أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-08
1020
التاريخ: 15-9-2016
1022
التاريخ: 15-9-2016
893
التاريخ: 15-9-2016
1293
|
االتحركات البشرية في منطقة الشرق الادنى القديم :
تعتبر ظاهرة التحركات البشرية التي سادت منطقة الشرق الادنى القديم من الظواهر الهامة التي أثرت على معالم التكوين السياسي والحضاري في تلك المنطقة . ولم تكتف تلك الهجرات يترك بصماتها في المجال الاقتصادي فحسب ، بل تعدته الى المجال الفكري . ذلك لان المجموعات البشرية عند عبورها لهذه المنطقة ، كانت تترك أثرا بصورة مباشرة أو غير مباشرة في المجتمعات القاطنة أصلا في بعض اجزاء هذه المنطقة . هذا بالاضافة الى ان هذه التحركات كانت لا تتحرك بسرعة كبيرة لأنها احيانا تحاول الاستقرار ولو بصورة مؤقتة في بعض أجزاء هذه المنطقة لأسباب اقتصادية أو سياسية أو غيرها . وسرعان ما تترك هذه الاجزاء وتقطن اجزاء أخرى تبعا لمصالحها الخاصة . وفي أثناء استقرار هذه الشعوب كانت تترك آثاراً في هذه الامكان . ولما كانت هذه التحركات البشرية تحمل لغات وديانات وحضارات وأساليب حضارية مادية ومعنوية مختلفة الى حد كبير عن الاساليب والقيم والافكار التي كانت تؤمن بها العناصر القاطنة ، فقد نتج تبعا لهذا الاختلاط نوع من المواجهة الحضارية في تلك المجتمعات بين العناصر البشرية الوافدة والعناصر الاصلية . وتصل هذه الموجهة الى درجة التنافس . وفي بعض الاحيان الى درجة التصادم والى درجات الحرب بين العناصر الوافدة والعناصر الاصلية . وكانت تلك الهجرات البشرية شبه دائمة تتحرك حسب حاجاتها ومطالبها الاقتصادية بصفة خاصة وأيضا حسب نشاطها السياسي والديني . وتنبغي الاشارة في هذا المجال الى اعطاء اهمية خاصة للناحية الاقتصادية لأن الدافع الاقتصادي كان يدفع الانسان الى الهجرة من مكان الى آخر طلباً للرزق وتوسيع مجال نشاطه وتجارته .
وهذا لا يمنع بطبيعة الحال من وجود العامل السياسي والعامل الديني في توسيع نطاق دائرته. ولكنني اعطى اهمية خاص للعامل الاقتصادي على اساس كونه عاملاً يدفع الانسان الى الانتقال وبصفة خاصة الى منطقة الشرق الادنى القديم ، وبالذات منطقة الهلال الخصيب .
وتاريخ الشرق الادنى القديم يتضمن العديد من التحركات البشرية ، ويمثل العراق القديم منطقة جذب لكثير من تلك التحركات البشرية سواء الحامية او السامية الوافدة من شبه الجزيرة العربية (1) أو التحركات الهندو أوربية (2) الخارجة من القارة الهندية . ولقد ترتب على تلك الهجرات المتعددة استقرار الكثير من العناصر السامية والسومرية بالإضافة الى العناصر العيلامية والجبلية في العراق القديم .
وفي الامكان ملاحظة تحرك العناصر السامية الامورية الى سورية ومنها نزلت بموازاة الفرات الى جنوب العراق القديم حيث استقرت في ايسين . اما العناصر الجبلية والعيلامية ، فقد دخلت مدينة أور وقضت على أسرة أور الثالثة واتخذت لارسة عاصمة لها .
وتشير الادلة الاثرية الى ان اقدم الحضارات الهامة في بلاد الرافدين هي الحضارة السومرية . وفي الامكان ارجاع استقرار العناصر السومرية عصر حضارة العبيد . وقد حاول المؤرخون التعرف على الجنس السومري ، وهل هم من السكان الاصليين ؟ أم انهم وفدوا الى جنوب العراق عن طريق الهجرات والتحركات البشرية التي سادت منطقة الشرق الادنى القديم في بداية العصر التاريخي. وذلك على اساس أن منطقة الشرق الادنى القديم تميزت منذ البداية بأنها منطقة مرور، تمر عليها التحركات البشرية المختلفة نظراً لأن هذه المنطقة كانت تحتل موقعاً متوسطا بين مختلف أجزاء العالم. وكانت تلك التحركات البشرية تتم اما على هيئة تسللات جماعية، او غارات مفاجئة . وقد واجه العراق القديم الكثير من هذه التحركات البشرية منذ البداية. وكان على رأس تلك التحركات العناصر السومرية. وفى مجال البحث عن أصل العناصر السومرية (٣) اشارت بعض الدراسات الى احتمال ارجاع العنصر السومري الى الجنس السامي (4) على اساس التحركات الشرقية التي خرجت من شبه الجزيرة العربية فى شعبتها الشمالية الشرقية المتجهة الى جنوب بلاد العراق. الا أن دراسة الجماجم السومرية والسامية اثبتت وجود فروق واضحة . كما أن الدراسات اللغوية اثبتت عدم انتماء اللغة السومرية الى اللغة السامية. لذاك اتجه العلماء الى محاولة الدراسة المقارنة بين المخلفات الاثرية السومرية، ومخلفات الشعوب المجاورة والمعاصرة بغرض التوصل الى معرفة اصل العنصر السومري . فاعتقد البعض بإرجاع مصدرهم الى منطقة عيلام الواقعة شرق العراق . ثم زادوا على ذلك المصدر الشرقي بإرجاع أصل السومريين الى منطقة ما تقع بين شمال الهند وبين أفغانستان وبلوخستان .
