أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-29
937
التاريخ: 2023-04-16
1351
التاريخ: 27-10-2016
3345
التاريخ: 26-10-2016
1133
|
في عصر الأسرات الباكر تنافس حكام سومر على السيادة على نحو 12 مدينة وبضعة أميال مربعة من الأرض القابلة للزراعة, التي يحدها البحر جنوبًا وتنتهي عند كيش شمالًا, وكانت كل من ماري وأشور أجنبية بالنسبة لهم مثل عيلام؛ ولكن بعد سنة 1400 ق. م. بقليل تمكن الأمراء الساميون في وسط العراق من تغيير مجريات الأحداث؛ فلم يكتفِ سرجون وخلفاؤه بإخضاع دويلات المدن السومرية لسلطانهم؛ بل غزوا كل حوض دجلة - الفرات وأجزاء أخرى من البلاد المجاورة, كما أرسلوا بعثات في الخليج العربي وكونوا أول إمبراطورية عظيمة لبلاد النهرين. وقد استمرت هذه الإمبراطورية نحو قرنين ثم قضت عليها قبائل جبال زاجروس والثورات الداخلية, ولكنها ضربت مثلًا لا يُمْحَى عن إمكان وحدة بلاد النهرين ووصولها إلى حدودها الطبيعية التي أصبحت حلم كل الملوك بعد ذلك؛ فمن منتصف الألف الثالث ق. م. إلى سقوط بابل سنة 539 ق. م. يتمثل تاريخ العراق في محاولات هؤلاء الملوك لتحقيق هذا الغرض ومدى نجاحهم وفشلهم فيه.
ويختلف المؤرخون بشأن نشأة المملكة الأكدية؛ فمنهم من يرى أن وجود العنصر السامي في جنوب ووسط العراق يرجع إلى غزوة سامية حدثت في أوائل القرن الثامن والعشرين قبل الميلاد وكانت مدينة كيش أهم مسرح لها، وما إن استقر الأمر لهؤلاء الساميين حتى عملوا على توسيع رقعة سلطانهم ونجحوا في ذلك حتى استطاعوا أن يغيروا مجرى التاريخ في العراق القديم، ومن المؤرخين من يرى أن الساميين كانوا بالعراق منذ أقدم العصور وقد عاشوا جنبًا إلى جنب مع السومريين بدليل وجود أسماء سامية لملوك سلالة كيش الأولى؛ ولكنهم كانوا دون شك يكونون غالبية السكان في شمال العراق. ومهما كان الأمر فإن هذا العنصر السامي قد نجح إلى أبعد الحدود وتركز نشاطه في المنطقة الوسطى من بلاد النهرين, وقد عرفت هذه المنطقة باسم أكد؛ ولذا يطلق على الدولة التي أسسها سرجون فيها اسم الدولة الأكدية.
يرجع بعض المؤرخين حكمه إلى الفترة ما بين 2371-2316 ق. م؛ بينما يرى البعض الآخر أنه أنشأ مملكة موحدة حوالي سنة 2350 ق. م؛ ولكنهم جميعًا يتفقون في أنه حكم نحوًا من 55 عامًا على أي حال، ونظرًا لنجاحه الساحق فقد حِيكت حول نشأته الأساطير وخاصة لأنه لم يكن في طفولته شخصية معروفة، ومن المحتمل أنه كان من غلمان قصر ملك كيش ثم تدرج في سلك الوظائف حتى أصبح ساقيًا للملك "أور - زبابا" "ثالث ملوك أسرة كيش الرابع".
وبفضل ذكائه استطاع أن يصل إلى مركز سامٍ جعله يستحوذ على السلطة, وما لبث أن قضى على سيده وأعلن نفسه ملكًا على كيش، ثم بدأ في الكفاح ضد لوجال زاجيزي ملك أوما الذي سبقت الإشارة إليه(1) وتمكن من الانتصار عليه ثم شيد مدينة أكد وأخذ في تدعيم ملكه حتى أنشأ الإمبراطورية السامية الأولى؛ إذ إنه بعد أن نجح في ثورته على سيده وانتصاره على لوجال زاجيزي اتجه نحو الشمال واستولى على مدينة ماري "تل الحريري" ومنها اتجه نحو الشمال الشرقي إلى هضبة كركوك وأربيل, وبعد ذلك عاد إلى جنوب العراق حيث نشر نفوذه على مدينة أور السومرية, واستطاع أن يوحد العراق لأول مرة توحيدًا ظل مستمرًّا فترة طويلة نسبيًّا، وبعد أن وطد نفوذه في الداخل استولى على منطقة عيلام الواقعة في جنوب غرب إيران "أي: جنوب شرق العراق" وكانت عاصمتها سوسة، وتذكر وثيقة من تل العمارنة "وهي مكتوبة في عصر متأخر عن عصر سرجون" أنه عبر جبال طوروس إلى بلاد الأناضول وسيطر على جزء كبير منها، ويؤكد ذلك ما ورد في بعض الوثائق التي عثر عليها في أطلال بوغاز كوي, كما يحتمل أنه وصل إلى جزيرة قبرص. وهكذا نجد أنه حكم إمبراطورية مترامية الأطراف ظل يحكمها نحو 55 عامًا حتى حيكت حوله الأساطير، وأصبح في نظر الأجيال المتأخرة إلهًا، ومع هذا فقد أخذت نيران الثورة تشتعل ضده في جميع أنحاء الإمبراطورية قبل وفاته.
