أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
1282
التاريخ: 9-12-2018
990
التاريخ: 2-4-2018
980
التاريخ: 6-08-2015
2285
|
اعلم (1)! أنّ صفاته ـ تعالى ـ ينقسم أوّلا إلى قسمين : الثبوتية ؛ والسلبية.
والثبوتية : هي الّتي مفهوماتها ثبوتية محضة لا طريق للسلب إليها بوجه ـ كالعلم والقدرة وامثالهما ـ ؛
والسلبية : هي التي مفهوماتها محض السلب والنفي ـ كعدم كونه جسما وصورة وجوهرا وعرضا ـ.
والقسم الأوّل صنفان :
الأوّل : الصفات الحقيقية ؛ وهى الصفات الّتي لها مفهومات حقيقته مستقلّة ليست مجرّد الاضافة إلى الغير وإن كان بعضها قد يعرضها اضافة ما ، فبعض أفراد هذا الصنف ممّا لا يعرضه الاضافة اصلا ـ كالحياة ـ ، وبعضها قد يعرض له اضافة ما ـ كالعلم والقدرة والبصر ، لأنّ أصل مفهوم البصر هو صحّة الرؤية والتمكّن منها وإن لم يشاهد شيئا بالفعل ، ولذا يطلق البصير على النائم ومغضوض البصر من غير تجوّز ، ولكنّه إذا أبصر شيئا بالفعل لا بدّ من لحوق اضافة بين البصر والمبصر ؛ وليست هي عين كونه بصيرا ، بل هي عارضة له ـ وقس عليه العلم والقدرة وغيرهما ـ.
والصنف الثاني : الصفات الاضافية ؛ وهي الّتي مفهوماتها محض الاضافة إلى الغير وليس لها حقيقة مستقلّة كالخالقية والرازقية وأمثالهما (2) ـ ؛ هذا.
وفي احاديث ائمتنا الراشدين قد قسّمت صفاته الثبوتية إلى صفات الذات ، وإلى صفات الأفعال (3). والمراد بالأولى هي الصفات الثبوتية الّتي يمتنع انفكاكها عن الذات ـ كالوجود والحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر ونحوها ـ. وهي صفات كمالية ثابتة له ما دام الذات ازلا وابدا. ومن خواصّها أنّه يمتنع اتصافه ـ تعالى ـ بأضدادها ـ كالعدم والموت والجهل والعجز والصمم والعمى ونحوها ـ ؛ والمراد بالثاني الصفات الثبوتية الّتي لا يمتنع انفكاكها عن الذات ـ كالإيجاد والادراك والإرادة والرؤية والسمع ونحوها ـ. والمنقسمان متقاربان ، فانّ حاصلهما انّ صفاته لعدم كونها موجودة في نفسها وزائدة على ذاته مفهومات اعتبارية منتزعة إمّا من ذاته ـ تعالى ـ مع قطع النظر عن جميع ما سواه ـ وهي الصفات الكمالية الّتي عبّر عنها أهل البيت : بصفات الذات ، والحكماء والمتكلّمون بالصفات الحقيقية ـ ، وإمّا من ذاته باعتبار بعض افعاله ـ تعالى ـ، وهي الّتي عبّر عنها الائمّة ـ : ـ بصفات الأفعال ، والحكماء بالصفات الاضافية. نعم! بعض أفراد القسم الأوّل على التقسيم الأوّل ـ وهو الحقيقة ذات الاضافة ـ يدخل في القسم الثاني من القسم الثاني.
ثمّ الصفات الحقيقية سواء كانت ذات اضافة أم لا إن لم تكن عين ذات الموصوف ـ كما في غير الواجب ـ كانت هيئات زائدة على الذات قائمة بها يصير منشئا لآثارها ، وإن كانت عين ذات الموصوف ـ كما في الواجب ـ كانت هي نفس الذات ولم تتحقّق بإزائها هيئات قائمة ، فالحقيقة الّتي بإزائها في الخارج هي الذات لا غير ، فالمبدأ لتلك الصفات في الأوّل هو الهيئات والكيفيات وفي الثاني هو نفس الذات.
وأمّا الصفات الاضافية فمفهومات اعتبارية محضة في الواجب وغيره ، ولا يتفاوت فيهما. نعم! يتحقّق التفاوت في مبدئها ، فانّ مبدأها وما ينتزع هذه الصفات عنه في ما صفاته عين الذات هو نفس الذات وفي غيره هو الهيئات والكيفيات القائمة به ، فالواجب ـ تعالى ـ مع اتصافه بجميع الصفات الكمالية وتقدّسه عن النقائص الامكانية لا تتحقّق كثرة في ذاته ولا في جهاته ، لا أنّ شيئا أو جهة منه علم وشيئا وجهة منه قدرة أو إرادة أو غير ذلك حتّى يلزم التركيب المقتضي للاحتياج المنافي لوجوب الوجود ، ولا أنّ شيئا فيه علم وشيئا فيه قدرة أو إرادة حتّى تكون محلاّ للأعراض ممكن الاتصاف بها (4) ، بل حيثية ذاته وهويته البسيطة الّتي لا تكثّر ولا امكان فيها بوجه هي بعينها حيثية صفاته الذاتية الحقيقية. نعم! في التعبير عنها تغاير بمجرد اعتبار الذهني وملاحظة العقل لا بحسب الواقع والخارج ، فكما أنّه من حيث هو منشأ للآثار وجود كلّه كذلك من حيث هو منشئا لانكشاف الأشياء علم كلّه ومن حيث هو منشئا لصحة الفعل والترك قدرة كلّه ومن حيث هو مبدأ لرجحان فعل العالم ـ أعني : النظام الأكمل والأصلح بحال العالم ، بل وجوب صدوره كذلك عنه ـ إرادة كلّه ، وكذلك في غيرها.
