المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6767 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

الفرق بين (سنة) و (عام) و (حول)
10-6-2016
Malvidin
30-12-2018
المجمل و المبين
29-8-2016
New Mersenne Prime Conjecture
24-9-2020
Bohr Model of the Atom
25-3-2017
اهم اصناف الفاصوليا المزروعة
30-9-2020


2- حمورابي وخلفائه  
  
2267   12:55 مساءاً   التاريخ: 17-9-2016
المؤلف : حسين محمد محيي الدين السعدي
الكتاب أو المصدر : تاريخ الشرق الادنى القديم العراق – إيران – آسيا الصغرى
الجزء والصفحة : ج2, ص128-139
القسم : التاريخ / العصر البابلي القديم /

عصر حمورابي (1792 – 175 ق.م.):

عندما تولى حمورابي حكم مملكة بابل خلفا لوالده، كانت منطقة الشرق الادنى تموج من حوله بقوى مختلفة المشارب، متفاوتة القوى، فالجنوب تبرز فيه مملكة لارسا بقادتها العيلاميين الذين تحالفوا مع حاكم اشنونا مشرقا. اما شمالا فكانت اشور بزعامة شمش أداد الأول سيدة الموقف على ماري وغيرها من مدن الشمال.

ولم يكن حمورابي (واسمه منسوب للأله السامي حمو؛ ومعناه الاله حمو العظيم) أرعن الشخصية، بل كان سياسيا فذا، لم يلق بنفسه في آتون الصراع فور توليه الحكم. بل على العكس فقد تبنى سياسة سلمية اظهر فيها روحا طيبة لملك آشور. وشرع خلال السنوات الخمس الأولى من حكمه الممتد لاثنين وأربعين عاما في توطيد دعائم ملكه داخليا قبل البدء في تحقيق هدفه الاسمى وهو توحيد العراق تحت سيطرته. وهذه الجهود على اية حال، لم تتعدى انشاء المعابد او شق القنوات فضلا عن تجديد التحصينات التقليدية بعاصمة الملكة.

وجدير بالذكر، انه من الصعوبة بمكان التعرض لسياسته الداخلية والخارجية على حدة ذلك انه منذ بدأ نشاطه العسكري وكل منطقة يضمها في اطار ملكه تنصب عليها جهوده في الاصلاحات الداخلية والتي كان قوامها بالطبع تشريعاته التي سنلقي عليها الضوء بعد استعراض نشاطه العسكري المسجل وفقا لسني حكمه وتكوينه لإمبراطورتيه الموحدة المدينة بعد الاخرى والعام تلو الاخر.

فمع بداية عامه السادس 1787 ق.م. خاض حمورابي حروبا خاطفة محددة الاهداف نجح فيها في ضم الوركاء ومن بعدها ايسين، ثم اعقبها بعد ثلاث سنوات بتدمير مالجوم ورابيقوم شمال سيبار في العام العاشر من حكمه. ويبدو انه اثر الاستكانة لفترة قاربت العشرين عاما حتى لا يجعل بالصدام مع قوة آشور التي ظل يعترف لقائمها شمش آداد الأول بالسيادة، شاغلا نفسه ببناء المعابد وتحصين المدن وشق القنوات فضلا عن اعداد العدة للمرحلة التالية من هجومه.

شملت العمليات العسكرية لهذه المرحلة الثانية من توسعاته نجاحه في الاستيلاء على لارسا، بعد نجاحه ببصيرته السياسية النافذة في استقطاب مدينتي اشنونا وماري لصفة ضدها، بعدما كان كل هؤلاء يشكلون مخالفة بقيادة عيلام. وكان ذلك حوالي عام 1762 ق.م. وليصبح هذا النصر ملك سومر وأكد بحق.

وجدير بالذكر ان طبيعة العلاقة وتحولاتها بين حمورابي ولارسا على عهد حاكمها ريم – وسين سوف تعطينا مؤشرا واضحا لأسلوب الملك البابلي في التعامل مع الحكام المحيطين به. فكل الشواهد التاريخية تشير إلى انقضاضه على حلفاء الأمس بادءاً بمملكة أشنونا حوالي عام 1763 ق.م. وبمساعدة حاكم ماري زمري ليم. في حين استند حاكم أشنونا على تحالفه مع مملكة عيلام. وقد انتهت هذه التكتلات بانتصار حمورابي على أشنونا ولكنه أخر ضمها حتى ينهي ضم مملكة حليف الامس زمري ليم، وهي مملكة ماري.

