أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-4-2017
477
التاريخ: 14-11-2016
556
التاريخ: 14-11-2016
582
التاريخ: 14-11-2016
421
|
[نص شبهة الآكل والمأكول] :
وهي شبهة قديمة ، ذكرها إفلاطون وغيره من الفلاسفة المتقدمين والمتأخرين من المسلمين وغيرهم بتعابير وتقريرات مختلفة ، أهمها : لو أن إنساناً تغذّى على إنسانٍ آخر ، وأكل جميع أعضائه ، فالمحشور لا يكون إلاّ أحدهما ، لأ نه لا تبقى للآخر أجزاء تخلق منها أعضاؤه ، وعليه فالبدن المحشور بأيّ الروحين يتعلّق ؟ ولو تعلّق بروح الآكل وكان كافراً ، والمأكول مؤمناً ، للزم عقاب المؤمن ، ولو عكس الأمر للزم ثواب الكافر.
الجواب : يتضمن جواب هذه الشبهة عدّة وجوه :
1 ـ إن الله سبحانه بكلّ شيء عليم ، وهو بعلمه الواسع والمحيط بكلّ الممكنات ، يعلم كلّ ذرات الكون ، ومنها أجزاء الآكل والمأكول ، فيجمعها بحكمته الشاملة وقدرته الكاملة ، وينفخ فيها الروح ، مهما أصابها من التحوّل أو الفناء أو النقص ، قال تعالى : {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 79]، وقال تعالى في حكاية شبهة المنكرين وجوابهم : {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} [ق: 3، 4]، وقال تعالى : {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى } [طه: 51, 52].
وقال أمير المؤمنين عليه السلام في وصف النشور : « حتى إذا تصرّمت الاُمور ، وتقضّت الدهور ، وأزف النشور ، أخرجهم من ضرائح القبور ، وأوكار الطيور ، وأوجرة السباع ، ومطارح المهالك ، سراعاً إلى أمره ، مهطعين إلى معاده... »(1)، فدلّ على أنّهم سيُبعثون وإن افترستهم السباع أو أكلتهم الطيور.
2 ـ جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : « إنّ إبراهيم عليه السلام نظر إلى جيفةٍ على ساحل البحر تأكلها سباع البرّ وسباع البحر ، ثم تحمل السباع بعضها على بعضٍ، فتأكل بعضها بعضاً ، فتعجب إبراهيم عليه السلام فقال : يا {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260] ؟ فقال الله تعالى : {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ } [البقرة: 260] إلى آخر الآية ، فأخذ إبراهيم عليه السلام الطاووس والديك والحمام والغراب ، فقال الله عزَّ وجلَّ: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ } [البقرة: 260] أي قطعهنّ ثمّ اخلط لحمهنّ ، وفرّقهن على عشرة جبال ، ثم خذ مناقيرهنّ ، وادعهنّ يأتينك سعياً ، ففعل إبراهيم عليه السلام ذلك ، وفرّقهن على عشرة جبال ، ثم دعاهنّ... فكانت تجتمع ويتألف لحم كلّ واحد وعظمه إلى رأسه، فطارت الى إبراهيم عليه السلام فعند ذلك قال إبراهيم عليه السلام : (أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (2)» .
قيل : في هذا الحديث إشارة إلى أنّه تعالى يحفظ أجزاء المأكول في بدن الآكل ، ويعود في الحشر إلى بدن المأكول ، كما أخرج تلك الأجزاء المختلطة والأعضاء الممتزجة من تلك الطيور وميّز بينها(3).
3 ـ وأجاب المتكلمون والفلاسفة عن هذه الشبهة بما خلاصته أن المعاد هو في الأجزاء الأصلية التي منها ابتداء الخلق ، وهي باقية من أول العمر إلى آخره ، لا جميع الأجزاء على الإطلاق ، والأجزاء الأصلية التي كانت للمأكول هي في الآكل فضلات، فلا يجب إعادتها في الآكل ، بل تعاد في المأكول(4) ، لأنّ الله سبحانه يحفظها ولا يجعلها جزءاً لبدنٍ آخر.
وارتضاه المحقق الطوسي حيث قال في (التجريد) : ولا يجب إعادة فواضل المكلف ، وذكر العلامة في شرحه : أنه اختلف الناس في المكلف ما هو على مذاهب.. منها قول من يعتقد أن المكلف هو النفس المجردة.. ومنها قول جماعة من المحققين أن المكلف هو أجزاء أصلية في هذا البدن لا يتطرق إليها الزيادة والنقصان ، وإنّما يقعان في الأجزاء المضافة إليها ، والواجب في المعاد هو إعادة تلك الأجزاء الأصلية ، أو النفس المجردة مع الأجزاء الأصلية ، أما الأجزاء المتصلة بتلك الأجزاء ، فلا يجب إعادتها بعينها(5).
...وعليه فإنّ القدر الذي يجب على كلّ مسلم مكلّف الاعتقاد به هو أنّ الله تعالى يعيد في الآخرة الأشخاص وخصوص المكلفين من أجل الحساب فالثواب والعقاب ، وأمّا الخصوصيات ، من كيفية الاعادة وكيفية الحساب وكيفية الجنة والنار وسائر متعلّقات عالم القيامة... فقد قالوا بعدم وجوب العلم والاعتقاد التفصيلي بها ، بل يكفي الاعتقاد الاجمالي. ونحن إنما ذكرنا الأقوال والأدلّة من مختلف الكتب لتساعد القارئ الكريم على التأمّل والتفكّر وليكون ما أوردناه منطلقاً للبحث والتحقيق.
_____________
(1) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 108 الخطبة (83).
(2) تفسير القمي 1 : 91.
(3) بحار الأنوار / المجلسي 7 : 37.
(4) شرح المواقف / الجرجاني 8 : 296 ـ مطبعة السعادة ـ مصر ، المبدأ والمعاد / صدر الدين الشيرازي : 376.
(5) كشف المراد / العلامة : 431 ـ 432.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|