أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-9-2016
573
التاريخ: 13-9-2016
526
التاريخ: 15-6-2019
507
التاريخ: 13-9-2016
376
|
ونبيّن هنا معنى الصحّة والفساد من جهة انّهما حكمان وضعيّان أو ليسا حكمين وضعيين ، فنقول انّ المحقّق النائيني رحمه الله ذكر انّ اعتبار الصحّة والفساد من الأحكام الوضعيّة لا يستقيم إلاّ بناء على انّ المراد منهما أحد معنيين :
المعنى الاوّل : انّ الصحيح هو ما كان واجدا للخصوصيّة التي ينتظر منه التوفّر عليها بحسب طبعه ، فعند ما يقال انّ هذا الطعام صحيح فمعناه انّه واجد للخصوصيّة التي ينتظر منه الاشتمال عليها ، أمّا لو كان فاقدا لهذه الخصوصيّة فإنّه يكون طعاما فاسدا ، فالتمر مثلا والذي شأنه الحلاوة والليونة بحسب طبعه لو كان فاقدا لهما ـ كأن كان مرا أو حشفا ـ لكان فاسدا ، ولو كان متوفرا عليهما لكان صحيحا ، وهكذا الكلام في مثل الصلاة ، فالصلاة الواجدة للخصوصيّة المقتضية للأمر بها وهي المصلحة والملاك تكون صحيحة ، وأمّا الصلاة التي لا تتوفّر على هذه الخصوصيّة تكون فاسدة.
والصحّة بهذا المعنى انّما تكون من دواعي الأمر وعلل جعله ، إذ انّها انّما تنتزع عن مقام ذات الشيء بقطع النظر عن تعلّق الأمر بذلك الشيء ، غايته انّ توفّر الشيء على الخصوصيّة التي يقتضيها طبعه يكون هو الداعي والسبب لأن يتعلّق به الأمر والمتحصّل انّ الصحّة والفساد بهذا المعنى لا يكونان من الأحكام الوضعيّة.
المعنى الثاني : انّ الصحيح هو مطابقة المأتي به للمأمور به أو مطابقة المأتي به للطبيعة المعتبرة ، والفاسد هو ما لا يكون كذلك ، فالصلاة الصحيحة هي الفرد المحقّق أو المقدّر والذي يكون مطابقا للمأمور به ، أي للطبيعة المجعولة ، والعقد الصحيح هو الفرد الخارجي الموافق للعقد الذي اعتبرت معه الملكيّة مثلا ، فالملكيّة هي الحكم وموضوعها طبيعة العقد ، فمتى ما كان الفرد الخارجي مصداقا لطبيعة العقد فإنّه يكون صحيحا ، وأمّا لو لم يكن مصداقا لطبيعة العقد فإنّه يكون فاسدا ، هذا ما أفاده المحقّق النائيني والسيّد الخوئي رحمهما الله.
إلاّ انّ صاحب الكفاية رحمه الله ادعى انّ الصحّة في العبادات تكون بمعنى مطابقة المأتي به للمأمور به ، وأمّا في المعاملات فليس كذلك بل انّ الصحّة في المعاملات تعني ترتيب الأثر على المعاملة ، فمتى ما كان أثر المعاملة مترتبا فإنّها تكون صحيحة أمّا إذا لم يترتّب الأثر على المعاملة فإنّها تكون فاسدة.
وبناء على هذا الاختلاف في معنى الصحّة كانت النتيجة هي انّ الصحّة في العبادات ليست من الأحكام الوضعيّة ، إذ انّها لا ترتبط بالجعل الشرعي ، وذلك لأنّ مطابقة المأتي به للمأمور به وعدم المطابقة انّما هو من الامور التكوينيّة القهريّة والتي لا تفتقر للجعل ، إذ لا يمكن أن يقال عن مصداق الطبيعة انّه ليس مصداقا لها ، كما انّ اعتباره مصداقا لها تحصيل للحاصل. وهكذا الكلام في الفساد فإنّ عدم مطابقة المأتي به للمأمور به لا يحتاج الى جعل بل هو ثابت في نفس الأمر بقطع النظر عن الجعل والاعتبار.
