أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-18
530
التاريخ: 21-9-2016
743
التاريخ: 21-9-2016
1194
التاريخ: 9-4-2019
776
|
ورد في الحديث المشهور عن النبيّ (صلى الله عليه واله) أنه قال : «نيّة المؤمن خير من عمله و نيّة الكافر شرّ من عمله و كل عامل يعمل على نيته»(1) , و قد اختلف الفقهاء في معنى الحديث على أقوال شتى.
والذي ظهر لي أن ذلك لأن المؤمن ينوي خيرات كثيرة لا يساعده الوقت على عملها ، فكان الثواب المترتب على نياته أكثر من الثواب المترتب على أعماله و أيضا إنّ المؤمن ينوي أن تقع عباداته على احسن الوجوه لأن ايمانه يقتضي ذلك , ثمّ إذا كان يشتغل بها لا يتيسر له ذلك و لا يتأتى كما يريد ، فلا يأتي بها كما ينبغي ، فالذي ينوي دائما خير من الذي يعمل به في كلّ عبادة.
وإلى هذا اشار الباقر (عليه السلام) حيث كان يقول : «نية المؤمن خير من عمله , و ذلك لانّه ينوي من الخير ما لا يدركه ، و نية الكافر شر من عمله ، و ذلك لان الكافر ينوي الشر و يأمل من الشر ما لا يدركه»(2).
و عن الصادق (عليه السلام) أنه قيل له : سمعتك تقول : «نيّة المؤمن من خير من عمله فكيف تكون النية خيرا من العمل؟ , قال : لأن العمل إنما كان رياء للمخلوقين ، و النية خالصة لربّ العالمين ، فيعطي عزّ و جلّ على النية ما لا يعطي على العمل»(3)، ثم قال : «إن العبد لينوي من نهاره أن يصلي بالليل فتغلبه عينه فينام فيثبت اللّه له صلاته و يكتب نفسه تسبيحا و يجعل نومه صدقة»(4).
وعنه (عليه السلام) «إن العبد المؤمن الفقير ليقول : يا ربّ ارزقني حتى أفعل كذا و كذا من البرّ و وجوه الخير ، فاذا علم اللّه عزّ و جلّ ذلك منه بصدق نيته كتب اللّه له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله ، إن اللّه واسع كريم»(5).
و عنه (عليه السلام) «انه سئل عن حدّ العبادة التي إذا فعلها فاعلها كان مؤديا ، فقال (عليه السلام) حسن النيّة بالطاعة»(6)
يعني أن يكون له في طاعته نية حسنة فان تيسر له الاتيان بما وافق نيته ، و إلا فقد أدى ما عليه من العبادة بحسن نيته.
و عنه (عليه السلام) «انّما خلد أهل النّار في النّار لأن نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا اللّه فيها أبدا و إنّما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نيّاتهم كانت في الدّنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا اللّه أبدا فبالنيات خلد هؤلاء ، ثمّ تلا قوله تعالى : {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء : 84] , قال : على نيّته»(7).
و عنه (عليه السلام) «من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان له أجره و إن لم يكن على ما بلغه»(8).
و ممّا قيل(9) , في معنى الحديث المشهور : «إنّ النية إنما يكون خيرا من العمل»(10) , لتوقف نفع العمل عليها ، دون العكس ، و لكون الغرض الأصلي من العمل تأثّر القلب بالميل إلى اللّه تعالى عن الغير كما قال اللّه عزّ و جل : {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } [الحج : 37] , ألا ترى إلى إثم المجامع امرأته على قصد أنها غيرها ، بخلاف المجامع غيرها على أنها امرأته ، و التأثر صفة القلب.
و بهذا يعرف معنى قوله (عليه السلام): «من هم بحسنة و لم يعملها كتبت له حسنة»(11) , لأن هم القلب هو ميله إلى الخير و انصرافه عن الهوى و حب الدنيا و هو غاية الحسنات و إنما الاتمام بالعمل يزيدها تاكيدا ، فليس المقصود من إراقة دم القربان الدم و اللحم بل ميل القلب عن حبّ الدّنيا و بذلها إيثارا لوجه اللّه عزّ و جلّ و هذه الصفة قد حصلت عند جزم النّية و الهم و إن عاق عن العمل عايق ، فلن ينال اللّه لحومها و لا دماؤها و لكن يناله التقوى منكم و التقوى في القلب.
و لذلك قال النبي (صلى الله عليه واله) لما خرج في غزوة تبوك : «إن بالمدينة قوما ما قطعنا واديا ، و لا وطئنا موطئا يغيظ الكفار ، و لا أنفقنا نفقة ، و لا أصابتنا مخمصة الا شاركوا في ذلك و هم في المدينة قالوا : و كيف ذلك يا رسول اللّه و ليسوا معنا؟ , فقال : حبسهم العذر فشركونا بحسن النية»(12).
________________________
1- الكافي : ج 2 , ص 84 , و المحاسن : ص 260.
2- علل الشرائع : ج 2 , ص 524.
3- علل الشرائع : ج 2 , ص 524.
4- علل الشرائع : ج 2 , ص 524.
5- الكافي : ج 2 , ص 85 , و المحاسن : ص 261.
6- الكافي : ج 2 , ص 85.
7- الكافي : ج 2 , ص 85 , و علل الشرائع : ج 2 , ص 523.
8- الكافي : ج 2 , ص 87.
9- القائل هو أبو حامد الغزالي في احياء العلوم و نقل عنه المصنف تفصيلا في المحجة و قد لخصه هنا.
10- إحياء علوم الدين : ج 4 , ص 335 و فيه « نية المؤمن خير من عمله».
11- احياء علوم الدين : ج 4 , ص 333.
12- احياء علوم الدين : ج 4 , ص 332.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|