أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-10-2014
1803
التاريخ: 18-5-2016
1480
التاريخ: 17-4-2016
1796
التاريخ: 5-11-2014
2798
|
1- ومن أوائل أولئك المحدثين الإمام محمد عبده يقول الأستاذ محمد أحمد الغمراوي : واللطيف البديع أن كبير المفسرين المحدثين الإمام الشيخ محمد عبده فسر بناء السماء طبق قانون الجاذبية فكان فتحاً في التفسير ، وفتوي عملية تبيح تفسير الآيات الكونية في القرآن طبق ما ثبت أو يثبت على أيدي علماء الفطرة من الحقائق الخاصة والعامة (1) .
ويقول الأستاذ في تفسيره جزء عم عند قول الله تعالى : {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشمس : 5] (السماء اسم لما علا وارتفع فوق رأسك) و أنت إنما تتصور عند سماعك لفظ (السماء) هذا الكون الذي فوقك فيه الشمس والقمر وسائر الكواكب ، تجري في مجاريها ، وتتحرك في مدارتها . وهذا هو السماء ، وقد بناه الله أي رفعه وجعل كل كوكب من الكواكب منه بمنزلة لبنة من بناء سقف او قبة جدران تحيط بك ، وشدت هذه الكواكب بعضها الى بعض برباط الجاذبية العامة . كما تربط أجزاء البناء الواحد بم يوضع بينهما مما تتماسك به) (2) . ويقول عند قوله : {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} [الشمس : 6] وطأها وجعلها فراشاً ، كما قال {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} [البقرة : 22] . وليس في ذلك دليل على أن الأرض غير كروية ، كما يزعم بعض الجاهلين ، والذي طحاها هو الله) .
ويقول عند الله تعالى : {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } [الانشقاق : 1] : انشقاق السماء مثل انفطارها وهو فساد تركيبها واختلال نظامها ، عندما يريد الله خراب هذا العالم الذي نحن فيه وهو يكون بحادثة من الحوادث التي قد ينجر إليه سير العالم ، كأن يمر كوكب في سيره بالقرب من آخر ، فتجاذبا ، فيتصادما فيضطرب نظام الشمس بأسره ، ويحدث من ذلك غمام وأي غمام ، يظهر في مواضع متفرقة من الجو والفضاء الواسع فتكون السماء قد تشققت بالغمام واختل نظامها حال ظهوره (3) .
2- الشيخ محمد رشيد رضا :
يقول السيد رشيد رضا وهو يتحدث عن الإعجاز العلمي : قال تعالى : {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر : 22] وكانوا يقولون فيه إنه تشبيه لتأثير الرياح البادرة في السحاب ، بما يكون سبباً لنزول المطر ، بتلقيح ذكور الحيوان لإناثه .
ولما اهتدى علماء أوروبا الى هذا ، وزعموا أنه مما لم يسبقوا إليه من العلم ، صرح بعض المطلعين على القرآن منهم بسبق العرب إليه قال مستر : (اجنيري) المستشرق الذي كان أستاذ اللغة العربية في مدرسة اكسفورد في القرن الماضي : (إن أصحاب الإبل قد عرفوا أن الريح تلقح الأشجار والثمار قبل أن يعلمها أهل أوروبا بثلاثة عشر قرناً) نعم إن أهل النخيل من العرب ، كانوا يعرفون التلقيح ، إذ كانوا ينقلون بأيديهم اللقاح من طلع ذكور النخل الى إناثها ، ولكنهم لم يكونوا يعلمون أن الرياح تفعل ذلك ، ولم يفهم المفسرون هذا من الآية بل حملوها على المجاز (4) .
ثم يقول وقوله تعالى : {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} [الحجر : 19] إن هذه الآية أكبر مثال للعجب بهذا التعبير : ((موزون)) فإن علماء الكون الأخصائيين في علوم الكيمياء والنبات ، قد اثبتوا ، أن العناصر التي يتكون منها النبات ، مؤلفة من مقادير من أعشار الجرام والميلجرام .
وكذلك نسبة بعضها الى بعض في كل بنات ، أعني أن هذا التعبير بلفظ (كل) المضاف الى (شيء) ، الذي هو أعم الألفاظ العربية ، الموصوف بالموزون – تحقيق لمسائل علمية وفنية – لم يكن شيء منها يخطر ببال بشر قبل هذا العنصر ، ولا يمكن بيان معناها بالتفصيل إلا بتصنيف كتاب مستقل) (5) .
