أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-2-2017
1794
التاريخ: 22-12-2015
1484
التاريخ: 5-2-2017
1550
التاريخ: 28-9-2016
683
|
لم الثقوب السوداء . . . ذات لون أسود ؟
كلما زادت المادة كثافة زاد تقوس الزمكان وكذا تقوس مسارات الجزيئات الدقيقة، أي الجيوديزيات. لنتصور أن بإمكاننا إخضاع نجم لعملية ضغط تدريجية : فالملاحظ أن كتلة النجم ستبقى ثابتة، لكن بما ان حجمه يتقلص ، فإن كثافته ستزيد . وبعد تجاوز عتبة حرجة من الكثافة، سيشتد تقوس الزمكان على نحو يجعل الجيوديزيات تنكفئ وتنكمش، أي أن جزيئات الضوء (أي الفوتونات) التي تصدر عن السطح ستتبع مسارات تعود بها إلى السطح. لم يعد بإمكان الضوء إذن أن يفلت من هذه المنطقة من الفضاء : ها هو ذا ثقب أسود قد أتى غلى الوجود! وإلى جانب ذلك، تقضي النسبية العامة بأنه متى تم تخطي العتبة الحرجة، تكون الجاذبية من القوة بحيث لا يستطيع أي شيء أن يمنعها من إحداث انهيار تام للنجم على ذاته. هكذا تكون المادة كلها مضغوطة في منطقة محددة تتسم بكثافة لا حد لها، منطقة تسمى الفرادة singularite ، وهي تسمية توحي بأن الأمر يتعلق بشيء طريف تجد معه الفيزياء الراهنة نفسها رهينة حدود لا تقدر على تجاوزها. وهذه نقطة ستعود إليها لاحقاً.
إن العتبة الحرجة التي تفضي إلى تكون ثقب أسود هي عتبة يشار إليها عموماً بعبارة شعاع شوارزشيلد(1)، وهي عبارة اصطلح عليها تشريفاً لعالم الفيزياء الفلكية الألماني كارل "شوارزشيلد، الذي أقبل سنة 1915 على إعمال النظرية النسبية العامة في حساب بنية الزمكان في المنطقة المجاورة لأحد النجوم. ويرتهن هذا الشعاع فقط بكتلة الشيء موضوع الدرس، وهو يساوي 3 كلم في حالة الشمس. هكذا يغدو بوسعنا مبدئياً أن نحول الشمس إلى ثقب أسود شريطة أن نخضعها للضغط داخل كرة لا يتعدى شعاعها 3 كلم. أما الأرض، التي لها كتلة أقل بكثير، فإن شعاع شوارزشيلد لا يتجاوز فيها سنتيمتراً واحداً. ولأن ليس ثمة من وسيلة للخروج من الثقب الأسود، فإن هناك في الواقع حداً يفصل بين داخل الثقب وخارجه. هذا الحد، ويطلق عليه أفق الاحداث ، هو عبارة عن كرة خيالية (لا وجود مادي لها) يساوي شعاعها شعاع شوارزشيلد. وهو يرسم ويحدد منطقة من الكون يستحيل استحالة تامة التواصل نعها ، أي أنه يتعذر تلقي أي رسالة آتية من هذه المنطقة كما يتعذر معرفة ما يجري فيها.
ولكي نوضح الأثر الذي يحدثه أفق الأحداث هذا، لنتصور مساراً آلياً يغوص داخل ثقب أسود مصدراً إشارات ضوئية زرقاء اللون (في شكل ومضات) يطلقها صوب مركبة فضائية تقع على مسافة بعيدة منه. إن ركاب المركبة سيحيل إليهم أن المسار يقترب ببطء أشد فأشد من أفق الثقب الأسود من دون أن يبلغ به الأمر البتة إلى تخطيه. وسيبدو لهم أيضاً أن المجال الفاضل بين إشارتين متتاليتين يمتد ويتسع أكثر فأكثر إلى أن يبلغ طولاً لا حد له عند وصول المسار إلى الافق.
يحدث تغير في لون الإشارات الضوئية التي تتلقاها المركبة: فبعد ان يكون لونها أزرق في البداية، يصير أخضر، فأصفر ، فأحمر ، ثم يختفي تماماً. عندئذ يأتي دور أدوات الاستكشاف في المركبة لتلتقط الإشارات في نطاق الأشعة ما تحت الحمراء، ثم في نطاق الراديو، ثم تنطفئ الإشارات تماماً. أما المسبار، فلا يكاد يمضي جزء من ثانية على تجاوزه الأفق حتى يحدث اصطدامه المحتوم بالفرادة.
إن الإشارات الضوئية المنبعثة من المسبار هي أشبه ما تكون بدقات الساعة. وحين يقوم ركاب المركبة بملاحظة هذه الإشارات ، فإنهم يقارنون إدراكهم للزمن، زمنهم الخاص، بالزمن الذي يمضي ظاهرياً على متن المسبار، ويسمى الزمن الظاهر. والحال ان الزمن الظاهر، من منظور النسبية العامة، يمضي بكيفية تزداد بطأ كلما اقتربنا من شيء ضخم الكتلة. ومن ثم يخيل إلى الكراب أن كل شيء في المسبار يسير ببطء أشد فأشد. وبالمقابل، فعلى متن المسبار، يكون إدراك زمن السقوط في الثقب الأسود متطابقاً مع إدراك الزمن الخاص ، وهو إدراك لا يؤثر فيه بتاتاً قربه من الشيء الضخم.
ويصطلح بعبارة الاحمرار الجاذبي على ظاهرة تغير ضوء المسبار وانتقاله إلى اللون الأحمر . إنها نتيجة مباشرة لما يقوم من فرق بين الزمن الخاص والزمن الظاهر. ويمكن شرح هذه الظاهرة على النحو الآتي: يشكل تغير اللون تغيراً في تردد الإشعاع الضوئي، أي في عدد اهتزازات الحقل الكهرومغناطيسي التي تتم في الثانية الواحدة. والملاحظ في المجال المرئي، أن اعلى الترددات جهة اللون الأزرق تقع فيما تقع أدناها جهة اللون الأحمر. إن الضوء ينبعث من المسبار بعدد من الاهتزازات في الثانية يطابق اللون الأزرق، لكن بما ان الثانية الواحدة من الزمن الظاهر على صعيد المسبار هي أطول من نظيرتها في الزمن الخاص على صعيد المركبة، فإن ركاب هذه الأخيرة يتلقون ضوءاً محمراً. وعلى صعيد أفق الثقب الاسود، يصير الاحمرار غير متناه، أي ان الاشارات تصبح خفية لا ترى.
_______________________________
(1) كارل شوارزشيلد (1916-1873) Kart: عالم الماني تخصص في الفيزياء الفلكية. شغف منذ صغره بالفلك والنجوم واكب على دراسة الرياضيات، واشتهر بنظريته في المدارات منذ عامة السادس عشر. وقد كان أول من توصل ، عام 1916، إلى حل معادلات أينشتاين حول الجاذبية.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|