أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-9-2016
2253
التاريخ: 5-9-2016
1196
التاريخ: 6-9-2016
1098
التاريخ: 5-9-2016
1083
|
...ان الدليل الشرعي تارة يكون لفظيا، واخرى غير لفظي، والدليل الشرعي غير اللفظي هو الموقف الذي يتخذه المعصوم وتكون له دلالة على الحكم الشرعي. ويتمثل هذا الموقف في الفعل تارة، وفي التقرير والسكوت عن تصرف معين تارة أخرى، ونتكلم الآن عن دلالات كل من الفعل والسكوت.
دلالة الفعل:
اما الفعل فتارة يقترن بمقال او بظهور حال يقتضي كونه تعليميا فيكتسب مدلوله من ذلك، وأخرى يتجرد عن قرينة من هذا القبيل، وحينئذ فان لم يكن من المحتمل اختصاص المعصوم بحكم في ذلك المورد دل صدور الفعل منه على عدم حرمته بحكم عصمته، كما يدل الترك على عدم الوجوب لذلك، ولا يدل بمجرده على استحباب الفعل ورجحانه إلا إذا كان عبادة - فإن عدم حرمتها مساوق لمشروعيتها ورجحانها - او احرزنا في مورد عدم وجود اي حافز غير شرعي، فيتعين كون الحافز شرعيا فيثبت الرجحان، ويساعد على هذا الاحراز تكرار صدور العمل من المعصوم، او مواظبته عليه مع كونه من الاعمال التي لا يقتضي الطبع تكرارها والمواظبة عليها.
وهل يدل الفعل على عدم كونه مرجوحا، اما مطلقا، واما في حالة تكرار صدوره من المعصوم، او لا يدل على اكثر مما تقدم من نفي الحرمة في ذلك؟ وجوه مبنية على ان المعصوم هل يجوز في حقه ترك الاولى وفعل المكروه، او يجوز حتى التكرار والمواظبة على ذلك، او لا يجوز شئ من هذا بالنسبة اليه؟ ويلاحظ انه على تقدير عدم تجويز ترك الاولى على المعصوم، اما مطلقا او بنحو المواظبة على الترك، نستطيع ان نستفيد من الترك عدم استحباب المتروك، كما نستفيد من الفعل عدم كونه مكروها وعدم كون الترك مستحبا.
وتبقى هناك نقطة ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار وهي: ان هذه الدلالات انما تتحقق في اثبات حكم للمكلف عند افتراض وحدة الظروف المحتمل دخلها في الحكم الشرعي، فان الفعل ما كان دالا صامتا وليس له اطلاق، فلا يعين ما هي الظروف التي لها دخل في اثبات ذلك الحكم للمعصوم، فما لم نحرز وحدة الظروف المحتمل دخلها لا يمكن ان نثبت الحكم.
ومن هنا قد يثار اعتراض عام في المقام، وهو ان نفس النبوة والامامة ظرف يميز المعصوم دائما عن غيره، فكيف يمكن ان نثبت الحكم على اساس فعل المعصوم.
والجواب على ذلك: إن احتمال دخل هذا الظرف في الحكم المكتشف ملغي بقوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [الأحزاب: 21] وما يناظره من الادلة الشرعية الدالة على جعل النبي والامام قدوة، فان فرض ذلك يقتضي الغاء دخل النبوة والامامة في سلوكهما لكي يكون قدوة لغير النبي والامام، فما لم يثبت بدليل ان الفعل المعين من مختصات النبي والامام يبنى على عدم الاختصاص.
دلالة السكوت والتقرير:
واما السكوت فقد يقال: إنه دليل الامضاء وتوضيح ذلك، ان المعصوم اذا واجه سلوكا معينا، فاما ان يبدي موقف الشرع منه، وهذا يعني وجود الدليل الشرعي اللفظي، واما ان يسكت، وهذا السكوت يمكن ان يعتبر دليلا على الامضاء، ودلالته على الامضاء تارة تدعى على أساس عقلي، واخرى على أساس الظهور الحالي.
اما الاساس العقلي فيمكن توضيحا: إما بملاحظة المعصوم مكلفا، فيقال: إن هذا السلوك لو لم يكن مرضيا لوجب النهي عنه على المعصوم لوجوب النهي عن المنكر، او لوجوب تعليم الجاهل، فعدم نهيه وسكوته مع عصمته يكشف عقلا عن كون السلوك مرضيا، واما بملاحظة المعصوم شارعا وهادفا، فيقال: إن السلوك الذي يواجهه المعصوم لو كان يفوت عليه غرضه بما هو شارع لتعين الوقوف في وجهه، ولما صح السكوت لانه نقض للغرض، ونقض الغرض من العاقل الملتفت مستحيل.