وأمّا الصحّة في المعاملات فلأنّ معناها هو ترتب الأثر على المعاملات افتقرت للجعل ، فما لم يعتبر الشارع ترتب الأثر على المعاملة فإنّها لا تترتب ، وهكذا الكلام في الفساد فإنّه منوط باعتبار الشارع عدم ترتب الأثر على المعاملة.
إلاّ انّ السيّد الخوئي رحمه الله حيث لم يقبل بدعوى الفرق بين معنى الصّحة في العبادات ومعنى الصحّة في المعاملات وذهب الى انّ لهما معنى واحد في العبادات والمعاملات معا وهو المطابقة وعدم المطابقة لأجل ذلك بنى على انّ الصحّة والفساد وفي المعاملات ليسا من الأحكام الوضعيّة بل هما من الامور التكوينيّة الغير المفتقرة للجعل والاعتبار إلاّ انّه فصّل بين الصحّة والفساد الواقعيّتين والصحّة والفساد الظاهريتين.
وأفاد بأنّ الصحة والفساد الواقعيّتين ليستا من الأحكام الوضعيّة ، وأمّا الصحّة والفساد الظاهريتين فباعتبار انّ موضوعهما هو الفرد المشكوك فإنّ للشارع الحكم بترتب الأثر عليه وعدم ترتيب الأثر ، وبهذا تكون الصحّة والفساد الظاهريّتين من الأحكام الوضعيّة.
مثلا : الصلاة التي وقع الشك فيها بعد الفراغ منها نشك في مصداقيّتها للمأمور به ، فعند ما يحكم الشارع بصحّتها فإنّ هذه الصحّة تكون ظاهريّة ، وعليه يكون حكمه بالصحة معناه الحكم بترتّب الأثر على هذه الصلاة ، وهكذا لو حكم بالفساد فإنّه يكون فسادا ظاهريا باعتبار انّ موضوعه الفرد المشكوك في مصداقيته للمأمور به.
وعند ما نجري عقدا باللغة الفارسيّة فإنّنا نشك في مصداقيته للعقد ، فلو كان قد حكم الشارع بصحّته فإنّ الصحّة تكون حينئذ ظاهريّة وتعني الحكم بترتّب الأثر على العقد.
والمتحصل انّ معنى الصحّة والفساد الواقعيتين يختلف عن معنى الصحة والفساد الظاهريتين ، وان الأول يقتضي أن تكون الصحّة والفساد من الامور التكوينيّة بخلاف الثاني فإنّه يقتضي أن تكون الصحة والفساد من الأحكام الوضعيّة.
هذا وقد عدل السيّد الخوئي رحمه الله عن هذا المبنى في المحاضرات وذهب الى انّ الصحّة تعني امضاء الشارع للمعاملة والفساد يعني عدم الإمضاء ، فكلّ معاملة شخصيّة مشمولة لأدلّة الامضاء الشرعي فهي معاملة صحيحة وإلاّ فهي معاملة فاسدة.
وبتعبير آخر : انّ الصحّة في المعاملة تعني اعتبار الشارع ترتّب الأثر المترقّب على المعاملة ، والفساد يعني عدم اعتبار الشارع لترتّب الأثر على المعاملة ، وبهذا تكون الصحّة والفساد من الأحكام الوضعيّة وليستا من الامور الواقعيّة التكوينيّة كما هو الحال في العبادات.
ووجه العدول عن المبنى الاول هو ما أفاده رحمه الله من انّ نسبة المعاملات للإمضاء الشرعي نسبة الموضوع للحكم لا نسبة المتعلّق للحكم كما هو الحال في العبادات.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|