أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-04-2015
2848
التاريخ: 23-04-2015
2494
التاريخ: 2024-05-07
669
التاريخ: 23-04-2015
2105
|
المتحدث عن الإعجاز التشريعي جدير به أن يقف أولا مع تشريعات القرآن الكريم في شتى مناحي الحياة ، ومختلف جهاتها ، وقد يجد نفسه مضطراً الى الإلمام بما جاء في السنة المطهرة من تشريعات ، فن القرآن الكريم كثيرا ما تذكر فيه الأحكام مجملة ، فتأتي السنة لتشرح هذه القواعد وتفصل ذلك الإجمال فالسنة – إذن – ليست أجنبية عن القرآن ، بل هي شارحة مبينة .
وجدير به ثانياً أن يدرس ما وصل إليه العقل البشري من قوانين وأنظمة في مناحي الحياة المختلفة ، وجوانبها المتعددة .
وجدير به ثالثاً أن يعقد موازنات منصفة بين التشريعات القرآنية ، التي جاء بها سيدنا محمد (صلى الله عليه واله) النبي الأمي في بلد لم تكن فيه معاهد ولا مدارس وفي أمة لم تنعم بما نعمت به الأمم الكثيرة من انواع المعارف .
وسيجد أي باحث منصف ، البون الشاسع بين تشريعات القرآن الكريم من حيث سموها وشمولها ، وما فيها من نظرة إنسانية ، وخلو من السلبيات والثغرات والمآخذ ، وأقول سيجد فرقاً بين تشريعات القرآن الكريم وبين غيره من القوانين التي بذلت في تنقيحها طاقات ، وعملت أفكار وعقول . ولسنا نحيف على هذه القوانين ، فنجردها من كل خير ، وكلننا – ونحن لا نبخس الناس أشياءهم – سنجدها غير بالغة من حيث مقرراتها ومضامينها من بلغه كتاب الله ، لا وهي قريبة منه في كثير من الشؤون والأحكام . ولا نتعجل الحكم ، وسندعك أيها القارئ تستنتج بفكرك ، وتخلص بفطرتك الى سمو التشريعات القرآنية ، لتدرك أن شريعة القرآن برهان صدقٍ ودليل حق على أنه من عند الله .
يقول الشيخ محمد أبو زهرة : ومن أجل أن نتبين قيمة ذلك الشرع في ذاته ، ونظر الناس يجدر بنا أن نرجع الى الماضي السحيق ونتطلع الى المستقبل البعيد .
اما في الماضي فنجد أن الشرع الذي اقترن بظهور محمد الرسول الامين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم هو قانون الرومان ، فقد كان الشرع المسيطر في التطبيقات العملية ، والفضائية في الشام ومصر وغيرها من البلدان التي تعاقبت البلاد العربية ، وتحيط بها من الغرب والشمال ، ويقول علماء القانون اليوم إنه من اكمل الشرائع التي تفتق من الغرب والشمال ، ويوقل علماء القانون اليوم إنه من أكمل الشرائع التي تتفق عنها العقل البشري ، ولا زال يعتبر أصلا لكثير من الشرائع القائمة التي تفرعت وقامت على دعائمه .
وإن من يريد أن يعرف منزلة الشريعة الإسلامية ، وأنها في درجة فوق مستوى العقل البشري فليوازن بينها وبين ذلك القانون الروماني ، لأن قانون الرومان قد استوى على سوقه ، ويبلغ نهاية كماله في عهد جوستنيان سنة 533 بعد ميلا المسيح عليه السلام ، وهو في هذا الوقت كان صفوة القوانين السابقة ، وفيه علاج لعيوبها ، وسد لخللها من يوم أن أنشئت روما سنة 744 قبل الميلاد الى سنة 533 بعده ، أي أنه ثمرة تجارب قانونية لنحو ثلاثة عشر قرنا ظهرت منها الفلسفة اليونانية ، وبلغت أوجها ، وقد استعانوا في تلك التجارب القانونية بقوانين (سولون) لأثينا ، وقوانين (ليكورغ) لاسبارطة ، والنظم اليونانية لبيان أمثل النظر التي يقوم عليها المجتمع الفاضل ، كالذي جاء في كتاب القانون وكتاب الجمهورية لأفلاطون وكتاب السياسة لأرسطو وغيرها من ثمرات عقول الفلاسفة ، والعلماء في عهد اليونان والرومان .
