أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-01
1142
التاريخ: 12-9-2016
2152
التاريخ: 12-9-2016
4833
التاريخ: 11-9-2016
1840
|
تقع بلاد سومر وأكد في الوادي الاسفل لنهري دجلة والفرات , والى جنوبها وغربها تقع الصحراء الغربية والخليج العربي الذي كان يمتد في ايام سومر المبكرة شمالي مجارات اريدو, وربما كان نهر دجلة يكون اصلا حدا طبيعيا م ناحية الشرق و وهي الناحية التي كان من الممكن التوسع من ناحيتها .ومما تجدر ملاحظته ان مدن سومر واكد انما كانت تقع جميعا على ضفاف الفرات او احد او بعض روافده , وليست على ضفاف دجلة ,الا ما ندر.
ولم يكن هنالك حد فاصل بين سومر واكدو كالحد الذي يفصلهما معا عن اقليم أشور وميزبزتاميا في الشمال, وكان النصف الشمالي الشرقي يحمل اسم "اكد" وكما كان القسم الجنوبي الشرقي عند راس الخليج العربي يعرف باسم "سومر".
وقبل قيام السومريين وجدت في المنطقة بين غرب ايران وجنوب العراق مدينة "السوس" القديمة – كانت فيما مضى مركز اقليم يسميه اليهود عيلام (اي الارض العالية). في هذا المكان انشأ شعب لا نعرف اصله ولا الجنس الذي ينتمي اليه , احدى المدنيات الاولى المعروفة في تاريخ العالم , وقد وجد علماء الاثار الفرنسيون في هذا الاقليم منذ جيل مضى آثار بشرية يرجع عهدها الى عشرين لف عام, كمل وجدوا شواهد تدل على قيام ثقافة راقية يرجع عهدها الى عام 4500ق.م وان كان هنالك من المؤرخين (مثل برستد) من يعتقد ان هنالك مبالغة في قدم هذه الثقافة .
اما السومريون الذين ظهروا بعد ذلك في جنوب العراق فقد كانوا جماعات , ليس في وسعنا رغم ما قام به العلماء من بحوث ان نعرف الى اي سلالة من السلالات البشرية ينتمون ؟واي طريق سلكوه حتى دخلوا بلاد سومر , وفي ذلك تختلف النظريات والاتجاهات , ومن يدري ؟ فلعلهم جاؤا من اسيا الوسطى , او من بلاد القفقاس او ارمينيا واخترقوا ارض الجزيرة من الشمال متتبعين في سيرهم مجريي دجلة والفرات حيث توجد, كما في اشور مثلا- شواهد دالة على ثقافتهم الاولى او لعلهم سلكوا الطريق المائي من الخليج العربي كما تروى الاساطير – او من مصر او غيرها من الاقطار , ثم اتخذوا سبيلهم نحو الشمال متتبعين على مهل النهريين العظميين , او لعلهم جاؤا من السويس حيث يوجد بين اثارهم راس من الاسفلت فيه خواص السومريين كلها . ويذهب ديورانت في تعديد الاحتمالات الى احتمال انهم قد يكونون من اصل مغولي في القدم و ذلك بأن في لغتهم كثيرا من التراكيب الشبيهة بلسان المغول.
المشكلة السومرية:
وقد دفعت الى الحيرة في تحديد الجنس اللغوي للسومريين عدة اسباب و منها: اختلاف لغتهم المكتوبة عن اللغات السامية المألوفة مع صعوبة تقريبها في الوقت نفسه الى مجموعة اللغات الآرية المعروفة . وقد فرض حديث الى تقريبها الى مجموعة اللغات قليلة الشيوع التي تأخذ بطريقة الالصاق و مثل المجموعة الاسبانية (نسبة الى اسيا) , او مجموعة الاورال طاى(ومن مظاهر الالصاق اللغوي ادراج لفظين او اكثر لتكوين كلمة جديدة , وادماج الضمير في الفعل المتصل به) ولكن بغير ادلة مقنعة , ولوحظ من ناحية اخرى ان من اسماء المعالم الرئيسية في ارض العراق والتي تضمنتها النصوص السومرية نفسها ما يختلف في لفظه عن مفردات لغة اصحابها السومريين ويختلف عن مسميات اللغة السامية في الوقت ذاته مثل اسماء : دجلة(لاديفلات) , والفرات(بورانون, بورنونا) , واريدو, وشوروباك...الخ, وذلك ما يوحي باختلافهم في الجنس او اللغة عمن لحقوا بهم ايضا. ثم ازداد الشك في وحدة جنسهم ان تبين بعض الباحثين ان جماجمهم الباقية قد جمعت بين خصائص الرؤوس السامية الطويلة وبين خصائص اصحاب الرؤوس العريضة من غير الساميين.
وينقل "سوسه" عن "طه باقر" بأن السومريين هم احدى الجماعات المنحدرة من بعض الاقوام المحلية في وادي الرافدين في عصور ما قبل التاريخ البعيدة وانهم عرفوا باسمهم الخاص , اي السومريين , نسبة الى الاقليم الذي استوطنوا فيه اخيرا في القسم الجنوبي من العراق , اي ان التسمية لاحقة للاستيطان ومشتقة من اسم موضع جغرافي ولا تحمل مدلول قوميا , يؤيد هذا ان كثير من الاقوام التاريخية التي اشتهرت في وادي الرافدين واسهمت في تكوين حضارته واحداثه سميت باسم المواضع التي حلت فيها مثل الأكديين , نسبة الى مدينة اكد او "اكاد" العاصمة التي اسسها سرجون الاكدي , والبابليين نسبة الى مدينة بابل , والاشوريين نسبة الى مدينة آشور على ما يرجح.
