دولة لاجاش وحروبها التوسعية:

في حوالي عام 2500ق.م, انتقلت الزعامة على المدن السومرية الى مدينة لاجاش, في عهد (اريشكيجال) اقدم ملوكهم بعد ان قاد حركة استقلالها عن كيش.

وفي عهد (اورنانشي)الذب تولى الملك في حوالي عام 2480 ق.م انتعشت دولة مدينة لاجاش في المجالين الاقتصادي والعمراني, فشق قنوات جديدة للري وبنى عددا من المعابد للالهة, وقدم لها الأضحيات والهبات , وكان يساهم بنفسه في تشيد المعابد تكريما للالهة ومن مخلفاته المادية لوحة من الحجر نقش عليها رسمه مع جميع افراد اسرته ووزيره وخدمه يتقدمهم بنفسه حاملا على راسه سلة لنقل التراب وذلك رمزا لمساهمته في تشييد احد المعابد تكريما للالهة (1).

وكان(آي-اناتوم)(2449-2430) ق.م حفيد الملك (اورنانشي) اشهر ملوك الاسرة الحاكمة في لاجاش في المجال العسكري، كما لمع نجمه على الصعيد السياسي ونتيجة لانتصاراته العسكرية اصبحت مدينة لاجاش قبلة الدول السومرية فيما بينها.

وتدل الكتابات التي خلفها أي-اناتوم على انه قد صد هجوم شنه العيلاميون من جهة الشرق، في اول صدام سومري- عيلامي ترد اخباره وبعد ذلك شن أي- اناتوم الحرب ضد باتيزي(الخادم او الامير) مدينة اوما، لا قدامه على تعديل الحدود التي رسمها الملك ميزيليم وقبلتها مدينة اوما قبل اكثر من قرن ونص من الزمن بالاضافة الى منح قسم من الاراضي المخصصة للاله (نينجيرسو) الاله الحامي لمدينة لاجاش.

وعلى اثر ذلك قاد باتيزي اوما حلفا ضد لاجاش شاركت في مدينة اوروك في الجنوب ومدينة كيش او بيس في الشمال وتصدى أي-اناتوم لهذا الحلف، والحق الهزيمة بقواته في معركة فاصلة قتل بها باتيزي اوبيس وملكا كيش واور، وعقب ذلك خضعت لسلطانه جميع المدن السومرية في جنوب ووسط بلاد مل بين النهرين .

وقد صور الملك اى-اناتوم انتصاراته في مشاهد حية على نصب من الحجر الكلسي، يعتبر من اهم المخلفات المادية الفنية والتاريخية السومرية، كما يعتبر وثيقة تاريخية تجسد صورة حية من العلاقات الدولية التي كانت قائمة في ذلك العصر.

وفي كتابة النصب التذكاري اطلق أي-اناتوم على نفسه لقب (ناصر نينجيرسو) الذي (يحطم راس البلدان) باسم الربة السومرية(انين) ونطق باسمه الاله (انليل) (2) .

وبعد وفاة أي-اناتوم عاد باتيزي اوما الى تحرشاته بتحطيم الحدود مع لاجاش فنشبت الحرب من جديد بين البلدين طوال عهد اخيه (أي ناناتوم الاول) (2430-2415ق.م)وفي عهد ابنه (ان تيمينا)(2415-2400ق.م) وفي احدى المعارك الاخيرة لقى باتيزي اوما مصرعه، وانتهت الحرب بانتصار لاجاش ونصب ملكها احد الكهنة ويدعى (ايلي) على اوما كما اضفى الملك ان-تيمينا على نفسه لقب(كبير الكهنة).

زوال سلطة لاجاش وتفوق دولة اوما :

وفي عهد(أي-ناناتوم) (2400-2380ق.م) انهارت سلطة اسرة(اورنانشة) ونزلت مرتبة لاجاش من درجة الملكية الى مستوى الباتيزية، ولم ينجح باتيزي(اوركاجينا)(2365-2357ق.م) في تنفيذ إصلاحاته الاجتماعية، وثارت ضده معارضة قوية.

وفي هذه الفترة نهضت مدينة اوما لتثأر لنفسها واستطاع قادتها ان يدخلوا مدينة لاجاش وحطومها تماما وامعنوا في تعذيب اهلها وبعد ذلك نقل ملكها (لوجال-زاجيزي) (2357-2350ق.م) مقر ملكه الى مدينه اوروك.

وبعد ذاك تمكن (لوجال- زاكيزي) من مد سلطانه على بلاد سومر كلها وبدأ الهجوم على مدينة كيش وطلق على نفسه( ملك اوروك وملك البلاد) وكاهن الاله انو ورسول الربة نيسابا وباتيزي اليل الكبرى ثم مد فتوحاته الى ان وصل الى الاراضي السورية(3).

________

(1) د. توفيق سليمان: دراسات في حضارات غرب اسيا القديمة(ص102)

(2) د. توفيق سليمان: المرجع السابق, ص106.

(3) د. توفيق سليمان: المرجع السابق, ص115.