أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-10-2021
5724
التاريخ: 27-10-2016
2374
التاريخ: 27-10-2016
2604
التاريخ: 2-6-2022
3098
|
الآثار الاقتصادية غير المباشرة للنفقات العامة: لا يقتصر آثار النفقات العامة على الآثار الاقتصادية المباشرة فقط، وإنما تشمل أيضًا الآثار الاقتصادية غير المباشرة، التي يمكن أن تنشأ من خلال ما يعرف بدورة الدخل، فتحدث النفقات العامة آثارًا غير مباشرة في الاستهلاك القومي، من خلال الاستهلاك المولد، أي من خلال ما يعرف بأثر المضاعف أو الضارب، كما تؤدي النفقات العامة إلى آثار غير مباشرة من الإنتاج القومي، من خلال الاستثمار المولد، أي من خلال ما يعرف بأثر المعجل أو المسارع.
وسوف ندرس أثر كل منهما على التوالي:
١- أثر المضاعف: يعد “كاهن” أول من أدخل فكرة المضاعف في النظرية الاقتصادية، إذ حاول قياس العلاقة الكمية القائمة بين الزيادة في الاستثمار والزيادة في التشغيل؛ أي أن مفهوم المضاعف عند “كاهن” هو مضاعف التشغيل. أما الاقتصادي “كينز” فقد استخدم فكرة المضاعف لبيان أثر الاستثمار المستقل، أو الذاتي في الدخل القومي، من خلال ما يؤدي إليه هذا الاستثمار من زيادة الاستهلاك المولد في الاقتصاد القومي الذي بدوره يؤدي إلى زيادة الدخل القومي، بإضعاف الزيادة الأولية في الاستثمار المستقل، وهو ما يطلق عليه مضاعف الاستثمار الذي يعبر عن العلاقة بين الزيادة في الاستثمار المستقل والذاتي في الدخل القومي. ويمكن حسابه بالعلاقة التالية:
حيث
م = المعامل العددي- المضاعف
د = التغير في الدخل القومي
ث = التغير في الاستثمار.
وبناءً على ذلك، فإن مضاعف الاستثمار، هو العامل العددي الذي يبين مقدار الزيادة في الدخل القومي الناتجة عن الزيادة الأولية في الاستثمار المستقل، والاستثمار المستقل هو ذلك الاستثمار الزيادة في الدخل القومي. وغالبًا ما يكون الإنفاق الاستثماري العام استثمارًا مستقلا؛ لأنه يتحدد بموجب خطط استثمارية طويلة الأجل، ويأخذ في الحسبان، معايير مختلفة تمامًا عن المعايير التي يقوم عليها الإنفاق الاستثماري الخاص.
لقد قصر “كينز” تحليله لنظرية المضاعف على دراسة أثر الزيادة الأولية في الاستثمار في الدخل القومي، إلا أن الفكر الاقتصادي بعد “كينز”، اتجه إلى تعميم هذه النظرية، وأصبح بإمكاننا أن نعامل الإنفاق على الاستهلاك، التصدير، الإنفاق العام، المعاملة نفسها التي عاملها كينز للاستثمار، الذي اعتبره المتغير الأساسي في نظريته؛ أي أننا نستطيع أن ندرس مضاعف الإنفاق الحكومي الذي يقصد به المعامل الذي يبين مقدار التغيير في الدخل القومي الناجمة عن تغير الإنفاق الحكومي. فالتوسع في الإنفاق الحكومي، يؤدي إلى توزيع دخول جديدة، تتمثل في دخول عوامل الإنتاج )أجر، ريع، فائدة، ربح( يخصص المستفيدون من هذه الدخول جزءًا منها للإنفاق على الاستهلاك، يتوقف على الميل الحدي للاستهلاك، وجزءًا للإدخار، يتوقف على الميل الحدي للادخار ويؤدي هذا الجزء المخصص للاستهلاك إلى زيادة الطلب على سلع الاستهلاك، ويؤدي بالتالي إلى زيادة هذه السلع، ويؤدي إلى توزيع دخول جديدة، توزع بدورها ما بين الاستهلاك والادخار .
