وهي اقدم الدول العربية التي قامت في اليمن وكانت تقوم في منطقة الجوف بين نجران وحضرموت في سهل اشتهر بكثرة نيلة ومراعية وتحيط به الجبال من ثلاث جهات مما جعل لها حماية طبيعية.

ولم ترد تفاصيل عن (دولة معين) في المصادر العربية سوى اسم (معين) و(براقش) على انهما موضعان في منطقة الجوف ونسب تأسيسهما الى سلالة (التبابعة). وتدل لفظة (معان) على نبع ماء وجاء ذكر المعينيين في التوراة على انهم سكان النقب او سيناء. ويذهب فريق من الباحثين الى انهم سكان منطقة معان التي تقع الى الجنوب الشرقي من (البتراء).

ويوجد خلط بين اسم (معان) و(اسم مجان) التي اثار موقعها هي الاخرى جدلا طويلا بين الباحثين. والمرجع ان المعينيين هم بالتجارة وسيطروا على التجارية بين الشمال والجنوب ونافسوا في ذلك السبئيين الذين يشتركون معهم في اصل واحد ويقول في ذلك (الويس موسل) (انه خلال الالف الاول قبل الميلاد كان الجزء الاعظم من التجارة العالمية في البلاد العربي واقعا في ايدي السبئيين والمعينيين الذين كانوا يسيطرون على الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية وكان السبئيون والمعينيون ابناء جنس واحد ولكنهم كانوا يتنافسون على السيادة لا في بلادهم فحسب بل في الواحات التي كانت تمر بها الطرق التجارية كذلك(1).

توسعات الدولة المعينية:

وكان الطريق التجاري البري الموصل بين اليمن والشام يمر غربي تيماء وهذا الطريق كان يخضع احيانا لسيطرة المعينيين وفي احيان اخرى يكون تحت السيطرة السبئية الذين كانوا يعاصرونهم.

وفي جميع الواحات التي يمر بها هذا الطريق في الشمال الغربي من شبه الجزيرة العربية مثل واحة مدين وواحة ديدن العلا التي ذكرت في الكتاب المقدس كان ملوك دولة معين يعينون ولاة من قبلهم لأدارة هذه الواحات التي كانت بمثابة جزء من الدولة المعينية وكان يطلق على الواحد من هؤلاء الولاة ، لقب (كبر)،(اي كبير) ويعهدون اليهم بإدارة هذه الواحات وحفظ الامن فيها وجمع الضرائب وارسالها الى عاصمة الدولة(قرناو).

والى جانب هؤلاء الولاة كانت توجد حاميات عسكرية وجاليات تتألف من الفئات التجارية وتضم جماعات من الافريقيين المجاورين الذين كانوا يمارسون التجارة مع المعينيين او السبئيين. وقد ادى توسع المعينيين في الشمال الى احتكاكهم بدول اشور وفينيقيا ومصر وكان الاشوريون يتعاملون مع حكام الواحات من المعينيين على اساس انهم (الملوك الجنوبيين) .

وفي وقت ازدهار الدولة المعينية كانت تخضع لسيطرتها المنطقة الممتدة من الحجاز الى فلسطين ولما وضعت دولة معين اقتصرت سيطرتها على منطقة (معين وصري) في شمال غربي بلاد العرب.

ملوك معين:

عن طريق الرحالة والبعثات العلمية امكن معرفة اسماء عدد من ملوك دولة معين ولكن هناك خلاف بين الباحثين حول فترة حكم هؤلاء الملوك.

ويرتب (هومل) ملوك دولة معين بأربع اسر منها ثلاث اسرات تضم كل منها ملوك اربعة ملوك والاسرة الرابعة تضم ملكين. ويرتبهم (جون فلبي) في خمس اسرات تفصل بين كل منها فترة غير معروفة ويضع (فلبي) على رأس الاسرة الاولى ملكا يدعي (الي يفع ورقة) ويجعل بداية حكمه في عام 1120ق.م، ويجعل (تبع كرب) (650- 630ق.م) آخر ملوك الاسرة الخامسة.

ويقدم (وليم اولبرايت) قائمة تضع سبعة عشر ملكا، وله قائمة اخرى في ثلاث مجموعات تضم المجموعة الاولى12ملكا، والثانية تضم6 ملوك، والمجموعة الثالثة تضم3 ملوك. ومن الملوك المعينيين المعروفين (اب يدع يثع) وفي عهده وقعت حرب بين الجنوب والشمال.

ومن ملوك دولة معين المتأخرين (يثع ال ريم) وابنه (تبع كرب) وفي عهدها خضعت دولة معين للنفوذ السياسي لدولة سبأ.

اهم المدن المعينية:

قرنا او معين : وهي العاصمة واهم المدن وتعرف ايضا بمعين وتقع على بعد حوالي سبعة كيلومترات من بلدة الخرم الحالية في منطقة الجوف.

ومن اهم آثار قرناو معبد(رصاف) الذي كان يقع خارج اسوار المدينة بالاضافة الى اثار مساكن في مواضع متفرقة من المدينة التي كانت آهله بالسكان حتى القرن الثاني عشر قبل الميلاد ثم تحولت الى خرائب وهجرها السكان.

براقش: وكانت مركزا دينيا هاما وكانت تسمى ايضا(يائل) او(وئلة) وهناك اختلاف بين الباحثين حول سبب تسميتها بهذا الاسم والبعض ينسبوها الى امرأة بهذا الاسم والبعض الاخر ينسبها الى كلبة اسمها (براقش).

نشان او يشن: وكانت تقوم في موضع (الخربة السوداء) حاليا وتشير الاكتشافات الحالية الى انها كانت مركزا صناعيا هاما.

_________

(1) الويس موسل ، ترجمة د. عبد المحسن الحسيني: شمال الحجاز ص1-2.