فجميع صفاته الحقيقية راجعة إلى حيثية وجوده الّتي هي عين حيثية ذاته.
وأيضا جميع صفاته الاضافية راجعة إلى اضافة واحدة هي المبدئية وهي المصحّحة لجميع الاضافات ـ كالرازقية والمصورية وغير ذلك ـ ، وتغايرها بتغاير الأشياء المضاف إليها.
وكذلك جميع صفاته السلبية يرجع إلى سلب واحد هو سلب الامكان (5) الّذي يدخل تحته سلب الجوهرية والعرضية وغيرهما.
ثمّ لا يخفى انّه لا يلزم من صدق المشتقّ حقيقة على شيء قيام مبدأ الاشتقاق به حقيقة ، بل لو كان مبدأ الاشتقاق ـ كالعلم مثلا ـ قائما بنفسه بحيث يترتّب عليه آثار المشتقّ كان احقّ باسم المشتقّ ممّا قام به المبدأ ، فالله ـ سبحانه ـ عالم حقيقة لا بعلم قائم به قادر لا بقدرة تقوم به مريد لا بإرادة معرضة ، بل هو نفس العلم والقدرة والإرادة ؛ وكذلك في سائر الصفات الحقيقية.
قيل : يلزم على ما ذكر أن تكون حقيقته المقدّسة مشاركة للأعراض في ماهياتها الداخلة تحت المقولات ، أو القول بالاشتراك اللفظي ؛ واجاب عنه بعض الفضلاء : بانّه كما أنّ مفهوم الوجود المطلق معنى واحد أحد افراده قائم بذاته هو حقيقة الواجب والباقي عارضة لماهيات الممكنات ـ وهو أمر اعتباري عارض للجميع ـ كذلك يمكن أن يكون لكلّ من هذه المفهومات فرد واحد بسيط هو عين حقيقة الواجب ـ تعالى ـ غير داخلة تحت مقولة وسائر أفرادها أعراض داخلة تحت المقولات ولها اجناس وفصول ، ويكون المطلق من كلّ منها اعتباريا عارضا للجميع.
وأنت تعلم انّ هذا الجواب لا يكاد يتمّ.
والمشهور في الجواب : انّ ذاته ـ تعالى ـ ثابت بثبات هذه الصفات ؛ ويرد عليه أيضا اشكال.
ثمّ لا يخفى انّ الواجب ـ تعالى شأنه ـ متّصف بجميع صفات الكمال ونعوت الجلال والجمال ومنزّه عن جميع صفات النقائص والاحتياج على ما يومى إليه اسمائه الكثيرة الّتي وردت في الشريعة المقدّسة ، إلاّ أنّ ما تعارف عنها البحث في الكتب الحكمية والكلامية من الصفات الكمالية والتنزيهيّة هي الأقسام المعيّنة المتعارفة المعهودة ، لإندراج البواقي تحتها ؛ فنحن أيضا نذكرها كما ذكروه ونشرحها كما شرحوه.
__________________
(1) راجع : الشرح الجديد ، ص 310.
(2) وهناك تقسيم آخر في صفاته ـ تعالى ـ عند أبي هاشم وعند قاضي عبد الجبّار. راجع : مناهج اليقين ، ص 159. وانظر : نفس المصدر ، ص 227.
(3) ما وجدت فيما بأيدينا من الأحاديث نصّا وجد فيه هذا التقسيم. نعم ، في بعضها توجد «صفات الافعال » ، راجع : بحار الأنوار ، ج 4 ، ص 145. وقال الصدوق ـ رضى الله عنه ـ معلّقا على ما رواه عن الصادق ـ عليه وعلى آبائه وأولاده آلاف التحيّة والثناء ـ : إذا وصفنا الله تبارك وتعالى بصفات الذات ... وما يشبه ذلك من صفات الأفعال بمثابة صفات الذات ... ؛ راجع : التوحيد ، ص 148.
(4) راجع : الحكمة المتعالية ، ج 6 ، ص 121.
(5) راجع : الحكمة المتعالية ، ج 6 ، ص 118 ؛ علم اليقين ، ج 1 ، ص 90.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|