أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
1216
التاريخ: 11-9-2016
1384
التاريخ: 11-9-2016
4077
التاريخ: 12-9-2016
2128
|
وجدوا اوائل الباحثين في حضارة وادي الرافدين، من بعد حلهم رموز الخط المسماري قبل أكثر من مائة عام ومعرفتهم باللغة البابلية، وجدوا ان مآثر تلك الحضارة المدونة لم تقتصر على اللغة البابلية السامية بل اكتشفوا إلى جانبها لغة ثانية سموها اللغة السومرية. ومنذ لك الحين حتى يومنا هذا والتساؤل لا يزال يثار عن هذه اللغة وعن القوم الذين تكلموا بها. فمن كان أولئك السومريون؟ هل كانوا أحد الأقوام الذين تحدروا من أصول قديمة واستوطنوا وادي الرافدين منذ عصور ما قبل التأريخ؟ او انهم جاؤوا بهجرة من خارج القطر في فترة ما في اواخر تلك العصور؟ وإذا كان الامر كذلك فمن أين جاؤوا، أي أن كان مهدهم ومتى جاؤوا إلى العراق؟
إن هذا النوع من التساؤل يعرف لدى الباحثين في حضارة وادي الرافدين بالقضية السومرية، وهي قضية كثر البحث والنقاش حولها وما زالت أبعد ما تكون عن الحل، لا سيما في الواضع الذي تعرض فيه أي مهد السومريين وأصلهم، فهي على هذا الوجه قضية نعتقد فيه أي مهد السومريين وأصلهم، فهي على هذا الوجه قضية نعتقد فيها أنها لا يمكن أن تحل في المدى القريب. اما إذا وضعت بمفهومها الحضاري وجعلنا تساؤلنا: "أين نشأت الحضارة السومرية"؟ وبعبارة أصح أين ظهرت حضارة وادي الرافدين التي أسهم في بنائها السومريون بنصيب كبير بحيث أطلق الباحثون على أطوارها الاولى "الحضارة السومرية" والإجابة على هذا التساؤل بوجه الإيجاز انها نشأت وتطورت في هذا القطر منذ أبعد عصور ما قبل التأريخ.
اسم السومريين:
لما اكتشف اوائل الباحثين الذين حلوا رموز الخط المسماري اللغة السومرية من بعد معرفتهم باللغة البابلية حاروا أول الامر في الاسم الذي يطلقونه عليها فسمّاها بعضهم اللغة الــ "أشكوزية"(1) كما سماها البعض الآخر "اللغة الآكدية" (وهذا اسم اللغة السامية التي كانت أصل اللغتين البابلية والآشورية). وإن اولى النصوص الواضحة التي ورد فيها اسم السومريين كان في ألقاب ملوك حضارة وادي الرافدين، وهو لقب: "ملك بلاد سومر وبلاد آكد" ، وبالنص السومري (Lugal Ki – en – gl Ki – uri)، وباللغة البابلية (Shar mat shumerim u Akkadim). وقد ظهرت هذه التسمية المزدوجة كما ذكرنا في كلامنا على أسماء العراق التأريخية من بعد العهد الكوتي، حيث اتخذ هذا اللقب الملك السومري "اوتو ــ حيكال" الذي طرد الكوتيين وحرر البلاد منهم، ولا يعرف معنى مجموعة العلامات المسمارية التي يكتب بها اسم "سومر" أي Ki-en-gi وقد سبق أن نوهنا باحتمال أنها تعني في معناها الحرفي "أرض سيد القصي أو الاحراش" ولعل المقصود بسيد الأحراش هنا الإله السومري المشهود "أنكي" أو "أيا"، كما قبل في معنى "سومر" إنه مشتق من أحد أسماء مدينة "نفر"(2) القديمة التي كانت اولى مدينة في الحد الشمالي من "بلاد سومر"، وإلى الشمال من نفر تبدأ بلاد آكد.
