الآراميون(1) من الأقوام السامية ولا سيما الساميين الغربيين، حيث تؤلف لغتهم مع اللغة الكنعانية (الأمورية) والعبرانية كتلة اللغات السامية الغربية، كما مر بنا في كلامنا على الأقوام القديمة في حضارة وادي الرافدين. ويأتي الآراميون من بعد الأموريين أو ربما ضارعوهم في ضخامة هجراتهم وكثرة قبائلهم وتنقلها في بوادي الشام والاجزاء الشمالية من بلاد ما بين النهرين "الجزيرة". وأثر الآراميون تأثيراً واسعاً في تأريخ الشرق الادنى، سواء كان ذلك في التركيب السكاني أم اللغوي والحضاري. ونشأت بينهم وبين أقوام حضارة وادي الرافدين صلات كثيرة أثرت في كلا الجانبين تأثيرات قوية، وقد ساد تلك العلاقات الاصطدام والصراع ولا سيما مع الآشوريين، دام حقبة طويلة من الزمن. وقامت منهم جملة مشيخات أو سلالات حاكمة في بلاد بابل منذ مطلع الألف الأول ق.م، حتى ان مؤسسي الدولة الأخيرة التي قامت في بابل، وهي الدولة الكلدانية، كانوا من الآراميين. ولكن لا يعلم بوجه التأكيد متى ظهر ذكرهم في أخبار حضارة وادي  الرافدين(2) على أن التاريخ الشائع الذي يحدده المؤرخون لهجراتهم التاريخية الكبرى يقع ما بين القرنين الرابع عشر والثاني عشر ق.م. وكانوا من جملة مجموعات أو قبائل جاءت أسماء البعض منها في الكتابات الملكية الآشورية وفي رسائل العمارنة (القرن الرابع عشر ق.م)، أشهرها قبيلة الأخلامو أو الأحلامو التي سبق ذكرها(3)، وقبائل الـ "سوخر" والـ "سوتو". وقد سبق أن ذكرنا أن أقدم ما جاءنا عن اسم "آراميين" (الأحلامو الآراميون) في كتابات الملك الآشوري "تجلاتبليزر" الأول (1077- 1115 ق.م)، وهو الملك الذي استطاع أن يوقف اندفاع الآراميين إلى بلاد آشور. ولكن اسم قبائل الاخلامو أقدم من ذكر من هؤلاء الآراميين في المصادر الآشورية، حيث يذكر لنا الملك "أدد ــ نيراري" الأول (في حدود 1300 ق.م) أن أباه حارب جموع الأخلامو في شمالي ما بين النهرين(4). ونذكر من القبائل الآرامية التي اشتهرت في التاريخ القبيلة المسماة "كلدو" (وكذلك كشدو، وكاسديم) التي حلت في بلاد بابل. وتكونت منذ القرن الحادي عشر ق.م عدة مشيخات أو دويلات آرامية في الأجزاء الجنوبية من العراق، واشتهر من زعماء الآراميين في أواخر القرن السابع ق.م "نبو بولاسر" الذي كان حاكماً على الاجزاء الجنوبية وتابعاً لآشور بانيبال، الملك الآشوري، وأسس الدولة البابلية (سلالة بابل الحادية عشرة) وابنه الشهيرة نبوخذ نصر الثاني .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) من المستبعد أن يكون اسم الموضع الوراد بهيئة "آرامي" (Arami) وأسماء بعض الأعلام على هيئة "أرامو" (Aramu) في نصوص العصر الآكدي وسلالة "أور" الثالثة لها صلة بالآراميين بالنظر إلى قدم العهد، ولذلك فيرجح أن يكون ذلك مجرد تشابه لفظي. ولا يعرف بوجه التأكيد معنى الكلمة "أرامي"، على أنه قبل في معنى "أرام" و "ارم" (ولعل للكلمة الواردة في القرآن صلة بالآراميين)، إنها تعني النجد أو الهضبة أو مجرد الأرض، وقد أضيفت إلى عدة مواضع في بلاد الشام مثل "أرام النهرين" و "أرام دمشق" و "أرام صوبا" و "أرام معكة" و "فدان أرام" ومعظهما مذكورة في التوراة، كما ورد مصطلح بلاد الآراميين في الكتابات الآشورية من العصر الآشوري الوسيط. أنظر: ARAB, I, 73, 239, 366.

 (2) انظر الهامش في ص491، والمرجح أن "اخلامو" جمع "خلم"، أي حلف فيكون معنى اسم القبيلة "الاحلاف".

(3) المصدر السابق.

(4) ARAB, I, 73