أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2017
2091
التاريخ: 26-10-2016
1834
التاريخ: 13-1-2017
3101
التاريخ: 14-1-2017
2631
|
أشور : شمشي أدد الأول
يمثل شمشي أدد الأول (1814 – 1782) مرحلة حاسمة في تاريخ بلاد الرافدين فهو مؤسس الدولة الأشورية القديمة. فلم تكن اشور حتى ذلك الوقت سوى منطقة بعيدة تقع على هامش المنطقة المركزية في تاريخ بلاد الرافدين خلال الألف الثالث ق.م وهي سومر وأكد. ولم يكن لأشور دور سياسي كبير في البلاد ولكن كان لها دور اقتصادي هام ولها فعالية تجارية وصلت إلى سورية والأناضول. وكانت لها مع ذلك علاقات وثيقة ومتصلة مع المناطق الجنوبية فقد كانت تعيش على كل حال في وسط اجتماعي وثقافي (في اللغة والدين) مشابه لما مر ببلاد الرافدين. ومما يلفت النظر إلى المعبود السومري إنليل لم يكن له الا دور صغير في المعبد الاشوري. وهناك اختلاف في فن العمارة عما في الجنوب. ففي اشور تتوفر الحجارة، بينما كان الطين هو المادة الأساسية للبناء والعمارة في أكاد وسومر. وقد تطورت الكتابة المسمارية في الشمال حيث تشكل الخط الأشوري بينما اخذت كتابة بابل منحنى آخر إلا ان الاختلاف بين النموذجين طفيف وشكلي وتتمثل الوحدة الثقافية أساساً بالوحدة اللغوية بعد ان أضحت اللغة الأكدية اللغة المشتركة لكل بلاد الرافدين على أنقاض اللغة السومرية التي أخذت تتراجع بعد ان انتهى دور سومر السياسي نهائيا في هذا العصر.
ويمكن القول ان حكم شمشي أدد في اشور يمثل منعطفا تاريخيا ومثالا واضحاً على النجاح الذي حققته العناصر الامورية في شمال بلاد الرافدين كما كان دور حمورابي في جنوبها.
ينتمي شمشي أدد إلى عشيرة أمورية من تلك القبائل والعشائر الأمورية التي كانت تحركت من أمورو (عرب الفرات) منذ أواخر الألف الثالث ق.م وبدايات الألف الثاني نحو بلاد الرافدين كلها، طلباً للمرعى والاستيطان.
وفي ظروف المنازعات المستمرة التي تحدثنا عنها بين المدن البارزة ومتضاربة المصالح والأهواء لم يكن لهذه المدن القوة الكافية لإيقاف التسرب المستمر للبدو الأموريين. وقد استطاع هؤلاء ان ينتشروا بأعداد كبيرة وعلى نطاق واسع في بداية الألف الثاني ق.م واحتلت اسرات قوية عروش مدن هامة : ماري على الفرات وأشنونا على سفح زاغروس بينما استقرت قبيلة أمورية في مطلع القرن التاسع عشر في ضاحية صغيرة على ضفاف الفرات وهي بابل وقد كانت آنئذ قرية صغيرة لا تزيد على كونها محطة قوافل تجارية.
وفي هذا الانتشار الأموري الواسع كان أحد شيوخ العشائر وهو إبلا – كاكابو يحكم مملكة صغيرة هي ترقة (تل العشارة) الواقعة شمالي ماري. وعلى إثر صدام محتمل مع ماري من الممكن ان يكون إبلا – كاكابو قد اضطر في ظروف قاهرة إلى الخروج مع اسرته متجها شمالا عبر إيمار إلى منطقة الجزيرة وحوض الخابور في شمال شرقي الجزيرة ضوءا على تحركات شمشي أدد. فقد اتضح الآن في ضوء هذه النصوص المكتشفة حديثا (1987) ان تل ليلان (1) هو موقع (شباط إنليل) المقر الأول للملك الأشوري شمشي أدد قبل ان يستقر حكمه في مدينة أشور على انقاض حكم الاسرة الأكدية القديمة فيها.