وربما يرجع هذا الزحف الاخير لمملكة ماري من قبل حمورابي، إلى محاولة الاخير تقليم اظافر هذه المملكة التي رغم عمق علاقاتها معه الا ان علاقاتها مع مملكة حلب ذات الثراء والرخاء الاقتصادي قد جعل حمورابي يسبق أية محاولة لعقد تحالفات جديدة بين ماري وحلب بما يؤثر على وضعه السيادي في المنطقة من ناحية، ويخل بالتوازن في موازين القوى من ناحية اخرى.

وبعد ضم حمورابي لمملكة ماري ضمن مملكته تشير المصادر إلى انه قد عانى من بعض القلاقل التي حاولت شق عصا الطاعة على حكمه بالرغم من تركه زمري عامين من الهجمة الأولى وكان هجوما كاسحا عمد فيه إلى هدم أسوار المدينة وتحريق قصر زمري ليم، جاعلا من المدينة التي كانت عاصمة للفرات الأوسط اثرا بعد عين.

بيد أنه فيما بين غزوتيه لماري كان قد تلخص من تهديد ملك أشنونا لأطماعه التوسعية، اذ كان هذا الاخير قد عقد حلفا مع الجوتيين ومالجوم وآشور. ولقد نجح في هزيمة أشنونا بعد ما حول المياه عن المدينة. وبعدما دانت له منطقة سوبارتو (آشور) وكذا نينوى، حيث دعم سلطانه هناك بنشر الحاميات في أركان المنطقة، كما امتد نفوذه حتى الحدود السورية.

وهكذا في غضون عشرين عاما كانت ممالك الرافدين قد دانت بالولاء والسيادة لبابل، التي أصبحت بدورها عاصمة لمملكة جديدة موحدة بقيادة حمورابي. وقد ترامت أطراف هذه المملكة ممتدة من ماري وتوتول غربا ومن آشور ونينوى عبر دجلة وبامتداده جنوبا لأور وأريدو وجرسو. وهي الاسماء التي ترددت في مقدمة قانون حمورابي الشهير في قائمة تم فيها ترتيب المدن الخاضعة له ترتيبا يتفق ومكانتها الدينية وليست الإدارية. كما أنها تتفق والألقاب التي انتحلها حمورابي لتغطي اتساع مملكته فهو (الملك العظيم، ملك بابل، ملك كل بلاد امورو، ملك سومر وأكد، ملك الجهات الاربع).

وتجدر الاشارة قبل ان ننهي مجهوداته العسكرية الخارجية إلى القبول بان هذه السياسة العسكرية لم تكن – كما رأينا – مطلقه، بل غفلها حمورابي بين الحين والاخر بعلاقات سلمية كفلت له مهادنة بعض المدن ضماما لتحييدها، ان لم يكن للتحالف معها. ولقد لعبت السفارات الدبلوماسية في هذا الصدد دورا مشهورا في نقل المراسلات والتي كانت تتضمن فحواها أيضاً الاستخبارات عن احوال المدن التي يقيم فيها السفراء.

اما عن سياسة حمورابي الداخلية فقد قامت على أساسين رئيسيين مثلا وجهي العملية في احكام قبضة العاصمة على ممالك الدولة المترامية الاطراف، وهي الجانب الاداري والجانب التشريعي. وبالنسبة للجانب الاداري فقد استهدف في المقام الأول تثبيت دعائم الوحدة السياسية على اساس من المركزية المطلقة التي تربط حكم كان المدن التابعة له بالعاصمة بابل. ولعل هذا النظام قد قلص من نفوذ الحكام الكهنة الذين حملوا لقب (انسي)، جامعين بين السلطتين الزمنية والدينية، بحيث اصبح الحاكم في النظام الجديد مدنيا صرفا يستمد أوامره من الملك. الذي جمع في يده كل مقدرات السلطة سياسيا واقتصاديا. وقد توفر على هذا النظام مجموعة من الموظفين كانوا بمثابة حلقة الوصل بينه وبين حكام المدن. وهؤلاء الموظفون كانوا يخضعون لإشراف مفتشين.

