أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-2-2017
1630
التاريخ: 23-12-2015
1375
التاريخ: 28-9-2016
736
التاريخ: 2-2-2017
1135
|
كيف تتكون الثقوب السوداء ؟
إن اهتمام علماء الفيزياء الفلكية بالثقوب السوداء هو اهتمام نابع من انصرافهم إلى دراسة ظاهرة موت النجوم، علماً أن لفظ "الموت" يوحي هنا إيحاء شعرياً إلى الحالة النهائية التي تؤول إليها النجوم حين تتوقف عن اللمعان بعد ان تستفيد زادها من الوقود. وبخصوص نجم يوجد معزولاً، تحدد هذه الحالة النهائية أساساً كتلته الاولية. ويتم التمييز بين ثلاث حالات تخص الكتلة الأولية: اولاً، ان تكون أكبر من كتلة الشمس ثماني مرات (أو كما يقال : بثماني كتل شمسية)؛ ثانياً ، أن تكون أكبر من ثماني كتل شمسية وأصغر من خمس وعشرين كتلة شمسية ؛ ثالثاً ، أن تكون أكبر من خمس وعشرين كتلة شمسية. إن الحالة الاولى هي حالة تميز النجم القزمي الأبيض، كما سنفصل القول في ذلك بعد حين، بينما ترتبط الحالة الثانية بنجم ذي نوترونات ؛ وتقود كل القرائن إلى الاعتقاد أن الحالة الثالثة تنطبق على الثقب الاسود.
إن النجوم هي عبارة عن كرات مؤلفة من غازات حارة، وهي ما يجعل منها أشياء مضيئة. ويتمثل مصدر حرارتها في الانصهار الحراري النووي، حيث تكون درجة الحرارة داخل النجوم من الشدة بحيث تنصهر بعض العناصر الخفيفة، كالهيدروجين أو الهيليوم، لتصير عناصر ذات طبيعة أثقل كالكربون أو الاوكسجين. ويتضح ان هذه التفاعلات تحرر كميات هائلة من الطاقة تؤدي إلى احترار النجوم. وتحت تأثير الحرارة، تشرع النجوم في التمدد، وهي تكون معرضة للانفجار لو لم تخضع للانضغاط بفعل الجاذبية التي تعمل عملها في الوقت نفسه بين مختلف أجزائها. صفوة القول إذن أن النجم هو شيء يوجد في حالة من التوازن، وتعوض فيه الجاذبية ضغط الغاز وتوازن مفعوله.
والملاحظ في تفاعلات الانصهار ان العنصر المركب كلما كان أثقل (فالكربون أثقل من الهيليوم، والهيليوم أثقل هو الآخر من الهيدروجين)، كان للتفاعل احتياج أكبر إلى درجة من الحرارة مرتفعة . فالنجوم تقوم في معظم فترات حياتها بصهر الهيدروجين وتحويله إلى هيليوم. وعندما ينعدم الهيدروجين، تهبط درجة الحرارة لأمد محدد، الأمر الذي يترتب عنه انخفاض في ضغط الغاز.
آنذاك تصبح الغلبة للجاذبية فلا تلبث ان تحدث انقباضاً وتقلصاً في قلب النجم، بحيث تؤدي مجدداً إلى ارتفاع درجة الحرارة بقدر يكفل انصهار الهيليوم وتحوله إلى كربون. وفي الوقت نفسه ، تبلغ الطاقة التي تحررت من قلب النجوم مبلغاً من القوة والشدة يجعلها تنسف الطبقات العليا.
وفيما يتصل بنجم كالشمس، تتوقف تفاعلات الانصهار حين يكون الهيليوم قد استهلك كله، لأن قلب الكوكب ليس ذا كتلة كبيرة بما يكفي لكي يحدث تقلص جديد يتيح انصهار الكربون. من سمات القلب آنئذ ان يكون شديد الحرارة والتراص في ذات الآن، حيث إنه يضم نصف كتلة الشمس داخل حجم شبيه بحجم الأرض، أي نحو طن في السنتيمتر المكعب ! وعند ها المستوى من الكثافة ، لا يبقى ضغط الغاز بالمعنى التقليدي هو الذي يعوض الجاذبية ويوازن مفعولها ، بل يقوم بلك ضغط من أصل كمي تمارسه الإلكترونات ويشار إليه بعبارة ضغط الانحلال. بتعبير مختصر، تبدي الإلكترونات مقاومة لا حد لها تقريباً إزاء كل ضغط يتخطى حدوداً معينة، كما لو كانت عبارة عن كرات صلبة الملمس صلابة لا متناهية. وقد حدث خلال بعض عشرات من آلاف السنين ان تلاشت في الفضاء الطبقات الخارجية التي قذف بها الكوكب تلاشياً أتاح ظهور القلب، الذي أطلق عليه اسم النجم القزمي الأبيض. والحال ان هذا النجم ما انفك يبرد رويداً رويداً، ما يجعل منه شيئاً يحبو نوره أكثر فأكثر.