اللغة السومرية:
كانت حضارة وادي الرافدين منذ ظهورها في مطلع الألف الثالث ق.م مزدوجة اللغة. فباستثناء آثار قليلة بقيت من تراث مجهولين ، كانت اللغتان الرئيستان في التدوين والكلام اللغة السومرية واللغة الآكدية التي تفرعت إلى الفرعين الرئيسين، البابلية والآشورية. وبما أنه ليس من موضوعنا الكلام على اللغة السومرية التي يدرسها طلابنا الآن في قسم الآثار من جامعة بغداد فتكتفي بإيراد بعض الملاحظات الموجزة عنها مما له صلة بموضوع بحثنا الراهن. وأول ما يقال عن اللغة السومرية إنها تكاد تكون لغة منفردة بنفسها من ناحية كونها لا يمكن تصنيفها وإرجاعها إلى إحدى العوائل اللغوية المعروفة الآن(3)، فهي ليست من عائلة اللغات السامية ولا من عائلة اللغات الهندية ــ الأوروبية. على أنها إذا لم يمكن إرجاعها إلى عائلة لغوية من حيث الأصل التأريخي فيمكن وصفها بأنها من نوع اللغات المعروفة باللغات الملصقة (Agglutinative)، فمن مظاهر الإلصاق في اللغة السومرية أنها تجمع أو تركب الجمل الفعلية بطريقة إلصاق الضمائر والأدوات الدالة على الزمن إلى جذر الفعل في أول هذه الجمل وفي وسطها وآخرها، بحيث تصبح الجملة الفعلية وكأنها كلمة مركبة واحدة، كما أنها تلصق الأدوات النحوية مثل الأدوات المعبرة عن الإضافة والجر والجمع والفاعلية إلى آخر الاسم مع إجراء التغييرات الصوتية من دمج او إسقاط لبعض الحروف. والغالبية الكبرى من مفرداتها قوامها مقطع واحد مثل "لو" (Lu) رجل. و "كال" (Gal) عظيم، جليل، و "كا" (Ka) فم و"شو" (Shu) يد، و "كي" (Ki) أرض، موضع و "آن" (An) سماء و "أي" (e) بيت و"دو" (Du) شيد، وبنى و "تم" (Tum) رفع، حمل، إلخ وتؤلف بطريق الإلصاق مفردات أخرى مركبة كثيرة مثل "لوكال" (Lugal) أي "الملك" (الرجل العظيم)، و "آن ــ كي" (An-ki) الكون (أي السماء والأرض) و "أي ــ كال" (e-gal) القصر (البيت العظيم، ومنها كلمة هيكل في اللغة العربية واللغات السامية الاخرى)، و "دب ــ سار" (Dub – sar) الكاتب (كاتب لوح الطين: "دب") ، إلى غير ذلك من الكلمات الكثيرة. وتوجد خاصية يعرفها الدارسون المبتدئون هي ان الحرف الصحيح في أواخر الكلمات لا يلفظ في الغالب، ولكن إذا ولي هذا الحرف الصحيح أدوات نحوية مبتدئة بحرف علة فيلفظ عندئذ الحرف الصحيح يدمجه بحرف العلة، والأمثلة على ذلك كثيرة نكتفي بإيراد أسهلها، ففي عبارة: "ملك أور" يعبر عنها في المفردات السومرية Lugal-urim-ak و (ak) في آخر العبارة أدا الإضافة ، فيكون لفظ هذه العبارة وكتابتها