وهكذا تتوالى إلى الزيادة في الدخول الجديدة، من خلال دورة الدخل في سلسلة متتالية من الإنفاق الاستهلاكي المتناقص، وهو ما يعرف بالاستهلاك المولد، التي تشكل في مجموعها زيادة إجمالية في الدخل القومي، تفوق التوسع الأولي في النفقات العامة.
إذن مضاعف الإنفاق الحكومي، هو المعامل العددي الذي يوضح لنا مقدار الزيادة في الدخل القومي، التي تتولد عن الزيادة في الإنفاق الحكومي، من خلال ما تمارسه هذه الزيادة من تأثير على الإنفاق الاستهلاكي؛ أي أن أثر المضاعف يتوقف على الميل الحدي للاستهلاك، يزداد بازدياد الميل الحدي للاستهلاك، وينخفض بانخفاضه، ويمكن حساب مضاعف الإنفاق الحكومي من خلال العلاقة التالية:
حيث
م ح = مضاعف الإنفاق الحكومي، الحرف
ح = يرمز إلى الإنفاق الحكومي.
ب = الميل الحدي للاستهلاك في اﻟﻤﺠتمع.
أي أن مضاعف الإنفاق الحكومي، هو مقلوب الميل الحدي للادخار:
وبناءً على ذلك، فإن التغير في الدخل القومي الناجم عن الزيادة في الإنفاق الحكومي، يمكن حسابه من العلاقة التالية:
ويلاحظ من العرض السابق، أن نظرية المضاعف، تستند إلى ميل حدي لاستهلاك المجتمع في مجموعه، وهو ما يضفي على المضاعف صفة العمومية، وينتقد الاتجاه الحديث هذا الطابع العام للمضاعف، ويرى أن استخدام ميل حدي للاستهلاك، يمثل اتجاه اﻟﻤﺠتمع في مجموعه، يعتبر تبسيطًا يخالف الحقيقة والواقع الاقتصادي. ذلك أنه يسقط خصائص القطاعات والفئات المختلفة الأخرى، فالميل الحدي للاستهلاك يختلف من قطاع إلى آخر، ومن طبقة إلى أخرى، وهو ما يعني أن الآثار غير المباشرة للنفقات العامة، لا تتوقف فقط على الحجم الكلي للنفقات العامة؛ بل تتوقف أيضًا على الغرض منها، وعلى نوع المستفيدين منها، فإذا ما أفادت الزيادة في النفقات العامة الطبقات الفقيرة، أو ذات الدخل المحدود، والميل الحدي المرتفع للاستهلاك، كان أثرها أكبر في تلك النفقات العامة التي يستفيد منها الطبقات ذات الدخل المرتفع ، والتي ينخفض ميلها الحدي للاستهلاك.
ويكون المضاعف منخفضًا في الدول النامية، رغم ارتفاع الميل الحدي للاستهلاك فيها، وذلك
لضعف إمكانات الاستثمار الإنتاجي، ووجود كثير من العقبات التي تحول دون مرونة الجهاز
الإنتاجي. وهو ما يعني انصراف أثر المضاعف إلى الأسعار، فالمضاعف لا يحقق آثاره العينية، إلا في اقتصاد متقدم، يتمتع الجهاز الإنتاجي فيه بمرونة كافية، للاستجابة للزيادات المتتالية في الاستهلاك ومضاعفتها.
ومع ذلك يبقى لنظرية المضاعف ما يبرر لها الاعتماد على ميل حدي لاستهلاك واحد، للمجتمع في مجموعه، وهو ما يضفي على نظرية المضاعف في صورﺗﻬا العامة، ما لها من بساطة ووضوح وأهمية.