وبخصوص نجم يساوي على الأقل ثماني كتل شمسية، تتواصل تفاعلات الانصهار وتتلاحق متجاوزة انصهار الهيليوم وتحوله إلى كربون: فبالانصهار يتحول الكربون إلى أوكسجين، والأوكسجين إلى نيون، والنيون إلى مغنيزيوم، والمغنيزيوم إلى سيليسيوم، وأخيراً يتحول السيليسيوم إلى حديد. وكلما كانت العناصر أثقل ، تم تركيبها داخل طبقات أشد حرارة وعمقاً ، وأدى انصهارها إلى تحرير كمية اقل من الطاقة. ويشكل الحديد من هذا المنظور الحد الاقصى حيث إن انصهاره لا يحرر اي طاقة . وحيث إن نسبة الحديد تتزايد في قلب النجم، فإن درجة الحرارة تقل فتصير أضعف من أن تمكن ضغط الغاز من مقاومة الجاذبية، فيحدث جراء ذلك انهيار كارثي للنجم على نفسه. وإذا بمادة القلب تبلغ فجأة درجة من الكثافة تجعل نوى الذرات تنحل وتتجزأ إلى مكوناتها الأولية من بروتونات ونوترونات . وتحت تأثير الضغط، تقوم البروتونات بامتصاص الإلكترونات مكونة بذلك مزيداً من النوترونات. ويتواصل الانضغاط بلا انقطاع إلى أن تتماس النوترونات فيما بينها محدثة كثافة خارقة تعدادها مليون طن في السنتيمتر المكعب. وعند هذه المرحلة، تمارس النوترونات، شأنها شأن الإلكترونات، ضغط انحلال يوقف زحف الانضغاط بكيفية حادة ويحيله إلى انفجار عنيف مهول يصطلح عليه بمسمى سوبرنوفا supernova أو المستعر الأعظم . وإذا بذلك الانضغاط، الذي لم يكد يستغرق من الزمن أكثر من ثانية ، يتسبب في وقوع أحد أقوى الأحداث وأشدها امتلاء بالطاقة في الكون : فخلال أيام قلائل، يصبح السوبر نوفا منافساً ينافس على صعيد الإشعاع الضوئي المجرة التي تستضيفه (لنذكر أن المجرة هي مجموعة شاسعة من النجوم المترابطة جاذبياً). والحال ان السوبرنوفا لا يدمر النجم بأكمله إذ إن القلب المتراض، ويسمى النجم ذا النوترونات، يستمر في الوجود بعد الانفجار . يتعلق الأمر بكرة من النوترونات يصل وزنها إلى مائة مليون طن ولا يتجاوز قطرها العشرين كيلومتراً، اي ان كثافة المادة فيها تفوق كثافتها في النجم القزمي الأبيض بمليار من الاضعاف!.
ويتضح في ضوء ما وضع من حسابات نظرية أن ضغط انحلال النوترونات ليس بوسعه ان يقاوم الجاذبية إلا إذا بقيت كتلة النجم ذي النوترونات أقل من نحو ثلاثة أضعاف كتلة الشمس (او أقل من ثلاث كتل شمسية). بيد ان هذه العتبة يتم تخطيها في حالة النجوم التي لها كتلة اولية تفوق خمساً وعشرين كتلة شمسية. والظاهر في هذه الحالة أن ليس ثمة أي آلية فيزيائية معروفة تستطيع أن تتصدى للجاذبية إبان الانضغاط الذي يسبق انفجار السوبر نوفا. ولهذا السبب يعتقد الدارسون، خلال عملية الانضغاط، بحدوث تقلص سريع في قلب هذه النجوم ليتخذ شكل كرة لها شعاع أصغر من شعاع شوارزشيلد، الأمر الذي يعني ولادة ثقب أسود. وقد رأينا أيضاً أنه ما إن يتم تخطي هذه العتبة الحرجة حتى يستمر التقلص ويتواصل إلى أن توجد المادة كلها منضغطة داخل حجم منعدم. خلاصة القول إن ثمة على الأقل سيرورة فيزيائية فلكية تنشأ عنها على الأرجح الثقوب السوداء، وهي موت النجوم الضخمة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|