ويشارك "فرازات" و"مرعي" في هذا بقوله اننا حصلنا على اسم السومريين من القاب الملوك الاكديين والبابليين الذين اتخذوا لقبا مزدوجا (ملك سومر واكد) _(شر شومري او اكد), اما الاسم المقابل لكلمة سومر في اللغة السومرية فهو (كي –ان-جي/ر) . فليس لكلمة سومر اي مدلول عرقي , وانما لها مدلول جغرافي –سياسي ولغوي بالدرجة الاولى في مجتمع مزدوج اللغة سادت فية اللغة السومرية ثقافيا قبل ان تسلم الدور اللغة الاكدية , فالمزارعون والفلاحون في المجتمع السومري هم من عناصر السكان المحليين الذين ينحدرون من عصر العبيد وهم اسبق من الذين عرفوا باسم السومريين.
ولا مفر امامنا الا ان نثنى على ما ينتهي اليه باقر وسائر الباحثين بالنسبة لا صل السومريين ومهدهم ان ذلك من القضايا التي لم تستطيع حلها الدراسات اللغوية والاثارية , وان كل ما قيل بشأنها مجرد تخمين وافتراضات لا يمكن البرهنة عليها ولا نقصها بوجه قاطع.
وعلى الرغم من صغر بلاد سومر البالغة 25الف كم2 فقد قامت في بداية الالف الثالث ق.م دويلات سومرية متفرقة في مدن عديدة في جنوب العراق بحكم في كل منها سلالة مستقلة عن جارتها , وقد تطورت الكتابة في ذلك الحين واصبحت ملائمة لتدوين الوقائع التاريخية , فقد اخذ ملوك السلالات يصفون حروبهم وانجازاتهم ويسطرون ذلك على الواح الطين والحجر وبذلك انتقل الناس الى عهد جديد سمي بالعصور التاريخية لان الكتابة باكتشافها وتطورها اصبحت وسيلة لتدوين التاريخ ,وقد بلغ السومريين مرتبة عالية من الحضارة , فقد بدؤوا شق القنوات واستغلال التربة بعقل وتدبير واقامة المعابد والتماثيل . وتركت الحضارة السومرية طابعها المباشر في آشور وسوريا ومصر , ولكن لم يقابلها هذا اتساع في نفوذ السياسي فالواقع ان السومريين كانوا عاجزين دائما من الناحية السياسية عن بناء دولة كبيرة.
وقد عثر المنقبون في بلاد سومر على انواع شتى من الاحجار ولم تكن البلاد نفسها تحتويها , فمن المعروف ان اهل هذه الحضارة سكنوا دلتا الدجلة والفرات التي تكونت من ترسيبات الغرين على مر السنين , ولم توف كبيئة لسكانها غير البوص واشجار النخيل والطمي , فاذا استعمل السومريين انواعا شتى من الاحجار مثل الحجر الجيري والابستر والمرمر والديوريت والعقيق , ثم اذا حذقوا صناعة صهر الذهب والفضة والنحاس , فمعنى هذا ان كل هذه الاحجار والمعادن كانوا يستوردونها من خارج البلاد وطبعا دل ايضا على وجود علاقات تجارية واسعة النطاق امتدت حتى وصلت الى بلاد الهند وشرقا و اسيا شمالا , وسوريا غربا ثم مصر جنوبا.
ويلخص ديورانت الحضارة السومرية تلخيصا موجزا باهرا, في هذا التناقض بين خزفها الفج وحليها التي اشرفت على الغاية في الجمال والايمان , لقد كانت هذه الحضارة مزيجا مركبا من بدايات خشنة واتقان بارع في بعض الاحيان. وفي تلك البلاد- على قدر ما وصل لعلمنا- نجد اول ما اسسه الانسان من دول وامبراطوريات واول نظم الري واول استخدام للذهب والفضة في تقويم السلع , واول العقود التجارية , واول قصص الخلق والطوفان, واول نظم للائتمان واول كتب للقوانين, واول استخدام للكتابة في نطاق واسع, واول المدارس والمكتبات ,واول الادب والشعر, واول اصباغ التجميل والحلى, واول النقش والنحت البارز, واول القصور والهياكل , واول استعمال للمعادن في التزين والترصيع, وهنا نجد في البناء اول العقود والأقواس واول القباب, و كذلك تظهر لأول مرة في التاريخ المعروف بعض مساوئ الحضارة في نطاق واسع: يظهر الرق والاستبداد وتسلط المهنة وحروب الاستعمار, لقد كانت الحياة في تلك البلاد متنوعة مهذبة موفورة النعم معقدة, وهنا بدات بدأت الفوارق الطبيعية بين الناس تنتج حياة جديدة من الدعة والنعيم للأقوياء, وحياة من الكدح والعمل المتواصل لسائر الناس, وفي تلك البلاد كانت بداية ما نشأ في تاريخ العالم من اختلافات يخطئها الحضر.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|