على الوجه الآتي: Lugal-uri-ma وفي عبارة: "قصر ملك اور" يكون ترتيبها وشكلها قبل الدمج: e-gal-lugal-urim-ak-ak وبتطبيق القاعدة التي ذكرناها تلفظ وتكتب: e-gal-lugal-uri-ma-ka إلى غير ذلك من الأمثلة المعروفة لدى الململين باللغة السومرية. وتفيدنا هاتان العبارتان في الوقوف على طريقة الكتابة بالخط المسماري من بعد تطوره من المراحل الصورية والرمزية، وكيف صار كتابة خليطة من كتابة رمزية (Ineogram) أو (Logogram) للتعبير عن كلمة، وكتابة صوتية مقطعية (Syllabic)، اي إن العلامة تؤدي مجرد صوت على هيئة مقطع من حرف صحيح وحرف عله أو بالعكس فيستعمل بدمجه مع مقاطع أخرى لكتابة الكلمات والجمل المختلفة. ومع أن أسلوب الإلصاق مستعمل في جملة لغات بشرية ملصقة قديمة وحديثة مثل اللغة العيلامية ولغات عائلة "الأورال ــ الطاي"، كالمغولية والتركية والمجرية ولغات أخرى مثل البولينيزية والباسكية وبعض اللغات القوقازية مثل الجورجية، بيد أنه يمكن القول إن اللغة السومرية لا تمت بصلة قربى إلى أي من هذه اللغات الملصقة. ولعل أقرب فرضية لتعليل تفرد اللغة السومرية أنها من عائلة لغوية قديمة انقرضت في أزمان بعيدة من عصور ما قبل التأريخ ولم يبق إفرادها سوى اللغة السومرية التي تكلم بها السومريون في حضارة وادي الرافدين، وكانت أقدم اللغات المدونة في هذه الحضارة.
زمن ظهور اللغة السومرية في التدوين:
اللغة السومرية كما قلنا أقدم لغة في حضارة وادي الرافدين دونت بالخط المسماري، في المراحل الاولى التي تلت ظهور هذا الخط في الدور الأخير من عصر الوركاء (الطبقة الرابعة من طبقات أدوار هذه المدينة) أي في حدود 3500 ق.م. وسواء كان السومريون هم الذين أوجدوا هذا الخط وهو الرأي المرجح، أم قوم آخرون غيرهم سبقوهم في استيطان السهل الرسوبي، فإن السومريين اتخذوا ذلك الخط لتدوين لغتهم، واتضح ذلك أكثر في الطور الحضاري التالي المسمى "جمدة نصر". وازداد وضوح تدوين اللغة السومرية في ألواح الطين المكتشفة في جملة مواضع قديمة من العصر المسمى عصر فجر السلالات الثاني (في حدود 2800 – 2700 ق.م) مما وجد في مدينة "أور" (الألواح الآركائية) ثم من اوائل عصر فجر السلالات الثالث في الألواح المكتشفة في تل "فارة" (مدينة شروباك القديمة) حيث بدأت النصوص السومرية وفي مقدمتها كتابات الحكام والملوك(4)، وفيها يظهر تكامل تطور الكتابة المسمارية وسيادة اللغة السومرية في مآثر حضارة وادي الرافدين المدونة، وسنتطرق إلى زمن ظهور اللغة السامية في التدوين.
