مملكة أشنونا هي أحدى الممالك الأمورية التي تأسست قبيل وقت قصير من سقوط سلالة أور الثالثة (2112-2004 ق.م)(1) في المنطقة التي تعرف حالياً باسم "منطقة ديالى" وهي الرقعة الجغرافية التي تمتد بين نهر دجلة غرباً وجبال زاكروس شرقاً(2) حيث يمر من وسطها تقريباً نهر ديإلى والذي عرف في المصادر المسمارية باسم (توران أو تورناTuran, Turnat)()(3) وتتمتع هذه المنطقة بموقع استراتيجي وجغرافي مهم إذ تعد حلقة وصل بين بلاد الرافدين والبلدان المجاورة لها شمالاً وشرقاً من خلال شبكة معقدة من الطرق استخدمت للأغراض السلمية والحربية(4) وقد سهلت هذه المسالك عملية تحرك السكان مما أدى إلى ظهور علاقات تجارية وحضارية بين مراكز هذه المنطقة كأشنونا (تل أسمر)(5) نريبتوم (أشجالي)(6)، توتوب (خفاجي)(7) شادبوّم (تل حرمل)(8) وميتوران (تليّ السيب حداد)(9) وغيرها من  جهة وبين المراكز الحضارية سواء كانت في بلاد الرافدين(10) أو خارجها من الشمال والشرق كعيلام من جهة أخرى(11) ورد أسم (أشنوناEšnunna)()(12) في عدد من النصوص المسمارية من داخل وخارج منطقة ديالى(13) وهو اسم العاصمة التي تقع اطلالها الان على بعد (80كم) شمال شرق بغداد، وتعرف حالياً باسم "تل أسمر"(14)، كما أطلق اسم أشنونا على المملكة نفسها(15).

كانت مملكة أشنونا أول الممالك التي استقلت عن سلطة أور الثالثة وذلك في السنة الثانية من حكم أخر ملوكها (أبي-سين Abi-Sin) (2028-2004 ق.م). ويبدو ان السبب الذي شجعها على الانفصال هو بعدها عن مدينة أور، حيث أن ارجاعها إلى سلطة أور الثالثة سوف تكلف الملك "أبي-سين" مالا يستطيع توفيره بسبب شحة المواد الغذائية في عاصمته، ولذلك فقد تقبل ملك أور هذا الانفصال مجبراً لا راضياً، فخسر بذلك منطقة ديالى بكاملها(16) واصبح (اتوريا Aturia) 2026-2018 ق.م) والذي حمل أسماً جزرياً أول من حكم أشنونا بعد أستقلالها ولا تُعرف تفاصيل كثيرة من الاحداث التاريخية التي وقعت أبان مدة حكمه(17).

________________

(1) ساكز، هاري، عظمة بابل... ، ص79.

(2) Gibson, MC., and Steinkeller, P., Uch tepeI, the Chicago-Copenhagen Expidition   to Hamrin, (Denmark, 1981), P.11.

(3) بورستكيت، ج. ن.، "الجغرافية التاريخية لحوض سد حمرين" سومر، م35 (1979)، ص588.

(4) Oates, D., studies in the Ancient History of Northern Iraq, P. 7F.

(5) تل أسمر: وهو أحد التلال المهمة الواقعة شرقي نهر ديالى، يبعد حوالي(80كم) شمال شرقي بغداد، بدأ التنقيب فيه عام 1930 وحتى عام 1936 من قبل المعهد الشرقي في أمريكا، للمزيد ينظر: الاحمد، سامي سعيد، العراق القديم، ج2، ص173. 

(6) تل أشجالي (نريبتوم): وهو تل كبير يقع إلى الجنوب الشرقي من تل خفاجي بحوالي (5كم) وقد نقبت فيه بعثة من المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو بين عام 1934-1936م وعلى موسمين تحت اشراف جاكبسون، للمزيد ينظر: المصدر نفسه، ص175. 

(7) تل خفاجي (توتوب): وهو أحد التلال الواقعة شرق مدينة بغداد بحوالي (15كم)، ويقع على بعد (24كم) شمال شرق التقاء نهر ديإلى بدجلة، وقد نقبت فيه بعثة من المعهد الشرقي بين عام 1930-1938م، للمزيد ينظر: المصدر نفسه، ص174

(8) تل حرمل (شادبوّم): وهو عبارة عن تل صغير يقع على بعد ستة أميال إلى الشرق من بغداد، وإلى اليسار قليلاً من طريق بغداد-بعقوبة حالياً. نقب من قبل مديرية الاثار في عام 1945م. للمزيد ينظر: المصدر نفسه، ص174.

(9) تليّ السيب وحداد (ميتوران): السيب هو أحد التلال الواقعة في منطقة حوض حمرين، ويقع على بعد (2كم) غرب نهر ديالى، وعلى بعد (18كم) غرب مدينة جلولاء، أما تل حداد فهو أحد المواقع المهمة الكائنة غرب نهر ديإلى والذي يبعد (3كم) عنه ويقع إلى الجنوب من ناحية السعدية بمسافة (20كم)، للمزيد ينظر : حميد، أحمد مجيد، دراسات في نصوص غير منشورة من العهد البابلي القديم، رسالة ماجستير غير منشورة، (بغداد، 1990)، ص43.

(10) Gibson, MC., & Steinkeller, Op. Cit., P.11.

(11) بورستكيت، ج. ن.، المصدر السابق، ص586-587.

(12) كتب أسم أشنونا في النصوص المسمارية بثلاث طرق هي (Eš.nun-naki, Aš-nun-naki, Iš-nun-naki) للمزيد ينظر:       Groneberg, B., RGTC.3, PP.74-75.   

(13) Jacobsen, Th., "Philogical Notes on Ešnunna and its Inscriptions" AS.6, (Chicago, 1934), P.16.

(14) الأحمد، سامي سعيد، العراق القديم... ،  ج2، ص173.

(15) Frankfort, H., and, Jacobsen, the, Tell Asmer and Khafaje, (Chicago, 1932), OIC.13, P.3.

(16) رشيد، فوزي، أبي-سين أخر ملوك سلالة أور الثالثة، ص44.

(17) ظهر اسم (أتوريا) في كتابات سلالة أور الثالثة كأمير معترف به منذ السنة التاسعة من حكم الملك السومري(شو- سين Šu-Sin) وحتى السنة الأولى من حكم الملك "أبي-سين"، إذ يذكر احد النصوص أن (أمير أشنونا أتوريا قد بنى معبداً لسيده الإله "شو-سين" في أشنونا) للمزيد ينظر:

حميد، أحمد مجيد، "نصوص مسمارية غير منشورة من العصر البابلي القديم"، أطروحة دكتوراه غير منشورة، (بغداد، 2002)، ص15.