أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-9-2016
717
التاريخ: 29-6-2019
610
التاريخ: 14-9-2016
511
التاريخ: 29-6-2019
364
|
المراد من المفهوم بحسب المتفاهم العرفي هو مطلق المعنى المنطبع في الذهن بقطع النظر عن منشئه ، إذ قد يكون المنشأ هو الأوضاع اللغويّة ، وقد يكون المنشأ هو الإشارة والكتابة ، وقد يكون المنشأ هو الملازمات العقليّة أو العاديّة أو الطبعيّة وقد تكون المشاهد الحسيّة ، وقد يكون منشأ ذلك هو التصورات وقد يكون غير ذلك ، كما لا فرق بين أن يكون المدلول من سنخ المفاهيم التركيبيّة أو المفاهيم الأفراديّة وبين أن يكون جزئيا أو كليّا أو أن يكون من الأعيان الخارجيّة أو المجرّدات ، ففي تمام هذه الحالات يعبّر عن المعنى بالمفهوم.
إلاّ انّ هذا المعنى للمفهوم على سعته ليس هو مقصود الاصوليين من عنوان المفهوم ، وتوضيح المراد من المفهوم الاصولي يتمّ برسم امور :
الأمر الأوّل : انّ الدلالة اللفظيّة تارة تكون مطابقيّة واخرى التزاميّة ، وأمّا الدلالة التضمنيّة فقد اتّضح حالها من بحث « المنطوق ».
ثمّ انّ الدلالة المطابقيّة وكذلك الالتزاميّة قد تكون أفراديّة كما قد تكون تركيبيّة ، بمعنى انّها قد تنتج مفهوما أفراديا كما قد تنتج مفهوما تركيبيّا ، والدلالة بقسميها المنتجة للمفهوم الأفرادي خارجة عن محلّ البحث ، والدلالة المطابقيّة المنتجة للمفهوم التركيبي هي المنطوق ، أي انّ نفس المدلول المطابقي هو المنطوق ، وهو خارج أيضا عن محلّ البحث.
فيتعيّن البحث في الدلالة الالتزاميّة ، وقد قسّمها المحقّق النائيني رحمه الله إلى قسمين بلحاظ اللازم والذي هو المدلول للدلالة الالتزاميّة :
القسم الأوّل : الدلالة التي يكون لازمها بيّنا بالمعنى الأخصّ ، وهو عبارة عن المعنى الخارج عن مدلول اللفظ الاّ انّه لازم له على أن لا يكون تصوّره محتاجا لأكثر من تصوّر مدلول اللفظ.
القسم الثاني : الدلالة التي يكون لازمها بينا بالمعنى الاعم ، وهو عبارة عن المعنى الخارج عن مدلول اللفظ اللازم له إلاّ انّ إدراكه يحتاج لتوسيط مقدّمة عقليّة ، وبهذا لا يكون اللازم بالمعنى الأعمّ من المداليل اللفظيّة باعتبار انّ انتقال الذهن اليه لا يتمّ بواسطة اللفظ وانّما يتمّ بتوسيط العقل.
ومثل رحمه الله لذلك بمقدّمة الواجب ، وبالملازمة بين وجوب الشيء وحرمة ضدّه ، ولم يستبعد انّ مثل دلالة الاقتضاء ، وكذلك دلالة الإيماء والإشارة من قبيل الدلالة الالتزاميّة بالمعنى الأعم.
ثمّ رتّب على ذلك خروج القسم الثاني عن محلّ البحث وانّ المفهوم يختصّ باللازم البيّن بالمعنى الأخصّ وانّه عبارة عن المدلول الالتزامي والذي تكون الدلالة الالتزاميّة معه بيّنة بالمعنى الأخص وتستفاد من نفس اللفظ ، ولا يتمّ إدراكه بتوسّط العقل.
إلاّ انّ السيّد الخوئي رحمه الله أورد على هذا التقسيم بما حاصله : انّ اللازم البيّن بالمعنى الأعمّ من المداليل اللفظيّة ولا يكون إدراكه مفتقرا إلى مقدّمة عقليّة بل انّه يستفاد من نفس اللفظ كما هو الحال في اللازم البيّن بالمعنى الأخصّ ، غايته انّ اللازم البيّن بالمعنى الأخصّ لا يحتاج تصوّره لأكثر من تصوّر مدلول اللفظ « الملزوم » ، وأمّا اللازم البيّن بالمعنى الأعم فلا يتمّ انتقال الذهن اليه إلاّ بعد تصوّر الملزوم « مدلول اللفظ » واللازم والنسبة بينهما إلاّ انّ كلا اللازمين لا يحتاج تصورهما الى توسّط مقدّمة خارجيّة.
وبهذا يتّضح انّ التعريف الذي أفاده المحقّق النائيني رحمه الله للازم البيّن بالمعنى الأعمّ ليس تاما ، والصحيح انّه تعريف للازم غير البيّن ، وهو كما أفاد رحمه الله ليس من المداليل اللفظيّة وان ادراكه يحتاج الى توسط مقدّمة عقليّة وانّ مثل مقدّمة الواجب ومسألة الضدّ من نحو هذه اللوازم ، فهي خارجة عن بحث المفهوم. ولمزيد من التوضيح راجع عنوان « اللازم البيّن واللازم غير البيّن ».