السومريون من الناحية العرقية:
بعد تلك الملاحظات الموجزة عن اسم السومريين ولغتهم نعالج ما قد يثار من تساؤل عن دلالة الهياكل العظيمة التي وجدت في أثناء التنقيبات في المدن السومرية مثل اور واريدو وكيش وغيرها من الناحية العرقية، وبعبارة اخرى هل يمكن أن نستدل من دراسة هذه البقايا العظيمة عن العرق أو "الرس" (Race) الذي ينتمي إليه السومريون؟ وخلاصة الإجابة على هذه المسألة بالنفي، فإن الهياكل العظيمة المكتشفة في القسم الجنوبي من العراق منذ أقدم أطوال الاستيطان البشري في عصر العبيد (الألف الخامس ق.م) إلى عصور فجر السلالات المتميز بسيادة اللغة السومرية والثقافة السومرية ــ نقول إن تلك البقايا العظيمة لم تزود الباحثين المختصين بالموضوع (الأنثروبولوجين) إلا بمفاهيم عامة غامضة لا تفيد في حل القضية التي بين أيدينا. فهي تشير إلى اختلاط عرقي منذ أقدم العصور. ومن الناحية الأنثروبولوجية وجد نوعان من البشر جنباً إلى جنب، النوع المتميز بالرأس الطويل (Dolichocephalic) وهو نوع الرأس الذي يغلب على أقوام حوض البحر المتوسط بوجه عام، ونوع الرأس المدور أو العريض (Brachycephalic) السائد في أقوام أوروبا الوسطى وفي أرمينيا. وما وجد من الهياكل التي ينبغي أن تكون سومرية خليط من هذين النوعين (5) على الرغم مما ذهب إليه بعض الباحثين من أن السومريين كانوا من ذوي الجماجم المدورة في حين أن الساميين من ذوي الرؤوس الطويلة(6). أما الملامح الطبيعية التي يمكن درسها من المنحوتات فهي كذلك لا تفيدنا بأشياء مهمة في حل القضية. وكان الباحثون فهي كذلك لا تفيدنا بأشياء مهمة في حل القضية. وكان الباحثون من الجيل القديم يغولون كثيراً على تمثل الأشخاص في المنحوتات في تعداد صفات السومريين والساميين الجسمية كشعر الرأس وإطلاق اللحى وحلق الشوارب وشكل الأنف إلى غير ذلك من الصفات الجسدية. ولكن الواقع من الأمر أن ما يبدو من ملامح على التماثل الآدمية كانت تتحكم في تمثيلها الطرز الفنية المتبعة في النحت بالدرجة الاولى، وأنا ما يظهر من هيئات وسحن على تلك التماثل لا يمثل في الواقع فروقاً او ميزات قومية خاصة بالسومريين او الساميين، وإنما هي أزياء خاصة بمقام الشخص الممثل كطبقته الاجتماعية او الدينية، كالملوك والحكام والامراء والكهنة. فنجد الملامح والسمات التي درج الباحثون القدماء على عزوها إلى تماثيل السومريين ظاهرة أيضاً في تماثيل أشخاص ساميين في منطقة سامية صرفة من عصر فجر السلالات السومري ونعني بذل منطقة مدينة "ماري" (تل الحريري قرب الحدود السومرية ــ العراقية). وإلى ذلك إذا قارنا تماثيل السومريين من عصر فجر السلالات (منتصف الألف الثالث ق.م) بتماثيل الأمير السومري الشهير "كودية" او "جودية" (2200 ق.م) وجدنا فروقا واضحة ، وكذلك يقال بالنسبة إلى تماثيل الآلهة من كلا العصرين.
أما عن قضية مجيء السومريين إلى وادي الرافدين وزمن جرتهم فهناك احتمالات عديدة لا توجد مبررات حضارية وتأريخية لتفضيل أحدهما على الآخر والأخذ به. فمن هذه الاحتمالات أن السومريين لم يأتوا من جهات بعيدة خارج القطر، وإنما كانوا أحد الأقوام الذين عاشوا في جهة ما من وادي الرافدين في عصور ما قبل التأريخ ثم استقروا في السهل الرسوبي منه في حدود الألف الخامس ق.