أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-9-2016
1060
التاريخ: 6-9-2016
1337
التاريخ: 5-9-2016
1402
التاريخ: 18-8-2016
1529
|
للقطع كاشفية بذاته عن الخارج وله ايضا نتيجة لهذه الكاشفية محركية نحو ما يوافق الغرض الشخصي للقاطع إذا انكشف له بالقطع، فالعطشان إذا قطع بوجود الماء خلفه تحرك نحو تلك الجهة طلبا للماء. وللقطع إضافة إلى الكاشفية والمحركية المذكورتين خصوصية ثالثة وهي: الحجية بمعنى ان القطع بالتكليف ينجز ذلك التكليف، أي يجعله موضوعا لحكم العقل بوجوب امتثاله وصحة العقاب على مخالفته.
والخصوصية الاولى والثانية بديهيتان ولم يقع بحث فيهما، ولا تفيان بمفردهما بغرض الاصولي، وهو تنجيز التكليف الشرعي على المكلف بالقطع به، وانما الذي يفي بذلك الخصوصية الثالثة. كما انه لا شك في ان الخصوصية الاولى هي عين حقيقة القطع، لان القطع هو عين الانكشاف والإراءة، لا انه شيء من صفاته الانكشاف، ولا شك ايضا في ان الخصوصية الثانية من الآثار التكوينية للقطع بما يكون متعلقا للغرض الشخصي، فالعطشان الذي يتعلق غرض شخصي له بالماء حينما يقطع بوجوده في جهة، يتحرك نحو تلك الجهة لا محالة، والمحرك هنا هو الغرض، والمكمل لمحركية الغرض هو قطعة بوجود الماء، وبإمكان استيفاء الغرض في تلك الجهة.
واما الخصوصية الثالثة وهي حجية القطع، اي منجزتيه للتكليف بالمعنى المتقدم، فهي شئ ثالث غير مستبطن في الخصوصيتين السابقتين، فلا يكون التسليم بهما من الناحية المنطقية تسليما ضمنيا بالخصوصية الثالثة، وليس التسليم بهما مع إنكار الخصوصية الثالثة تناقضا منطقيا، فلا بد إذن من استئناف نظر خاص في الخصوصية الثالثة، وفي هذا المجال يقال عادة إن الحجية لازم ذاتي للقطع كما ان الحرارة لازم ذاتي للنار، فالقطع بذاته يستلزم الحجية والمنجزية، ولأجل ذلك لا يمكن أن تغلى حجيته ومنجزيته في حال من الاحوال، حتى من قبل المولى نفسه، لان لازم الشيء لا يمكن ان ينفك عنه، وانما الممكن للمولى ان يزيل القطع عن القاطع، فيخرجه عن كونه قاطعا بدلا عن ان يفكك بين القطع والحجية.
ويتلخص هذا الكلام في قضيتين:
إحداهما، ان الحجية والمنجزية ثابتة للقطع لانهما من لوازمه.
والاخرى: انها يستحيل ان تنفك عنه لان اللازم لا ينفك عن الملزوم. اما القضية الاولى فيمكن ان نتسأل بشأنها، اي قطع هذا الذي تكون المنجزية من لوازمه؟ هل هو القطع بتكليف المولى او القطع بتكليف أي آمر؟ ومن الواضح ان الجواب هو الاول لان غير المولى إذا أمر لا يكون تكليفه منجزا على المأمور ولو قطع به، فالمنجزية إذن تابعة للقطع بتكليف المولى، فنحن إذن نفترض اولا ان الآمر مولى ثم نفترض القطع بصدور التكليف منه، وهنا نتسأل من جديد ما معنى المولى؟ والجواب ان المولى هو من له حق الطاعة اي من يحكم العقل بوجوب امتثاله واستحقاق العقاب على مخالفته، وهذا يعني ان الحجية (التي محصلها - كما تقدم - حكم العقل بوجوب الامتثال واستحقاق العقاب على المخالف) قد افترضناها مسبقا بمجرد افتراض ان الآمر مولى فهي إذن من شؤون كون الآمر مولى، ومستبطنة في نفس افتراض المولوية، فحينما نقول إن القطع بتكليف المولى حجة اي يجب امتثاله عقلا كأننا قلنا: إن القطع بتكليف من يجب امتثاله يجب امتثاله، وهذا تكرار لما هو المفترض، فلا بد ان نأخذ نفس حق الطاعة والمنجزية المفترضة في نفس كون الآمر مولى، لنرى مدى ما للمولى من حق الطاعة على المأمور، وهل له حق الطاعة في كل ما يقطع به من تكاليفه، او أوسع من ذلك بان يفترض حق الطاعة في كل ما ينكشف لديه من تكاليفه ولو بالظن او الاحتمال، أو أضيق من ذلك بان يفترض حق الطاعة في بعض ما يقطع به من التكاليف خاصة، وهكذا يبدو أن البحث في حقيقته بحث عن حدود مولوية المولى، وما نؤمن به له مسبقا من حق الطاعة، فعلى الاول تكون المنجزية ثابتة في حالات القطع خاصة، وعلى الثاني تكون ثابتة في كل حالات القطع والظن والاحتمال، وعلى الثالث تكون ثابتة في بعض حالات القطع.