ومنذ عهد سرجون أخذت العناصر السامية تسيطر من الناحيتين السياسية والحضارية, وقد بدأت اللغة الأكدية المكتوبة بالخط المسماري تحتل مكانة رفيعة, حتى أصبحت اللغة الدولية في الشرق الأدنى القديم.
خلفاء سرجون:
خلف سرجون ابنه "ريموش" الذي اضطر للكفاح من أجل إعادة السلم في مختلف أنحاء مملكته؛ فقام بغزوات متلاحقة على كثير من أطرافها لكي يخمد الثورات فيها، ولم يستمر في الحكم طويلًا بل ذهب ضحية مؤامرة في السنة التاسعة من حكمه, وخلفه أخوه "مانيشتوسو" الذي استمر في كفاحه من أجل الإبقاء على الإمبراطورية التي شيدها أبوه, ولم يقتصر في ذلك على سياسة الغزو بل قام بتحسين الأحوال الاقتصادية والشئون الداخلية في البلاد، وقد حكم خمسة عشر عامًا ثم تبعه ابنه "نرام - سن Naram - sin" الذي تمكن من إعادة الاستقرار إلى إمبراطوريته الواسعة على الرغم من محاولة السومريين تفكيك وحدتها، وقد حكم "نرام - سن" نحوًا من أربعين عاما بذل فيها جهده في رفع شأن أمته؛ حيث شجع الفنون على اختلافها وحرص على تشييد دور العبادة وتعميرها، ومن أهم آثاره لوحه النصر, وهي تمثله على رأس جيشه منتصرًا على بعض القبائل الجبلية المعروفة باسم لولوبي "Lulubi" ومن آثاره كذلك لوحة حفرت في جبل عالٍ في منطقة ديار بكر شمال العراق, جاء فيها أنه هزم بلاد "ماجان" التي تحوي محاجر الديوربت، وقد استورد منها هذا الحجر ليصنع تمثالًا لنفسه. وكان بعض المؤرخين يشك في أن "ماجان" هي مصر؛ حيث إن النصوص البابلية كانت تشير إلى مصر باسم "مالوخا" الغنية بالذهب, كما يشكون في أن "نرام - سن" هاجم مصر في أوائل عهد الأسرة السادسة, ويستدلون على ذلك بأن ببي الأول كلف وزيره أوني بالدفاع عن مصر ضد غزوات قوية وجهت إليها في شمالها الشرقي؛ ولكن أوني استطاع أن يهزم العدو عند الحدود الشمالية الشرقية لمصر؛ إلا أن هذا الرأي بعيد عن الصواب؛ لأن ماجان كانت تطلق على منطقة عمان الواقعة جنوب شبه جزيرة العرب, وهي غنية بالحجر والنحاس.
وكان نرام سن آخر ملك قوي من الأكديين؛ حيث تبعه في الحكم ولده "شاركار شري" "وسار بالأكدية الإمبراطورية, وقامت الشعوب التي خضعت للأكديين تبغي إعادة استقلالها، كما انتهزت قبائل الجوتيين تعني: ملك" الذي كان ضعيفًا لم يستطع مجابهة الظروف؛ حيث اندلعت الثورات في أنحاء التي كانت تسكن في الجبال الشمالية الشرقية فرصة الضعف الذي مُنِيت به الإمبراطورية وزحفت على السهول الخصبة في بلاد النهرين, وقضت على حكم الإمبراطورية، وكان من قسوتها في حروبها أن ظل الناس في الأجيال التالية يذكرون فظائعهم لمدة طويلة، وقد وصف أحد الكتاب القدامى ذلك بقوله: "وحوش الجبال, الذين فتكوا بالناس, وسلبوا النساء من أزواجهن والأطفال من أمهاتهم, والذين اغتصبوا الحكم وقضوا على "سومر" بعد أن حملوا كنوزها معهم إلى الجبال".
وبعد أن استقر الأمر لهؤلاء الغزاة فضلوا العودة إلى وطنهم في الشمال
مكتفين بفرض الجزية على أهل المدن السومرية، وقد اتبعوا في حكمهم الأساليب التي استعملها الأكديون, ولم يغيروا شيئًا من النظم الحضارية فاستعملوا اللغة السومرية في رسائلهم ومكاتباتهم, وقد تفاخروا بتلقيب أنفسهم بلقب "ملوك الجوتي وأركان العالم الأربعة". ولم يصلنا عن حكمهم شيئًا اللهم إلا أسماء ملوكهم؛ فقد ذكرت لهم قائمة الملوك السومرية أسماء 21 ملكًا؛ ولكن خمسة فقط من هؤلاء هم الذين تركوا بعض النقوش ولم نعرف من النصوص التاريخية اللاحقة لعهدهم شيئًا عن الأحداث التاريخية في زمنهم, ولكنها مع ذلك تصفهم بالتعسف الشديد.
وكان لبعدهم في الشمال وتركهم تصريف الأمور لأبناء البلاد الأصليين أثر في إتاحة الفرصة لهؤلاء كي يعيدوا مجد الحضارة السومرية وأن ينهضوا من جديد؛ فظهرت في ميدان القوة بعض المدن السومرية وخاصة أور ولجش وغيرهما، ولم يستمر حكم الجوتيين أكثر من 110 أعوام تقريبًا.
_________
(1) انظر ص354.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|