م أو بعد ذلك الزمن عندما أصبح هذا السهل صالحاً للسكنى، وانهم لم يكونوا المستوطنين الوحيدين ولا أقدم المستوطنين وإنما تعايشوا مع جماعات من أقوام أخرى في مقدمتهم الأقوام السامية اتي سنتطرق إلى هجراتها إلى وادي الرافدين منذ أبعد العصور التاريخية. ولعل مما يرجح هذا الرأي ويعززه ان ما يسمى بالحضارة السومرية التي ظهرت بمقوماتها في أواخر العصر "الحجر ــ المدني" (chalcolithic) (النصف الثاني من دور الوركاء ودور جمدة نصر) يمكن تقصي أصولها وجذورها الأولى إلى أطوار ما قبل التأريخ في وادي الرافدين نفسه. وبعبارة اخرى أينما كان مهد السومريين فإنهم لم يجذبوا معهم إلى وادي الرافدين عناصر الحضارة ومقوماتها الأساسية معهم على نحو ما فعل المهاجرون الأوروبيون إلى أمريكا. على ان هناك جماعة من الباحثين تحدد مجيء السومريين إلى السهل الرسوبي في أواخر العصر "الحجري ـت المعدني" الذي نوهنا به(7). ومن هؤلاء الجماعة من يعين الموطن الذي نزح منه السومريون بأنه أرض جبلية، ولذلك نراهم، على حد زعم هذه الجماعة، يقيمون معابدهم فوق مرتفعات اصطناعية (هي الأبراج المدرجة او الزقورات)، وخصص البعض ذلك الموطن في الجبهات الشرقية مثل بلاد إيران بانين افتراضهم هذا على تشابه فخار دور "العبيد"، وكان أقدم نوع من الفخار غير عليه في السهل الرسوبي، مع فخار دور "سوسة"، ولكن الاكتشافات الآثارية الحديثة أسفرت عن وجود فخار أقدم من فخار دور العبيد، ونعني بذلك فخار طور "أريدو"، كما سنفصل هذا في الفصل الخاص بعصور ما قبل التأريخ. وارتأت جماعة اخرى من الباحثين ان السومريين نزحوا من وادي السند أو جنوبي بلوجستان، مستندين في ذلك إلى التشابه الحضاري ما بين حضارة هذا الوادي (حضارة هرابا وموهنجو دارو) وبين الحضارة السومرية، وأنهم جاؤوا في موجتين أو هجرتين، إحداهما عن طريق البحر وعبر الخليج العربي والثاني براً عن طريق إيران(8).
وذهب بعض الباحثين إلى أن السومريين عندما جاؤوا إلى وادي الرافدين كانوا في مبدأ أمرهم يجاورون أصحاب حضارة أرقى ومنها اقتيسوا عناصر ثقافتهم، بدليل ما نشأ عندهم من أدب بطولي أو ملاحمي (Heroic Age) وهو نوع من الادب يظهر عادة عند الأقوام الغير المتحضرة بتأثير جوارها إلى حضارات أرقى، مثل عصر البطولة اليوناني (الممثل بالإلياذة والأودية) حينما اتصل اليونان بحضارة الأقوام الإيجية (ومركزها في جزيرة كريت) ومثل عصر البطولة الذي نشأ عند برابرة أوروبا إبان جوارهم للحضارة الرومانية(9).
وهكذا يبدو مما عرضناه من آراء عن أصل السومريين ومهدهم أن ذلك من القضايا التي لم تستطع حلها الدراسات اللغوية والآثارية، وان كل ما قبل ويقال بشأنها مجرد تخمين وافتراضات لا يمكن البرهنة عليها ولا رفضها بوجه قاطع. وقد سبق لمؤلف هذا الكتاب (10) أن اقترح ما سبق التنويه به من أن السومريين إحدى الجماعات المنحدرة من بعض الأقوام المحلية في وادي الرافدين في عصور ما قبل التأريخ البعيدة، وأنهم عرفوا باسمهم الخاص، أي السومريين، نسبة إلى اسم الإقليم الذي استوطنوا فيه أخيراً في القسم الجنوبي من العراق، أي أن التسمية لاحقة للاستيطان ومشتقة من اسم موضع جغرافي ولا تحمل مدلولاً قومياً، يؤيد هذا أن كثيراً من الأقوام التأريخية التي اشتهرت في وادي الرافدين وأسهمت في تكوين حضارته وأحداث تأريخه سميت باسم المواضع التي حلت فيها مثل الآكديين نسبة إلى مدينة "آكد" أو "أكادة"، العاصمة التي أسسها سرجون