ويقول كذلك في قوله {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس : 38] الى قوله : {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس : 40] فهو موافق لما ثبت في الهيئة الفلكية ، مخالف لما كان يقول المتقدمون ومنه الآيات المتعددة الواردة في خراب العالم عند قيام الساعة ، وكون ذلك بقارعة تقرع الأرض قرعاً وتصخها فترجها ، وتبس جبالها بساً فتكون هباء منبثاً ، وحينئذ تناثر الكواكب لبطلان ما كان يقوله علماء اليونان ، ومقلدتهم من علماء العرب في الأفلاك والكواكب والنجوم ، وعلى إثبات ما تقرر في الهيئة الفلكية العصرية في ذلك ، وفي نظام الجاذبية العامة ، ويجد القارئ تفصيل هذا في عدة مواضع من هذا التفسير . فهذا النوع من المعارف التي جاءت في سياق بينا آيات الله وحكمه ، كانت مجهولة للعرب ، أو لجميع البشر في الغالب ، حتى إن المسلمين أنفسه ، كانوا يتأولونها ويخرجونها عن ظواهرها لتوافق المعروف عندهم في كل عصر من ظواهر وتقاليد ، أو نظريات العلوم والفنون الباطلة ، فإظهار ترقى العلم لحقيقتها المبينة في ما يدل على أنها موحى بها من الله تعالى) (6) .
3- الأستاذ مصطفى صادق الرافعي :
ذكرنا من قبل عن حديثنا عن الرافعي قوله إن القرآن معجز من نواحي ثلاث ، إحداها ما فيه من انواع العلوم ، ونزيد هنا ، يقول الرافعي ، بعد أن ذكر بعض العلوم التي ذكرها القرآن :
وإنما أوردنا هذا القول لنكشف لك عن معنى عجيب في هذا الكتاب الكريم ، فهو قد نزل في البادية على نبي أمي وقوم أميين لم يكن لهم إلا ألسنتهم وقلوبهم ، وكانت فنون القول التي يذهبون فيها مذاهبهم ويتواردون عليها ، لا تجاوز ضرورياً من الصفات ، وأنواعاً من الحكم وطائفة من الأخبار والأنساب ، وقليلا مما يجري هذا المجرى ، فلما نزل القرآن بمعانيه الرائعة التي افتتن بها في غير مذاهبهم ، ونزع فيها الى غير فنونهم ، لم يقفوا ما أريد به من ذلك ، بل حملوه على ظاهره وأخذوا منه حكم زمانهم ، وكان لهم ي بلاغته المعجزة مقنع ، وما درى عربي واحد من أولئك لم جعل الله في كتابه هذه المعاني المختلفة ، وهذه الفنون المتعددة التي يهيج بعضها النظر ، ويشحذ بعضها الفكر ، ويمكن بعضها اليقين ، ويبعث بعضها على الاستقصاء ، وهي لم تكن تلتئم على ألسنتهم من قبل .
بيد أن الزمان قد كشف بعدهم عن هذا المعنى ، وجاء به دليلاً بيناًَ على أن القرآن كتاب الدهر كله ، وكم للدهر من أدلة على هذه الحقيقة ما تبرح قائمة ، فلعمنا من صنيع العلماء أن القرآن نزل بتلك المعاني ، ليخرج للأمة من كل معنى علما برأسه ، ثم يعمل الزمن عمله فتخرج الأمة من كل علم فروعاً ومن كل فرع فنوناً ، الى ما يستوفي هذا الباب على الوجه الذي انتهت إليه العلوم في الحضارة الإسلامية ، وكان سبباً في هذه النشأة الحديثة من بعد أن استدار الزمان ، وذهبت الدنيا مستديرة ، وأنشأ الله القرون والأجيال لتبلغ هذه الحادثة أجلها ويتناهى بها القضاء ، وإن من شيء إلا عند الله خزائنه ، ولكنه سبحانه وتعالى يقول : {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر : 21] (7) وكان الرافعي في كلامه هذا يرد على ما قاله الشاطبي .
4- الدكتور محمد عبد الله دراز :
قلنا من قبل عند حديثنا عن الاستاذ أنه قد بنى كتابه على أبواب ثلاثة ، منها أن القرآن معجزة علمية ، ولكنه انتقل الى رحمة الله قبل أن يتم كتابه ، وكنا نتمنى أن نقرأ ما كتبه الأستاذ ، فإنه يختلف عن كثير من الناس ، وحري بما كتبه أن يقرأ كله ، ولكننا لحسن الحظ وجدنا بعض إشارات ذكرها أستاذنا الفاضل في بعض كتبه ، وكل كتبه قيمة طيبة ، يقول :
(ولكن القرآن في دعوته الى الإيمان والفضيلة لا يسوق الدروس من التعاليم الدينية والأحداث الجارية وحدها ، وإنما يستخدم في هذا الشأن الحقائق الكونية الدائمة ، ويدعو عقولنا الى تأمل قوانينها الثابتة – لا لغرض دراستا وفهمها في ذاتها فحسب – وإنما لأنه تذكر بالخالق الحكيم القدير .