والذي ندركه بعقولنا ان مولانا سبحانه وتعالى له حق الطاعة في كل ما ينكشف لنا من تكاليفه بالقطع او بالظن او بالاحتمال ما لم يرخص هو نفسه في عدم التحفظ، وهذا يعني ان المنجزية ليست ثابتة للقطع بما هو قطع بل بما هو انكشاف، وان كان انكشاف منجز مهما كانت درجته ما لم يحرز ترخيص الشارع نفسه في عدم الاهتمام به. نعم كلما كان الانكشاف بدرجة اكبر كانت الادانة وقبح المخالفة أشد. فالقطع بالتكليف يستتبع لا محالة مرتبة أشد من التنجز والادانة لأنه المرتبة العليا من الانكشاف.
واما القضية الثانية وهي: ان المنجزية لا تنفك عن القطع بالتكليف، وليس بإمكان المولى نفسه ان يتدخل بالترخيص في مخالفة القطع وتجريده من المنجزية فهي صحيحة، ودليلها: ان هذا الترخيص إما حكم واقعي او حكم ظاهري، والاول مستحيل لان التكليف الواقعي مقطوع به فاذا ثبتت ايضا اباحة واقعية لزم اجتماع الضدين ... للتنافي والتضاد بين الاحكام التكليفية والواقعية.
والثاني مستحيل ايضا لان الحكم الظاهري ... ما أخذ في موضوعه الشك ولا شك مع القطع.
وبهذا يظهر ان القطع لا يتميز عن الظن والاحتمال في اصل المنجزية، وانما يتميز عنهما في عدم امكان تجريده عن تلك المنجزية، لان الترخيص في مورده مستحيل كما عرفت، وليس كذلك في حالات الظن والاحتمال، فان الترخيص الظاهري فيها ممكن لأنه لا يتطلب اكثر من فرض الشك والشك موجود، ومن هنا صح أن يقال إن منجزية القطع غير معلقة بل ثابتة على الاطلاق، وان منجزية غيره من الظن والاحتمال معلقة لأنها مشروطة بعدم إحراز الترخيص الظاهري في ترك التحفظ.
معذرية القطع:
كنا نتحدث حتى الآن عن الجانب التنجيزي والتسجيلي من حجية القطع (المنجزية)، والآن نشير إلى الجانب الآخر من الحجية وهو المعذرية، اي كون القطع بعدم التكليف معذرا للمكلف على نحو لو كان مخطئا في قطعه لما صحت معاقبته على المخالفة، وهذه المعذرية تستند إلى تحقيق حدود مولوية المولى وحق الطاعة.
وذلك لان حق الطاعة هل موضوعه الذي تفرض طاعته تكاليف المولى بوجودها في الشريعة بقطع النظر عن قطع المكلف بها وشكه فيها، أو قطعه بعدمها، أي انها تستتبع حق الطاعة في جميع هذه الحالات، او ان موضوع حق الطاعة تكاليف المولى المنكشفة للمكلف ولو بدرجة احتمالية من الانكشاف؟ فعلى الاول لا يكون القطع معذرا اذا خالف الواقع، وكان التكليف ثابتا على خلاف ما قطع، وعلى الثاني يكون القطع معذرا اذ لا حق طاعة للمولى في حالة عدم انكشاف التكليف ولو انكشافا احتماليا.
والاول من هذين الاحتمالين غير صحيح، لان حق الطاعة من المستحيل ان يحكم به العقل بالنسبة إلى تكليف يقطع المكلف بعدمه، إذ لا يمكن للمكلف ان يتحرك عنه فكيف يحكم العقل بلزوم ذلك، فيتعين الاحتمال الثاني، ومعه يكون القطع بعدم التكليف معذرا عنه لأنه يخرج - في هذه الحالة - عن دائرة حق الطاعة، اي عن نطاق حكم العقل بوجوب الامتثال.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|