ولعل من نافلة القول، ان نذكر بعض الامثلة على دقة هذا النظام وجمعه كل الأمور في قبضة حمورابي. اذ تشير بعض الرسائل المتبادلة بينه وبين موظفيه من حكام المدن إلى كمية المنصرف من مخازن الدولة لهم من بعض المواد التي تقدموا بطلبها مثل الاخشاب. وكيف ان موافقة حمورابي قد اشتملت على كم ومواصفات الكمية المنصرفة. كما تضمنت بعض هذه الرسائل اوامر تتعلق بتنظيم التقويم او بث رجال استخباراته او الشروع في التحقيق في قضية ما، او الفصل بين التجار في منازعاتهم. فضلا عن توجيهاته باستصلاح الاراضي او فتح قنوات جديدة او اصلاح القديم منها.

وفي المجمل فإن هذه الرسائل انما تعطينا صورة واضحة عن رغبة حمورابي ليس فقط في جمع كل خيوط الدارة تحت يديه في مركزية ممعنة التركيز، بل وفي اشعار الحكام التابعين له بهذه الرغبة او بالأحرى هذا الأمر الواقع. وقد استلزم تطبيق هذا الهدف اقامة شبكة اتصال بين تلك المدن قوامها نظام العدائين السريع والمعروف بنظام day to day running، وكان الموظف فيه يسمى (مارشبري). وفيه كان يقوم اولئك العداؤون بحمل الرسائل المراد توصيلها والعدو بها وفق محطات محددة قسمت إليها مناطق الدولة. ويتم تسليم الرسائل من عداء إلى اخر حتى تصل إلى كاتم السر فيفض ختمها ويتلوها على مليكه ثم يعد الرد للعودة به إلى حيث يراد ارساله. وان كان هذا النظام لم يغفل بالطبع منح بعض الاختصاصات الثانوية لمجالس المدن كالفصل في القضايا الصغرى او جباية بعض الضرائب.

وتوكيدا لتحقيق الهدف الوحدوي المنشود لأجزاء امبراطوريته والذي يعزز تدابيره الإدارية، عمد حمورابي إلى توحيد البلاد ثقافيا وفكريا وعقيديا وذلك بنشر المدارس في المدن الكبرى مع توجيه رجاله إلى جمع عيون الأدب السومري وقوائم الارباب والملوك واعادة تدوينها. كما وجه عنايته إلى الإله الرسمي للدولة وهو الإله مردوك (مردوخ) اله بابل، الذي ترد إليه عناصر الخلق جمعاء من سموات وأرض وكافة المخلوقات ليحل بذلك محل الالهة التقليدية لسومر في هذا الصدد. وليعطي بذلك احد اوضح الامثلة على التحولات العقائدية المرتبطة بالتحولات السياسية.

وتجدر الاشارة إلى أهمية الجيش في تنظيمات حمورابي الادارية، حيث جعل التجنيد اجباريا وفرض عين على كل فرد قادر على (الذهاب في طريق الملك) وهو التعبير الاصطلاحي للجندية.

وتعادل الجيش في أهمية الحياة الدينية والتي اشرف عليها حمورابي اشرافا مباشرا بحيث جعل مخصصات المعابد ومقدراتها الاقتصادية تحت امرته المباشرة وذلك من خلال التقارير التي كان يرسلها له مندوبو التاج المشرفين على املاك المعابد.

وتجدر الاشارة في هذا الصدد، إلى انه من الصعب على الباحث تحديد سمة التوازن بين اقتصاديات القصر الملكية والمعبد وكبار رجال الدولة. بيد انه بعامه يمكن القول ان القصر الحاكم كان أهم ملمح في مدن الإمبراطورية البابلية، وان تعاظم السلطة الملكية لم يتأتى بحكم كون الملك الكاهن الأعلى للاله المعبود ولكنه تأتي من تعاظم السلطة الزمنية التي تمتع بها الملك. وهو الأمر الذي انعكس بدوره على تلك الالقاب المدنية التي كان يتحلى بها الملك برغم التوكيد على الادعاء الدائم بكونه يحظى برعاية الإله ومساندته.