ونلاحظ أن هذه الحقائق التي يقدمها تتفق مع آخر ما توصل إليه العلم الحديث ، مثل المنبع الخفي الذي يخرج منه العنصر الجنسي للإنسان {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق : 6، 7] والمراحل التي مير بها الإنسان وهي في بطن امه {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } [الحج : 5] .
وعدد التجويفات المظلمة التي يتم الخلق بداخلها {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} [الزمر : 6] ، والمنشأ المائي لجميع المخلوقات الحية {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء : 30] ، وتكوين المطر {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} [الروم : 48] ، ودائرية السماء والأرض {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر : 5] ، وكروية الأرض غي المكتملة عند الاقطاب {أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الأنبياء : 44] ومسيرة الشمس الى نقطة معلومة {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس : 38] ، وتعايش الحيوانات في جماعات تشبه المجتمعات الإنسانية {دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام : 38] ، ووصف حياة النحل بصفة خاصة {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} [النحل : 68، 69] .
وثنائية النباتات والمخلوقات الأخرى ، وهي حقيقة علمية كان يجهلها عصر الرسول (صلى الله عليه واله) ، قال تعالى : {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ } [يس : 36] والتلقيح بواسطة الرياح {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر : 22] الى آخره (8) .
5- الأستاذ عبد الوهاب حمودة :
يقول (والرأي الذي نميل إليه ، هو أننا في حاجة شديدة الى أضواء العلم ، تكشف لنا عن حكم وأسرار جاءت بها الآيات الكريمة ، ولا ضرر من عدم قصر فهمه على ما كان عند العرب في علمها ، ومألوفة معارفها ، لأن القرآن أنزل للناس كافة يأخذ منه كل قدر استعداده وحاجته ، ما دام ذلك لا يتنافى مع ما قصه القرآن من الهداية ، وما يهدف إليه من الإرشاد ، فكم من حكمة فيه إذا ما مستها يد العلم أسفرت اسرارها ، فظهرت أنوارها عن سر إعجازها وسحر بيانها ..) ثم يذكر أمثلة عن بعض مدلولات الآيات التي يستعان على فهمها بشتى العلوم ويقول ، فالحق أن كل ما يساعد من العلوم على الكشف عن الأسرار الكونية والدلالة على قدة الصانع الحكيم ، الإبانة عن مبلغ آياته ، ولا إغراق في التأويل وإسراف في التحديد ، فهو مما يجوز أن يستخدم في فهم آيات القرآن الكريم ، فهو لا تفنى عجائبه ولا تحصى اسراره) (9) .
الأستاذ محمد أحمد الغمراوي :
يقول (الواقع أن موضوع إعجاز القرآن لا يزال بكرا برغم كل ما كتب فيه لكني لست أريد أن أتناوله من تلك الناحية التي لا يتوقف تقديرها والتسليم بها على معرفة لغة لا تتيسر معرفتها لكل أحد ، هذه الناحية هي الناحية العلمية من الإعجاز .
وإذا فهمنا الناحية العلمية على أوسع معانيها شملت كل ما عدا الناحية البلاغية من النواحي : تشمل الناحية النفسية ، وكيف أقتاد القرآن النفس ويقودها طبق قوانين فطرتها ، وتشمل الناحية التشريعية ، وكيف نزلت أحكام القرآن طبق الفطرة للأفراد والجماعات ، وتشمل الناحية التاريخية التي لم يكن يعلمها البشر عند نزول ما اتصل بها من الآيات القرآنية ثم كشف عنها التنقيب الأثري فيما بعد ، ثم تشمل الناحية الكونية ، ناحية ما فطر الله عليه غير الإنسان من الكائنات في الأرض ، وما فطر عليه الأرض وغير الأرض في الكون .