وإن شئت فقل إن القانون الروماني هو خلاصة وما وصل إليه العقل البشري في مدى ثلاثة عشر قرنا في تنظيم الحقوق والواجبات ، فإذا وازنا بنيه وبين ما جاء على لسان محمد النبي الأمي (صلى الله عليه واله) ، وأنتجت الموازنة أن العدل فيما قاله محمد (صلى الله عليه واله) وما استنبط الفقهاء من بعده ، يكون من الحق علينا أن نقول إن أساس شريعة الإسلام ليس من صنع بشر ، بل من صنع العليم الحكيم اللطيف الخبير سبحانه) (1) .
(إن ما اشتمل عليه القرآن من أحكام تتعلق بتنظيم المجتمع وإقامة العلاقات بين آحاده على دعائم من المودة والرحمة والعدالة ، لم يسبق به في شريعة من الشرائع الأرضية ، وإذا وازنا بين ما جاء في القرآن ، وبين ما جاءت به قوانين اليونان والرومان وما قام به الإصلاحيون للقوانين والنظم بما جاء في القرآن وجدنا أن الموازنة فيها خروج عن التقدير المنطقي للأمور ... فجاء محمد (صلى الله عليه واله) ومعه القرآن الذي ينطق بالحق عن الله سبحانه وتعالى من غير درس درسه ، كان في بلد أمي ليس فيه معهد ولا جامعة ولا مكان للتدارس ، وأتى بنظام للعلاقات الاجتماعية والتنظيم الإنساني ، لم يسبقه سابق ولم يلحق به لاحق) (2) .
ذلكم أن أول ما نلحظه ونلمحه في التشريعات البشرية ، أنها تشريعات محددة يلائم كل منها البيئة التي وضع فيها ، والمجتمع الذي وضع له مع كثير من الثغرات والسلبيات ، ولكن القرآن الكريم أراده الله للناس جميعا ، وصدق الله {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19].
((إن تعاليم القرآن موجهة للعالم بأسره ، فهي للناس في شتى أرجاء العالم كافة بغض النظر عن أصلهم ، انزلت إليهم لتدخل السرور والبهجة الى قلوبهم وتطهر نفوسهم وتهذب أخلاقهم ، وتوجه مجتمعه وتستبدل سطوة القوي بالعدر والأخوة ، وقد أكد الله عز وجل أن في القرآن حلولا لجميع قضايا البشر {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89] .
يعالج القرآن – قبل كل شيء – الحق الأسمى والفضيلة ، وكل ما تبقى من محتوياته ونصوصه – كمعرفة الروح وعلوم طبيعة السماوات والأرض والتاريخ ، والنبوة ، والنذر ، وما شابه ذلك - ليست سوى رسائل لتقوية القرآن وإعطائها وزناً أكبر وأقناعاً أشد . لقد أشار الغزالي – الفيلسوف الديني الكبير المتوفى عام 505 هـ في كتابه (جوهر القرآن) الى أن (763) آية تبحث في المعرفة و(741) آية في الهداية للفضيلة ، وهذه الألف وخمسمائة واربع آيات تمثل – في نظره – أثمن ما في الكتاب ، وما تبقى – وهي (512) آية – بمثابة المظروف أو الصدقة التي تغلف تلك الجواهر (أي التعاليم) )) (3) .
((ولهذا السبب فالقرآن له أعلى حظوة لدى المسلمين ، وهو ليس مجرد كتاب صلوات أو أدعية نبوية ، أو غذاء للروح ، أو تسابيح روحانية فحسب ، بل إنه أيضا القانون السياسي وكنز العلوم ، ومرآة الأجيال ، إنه سلوى الحاضر وأمل المستقبل)) (4) .
____________________________
1- شريعة القرآن ، دليل على أنه من عند الله ، مجلة المسلمون ، العدد الأول / السنة الأول ص 32 .
2- المعجزة الكبرى ، ص 385 .
3- دراسات إسلامية ، د . محمد عبد الله وراز ، ص18 .
4- دراسات إسلامية ، ص 31 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|