٢- أثر المعجل أو المسارع: لا تقتصر الآثار غير المباشرة للنفقات العامة في الإنتاج القومي، على الزيادة المتتابعة من الاستهلاك المولد، وإنما هناك آثار غير مباشرة أخرى، تحدث في الإنتاج القومي من خلال الزيادة التي تحدثها النفقات العامة في الطلب على الاستثمار، وهي ما يطلق عليها الاستثمار المولد أو التابع. أي ذلك الاستثمار الذي يشتق من الطلب على السلع الاستهلاكية. وهو ما يعرف بأثر المعجل أو المسارع، وتفصيل ذلك، إن الزيادة في الإنفاق العام ، تؤدي إلى زيادة الطلب على السلع النهائية الاستهلاكية، مما يدفع منتجي هذه السلع إلى زيادة إنفاقهم الاستثماري، لإنتاج تلك السلع التي ازداد الطلب عليها، بمعدل أكبر. ويمكن حساب المعجل، بقسمة التغير في الاستثمار )الزيادة( على التغير في الناتج القومي )الزيادة(.
ويتوقف أثر المعجل على ما يعرف بمعامل رأس المال (معامل الاستثمار)، أي على العلاقة الفنية بين رأس المال والإنتاج، وهو (معامل رأس المال) يحدد ما يلزم من رأس المال لإنتاج وحدة واحدة من سلعة ما أو صناعة ما؛ أي إذا ما ارتفع الطلب النهائي على سلعة ما، يقتضي هذا الارتفاع، زيادة الإنتاج لمقابلته، أي ضرورة التوسع، وبالنسبة نفسها في رأس المال المستخدم في إنتاج هذه السلعة. ولا تتوقف الزيادة عند هذا الحد، بل تؤدي إلى سلسلة متتالية من الاستثمارات المولدة . ويتوقف معامل رأس المال على الأوضاع الفنية التي تحكم الإنتاج، وهي تختلف حسب درجة الفن الإنتاجي، وتبعًا لطبيعة كل صناعة.
وتتحدد آثار المعجل بعدد من الاعتبارات أهمها، ما يتوافر من مخزون من السلع الاستهلاكية، وما يتوافر من طاقات إنتاجية عاطلة غير مستغلة، حيث أن وجود مثل هذا المخزون وهذه الطاقات المعطلة، يحد من أثر المعجل. كما تتوقف آثار المعجل على تقدير منتجي السلع الاستهلاكية لاتجاهات الزيادة في الطلب على هذه السلع، فيما إذا كانت اتجاهات الطلب ذات طبيعة مؤقتة أو طارئة، فإﻧﻬا لا تشجع هؤلاء المنتجين على زيادة حجم الاستثمار، أو إذا كانت ذات طبيعة مستمرة، فهي تؤدي إلى زيادة حجم الاستثمارات.
ونخلص مما تقدم، إلى أن هناك علاقة وطيدة تربط بين أثر كل من المضاعف والمعجل، يجب أن تؤخذ في الحسبان، عند دراسة الآثار التراكمية في كل من الدخل والاستهلاك والاستثمار التي يحدثها الإنفاق الحكومي الأولي، وكذلك المصدر الذي تعتمد عليه الدولة في تمويل الإنفاق العام، ويلاحظ أن تحليل أثر المضاعف والمعجل يتلاءم مع ظروف الدول المتقدمة التي تملك جهازًا إنتاجيًا مرنًا، يستطيع الاستجابة للزيادة في الطلب الناجمة عن زيادة الإنفاق العام.
ولا يتفق مع ظروف الدول النامية التي تملك جهازًا إنتاجيًا غير مرن . إلا أن هذه الدول تستطيع أن تدخل في حساﺑﻬا، وتستفيد من التفاعل والتداخل بين كل من المضاعف والمعجل، وهو ما يعرف بالمضاعف المزدوج أو المركب، الذي يؤدي إلى استمرار الحركة التراكمية للاستثمار المولد إلى ما وراء القيود التي يفرضها الميل الحدي للادخار الموجب على المضاعف، يؤدي إلى سرعة تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية(1).
_____________________
1- رفعت المحجوب، المالية العامة ١٩٩٠ ، مرجع سابق، ص ١٤٨ -154
عبد الكريم صادق بركات وآخرون، المالية العامة ١٩٨٦ ، مرجع سابق.
محمد سعيد فرھود، مبادئ المالية العامة، مرجع سابق، ص ١١٠- 114
عاطف صدقي، مبادئ المالية العامة، مرجع سابق، ص ١٥١- 154
Brochier et Tabatoni Economie Financière, Paris, 1959, pp. (434-457).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|