ولقد انعكس بالطبع تنامي السلطة الزمنية على المقدرات الخاصة للأفراد في مجالات الزراعة والتجارة والصناعة وهو ما يفسر كثرة المصادر التي ترجع لذلك العصر والتي تحتوي على كمية هائلة من العقود وصكوك الملكية والايجارات وغيرها من مظاهر التعاملات الخاصة التي تشير لحجم ملكية الافراد على حساب المعابد.

أما الاساس الثاني الذي استند عليه حمورابي في تحقيق الوحدة فهو المعروف اصطلاحا (بقانون حمورابي) أو (تشريعات حمورابي). ولسوف نلقي الضوء على المضمون العام لمواد ذلك التشريع ثم نعلق عليه بالتقويم والنقد.

قانون حمورابي وتشريعاته:

وبادئ ذي بدء، فان المصادر تشير إلى ان التشريع قد اشتمل على 282 مادة عالجت عدة موضوعات متنوعة منها ما هو اقتصادي او مرتبط بالملكية او بقواعد تنظيم العبيد ومقدراتهم واسعارهم واجورهم، فضلا عن الأمور العائلية. ولقد صنف بعض الباحثين هذه المواد إلى عشرة انواع يتناول الأول منها الاجراءات المتعلقة بالتقاضي وكيفية تنظيمها. والنوع الثاني يتعلق بالأموال وما يرتبط بها من سرقات وخطف للأطفال والعبيد. اما الثالث فتتعلق مواده بالاراضي الزراعية وما يرتبط بها من مسئوليات الفلاحين او مشكلات الري. اما النوع الرابع فيخص التجارة بكافة قضاياها من ديون ورهون وودائع وأماكن التجارة وطرق مواصلاتها. في حين يتعلق النوعين الخامس والسادس بالأحوال الشخصية والعلاقات الاجتماعية من زواج وطلاق وميراث وقذف.. الخ.. اما مواد النوع السابع فتتعلق بالقوانين المنظمة لأصحاب المهن كالأطباء والملاحين وصناع السفن وغيرهم. في حين اختص النوع الثامن بأحكام تتعلق بالأعمال الزراعية ومتعلقاتها من دواب وعمال وآلات. ويرتبط النوع التاسع بسابقيه حيث تعلق بتحديد اجور العمال بأعمالهم المختلفة. في حين اختص النوع العاشر والاخير بالعبيد.  واذا ما حاولنا نقد وتقويم التشريع السابق فيمكن القول ان اطلاق لفظ تشريع على هذه المواد بشكل اصطلاحي انما يرجع لعدم تضمن هذه المواد أية وحدة موضوعية متكاملة فيما بينها، اي ان الاطلاق مجازي أكثر منه واقعي. لا سيما وان القانون حاول تقنين الاعراف المعمول بها في مجتمعات الرافدين بما يتلاءم والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الجديدة. وهذا التقنين جعل تطبيق القانون وتنفيذه في يد الدولة دون ان يكون للفرد دور في تنفيذه. فعلى سبيل المثال مسألة العين بالعين او القصاص بعامه لم يكن من حق الفرد وضعها موضع التنفيذ كما كان يحدث سلفا لأنها كانت من اختصاص الدولة.

بيد ان التشريع قد اشتمل عليهن بعض الأمور الايجابية لاسيما تلك التي تتعلق بأحكام الزواج والطلاق، وكذا عدم دفع الضرائب طالما ان انتاج الفرد قد تعرض لقوة قاهرة من مظاهر الطبيعة المدمرة. فضلا عن تشديد العقوبة على الطبقة الحاكمة مقارنة بالمحكومين حتى تكون قدوة لهم.

