أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-8-2016
782
التاريخ: 26-8-2016
560
التاريخ: 26-8-2016
866
التاريخ: 25-8-2016
533
|
ما يستقل بحكمه العقل ، كوجوب قضاء الدين ، ورد الوديعة ، وحرمة الظلم ، واستحباب الاحسان ، ونحو ذلك.
كذا ذكره المحقق في المعتبر (١) ، والشهيد في الذكرى (٢) ، وغيرهما.
وحجية هذه الطريقة : مبنية على الحسن والقبح العقليين (٣).
والحق ثبوتهما ، لقضاء الضرورة بهما (٤) في الجملة ، ولكن في إثبات الحكم الشرعي ـ كالوجوب والحرمة الشرعيين ـ بهما (٥) ، نظر وتأمل.
والواجب العقلي : ما يستحق فاعله المدح ، وتاركه الذم.
والشرعي : ما يستحق فاعله الثواب ، وتاركه العقاب.
وعكسه الحرام فيهما.
ووجه النظر امور :
الاول : أن قوله تعالى : {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] ظاهر في أن العقاب لا يكون إلا بعد بعثة الرسول (6) فلا وجوب (7) ولا تحريم إلا وهو مستفاد من الرسول صلى الله عليه وآله .
فإن قلت : يجوز أن يستحق العقاب ، ولكن لا يعاقبه الله تعالى إلا بعد بيان الرسول أيضا ، ليتعاضد (8) العقل والنقل ، لطفا منه تعالى.
قلت : ظاهر أن الواجب شرعا مثلا ما يجوز المكلف العقاب على تركه ، فلا يتصور وجوب شرعي مثلا عند الجزم ـ بسبب إخبار الله تعالى ـ بعدم العقاب ، ولا يكون (9) حينئذ إلا (10)الوجوب العقلي.
الثاني : ما ورد من الأخبار : كما رواه الكليني عن : « عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان الاحمر ، عن حمزة بن الطيار ، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال : قال لي : اكتب ، فأملى علي : أن من قولنا أن الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم ، ثم أرسل إليهم رسولا ، وأنزل عليهم الكتاب ، فأمر فيه ونهى أمر فيه بالصلاة والصيام ... » (11)الحديث.
والتطبيق : كما مر.
وأيضا : قد نقل تواتر الأخبار بأنه لم يتعلق بأحد تكليف إلا بعد بعث (12) الرسول ، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42] ، وبأنه على الله بيان ما يصلح الناس وما يفسد ، وبأنه لا يخلو زمان عن إمام معصوم ، ليعرف الناس ما يصلحهم وما يفسدهم.
والظاهر منها : حصر العلم بهما في ذلك ، وبأن أهل الفترة وأشباههم معذورون ، ويكون تكليفهم يوم الحشر (13).
وأيضا : قد ورد : « كل شيء مطلق ، حتى يرد فيه نهي » رواه ابن بابويه في الفقيه ، في تجويز القنوت بالفارسية (14).
فيفهم دخول غير المنصوص (15) في المباح.
الثالث : ما عليه أصحابنا (16) ، والمعتزلة (17) ، من أن التكليف فيما يستقل به العقل لطف ، والعقاب بدون اللطف قبيح ، فلا يجوز العقاب على ما لم يرد فيه من الشرع نص ، لعدم اللطف فيه حينئذ.
وأيضا : العقل يحكم بأنه يبعد من الله تعالى توكيل (18) بعض أحكامه (19) إلى مجرد إدراك العقول ، مع شدة اختلافها في الادراكات والاحكام ، من غير انضباطه بنص وشرع ، فإنه يوجب الاختلاف (20) والنزاع ، مع أن رفعه من إحدى الفوائد في إرسال الرسل ، ونصب الاوصياء عليهمالسلام.
فعلى ما ذكرنا ، يشكل التعلق بهذه الطريقة في إثبات الاحكام الشرعية غير المنصوصة.
لكن الظاهر : أنه لا يكاد يوجد شيء يندرج في هذه الطريق إلا وهو منصوص من الشرع ، ففائدة هذا الخلاف نادرة ، والله أعلم.
الرابع : ما ر واه الكليني في الصحيح : « عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : بني الاسلام على خمسة أشياء ـ إلى أن قال ـ أما لو أن رجلا قام ليله ، وصام نهاره ، وتصدق بجميع ماله ، وحج جميع دهره ، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه (21) ، ما كان له على الله حق في ثوابه ، ولا كان من أهل الايمان » (22) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
وهذا الخبر (23) إنما يدل على أن الاحكام العملية (24) تتوقف على الشرع ، وكأنه هو الحق، للنصوص المطلقة الدالة على تعذيب الكفار بشركهم وكفرهم ، الشاملة لأهل الفترة وغيرهم ، فلو كانت المعارف الفطرية موقوفة على الشرع من حيث الوجوب ، لم يثبت تعذيب الوثني من أهل الفترة.