وما تزال أحداث هذه الفترة محفوفة بالغموض، فبحسب قائمة الاسرات الحاكمة في أشور من الممكن ان يكون شمشي أدد قد اتجه إلى بابل وأقام فيها فترة من الوقت، وقد يكون مدينة إبكالاتوم مرحلة اخرى في طريقة قبل الاستيلاء على أشور. وقد أثرت اقامة شمشي أدد في بابل تأثيراً قوياً على توجهاته لإقامة علاقات حميمة بين اشور وبابل. ومن مؤشرات هذا التأثر الثقافي بالجنوب انتشار عبادة انليل في أيامه.
عمل الملك بعد ذلك على مد نفوذه إلى منطقة الخابور ثم اتجه إلى الفرات الاوسط حيث كانت ماري هي المدينة الاهم وملكها آنذاك هو يخدن ليم الذي لقي مصرعه في ظروف غامضة واضطر ابنه زمري ليم إلى الفرار واللجوء إلى حلب حيث حموه يريم ليم. وتفيدنا النصوص المستورة بأن منطقة الجزيرة والفرات حتى مصب البليخ كانت قد اصبحت منطقة نفوذ أشوري فعلي ويفهم من نصوص اخرى ان شمشي أدد قد استطاع كالفاتحين الأكديين قبل ان يصل إلى لبنان والبحار المتوسط (2).
ولكن التوسع الآشوري أوقف غرباً عند حلب وجنوبا عند اشنونا. والمهم ان اشور غدت اهم قوة في شمال بلاد الرافدين والجزيرة لكنها لم تكن قادرة على بسط سلطة فعلية على مناطق الجبال حيث كان الجبليون في زاغروس يتمتعون بقوة كبيرة. وبدا شمشي أدد كأنه خليفة ملوك أكد.
وقد أوكل الملك الاشوري إلى أولاده بعض المهام فجعل إشمي دجن المفضل عند أبيه حاكما على إيكالاتوم بمواجهة ملك أشنونا ولمراقبة تحركات قبائل زاغروس بينما عين ابنه الاخير يسمخ أدد نائباً للملك في ماري ومهمته مراقبة حركة البدو على الفرات وتحركات ملك حلب الذي كان يتزعم الحلف الأمور في سورية الشمالية. وقد قسمت الدولة إلى وحدات ادارية (مقاطعات ولايات)، على رأس كل منها حاكم يساعده عدد من الموظفين، وتولى الملك حكم العاصمة والادارة المركزية ولم يستقر في عاصمته وكان كثير التنقل بين المقاطعات الصغيرة والكبيرة. وتدل الوثائق الباقية على أنه كان ملكا قويا وأدار البلاد والولايات وتحول بنجاح باهر من قائد جماعات مسلحة محاربة إلى عاهل مسؤول ومؤسس لأسرة حاكمة ودولة. لكنه اهتم كثيرا بالمحافظة على مستوى استعداد قواته التي أقام لها ثكنات عسكرية دائمة وجند البدو من الخانيين في جيشه الذي ربما بلغ عدد أفراده 60,000 جندي. وكان تنظيم الدولة الأشورية ومؤسساتها شبيها بما كان معروفاً في ذلك العصر في الدول المعاصرة والمجاورة.
نجح شمشي أدد خلال حياته في المحافظة على قوة الدولة حتى اضطرت اشنونا نفسها إلى الاعتراف بنفوذه. ولكن بعد موته خرقت أشنونا تعهداتها وهاجمت رابيقوم على الفرات دون ان يستطيع إشمي دجن التدخل. واستطاع ملك ماري زمري ليم العودة إلى عرش آبائه بدعم من ملك حلب. وهكذا تقلصت أشور إلى حدودها الأولى وعاد المشهد السياسي إلى الانقسام من جديد.
حلب وماري وأشنونا كل منها يشكل دولة هامة في المنطقة لكن الخلافات والانقسامات هي التي أفسحت المجال لصعود بابل بعد ان تول الحكم فيها حمورابي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يدير بعثة التنقيب دكتور هارفي فيس (من جامعة يال). عثر على 1200 وثيقة مكتوبة بالمسمارية (الأكدية) حتى الآن ومنها وثائق دبلوماسية هامة لما يتم نشر محتواها بعد.
(2) النصوص الأشورية القديمة:
Die Inschri ften des altassyischen konige 1926, Leipzig, p 22, N 1 E.Ebeling.
B Meissner
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|