ولعل ترديد هذه العبارة، كانت هي الهدف من تشريعات حمورابي فقد شرعها ... (كي تسود العدل في ارجال البلاد، وكي يقضي على الاشراء والسفلة، وكي لا يستطيع الاقوياء ظلم الضعفاء). وهو هدف مثالي كان يأمل حمورابي تحقيقه في ضوء ذلك التقسيم الطبقي للمجتمع البابلي والذي ألقى  التشريع الضوء عليه في طيات مواده. فقد كان على قمة السلم الطبقي الملك بمفرده الذي له حق التدخل في كل الأمور، يليه ثلاث طبقات اجتماعية، الأولى طبقة الاحرار (الأويليوم) ثم طبقة (الموشكينوم) وربما تمتع اصحابها باستقلالية لكثرة التزاماتها من ضرائب وخدمة الزامية في التجنيد فضلا عن تقسيم ميراث الفرد فيها بين اولاده بما يؤدي إلى تفتيت الثروة إلى وحدات صغيرة.

وعلى اية حال، فلقد امر حمورابي بان تسجل احكامه التشريعية على لوحات وضع في المعابد كشاهد امام الارباب على ان جلالته قد قام بمهمته كملك عادل خير قيام، وان عدله قد وافق رغبات الآلهة. وهو اجراء حفظ لنا تشريعاته جنبا إلى جنب مع تشريعات سابقيه من حكام بلاد النهرين، بما يكفل للباحث اجراء المقارنة الموضوعية اللازمة بين كل منها وهو ما يستلزم بحثا منفردا بذاته ليس مجاله هذا المقام بحال من الاحوال.

وبحلول عام 1750 ق.م. يسدل الستار على حياة احد اعظم حكام بلاد الرافدين، وأعظم حكام الممالك البابلية على الاطلاق، ليبدأ الشطر الثالث من تاريخ الدولة البابلية الأولى بوفاته وهو ما ذهبنا إلى تسميته (عصر خلفاء حمورابي).

عصر خلفاء حمورابي (1749-1595 ق.م.):

يبلغ عدد الحكام الذين تعاقبوا على حكم بابل بعد حمورابي خمسة حكام، بلغ مجموع سني حكمهم حوالي 155 عاما. على الرغم من طول مدد حكمهم نسبيا اذا كانت اقل مدة حوالي 21 سنة، الا ان اي منهم لم يكن في مستوى حمورابي. وهو الأمر الذي ربما يرجع إلى حمورابي ذاته الذي شغلته طموحاته عن اعداد خلف له على ذات المستوى الذي وصل إليه وبما يتفق ووضع الامبراطورية الجديدة. بما يعني ان عدم توازي مرحلة تكوين الامبراطورية مع اعداد من يناسبها في الحكم قد حمل في طياته بذرة تفكك اوصال هذه الامبراطورية.

ليس ذلك فحسب، بل ان السعي إلى خلق حكومة مركزية على حساب استقلال دويلات المدن كان احد أهم العوامل التي تنذر بتفكك هذه الوحد التي ارتبطت دون شك بمقيمها في المقام الأول، وهو حمورابي. اما ثالث العوامل فهو ظهور نشاط العديد من القوى على الساحة الدولية بحيث لعب كل منها دورا متباينا وفقا لحجمه وطبيعة ظروفه، وكان لزاما ان تحدث العديد من التدخلات بين ملوك بابل وهذه القوى مثل الحيثيين والآشوريين والميتانيين والكاشيين والحوريين فضلا عن مصر.

ومن ثم، فلم يلبث سمسوايلونا ان يعتلي عرش بابل خلفا لوالده الا وبدأت حركات المترد ضد سلطة بابل وفي عدة جبهات. فقد حاول الكاشيون مهاجمة بابل عبر مرتفعات عيلام الغربية لكنهم واجهوا دفاعا صلدا حال بينهم وبين مبتغاهم فآثروا التغلغل فرادى بشكل سلمي وبهدف العمل. ولقد كانت محاولتهم هذه في الواقع نذير شؤم على الامبراطورية البابلية، وفأل حسن بالنسبة لهم حيث تمكنوا بعد ذلك من اعتلاء عرش المنطقة لفترة تزيد عن الاربعة قرون.

ولقد تبعتهم محاولة اخرى على يد احد حكام لارسا ويدعى ريم سين الثاني، الذي فرض سيطرته على أور والوركاء حتى نجح سمسو ايلونا بعد عامين من تهديداته في القبض عليه والتنكيل به ذبحا وحرقا. وان ظلت آثار التمرد مستعمرة لفترة بعد ذلك مما استدعى القيام بحملة ثانية كانت اشد ضراوة.