وكل من اللحاظين له شروطه، فاللحاظ الاول يتوقف على توفر شروط وجوب النهي عن المنكر.
واللحاظ الثاني يتوقف على ان يكون السلوك المسكوت عنه مما يهدد بتفويت غرض شرعي فعلي بان يكون مرتبطا بالمجال الشرعي مباشرة، كالسلوك القائم على العمل بأخبار الآحاد الثقات في الشرعيات، او ناشئا من نكتة تقتضي بطبعها الامتداد إلى المجال الشرعي على نحو يتعرض الغرض الشرعي للخطر والتفويت، كما لو كان العمل بأخبار الآحاد قائما في المجالات العرفية، ولكن بنكتة تقتضي بطبعها تطبيق ذلك على الشرعيات ايضا عند الحاجة.
واما الاساس الاستظهاري فيقوم على دعوى ان ظاهر حال المعصوم - بوصفه المسؤول العام عن تبليغ الشريعة وتقويم الزيغ - عند سكوته عن سلوك يواجهه ارتضاء ذلك السلوك، وهذا ظهور حالي، وتكون الدلالة حينئذ استظهارية ولا تخضع لجملة من الشروط التي يتوقف عليها الاساس العقلي.
السيرة:
ومن الواضح ان السكوت انما يدل على الامضاء في حالة مواجهة المعصوم لسلوك معين، وهذه المواجهة على نحوين: احدهما: مواجهة سلوك فرد خاص يتصرف أمام المعصوم، كأن يمسح أمام المعصوم في وضوئه منكوسا ويسكت عنه.
والآخر: مواجهة اجتماعي وهو ما يسمى بالسيرة العقلائية كما إذا كان العقلاء بما هم عقلاء يسلكون سلوكا معينا في عصر المعصوم، فانه بحكم تواجده بينهم يكون مواجها لسلوكهم العام، ويكون سكوته دليلا على الامضاء.
ومن هنا أمكن الاستدلال بالسيرة العقلائية عن طريق استكشاف الامضاء من سكوت المعصوم. والامضاء المستكشف بالسكوت ينصب على النكتة المركوزة عقلائيا لا على المقدار الممارس من السلوك خاصة.
وهذا يعني أولا: ان الممضى ليس هو العمل الصامت لكي لا يدل على أكثر من الجواز، بل هو النكتة، اي المفهوم العقلائي المرتكز عنه فقد يثبت به حكم تكليفي او حكم وضعي.
وثانيا: ان الامضاء لا يختص بالعمل المباشر فيه عقلائيا في عصر المعصوم، ففيما اذا كانت النكتة اوسع من حدود السلوك الفعلي كان الظاهر من حال المعصوم امضاء ها كبرويا وعلى امتدادها.
وعلى ضوء ما ذكرناه نعرف ان ما يمكن الاستدلال به على اثبات حكم شرعي هو السيرة المعاصرة للمعصومين، لانها هي التي ينعقد لسكوت المعصوم عنها ظهور في الامضاء دون السيرة المتأخرة. وقد يتوهم ان السيرة المتأخرة معاصرة أيضا للمعصوم، وان كان غائبا فيدل سكوته عنها على امضائه، وليست لدينا سيرة غير معاصرة للمعصوم.
والجواب على هذا التوهم: ان سكوت المعصوم في غيبته لا يدل على امضائه لا على اساس العقل ولا على أساس استظهاري، اما الاول فلانه غير مكلف في حالة الغيبة بالنهي عن المنكر وتعليم الجاهل، وليس الغرض بدرجة من الفعلية تستوجب الحفاظ عليه بغير الطريق الطبيعي الذي سبب الناس أنفسهم إلى سده بالتسبيب إلى غيبته. واما الثاني فلان الاستظهار مناطه حال المعصوم، ومن الواضح ان حال الغيبة لا يساعد على استظهار الامضاء من السكوت.
وعلى هذا يعرف ان كشف السيرة العقلائية عن امضاء الشارع، انما هو بملاك دلالة السكوت عنها على الامضاء لا بملاك ان الشارع سيد العقلاء وطليعتهم، فما يصدق عليهم يصدق عليه كما يظهر من بعض الاصوليين، وذلك لان كونه كذلك بنفسه يوجب احتمال تميزه عنهم في بعض المواقف، وتخطئته لهم في غير ما يرجع إلى المدركات السليمة الفطرية لعقولهم كما واضح.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|