أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-10-2016
2528
التاريخ: 23-10-2016
2002
التاريخ: 23-10-2016
3020
التاريخ: 19-10-2016
1611
|
من الامور المعروفة عن عصر فجر السلالات (2900-2371 ق.م) ان النصوص المدونة التي تتحدث عن احداثه السياسية قليلة، بحيث لا تمكن الباحث من تكوين صورة متكاملة عن السلالات التي حكمت فيه وتفاصيل علاقاتها السياسية باستثناء بعض العهود منه(1). ولهذا لم تشر تلك النصوص التي جاءتنا من المراحل الاولى لهذا العصر الى اسماء المواقع الجغرافية في بلاد الشام التي وصل اليها حكام هذا العصر(2) لان النصوص الكتابية لم تسجل الاحداث السياسية والعلاقات بين الدول والمدن الا في النصف الثاني من الالف الثالث ق.م. ذلك ان نصوص النصف الاول كانت مكرسة لتدوين الأعمال النذرية والشواهد البنائية، ولكن بعد ذلك اصبح الكتاب يقومون بتدوين المعلومات التاريخية والمعاهدات واخبار الحروب بين دويلات المدن السومرية في هذا العصر، وكذلك بعض الاصلاحات الاجتماعية التي عرفت فيه والمعروفة باسم اصلاحات اورو اينمكينا (اوروكاجينا)(3) وقد وصلتنا من اواخر الالف الثالث ق.م نسخة مما يعرف بجداول الملوك السومريين التي تتحدث عن السلالات والملوك الذين تتابعوا على الحكم في بلاد سومر منذ عهود قبل الطوفان(4)، ولهذا يكون الاعتماد الرئيسي على الاثار الفنية والمخلفات المادية الاخرى عند دراسة هذا العصر(5).
ومنذ خلال تعدد السلالات الحاكمة في هذه المرحلة التاريخية فقد اصطلح على تسميته (عصر فجر السلالات) أو (عصر دول المدن) مع تقسيمه الى ثلاثة ادوار هي:
فجر السلالات الاول: 2900-2800 ق.م
فجر السلالات الثاني: 2800-2600 ق.م
فجر السلالات الثالث: 2600-2370 ق.م(6).
فضلاً عن ذلك فقد سمي هذا العصر بتسميات أُخَر مثل عصر ما قبل سرجون (pre-Sargonic period) لأن هذا العصر يسبق زمن الملك الاكدي سرجون في الحكم، كما كان يسمى عصر اللبن المستوي المحدب (Plano-Convex bricks) لشيوع استعمال هذا النوع من اللبن في ابنية هذا العصر، كما يمكن تسميته بعصر الحضارة السومرية على الرغم من اختلاط الجزريين (الأكديين) الذين كانوا يتعايشون مع السومريين في السهل الرسوبي والذين ساهموا في بناء تلك الحضارة(7).
اما في بلاد الشام فتقع تلك الحقبة التاريخية ضمن مصطلح يطلق عليه العصور البرونزية وهي تقع في الالفين الثالث والثاني ق.م ((3200-1200ق .م)) ويقسم الى ثلاثة مراحل تاريخية (العصر البرونزي القديم ((3200-2000 ق.م))، والبرونزي الوسيط ((2000-1600 ق.م))، البرونزي الاخير ((1600-1200 ق.م)) ويتزامن العصر البرونزي القديم مع عصر فجر السلالات السومرية في بلاد الرافدين(8) وقد اصبح مصطلح العصر البرونزي اكثر شيوعاً في بلاد الشام اذ اعتمد الباحثون في ذلك على استعمال البرونز في الحياة اليومية ولأنعدام الوثائق المكتوبة في وسط بلاد الشام وجنوبها، أما مناطق شمال سوريا وحوض الفرات فارتبطت ارتباطاً وثيقاً بحضارة العراق القديم حتى انها اخذت احيانا التسميات المتعارف عليها لمواقع هذا العصر في العراق، وهذه دلالة اكيدة وواضحة على ان المنطقة كانت تؤلف وحدة حضارية مع بعضها(9). وجاء هذا بفعل الأتصال الحضاري من خلال الحركة التجارية النشطة بين المنطقتين والتي كان من نتائجها تفكير حكام وملوك العراق القديم في العهود التاريخية اللاحقة بالسيطرة على الطرق التجارية الرئيسة التي تربط بين المنطقتين من أجل تأمين المواد الأولية التي كانوا يحتاجونها في بناء حضارتهم(10).