وفي ايسين كانت محاولة الانفصال على يد أيلوما – أيلو وقد ذهب نجاحه مذهبا بعيدا، اذ اسس في المنطقة الجنوبية دولة أطلق عليها اسم (دولة بابل الثانية) او (سلالة الإقليم البحري) .

وفي ذات القوت الذي تمردت فيه المنطقة الجنوبي كان سمسو أيلونا يواجه إنفصالاً من المقاطعات الشمالية الشرقية عن جسم الدولة بزعامة آشور. كما تعرضت البلاد لقلاقل من بعض الجماعات الأمورية وجماعات السوتيون الذين استهدفوا أسر الافراد وبيعهم كعبيد.

وعلى الرغم من كل هذه القلاقل فقد واجه سمسو ايلونة عنايته خلال مدة حكمه الممتدة لسبع وثلاثين عاما للقيام ببعض المشروعات الانشائية مثل حفره لقناتين وتجميل المعابد الكبرى خاصة في بابل وسيبار، كما أعاد ما تهدم من اسوار المدن ودعم قلاع البعض الاخر. كما سيطر على طرق التجارة إلى سورية عبر الفرات.

بيد أنه ما ان انتهى عهده الا وكانت حدود مملكته قد تقلصت داخل حدود اقليم اكد بعدما فقدت اقاليمها الجنوبية والشمالية. وكان على خلفه ايي – ايشوح ان يتعامل مع الوضع القائم على هذا الأساس. بمعنى المحافظة على ما بقى من الإمبراطورية المتقلصة  دون محاولة استرجاع ما ضاع منها. وقد أثبت الواقع التاريخي ذلك بفشله في استرجاع الاقليم الجنوبي لسومر رغم اقامته سدا على نهر دجلة. كما نجح الكاشيون في كسب اراضي جديدة بمنطقة عانة الحالية (حوالي 200 ميل عن بابل على نهر الفرات)، رغم سماحه لهم بالاستيطان وامتهان بعض الاعمال.

ولقد خلفه امي ديتانا ثم إمي – صادوقا واخيرا شمشو ديتانا. ولقد بذلوا قدر طاقتهم من الجهد في بناء الاسوار وتشييد الحصون ووقف خطر مملكة الاقليم البحري. كما رمموا المعابد وشقوا القنوات.

وتعوزنا المصادر المتعلقة بعهودهم بشكل وافر، باستثناء عهد أمي صادوقا الذي ترك لنا لوحتين تضمنت احداهما مرسوما باسمه حاول فيه نشر العدل بين الناس وتنظيم ديونهم وضرائبهم. اما الثانية فلوحة الفأل الخاص بكوكب الزهرة والتي كانت تشير لحسن الطالع من عدمه. كما ان ما اشتملت عليه من تقاويم انما يساعد الباحثين في تحديد سني الحكم الخاصة بملوك تلك الفترة بدقة.

ويبدو ان هذه اللوحة الاخيرة لم تشر إلى سوء الطالع الذي عجل بنهاية هذه المملكة البابلية الأولى، ونعني به خطر الحيثيين القادم من الاناضول. اذ دفع طموح هذه القوة الجديدة إلى اجتياح ما حولها مناطق بالأناضول وشمال سوريا، كما حددت القوى المناوئة لها وهي قبائل اللولوبي غرب والحوريون شرقا توجهها الجنوبي لاجتياح ما تبقى من مملكة بابل، وهو زحف استمر لحوالي ستين عاما حتى عهد مورسيللي الأول الذي اجتاح كل ما صادفه من مدن وأعمل فيها السلب والنهب حتى        وصل إلى بابل فاحتلها ونهبها ونقل ثرواتها كغنائم إلى العاصمة الحيثية خاتو ساس.

وبذلك أفل نجم الدولة البابلية الأولى وأعظم الممالك البابلية قاطبة بعدما استمرت لثلاث قرون، وأصبحت بابل مغنما سهل المنال امام قوة غازية بعدما انسحب منها الملك الحيثي ربما لظروف تتعلق بأمن عرشه في عاصمته خاتو ساس. لتقم بخروجه اسرة بابلية جديدة على يد الكاشيون، وهي الاسرة الثالثة.




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).