هذه النواحي هي التي ينبغي أن يشمر المسلمون للكشف عنها وإظهارها للناس في هذا العصر الحديث ، ولن يستطيعوا ذلك على وجهه حتى يطلبوا العلوم كلها ليستعينوا بكل علم على تفهم ما اتصل بالعلوم جميعا ، ولا غرابة في أن يتصل القرآن بالعلوم جميعا ، فما العلوم إلا نتاج تطلب الإنسانية أسرار الفطرة ، والقرآن ما هو إلا كتاب الله فاطر الفطرة ، فلا غرو ان يتطابق القرآن والفطرة ، وتتجاوب كلماتها وكلماته ، وإن كانت كلماتها وقائع وسننا وكلماته عبارات وإشارات تتصفح وتنبهم طبق ما تقتضيه حكمة الله في مخاطبة خلقه ليأخذ منها كل عصر على قدر ما اوتي من العلم والفهم ، وكذلك دواليك على مر العصور .
هذا التدرج في إدراك تمام التطابق بين القرآن والفطرة أمر لا مفر منه في الواقع ، ثم هو مطابق لحكمة الله سبحانه في جعله الإسلام آخر الأديان ، وجعله القرآن معجزة الدهر ، أي معجزة خالدة متجددة : يتبين للناس منها على مر الدهور وجه لم يكن تبين ، وناحية لم يكن أحد يعرفها أو يحلم بها من قبل ، فيكون هذا التجدد في الإعجاز العلمي هو الجديد للرسالة الإسلامية ، كأنما الإسلام قائم في كل عصر يدعو الناس الى دين الله ، ويهديهم دليلا على صدقه آية جديدة من آيات تطابق ما بين الفطرة وبين القرآن .
هذا النوع من الإعجاز يعجز الإلحاد أن يجد موضعا للتشكيك فيه إلا أن يتبرأ من العقل ، فإن الحقيقة العلمية التي لم تعرفها الإنسانية إلا في القرن التاسع عشر أو العشرين مثلا والتي ذكرها القرآن ، لا بد أن تقوم عند كل ذي عقل دليلا محسوسا على أن خالق هذه الحقيقة هو منزل القرآن .
وقبل أن نورد بعض الأمثلة الإيضاحية ، يجب أن ننبه الى امرين مهمين الاول أنه لا نبغي في فهم الآيات الكونية من القرآن أن نعدل عن الحقيقة الى المجاز إلا إذا قامت القرائن الواضحة تمنع من حقيقة اللفظ ، وتحمل على مجازه . إن مخالفة هذه القاعدة الأساسية الأصلية البسيطة قد أدى الى كثير من الخطأ في التفسير ، وسنرى أن من أعجب عجائب القرآن أن المطابقة بين آياته وآيات الفطرة تكون أتم وأيسر كلما أخذنا بتلك القاعدة في فهم كونيات القرآن .
هذا أمر ، أما الأمر الثاني فهو أنه ينبغي أن لا نفسر كونيات القرآن إلا باليقين الثابت من العلم لا بالفروض ولا بالنظريات التي تزال موضع فحص وتمحي . إن الحقائق في سبيل التفسير الحق ، هي كلمات الله الكونية ، فينبغي أن يفسر بها نظائرها ، من كلمات الله القرآنية ، أما الحدسيات والظنيات فهي عرضة للتصحيح والتعديل ، إن لم يكن للإبطال في أي وقت فسبيلها أن تعرض على القرآن بالقاعدة الثابتة لتبين مبلغ قربها منه أو بعده عنه ، وعلى مقدار ما كيون بنيها وبينه من اقتراب يكون مقدار حظها من الصواب (10) .
أما الأستاذ سيد قطب فقد تحدثنا عنه من قبل ، وعرفنا رأيه في هذه القضية ، وهو رأي معتدل ، لا إفراط فيه ، ولا تفريط ، ولا جمود ولا مغالاة .
ونكتفي بما ذكرناه من آراء وأقوال هؤلاء الأئمة والآن وقد انتهينا من عرض آرائهم . يجمل بنا أن نناقش هذه الآراء مناقشة علمية هادفة هادئة وأكرر ما قلته من قبل إن آراء هؤلاء جميعا منبثقة عن حرصهم على كتاب الله وإجلالهم له .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الوعي الإسلامية ، عدد 44 سنة 1968 م .
2- تفسير جزء عم ص 95 .
3- تفسير جز عم ص 49 .
4- تفسير ا لمنار ، ج1 ، ص 210 .
5- تفسير المنار ، ج1 ص 210.
6- تفسير المنار ، ج1 ص 211 .
7- إعجاز القرآن / ص119 .
8- مدخل الى القرآن الكريم / د . دراز / ص 176 .
9- مجلة لواء الإسلام ، العدد (10) سنة (2) بعنوان التفسير العلمي .
10- الإسلام في عصر العلم ص 257 – 259 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|