق من لفظة الدراخمة اليونانية، وهو وحدة فضية.
وعن طريق الاشتغال بالتجارة عرف اهل مكة الكتابة، واخذوها عن الانباط واهل الحيرة، كما عرفوا مبادئ الحساب والمكاييل والموازيين والمقاييس، وعرف تجار مكة نظام الامانات والودائع والصكوك وغير ذلك.
ومن الحرف والصناعات التي كانت مصدر دخل اخرى لأهل مكة صناعة الاسلحة من رماح وسيوف ودروع ونبال وسكاكين، وصناعة الاواني الفخارية واعمال النجارة.
القبائل التي توافدت على مكة والتنظيمات التي ادخلها فيها قصي بن كلاب زعيم قريش:
يذكر الاخباريون ان العمالقة بزعامة السميدع بن هوبر بن لاوي هم اقدم القبائل التي نزلت في مكة وحكمتها، وخلفهم بنوجرهم القحطانية، وكانت منازلهم بداخل مكة وما حولها.
وقد تزوج اسماعيل(عليه السلام) امرأة جرهمية، وكان ابوه ابراهيم(عليه السلام) قد اسكنه وهو طفل صغير مع امه هاجر في مكة بوحي من الله، ولما شب قام بمعاونة ابيه في بناء البيت العتيق . وبعد وفاة اسماعيل(عليه السلام) تسلم الاشراف على البيت الحارث بت مضاضي الجرهمي، وهو اول من ولي امر البيت.
ثم وفدت خزاعة بعد سيل العرم في اليمن، الى مكة ونزلوا بظاهرها، وامكنهم التغلب على الجرهميين في مكة وطردوهم عنها، وكان عمرو بن لحي اول من تولى امر البيت من خزاعة فقام بتغير دير ابراهيم وبدله بعبادة الاوثان، وذكر انه استحضر من الشام اصناما حول الكعبة(11).
وفي ذلك الوقت كانت مضر تقيم بظاهر مكة، وقد احتفظت بحق الاجازة للحجاج من عرفة والافاضة بهم الى منى غداة يوم النحر. وبعد ان تشعبت مضر وبطون كنانة وصاروا احياء وبيوتات، تمكن زعيمهم قصي بن كلاب بم مرة من بسط سيادته على مكة، وانتزع ولاية البيت من خزاعة وفي عهد زعيمهم ابي غبشان الخزاعي.
تنظيمات واصلاحات قصي بن كلاب زعيم قريش في مكة:
يرجع الفضل الى قصي بن كلاب في جمع بطون قريش وترتيبها في منازل بداخل مكة وخارجها، وقد ميز بين قريش البطاح التي تسكن بداخل مكة وهم بنو عبد مناف وعبد الدار، وبنو عبد العزى وبنو زهرة، وبنو مخزوم، وبنو تيم وبنو مرة وبنو جمح وبنو سهم وبنو عدي وبنو عتيك بن عامر ، وكان منهم التجار والاثرياء.
اما قريش الظواهر، فكانوا يسكنون خارج مكة، ومنهم بنو محارب ، والحارث بي فهر، وبنو الادرم بن غالب بن فهر، وبنو مصيص بن عامر بن لؤي(12).
وقد قسم قصي بن كلاب مكة خططا ورباعا بين قريش، ودانت له بالطاعة، واحرز شرف قريش كلها وقام بإدخال التنظيمات التالية:
دار الندوة: بنى قصي بن كلاب دارا له سميت دار الندوة،(لانهم كانوا ينتدون فيها ويتحدثون ويتشاورون في حروبهم وامورهم ويعقدون الالوية، ويزوجون من اراد التزويج(13).
وكانت هذه الدار دار للشورى في امور السلم والحرب وتعتبر دار حكومة يديرها (الملأ)او مجلس شيوخ قريش، ولم يكن يدخلها ويشارك في مداولاتها الا من بلغ عمره اربعين سنة.
والى جانب دار الندوة كانت هنالك الحجابة والرفادة، والسقاية واللواء والقيادة، وكانت في ايدي قصي بن كلاب واولاده.
الحجابة او السدانة :
وكان القائم بها يحتفظ في يده بمفاتيح الكعبة، ولا تقام الشعائر الدينية الا بحضوره.
الرفادة:
وهي اطعام المحتاجين من الحجاج.. وكان ينفق على طعام الحجاج وشرابهم.
السقاية:
وهي القيام بساقية الحجاج، بوضع المياه في احواض في فناء الكعبة وفي منى وعرفات.
اللواء:
وهي راية تثبت على رمح وتنصب كعلامة للجند اذا توجهوا للحرب، وتدور المعارك حوله.
القيادة:
وهي قيادة الجيش في حالة الحرب، وكان يتولاه قصي بنفسه، او من ينبيه عنه.
ويذكر ان قصي لما بلغ الشيخوخة وعجز عن ممارسة هذه المهام بكاملها، جعل هذه المهام بيد ابنه البكر عبد الدار الذي كان يؤثره على بقية ابنائه، وقيل ان قصي قسم مهام مكة بين ابنائه، فجعل دار الندوة والحجابة واللواء لعبد الدار، وجعل السقاية والقيادة لعبد مناف، واعطى الرفادة لعبد العزى.
ولما توفى قصي بن كلاب اجمع عبد مناف، وهم عبد شمس وهاشم والمطلب ونوفل على ان يؤخذوا ما في يدي عبد الدار بن قصي واعتبروا انفسهم احق بذلك منهم، لما لهم شرف وفضل في قومهم، وعندئذ تفرقت قريش، واجمع كل من الفريقين وحلفائهم على الحرب، ثم مالوا الى الصلح، واتفقوا غلى ان يأخذ بنو عبد مناف الرفادة والسقاية، وان تكون الحجابة واللواء ودار الندوة لبني عبد الدار، وقد استمر الوضع على هذا النحو حتى ظهور الاسلام.
وقد اصبحت دار الندوة مقر الادارة بمكة وقد باعها عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار الى معاوية بن ابي سفيان.
اما الحجابة فقد ألت الى طلحة بن ابي طلحة، ... .
وقد استمر اللواء في يد بني عبد الدار، ثم ابطل بعد ان دخلوا في الاسلام. واما السقاية والرفادة فقد صارتا لهاشم بن عبد مناف، ثم آلتا الى ابي طالب، ولما عجز عن الانفاق في هذا السبيل انتقلت الى العباس بن عبد المطلب، واخيرا آلت الى ولده عبد الله بن العباس.
وكانت القيادة لعبد شمس بن عبد مناف.
_____________
(1) ياقوت الحموي: معجم البلدان، مجلد 5، ص181.
(2) ياقوت الحموي: المرجع السابق، ص 182.
(3) جورج زيدان: العرب قبل الاسلام، ص275.
(4) سورة آل عمران، آية 96.
(5) د. جواد علي: تاريخ العرب قبل الاسلام، ج4 ،ص189.
(6) سورة الانعام، اية 92.
(7) سورة التين، آيات 1-3.
(8) البلاذري(احمد بن يحيى بن جابر): انساب الاشراف،ج1،ص59.
(9) اليعقوبي: تاريخ اليعقوبي، ج1، 201.
(10) البلاذرعي: انساب الاشراف، ج11،ص95.
(11) ابن الكلبي (ابو المنذر هشام بن محمد): كتاب الاصنام، ص8.
(12) المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج2، ص59.
(13) البلاذري: انساب الاشراف، ص52.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|