وقد بنى هؤلاء العلماء هذا الاتجاه من دراساتهم للآثار المختلفة سواء المادية منها أو المعنوية ، والتي أظهرتها الحفائر في جنوب العراق في والهضبة الايرانية وفي منطقة خارابا Harappa ومو هنجوداروا Mohenjo Daro في وادي السند . فقد لاحظ العلماء الاثرية السالفة الذكر . ومن ذلك ، وجود أوجه الشبه بين الفخار السومري القديم وفخار بلاد السند (5) . وكذلك تشابه الفخار المزخرف الملون الذي عثر عليه في سوسة عاصمة عيلام ، ورسوم الاواني السومرية . هذا بالإضافة الى قطع من العقيق عثر عليها في كل من سومر ومنطقتي خارابا وموهنجوداروا . وكذلك استخدام الكتابة الصورية التي تشبه الى حد كبير تلك التي استخدمها السومريون (6) . وقد توصل هؤلاء العلماء الذين اعتقدوا في الاصل الشرقي للعنصر السومري الى احتمال قدوم السومريين من شمال الهند ، حيث استقروا لبعض الوقت في غربي ايران ثم نزحوا الى جنوب العراق عن طريق بلاد عيلام ، ومعنى ذلك قوة احتمال مجيء العناصر السومرية من الشرق أصلا مارة بهذه المواقع .
وقد نشأت في هذا الصدد مشكلة الطريق الذي سلكته تلك العناصر عند تحركها وعند انتقالها. هل أتت بطريق البر؟ أم بطريق البحر؟ ولم يتوصل العلماء الى حل لهذا الاشكال . وربما كانوا قد اتخذوا الطريق البري عبر الهضبة الايرانية الي عيلام ومنها الى جنوب العراق. اما الطريق البحري ، فقد اتخذ خط سيره عن طريق الخليج العربي وجزيرة البحرين المؤدية الى جنوب العراق. وقد أشارت الاساطير السومرية الى السكان الاوائل، وهجرتهم من الجنوب عن طريق البحر، او انهم استقروا في دلمون التي يرجح أنها جزيرة البحرين في الخليج العربي. او انهم استقروا في منطقة وادي السند. اما الاتجاه الثاني في التعرف الى اصل العنصر السومري ، فهو الافتراض الذي ذكره كريمر (7) Kramer من ان السومريين قد وفدوا من منطقة القوقاز الى غربي ايران ومنها الى جنوب العراق . ومهما يكن من امر هذه الآراء في أصل العنصر السومري ، فإن هذه المشكلة ما زالت بحاجة الى قرائن أقوى مدعمة بالأدلة الاثرية . وفي الامكان القول بأن السومريين قد استقروا في اوائل العصر التاريخي في جنوب العراق القديم، وانهم تمكنوا مع العناصر السامية من ارساء الاصول الحضارية في العراق القديم. ونظراً لدورهم القيادي في تلك الحضارة الانسانية ، فإنه يمكن القول بأنهم ابتكروا واضافوا الكثير الى الحضارة العراق القديم في كثير من المجالات سواء في تطوير الكتابة بالخط المسماري ، او في مجال الفنون ، أو نظم الحكم ، او في المعتقدات الدينية ، او في النتاج الادبي ، الى غير من مقومات الحضارة السومرية التي تركت بصماتها الواضحة في تطور وتقدم حضارات الشرق الادنى القديم .
________
(1). Moscati, S., The Face of the Ancient Orient, A Panorama of Near Eastern Civilization in Pre-Classical Times, U.S.A., 1962, P. 9.
(2) هجرات قبلية جبلية.
(3) Moscati, S., Ibid. P. 10
انظر : عن أصل الجنس السومري .
Field, H., Ancient and Modern man in Southwestern Asia, Coral, Gables, 1956.
(4) اصطلح على اطلاق الجنس السامي على الشعوب المتحدثة بإحدى فروع اللغات السامية مثل اللغة الأكدية والبابلية والاشورية والعربية والاشورية والكنعانية والارامية .
(5) عبد العزيز صالح ، المرجع السابق ، ص 388 .
(6) من المحتمل ان يكون السومريون هم اول من اوجدوا وطوروا الكتابة بالخط المسماري ، صمويل كريمر ، المرجع السابق ، ص 9 .
(7) صمويل كريمر ، نفس المرجع ، ص 355 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|