هل يمكن أن تختفي الثقوب السوداء ؟

إنه سؤال يبعث على الاستغراب ! فالناظر إلى خاصيات الثقوب السوداء يبدو له جلياً أن هذه النجوم الشرهة سيفيض لها ان تكبر وتتضخم إلى ما لا نهاية. لكن الفيزيائي البريطاني ستيفن هاوكين Hawking  Stephen⁽¹⁾ بين أن الثقوب السوداء تتبخر متى أخذت بالحسبان جملة من الظواهر الكمية. إن الميكانيكا الكوانطية تشير في هذا السياق إلى أن الفراغ ليس بذلك المكان الهادئ الذي نتصوره . ولا غرابة ، فما نسميه فراغاً يظل يولد باستمرار أزواجاً من الجزيئات الدقيقة المضادة للجزيئات الدقيقة، أزواجاً لها أمد حياة قصير جداً (والجزيء المضاد يماثل الجزيء تمام المماثلة تقريباً، ولا يختلف عنه إلا من حيث شحنته الكهربائية، التي تكون لها علاقة معاكسة). وعندما تتشكل هذه الازواج في مكان شديد القرب من أفق الثقب الأسود، يغدو من الممكن أن تسقط إحدى الجزيئتين في الثقب فيما تسيح الاخرى في الفضاء. وطبقاً للحسابات التي وضعها "ستيفن هاوكين"، يتوفر الجزيء المضاد على حظوظ أوفر للسقوط في الثقب مما يتوفر عليه الجزيء. والأثر الواضح الذي يترتب عن ذلك هو أن الثقب الأسود يفقد بعض كتلته ويشرع إثر ذاك في التقلص. إن سيرورة التبخر هذه هي سيرورة شديدة البطء، ولا تستثنى منها سوى الثقوب السوداء ذات الكتلة الضئيلة، التي تبقى وحدها بمنأى عن هذا التبخر البطيء.

لكي هل توجد ثقوب سوداء من هذا القبيل؟

لقد لمح ستيفن هاوكين إلى أن الانفجار العظيم الخلاق big-bang ، ربما أحدث ثقوباً سوداء لها كتلة ضئيلة جداً، يطلق عليها الثقوب السوداء الأولية؛ وهي ثقوب تقارب كتلتها كتلة جبل بينما يضاهي حجمها حجم نواة ذرة . وبذا فهي خليفة بأن تشهد تبخراً فعالاً إلى حد بعيد. ومما تتنبأ به النظرية أن هذا التبخر سينتهي بانفجار يصاحبه انبعاث أشعة ص (أو y، وهي أشعة أقوى طاقة من الاشعة السينية المعروفة أصلاً بطاقتها الشديدة). بيد أن الملاحظات الراهنة لا تسمح بالبت على وجه اليقين في مسألة وجوب هذا الضرب من الثقوب السوداء ؛ ويتبين في ضوئها ان الفضاء الممتد بين النجوم لا يسعه ان يحوي أكثر من ثلاثمائة ثقب في كل مكعب يساوي ضلعه سنة ضوئية.

_______________________________

(1) ستيفن هاوكين (1942) : عالم إنجليزي تخصص في الكوزمولوجيا والرياضيات التطبيقية والتنظير للفيزياء . ذاع صيته بفضل دراسته حول الثقوب السوداء وأصل الكون والجاذبية الكمية.