فإن قلت : الواجب العقلي : هو ما يكون تاركه مذموما عند كل عاقل وحكيم ، والحرام العقلي ما يكون فاعله مذموما كذلك ، فالحرام العقلي ـ مثلا ـ لابد وأن يكون مكروها وممقوتا لله تعالى ، وليس الحرام الشرعي إلا ذلك ، لان فاعل فعل ، هو مكروه عند الله تعالى ، ممقوت له تعالى ـ مستحق لعقابه ضرورة.
قلت : الحرام الشرعي : ما يجوز المكلف العقاب عليه ، ولا يكفي مجرد الاستحقاق ، وإن علم انتفاؤه بسبب ما ، كإخباره بذلك.
وأيضا : بداهة استلزام المكروهية عند الله تعالى لاستحقاق عقابه ، محل نظر ومنع.
فإن قلت : فإذا كان الامر على ما ذكرت ، فلم لم تحكم بعدم حجية هذه الطريقة على البت؟! بل جعلت حجيتها محل التأمل ، المشعر بالشك والتردد.
قلت : وجه التردد مما مر ، ومن : أن إخباره تعالى بنفي التعذيب ، فيما هو مذموم ومكروه عنده ـ إغراء منه تعالى للمكلف على هذا المذموم ، وهو قبيح (25) ، ونقض للغرض ، وحينئذ لا يكون ما يندرج في هذه الطريقة مندرجا في قوله تعالى : {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] وحينئذ ، فيبقى (26) الكلام في صحة الملازمة المذكورة ، وعدمها.
وقد قال السيد المرتضى رحمه الله في الذريعة : « وأما حد المحظور : فهو القبيح الذي قد اعلم المكلف ، أو دله على ذلك من حاله » (27).
وذهب الفاضل الزركشي في شرح جمع الجوامع (28) إلى : أن الحسن والقبح ذاتيان ، والوجوب والحرمة شرعيان ، وأنه لا ملازمة بينهما ، فقال : « تنبيهات :
الاول : أن المعتزلة لا ينكرون أن الله تعالى هو الشارع للأحكام ، إنما يقولون : إن العقل يدرك أن الله تعالى شرع أحكام الافعال بحسب ما يظهر من مصالحها ومفاسدها ، فهو طريق عندهم إلى العلم بالحكم (29) الشرعي ، والحكم الشرعي تابع لهما ، لا عينهما ، فما كان حسنا جوزه الشرع ، وما كان قبيحا منعه ، فصار عند المعتزلة حكمان : أحدهما عقلي ، والآخر شرعي تابع له ، فبان أنهم لا يقولون : إنه ـ يعني (30) العقاب والثواب ـ ليس بشرعي أصلا ، خلافا لما توهمه (31) عبارة المصنف ، وغيره.
والثاني : ما اقتصر عليه المصنف من حكاية قولين (32) ، هو المشهور ، وتوسط قوم ، فقالوا : قبحها ثابت بالعقل ، والعقاب يتوقف على الشرع ، وهو الذي ذكره أسعد بن علي الزنجاني من أصحابنا ، وأبو الخطاب من الحنابلة ، وذكره الحنفية ، وحكوه عن أبي حنيفة نصا ، وهو المنصور ، لقوته من حيث الفطرة ، وآيات القرآن المجيد ، وسلامته من الوهن والتناقض ، فههنا أمران : الاول إدراك العقل حسن الاشياء وقبحها ، الثاني ، أن ذلك كاف في الثواب والعقاب ، وإن لم يرد شرع ، ولا تلازم (33) بين الامرين ، بدليل ، ( ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم ) أي : بقبيح فعلهم (34) {وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} [الأنعام: 131] أي : لم تأتهم الرسل والشرائع ، ومثله : {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} أي : من القبائح {فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا...} [القصص: 47] » انتهى كلام الزركشي (35).
وليس الغرض من نقل هذا الكلام الاحتجاج به ، بل التنبيه (36) على أن الملازمة المذكورة مما قد تكلم عليه جماعة من أهل البحث والنظر.
واعلم أن المحقق الطوسي ، ذكر في بعض تصانيفه : « أن القبيح العقلي ما ينفر الحكيم عنه ، وينسب فاعله إلى السفه » (37).
وقال بعض المتأخرين من أصحابنا (38) : « لا يقال قوله عليه السلام « كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي » يبطل الحسن والقبح الذاتين.
لانا نقول : ههنا مسألتان : الأولى الحسن والقبح الذاتيان ، والاخرى الوجوب والحرمة الذاتيان ، والذي يلزم من ذلك بطلان الثانية لا الأولى ، وبينهما بون بعيد ، ألا ترى أن كثيرا من القبائح العقلية ليس بحرام في الشريعة ، ونقيضه (39) ليس بواجب » إنتهى كلامه.
وفي آخر كلامه نظر ظاهر.