الآكدي، والبابليين نسبة إلى مدينة بابل والآشوريين نسبة إلى مدينة آشور على ما يرجح. كما يمكن تتبع أصول الحضارة السومرية إلى جذورها الأولى في عصور ما قبل التأريخ مما نوهنا به مراراً. وسنرى من كلامنا على الساميين أن السومريين لم يكونوا أقدم المستوطنين في السهل الرسوبي بل جاوروا أقواماً أخرى وفي مقدمتهم الساميون. وبخلاف ما ذهب إليه البعض من نسبة الأصل الجبلي الخارجي إلى المهد الذي نزح منه السومريون، لا نجد في المآثر السومرية، وعلى رأس ذلك آدابهم وأساطيرهم وشعائرهم الدينية، ما يشير إلى أصل غريب معن بيئة وادي الرافدين الطبيعية، ولا سيما القسم الرسوبي منه، بل إن طابع حضارتهم المميز مشتق من بيئة نهرية ذات أحراش وقصب ونخيل وأثل وطمى وغرين وفيضانات وسهول إلى غير ما هناك مما سبق أن نوهنا به من اثر البيئة الطبيعية في حضارة وادي الرافدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أشكوزي هي الصيغة التي وردت في النصوص الآشورية عن اسم أولئك الأقوام الطورانية التي كان مهدها في المناطق الشمالية من البحر الأسود، ودعا الإغريق بلادهم "سكوثية" (skuthia) ومنها كلمة "سكيثي" (Scythian) في اللغات الأوربية، وسيرد ذكر هؤلاء الأقوام في الفصل الخاص بتأريخ الآشوريين.
(2) حول معاني كلمة "سومر" راجع:
Sollberger in RA, (1951), 114ff.
(3) يقصد بالعائلة اللغوية (Family of Ianguages) مجموعة من اللغات متحدرة من أصل واحد ولذلك فهي تتشابه في مفرداتها الأساسية معنى ولفظاً (ولكن ليس إلى حد التطابق) وفي نحوها أي تراكيبها وأساليبها اللغوية، مثل عائلة اللغة السامية (التي سيأتي الكلام عليها في هذا القسم من بحثنا) وعائلة اللغات "الهندية ــ الأوروبية" او "الهندية ــ الجرمانية" وعائلة لغات " الأورال ــ الطاي) التي تضم اللغات المغولية باختلاف أسمائها مثل لغات الشرق الأقصى واللغات التترية والتركمانية.
(4) حول هذه الألواح القديمة والاطوار الاولى في تطور الخط المسماري راجع المصادر الأساسية الآتية:
(1) Falkenstein, Arkaische Keilschrifttexte aus Uruk (1936).
(2) Burrows, Archaiv Texts. Ur Excavations, vol II.
(3) Langdon, The Herbert Weld Collection … Pictographic Inscripions from Jrmdet Nasr.
(5) عن دراسة الهياكل العظمية المكتشفة في المواضع الأثرية، انظر المراجع التالية:
1. Frankfort the Birth of Civlization in Ancient East (1950).
2. Langdon, Excavations at Kish (1924).
3. L. Woolley, Ur Excavations,, I, (1927), I. (1934).
4. Sumer, v, (1949), IV, (1948).
5. A. Parrot, AM, II, 316ff.
(6) راجع التقارير التي نشرت في أبحاث المؤتمر التاسع لعلماء الآشوريات المنعقد في جنيف عام 1960.
(7) راجع رأي الأستاذ "سبايزر" (ٍspeiser) المنشور في مجلة وكذلك: JSOR, (1939),29ff
H. Frankfort, Archaeology and the Sumerian Problem (1932).
(8) راجع رأي الأستاذ "سبايزر" (ٍSpeiser) المنشور في مجلة وكذلك: JOSR, (1939),29ff
H. Grankfort, Archaeology and the Sumerian Peoblem (1932).
(9) انظر بحث الاستاذ "كرامر" (Kramer) المنشور في مجلة:
American Journal of Archaeology (1948), 150ff.
(10) طه باقر: "مقدمة في تأريخ الحضارات القديمة"، الطبعة الثانية، جـ 1، ص91.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|