والمتحصّل انّ اللوازم قد تكون بيّنة وقد لا تكون بيّنة ، وغيّر البيّنة خارجة عن بحث المفهوم بلا إشكال وانّما البحث في اللوازم البيّنة والتي تارة تكون بيّنة بالمعنى الأخصّ واخرى تكون بيّنة بالمعنى الأعمّ ، فهل المفهوم هو مطلق اللازم البيّن أو هو مختصّ باللازم البيّن بالمعنى الأخصّ؟
ذهب المحقّق النائيني رحمه الله وكذلك السيّد الخوئي رحمه الله الى اختصاص المفهوم باللازم البيّن بالمعنى الأخص ، إذ هو الذي يحصل الوثوق بإرادة المتكلّم له بمجرّد استظهار إرادة المنطوق ، وأمّا اللازم البيّن بالمعنى الأعم والذي يحتاج تصوّره الى تصور الملزوم واللازم والنسبة بينهما فقد يغفل المتكلّم عنه فلا يكون مريدا له بالإضافة الى إرادة المنطوق ، فلا يمكن استظهار إرادته بمجرّد استظهار إرادة المنطوق.
الأمر الثاني : نسب الى الحاجبي تعريف المفهوم « بأنّه ما دلّ عليه اللفظ لا في محلّ النطق »، وعرّف أيضا بأنّه « حكم غير مذكور » وبأنّه « حكم لغير مذكور » ، والتعاريف الثلاثة تناسب ما ذكرناه في الأمر الأوّل.
أمّا التعريف الاوّل : فالمراد من مدلول اللفظ الذي لا يكون واقعا في محلّ النطق هو اللازم البيّن ، إذ اللازم غير البيّن ليس مدلولا للفظ ـ كما تقدّم ـ وانّما هو مدلول للمقدّمة العقليّة كدلالة وجوب الشيء على وجوب مقدّمته ودلالة وجوب الشيء على حرمة ضده.
ثمّ انّ المراد من اللازم هو خصوص اللازم البيّن بالمعنى الأخص ، وذلك لأنّ اللازم البيّن بالمعنى الأعم وان كان من المداليل اللفظيّة إلاّ انّه غير مقصود من التعريف لعدم امكان احراز إرادة المتكلّم له بمجرّد احراز إرادته للمنطوق ، إذ من الممكن جدا غفلة المتكلّم عنه لاحتياج تصوّره الى تصوّر الملزوم واللازم والنسبة بينهما ، وهذا بخلاف اللازم بالمعنى الأخصّ فإنّ تصوّر الملزوم « مدلول اللفظ » يساوق تصوّر اللازم ، ومنه يمكن استظهار إرادته بمجرّد استظهار إرادة المنطوق. وبهذا يتعيّن إرادة اللازم البيّن بالمعنى الأخصّ من تعريف الحاجبي.
وأمّا التعريف الثاني : فالمراد من الحكم غير المذكور هو الحكم الذي يكون لازما بيّنا بالمعنى الأخصّ لما هو منطوق.
مثلا : لو قيل « إذا جاء زيد فأكرمه » فإنّ لازم هذه القضيّة انّه إذا لم يجيء زيد فلا يجب اكرامه ، فعدم وجوب الإكرام هو الحكم غير المذكور والذي استفيد بواسطة تعليق وجوب الإكرام هو الحكم غير المذكور والذي استفيد بواسطة تعليق وجوب الإكرام على مجيء زيد.
هذا في مفهوم المخالفة ، وأمّا مفهوم الموافقة فالحكم غير المذكور وان كان مسانخا للحكم المذكور إلاّ انّه غيره ، فلا يكون مذكورا وانّما هو لازم لما هو مذكور.
مثلا : قوله تعالى : {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } [الإسراء: 23] ، فالحكم المذكور في الآية الشريفة هو حرمة التأفّف من الوالدين ، وأمّا ما هو لازم لهذا الحكم فهو حرمة الضرب وهو حكم غير مذكور.
وأمّا التعريف الثالث : فكذلك يراد من الحكم لغير المذكور اللازم لما هو مذكور في محلّ النطق، والمراد من غير المذكور هو موضوع أو متعلّق الحكم واللذين تمّ انفهامهما بواسطة القضيّة المذكورة.
ففي مثالنا الأوّل يكون عدم المجيء هو الموضوع غير المذكور والذي انفهم بواسطة تعليق الوجوب على المجيء فينتفي بعدم المجيء الحكم الثابت حين المجيء في القضيّة المذكورة.
وفي المثال الثاني يكون الضرب هو المتعلّق غير المذكور والذي انفهم بواسطة ثبوت الحرمة للتأفّف في القضيّة المذكورة ، وبهذا تثبت الحرمة للضرب والذي هو المتعلّق غير المذكور في القضيّة ، وأمّا المراد من الحكم في التعريف فهو الأعمّ من المباين للحكم المذكور في القضيّة المذكورة كما في مفهوم المخالفة أو المسانخ للحكم الذكور في القضيّة المذكورة كما في مفهوم الموافقة.
والمتحصّل من هذا التعريف انّ المفهوم هو القضيّة التي ثبت فيها حكم لموضوع أو متعلّق غير مذكور ، على أن تكون تلك القضيّة لازمة بنحو اللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ للقضيّة المذكورة.
وبهذا البيان تمّ توجيه التعريفات الثلاثة بنحو يتناسب مع التعريف الذي ذكره المحقّق النائيني والسيّد الخوئي رحمهما الله والذي هو عبارة عن كون المفهوم مدلولا لفظيّا التزاميّا بينا بالمعنى الأخصّ.
الأمر الثالث : وهو بيان الفرق بين مفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة ، وهذا ما سنوضّحه تحت عنواني « مفهوم الموافقة » و « مفهوم المخالفة » ، فراجع.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|