وقال السيد أيضا في الذريعة ـ في إثبات إباحة ما لم يرد به شرع ، بعد ادعاء انتفاء المضرة العاجلة ـ : « وأما المضرة الآجلة : فهي العقاب ، وإنما يعلم انتفاء ذلك ، لفقد السمع الذي يجب أن يرد به لو كان ثابتا ، لان الله تعالى لا بد أن يعلمنا ما علينا من المضار الآجلة التي هي العقاب ، الذي يقتضيه قبح الفعل (40) ، وإذا فقدنا هذا الاعلام ، قطعنا على انتفاء المضرة الآجلة أيضا » (41)
______________
١ ـ المعتبر : ١ / ٣٢.
٢ ـ الذكرى : ٥ / المقدمة / الاصل الرابع / القسم الاول.
٣ ـ كذا في أ و ب و ط ، وفي الاصل : العقلي.
٤ ـ كذا في أ و ب و ط ، وفي الاصل : به.
٥ ـ كذا في ب و ط ، وفي الاصل وأ : بها.
6 ـ كذا في ط ، وفي سائر النسخ : الرسل.
7 ـ في أ و ط : ولا وجوب.
8 ـ في أ : لتعاضد.
9 ـ كذا في ط ، وفي سائر النسخ : بل لا يكون.
10 ـ كلمة ( إلا ) : ساقطة من ط.
11 ـ الكافي : ١ / ١٦٤ ـ كتاب التوحيد / باب حجج الله على خلقه / ح ٤.
12 ـ في ط : بعثة.
13 ـ روى ابن بابويه في كتاب الخصال بسنده « عن زرارة ، عن أبي جعفر (ع) ، قال : إذا كان يوم القيامة احتج الله عز وجل على خمسة : على الطفل ، والذي مات بين النبيين ، والذي ادرك النبي وهو لا يعقل ، والابله ، والمجنون الذي لا يعقل ، والاصم والابكم. فكل واحد منهم يحتج على الله عز وجل ، قال : فيبعث الله عز وجل اليهم رسولا ، فيؤجج لهم نارا فيقول لهم: ريكم يأمركم أن تثبوا فيها ، فمن وثب فيها كانت عليه بردا وسلاما ، ومن عصى سيق إلى النار. ( منه رحمه الله ). الخصال : ٢٨٣ / باب الخمسة ح ٣١.
14 ـ الفقيه : ١ / ٣١٧ ح ٩٣٧.
15 ـ في ط : الخصوص.
16 ـ الذريعة : ٢ / ٧٠١ ـ ٧٠٢ ، تقريب المعارف : ٧٧ ، كشف المراد : ٣١٩ ، ٣٢٤ ، ٣٢٧.
17 ـ المواقف : ٣٢٣ بضميمة ما في ص ٣٢٨ ، حاشية السيالكوتي على شرح المواقف : ٣٩٣ ـ ٣٩٩.
18 ـ كذا في أ و ط ، وفي الاصل و ب : وكول.
19 ـ في أ و ط : أحكام.
20 ـ في أ : الاختلافات.
21 ـ هذا محل الشاهد من الخبر ، إذ لو كان للعقل دلالة لم يوجب اخذ جميع الاعمال بدلالة الامام ( هامش نسخة ط ).
22 ـ الكافي : ٢ / ١٨ ـ كتاب الايمان والكفر / باب دعائم الاسلام / ح ٤.
23 ـ في أ : الاخير.
24 ـ في أ و ط : العلمية.
25 ـ في ط : قبح.
26 ـ في أ : فبقي.
27 ـ الذريعة ٢ / ٨٠٨ ، لكن فيه : أو دل.
28 ـ المسمى ب : تشنيف المسامع بجمع الجوامع.
29 ـ كذا في المصدر المنقول عنه النص ، وفي النسخ كما يلي : فهما عدهم مؤديان إلى العلم بالحكم ( بالاحكام خ ل ).
30 ـ كذا في المصدر ، وفي النسخ : بمعنى.
31 ـ كذا في المصدر ، وزاد في النسخ في هذا الموضع كلمة : ظاهر.
32 ـ كذا في المصدر ، وفي النسخ : قولهم.
33 ـ كذا في المصدر ، وفي النسخ : ولا ملازمة.
34 ـ كذا في المصدر ، وفي النسخ : أي بقبح فعلهم ( افعالهم خ ل ).
35 ـ تشنيف المسامع : ١ / ١٣٣ ـ ١٣٩.
36 ـ في ط : للتنبيه.
37 ـ حكاه عنه في : الفوائد المدنية : ١٦١.
38 ـ وهو المحدّث الأمين الاسترآبادي : الفوائد المدنية : ١٦١.
39 ـ في أ و ط : فنقيضه.
40 ـ كذا في المصدر المنقول عنه النص ، وفي النسخ : العقل.
41 ـ الذريعة : ٢ / ٨١١ ـ ٨١٢.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|