وتساعد بعض النصوص التاريخية القليلة التي وصلتنا من هذا العصر على تقصي واقع الصلات السياسية بين بلاد الرافدين وبلاد الشام ودور حضارة بلاد الرافدين هناك ذلك اننا نقرأ الكتابات التي تعود الى الملك السومري (لوجال-انيموندو)، وهو أحد مولك مدينة ادب(11) وتؤرخ الى حوالي عام 2600 ق.م بان هذا الملك قد ضم عدة مناطق الى سيطرته ومنها (مارتو) أي المناطق الغربية و (بلاد جبال الارز) أي لبنان الحالية، فضلاً عن مناطق أخرى يذكرها النص ومنها بلاد عيلام في الشرق و(سوبير) في الشمال و(سوتي) و(أي-انا) في الوسط والجنوب، وسيطر على كل الهلال الخصيب من البحر المتوسط الى جبال زاكروس، ولهذا فانه لقب نفسه ملك الجهات الاربعة، ولكن هذا النص وصل الينا بنسخة واحدة وبعد ألف عام من زمن الاحداث التي سجلها(12). واذا ما تقصينا نص ملحمة كلكامش ذلك البطل الاسطوري الذي لم يعد هناك شك في وجوده التاريخي كملك حكم في مدينة الوركاء وكان تسلسله الخامس في سلالتها الاولى، حيث جاء ذكره مع اسم ابيه (لوكال بندا) في النصوص المكتشفة في مدينة شروباك (تل فارة)(13) التي ترجع بتاريخها الى مطلع عصر السلالات الثالث(14)، نرى ان هذا الملك قد وصل الى جبال الارز وقاتل خمبابا ويرد ذكر جبل حرمون الذي ورد في النصوص المسمارية باسم ساريا (Saria) وهذه الملحمة تشير لنا اشارة واضحة على صلة بلاد سومر ببلاد الشام في هذا العصر(15)، ولعل جلجامش كان يحلم بإقامة حكم موحد مركزي يمتد من الخليج العربي الى البحر المتوسط، ولكن هذا الحلم لم يتحقق رغم النجاح الذي احرزه في حملته(16).
ونستنتج من ثبت الملوك السومريين ومن خلال ذكر سلالة ماري ان منطقة الفرات الاوسط كانت ترتبط ارتباطاً وثيقاً ببلاد سومر، حيث قام أي اناتم (2454-2425 ق.م) ملك لجش بضم منطقة ماري الى سلطته بعد ان انتصر على حلف دخلته الى جانب مدينتي كيش واكشاك(17) للحد من سيطرته ونفوذه السياسي، ولكن أي إناتم حقق الأنتصار على هذا الحلف في موقعة التاسورا (AL-tasura)(18)، وبعد ان سيطر على ماري منحه أهل تيدنوم (وهو الاسم المرادف لتسمية ((مارتو)) السومرية والتي تعني ((الغرب)) لقب لوما (Lumma)(19).
غير ان مدة قرن من الزمن التي تلت حكم هذا الملك اتسمت باضطراب الاوضاع السياسية في بلاد سومر، وصاحب ذلك ظهور حاكم قوي في مدينة ماري وهو انبو (Anbu) فحدث الصدام بين لجش وماري، وكانت النهاية في صالح ماري حيث استطاع انبو ان يسيطر حتى على مدينة الوركاء(20)، وبهذا فانه سيطر على بلاد سومر وحكمها ستة ملوك من ماري لمدة 136 عاماً حسب ما تذكره قائمة الملوك السومرية(21).
___________
(1) باقر، طه، مقدمة…، ج1، ص 256.
(2) كلينغل، هورست، تاريخ سورية السياسي 3000-300 ق.م، ص 53-54.
(3) كريمر، صموئيل نوح، السومريون، ص 46-47.
هذه القراءة الجديدة لهذا الاسم انظر:
Lambert, W. G., “The reading of the name uru KA-gi-na”, Orientalia, vol. 39, (Roma, 1970), P. 419.
()Jacobson, Th., The Sumerian king list. (chicago, 1939).
وحول الطوفان انظر:
علي، فاضل عبد الواحد، الطوفان في المراجع المسمارية، ط2، (دمشق، 1999).
(4) باقر، طه، مقدمة…، ج1، ص 256.
(5) باقر، طه، مقدمة…، ج1، ص 156.
(6) المصدر نفسه، ص 255.
(7) ابراهيم، معاوية، المؤتمر الخامس عشر للأثار والتراث الحضاري في الوطن العربي، ص 173.
(8) المصدر نفسه، ص 174.
(9) Dalley, S., Mari and Karana Two Old Babylonian Cities, P. 3 f.
(10) تقع هذه المدينة في جنوب العراق في منتصف الطريق بين تلو ونفر ويسمى موقعها حالياً بسماية. انظر:
اوبنهايم، ليو، بلاد ما بين النهرين، ترجمة سعدي فيضي، بغداد، 1981، ص475.
(11) كريمر، صموئيل نوح، السومريون، ص 68-69.
(12) تقع على بعد 30 كم الى الغرب من مدينة اوما (جوخة) الواقعة على بعد 10 كم غرب نهر الغراف وقضاء الرفاعي. انظر:
بوتير، جان، بلاد الرافدين، الكتابة- العقل- الالهة، ص 369.
(13) باقر، طه، مقدمة…، ج1، ص 309-310.
(14) باقر، طه، ملحمة كلكامش، ط3، ص179-180.
(15) كونه، كورد، "سورية-بلاد الرافدين-اسيا الصغرى في الالف الثالث والثاني قبل الميلاد"، الاثار السورية، (فينا، 1985)، ص 311.
(16) من المدن السومرية القديمة ولا يعرف مكانها بالتأكيد حيث يرى بعض الباحثين ان تل خفاجي في منطقة ديالى هو بقايا هذه المدينة، بينما يرى اخرون ان اطلال تل عمر الواقع على الضفة اليمنى لنهر دجلة مقابل طيسفون هو موضع المدينة. انظر:
سوسة، أحمد، تاريخ حضارة وادي الرافدين، ج2، (بغداد، 1986)، ص 342.
(17) لمبرت، موريس، "عصر ما قبل سرجون"، ترجمة فرج بصمجي، سومر، م8، 1952، ص 91.
(18) كريمر، صموئيل نوح، السومريون، ص 73.
(19) لمبرت، موريس، سومر، م8، 1951، ص 57.
(20) رو، جورج، العراق القديم، ص 196.
(21) الأحمد، سامي سعيد، العراق القديم، ج1، ص257.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|