البحار و التقنية الحيوية

تشغل البحار حوالي 70% من سطح الأرض وهي غير مستغلة بشكل امثل من ناحية التقنية الحيوية، لذلك وجد ما يسمى بالتقنية الحيوية البحرية Marine Biotechnology للاهتمام بها. وتمثل الاحياء البحرية مجموعة مهمة ذات مواصفات جديرة بالاهتمام لإنتاج المواد الفعالة، ولذا يخطط لاستغلال هذه البيئات بالشكل الامثل في انتاج الأدوية، اضافة الى ان دراسة احياءها وفهم طريقة نموها وأي معلومات اخرى ستشارك في ايجاد وتطوير الأدوية والمواد التي ستستعمل في المستقبل.

اما من النواحي الاخرى فان البحار تمثل مصادرا جيدة للأغذية وقد استغلت بشكل كبير من هذه الناحية وأصبح الصيد الجائر هو السمة الغالية، مما يجعلها غير قادرة على تلبية حاجة سكان العالم وعليه بدأت دراسة البحار لاستعادة عافيتها ويساهم في ذلك كل من التقنية الحيوية والهندسة الوراثية في هذه الجوانب من خلال :

• تطوير الدراسات في مجال علوم الاسماك لتحديد التجمعات الطبيعية وتداخلها مع بعضها اضافة الى ايجاد اصول التجمعات السمكية ودراسة كفاءة بعض الاصول.
• تطوير عددا من الفحوص لاختبار سلامة لحوم الاسماك البحرية والكشف عن وجود الممرضات البشرية فيها أي تلوثها بعد الصيد.

ومنها تطوير المجسات الحيوية التي تستعمل كأنظمة انذار مبكر في تحديد سلامة اللحوم ومن ورائها سلامة البيئة، لان بعض الطحالب البحرية تظهر فيها ظاهرة العنفوان خاصة الانواع السامة مما يسبب العديد من الوفيات التي يكون مصدرها البيئات البحرية، وهناك مجسات تحذر من ازدياد بعض الواسمات او المواد الحيوية كي يتم الاستعداد لمعالجتها، ومن جهة ثانية هناك بعض الاحياء البحرية تساعد في تنظيف البيئة البحرية عند ترسب المواد السامة فيها لذلك يمكن ان تنقل الى مواقع الخطر للمعالجة.

وقد تم تأسيس مراكز تعنى بالتقنية الحيوية البحرية تجوب البحار والمحيطات لإجراء المسح والتحري والبحث عن مضادات حيوية جديدة ومضادات للسرطان ومضادات للملاريا وغيره من الأدوية وقد لاقت نجاحا كبيرا وذلك لان البيئات البحرية تمثل تطرفا واسعا في الظروف مثل الحرارة والضوء والضغوط الناتجة من اختلاف العمق.

التنوع الحيوي في البحار

ان 70% من سطح الأرض المغطاة بالمياه، المستغل منها في مجال التقنية الحيوية لا يمثل الا 1% ، ومنها 60% من البحار تقع في المناطق المغطاة بعمق 2000 متر وبمعدل ملوحة يعادل 0.6 مول كلوريد الصوديوم، وحرارة تتراوح بين 2- الى 115م◦. تشير الدراسات الى وجود حوالي 10 ملايين من أنواع الاحياء في قعر المحيط، 60% منها لم يتم وصفها بعد.

اما البحار المتجمدة والتي تشكل 7% من سطح الأرض فهي تحوي العديد من البيئات الموضعية التي توجد فيها أنواع مختلفة من التجمعات الميكروبية، وتمثل البكتريا أهمها لأنها أكثر الاحياء المحبة للبرودة الموصوفة لحد الآن ومنهاPolaromonas . Gelidobacter , Psychroserpens , Octadecobacter , Colwellia , Polaribacter , Psychroflexus , Icebacter

والجدول التالي يوضح اهم البيئات البحرية والإمكانيات في استغلالها في التقنية الحيوية . والأنواع التي اكتشفت تمثل الممالك الثلاث وهي بدائية النواة وحقيقية النواة والأركيا وكذلك الفيروسات، والاحياء عزلت من أعماق مختلفة وصل بعضها الى 11000 متر، واكثر الطرق التي كشفت عن التنوع الحيوي كان باستعمال تواليات DNA اذ ان العديد منها لا يمكن زراعته.

جدول: البيئات البحرية المهمة في التقنيات الحيوية

وتظهر بين الاحياء ظاهرة التعايش التي تكون واضحة ومهمة للأحياء البحرية في ظل زيادة التنوع الحيوي الموجودة في البحر، وتتعايش الاحياء من مختلف الممالك مع بعضها، مثل تعايش البكتريا مع الاركيا، او تعايش البكتريا مع الاحياء حقيقية النواة مع بعضها، فكل انواع التداخلات المعروفة يمكن ان يوجد في البيئات البحرية، ودراسة علاقات التعايش وطريقتها يمكن ان تعطي بعض المؤشرات عن نوعية المواد التي تفرزها الاحياء والتي يمكن استغلالها كأدوية او غيرها من الامراض.

إمكانيات البيئات البحرية

تمثل البيئات البحرية وجود تطرف في العديد من العوامل، وتمتاز بفقرها للمواد الغذائية Oligotroph وبشكل عام تتصف احياءها باحتوائها على جينومات صغيرة  وكذلك صغر حجم الخلايا. ومن أهم مجامع الاحياء التي تضمها هي الاحياء المحبة للضغوط العالية لان مثل هذا العامل نادرا ما يتطرف على سطح الأرض.

المصادر

الخفاجي , زهرة محمود (2008) . التقنية الحيوية الميكروبية (توجهات جزيئية ) . معهد الهندسة الوراثية والتقنية الحيوية . جامعة بغداد .