أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-9-2016
500
التاريخ: 10-8-2016
603
التاريخ: 4-9-2016
455
التاريخ: 5-9-2016
895
|
وهو عند جماعة من الأصحاب (منهم صاحب القوانين) الأدلّة الأربعة، والظاهر من كلماتهم أنّ الموضوع هو الأدلّة الأربعة بوصف كونها أدلّة.
وقد أورد عليه بأنّ لازمه خروج جلّ مباحث علم الاُصول عن مسائله ودخولها في المباديء، لأنّه حينئذ يكون البحث عن حجّية الأدلّة الأربعة ودليليّتا بحثاً عن نفس الموضوع لا عن عوارضه، فإنّ المفروض أنّ الدليليّة قيد للموضوع، والبحث عن قيود الموضوع يكون من المباديء التصوّريّة للعلم.
وقد تفطّن لهذا صاحب الفصول (رحمه الله) وقال في مقام دفعه: إنّ موضوع علم الأصول عبارة عن الأدلّة بذواتها لا بوصف دليليتها، أي الأدلّة بما هي هي.
ولكن أورد عليه المحقّق الخراساني(رحمه الله) (بعد أن اختار أنّ موضوع علم الاُصول هو الكلّي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتّة) بما حاصله أنّ المراد من السنّة مثلا إن كان هو السنّة الواقعيّة فلازم هذا القول أن يكون البحث عن السنّة في علم الاُصول بحثاً عن ثبوت كلام المعصوم ووجوده بمفاد كان التامّة، والحال أنّ المسائل تبحث عن عوارض الموضوع بمفاد كان الناقصة، ثمّ قال:
إن قلت: البحث عن السنّة في علم الاُصول بحث عن ثبوت الكلام الواقعي للمعصوم بخبر الواحد تعبّداً وعدمه فيقال: هل السنّة الواقعيّة تثبت بخبر الواحد تعبّداً أو لا؟ والثبوت التعبّدي (أي وجوب العمل على طبق الخبر) إنّما هو من العوارض.
قلنا: هو كذلك ولكنّه من عوارض الخبر (أي السنّة الظاهريّة) لا من عوارض السنّة الواقعيّة (قول المعصوم وفعله وتقريره واقعاً).
هذا كلّه إذا كان المراد من السنّة السنّة الواقعيّة.
وإن كان المراد من السنّة مطلق السنّة الأعمّ من الواقعيّة والظاهريّة فهو وإن كان لازمه كون المسائل المطروحة حول البحث عن حجّية الأدلّة الأربعة داخلة في علم الاُصول إلاّ أنّه لا يكون بعدُ جامعاً لجميع المسائل، لخروج مباحث الألفاظ وجملة من غيرها(1) عنها بل الداخل فيها إنّما هو مباحث حجّية خبر الواحد والتعادل والتراجيح، (انتهى كلامه بتوضيح منّا).
أقول: أضف إلى ذلك كلّه أنّ القول بأنّ الموضوع هو الأدلّة الأربعة بذواتها وهكذا القول الأوّل (وهو أنّ الموضوع الأدلّة الأربعة بوصف كونها أدلّة) ينافي ما التزموا به من لزوم وحدة الموضوع لأنّه لا جامع بين الأدلّة الأربعة.
وأمّا ما اختاره المحقّق الخراساني(رحمه الله) من «أنّ موضوع علم الاُصول هو الكلّي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتّة» من دون أن يذكر له عنواناً خاصّاً واسماً مخصوصاً باعتذاره بعدم دخل ذلك في موضوعيّته أصلا ـ ففيه إشكال ظاهر لأنّه في الحقيقة فرار عن الإشكال، وليس بحلّ له، لأنّه لقائل أن يقول: أي دليل على وجود جامع واحد بين موضوعات المسائل بعد ما مرّ من المناقشة في التمسّك بقاعدة الواحد في هذا المجال؟ مضافاً إلى أنّه تعريف بأمر مبهم لا فائدة فيه، ولا يناسب ما يراد من بيان موضوع العلم لا سيّما للمبتديء.
وهاهنا قول رابع، وهو ما أفاده المحقّق البروجردي (رحمه الله) من أنّ موضوع علم الاُصول هو «الحجّة في الفقه»، ولا يخفى أنّه أقلّ اشكالا من الأقوال السابقة لأنّ عنوان «الحجّة في الفقه» عنوان جامع واحد لجميع الأدلّة فلا يرد عليه ما أُورد على القول الأوّل والثاني، مضافاً إلى وضوحه وعدم ابهامه، فيكون سالماً عمّا أوردناه على مقالة المحقّق الخراساني(رحمه الله)، ومضافاً إلى شموله للأصول العمليّة بأسرها لشموله للاستصحاب مثلا، لأنّه لا ريب في إنّه حجّة وإن لم يكن دليلا، كما يشمل أيضاً الظنّ الإنسدادي حتّى على الحكومة لكونه حجّة ومعذّراً عن العقاب، والاحتياط العقلي والبراءة العقليّة لأنّ الأوّل حجّة ومنجّز، والثاني حجّة ومعذّر، وحينئذ لا يرد على قوله ما اُورد على مقالة صاحب الفصول كما لا يخفى.
نعم يمكن الإيراد عليه من طريقين:
الأوّل: إنّه لا يعمّ المباحث اللّفظيّة لأنّها لا تعدّ حجّة في الفقه لعدم اختصاصها بالألفاظ المستعملة في خصوص لسان الشارع بل إنّها قواعد عامّة تجري في جميع الألفاظ واللغات، فإنّ قضيّة «صيغة الأمر تدلّ على الوجوب» مثلا قاعدة لفظيّة عامّة تجري في جميع الأوامر شرعيّة كانت أو عرفيّة.
ولكن يمكن الجواب عنه بأنّ دلالة الأمر على الوجوب مثلا تكون بمنزلة عرض عامّ يعرض الأوامر الشرعيّة أيضاً، فيمكن أن تعدّ الأوامر الشرعيّة بهذا اللحاظ مصداقاً من مصاديق «الحجّة في الفقه» كما أنّ كتاب الله تعالى أو العقل حجّة في الفقه وغيره معاً.
الثاني : أنّه يرد على عنوان الحجّة في الفقه بوصف كونها حجّة نفس ما أورده على عنوان الأدلّة الأربعة بوصف كونها أدلّة إلاّ أن يقال أنّ الموضوع إنّما هو ذات الحجّة لا هي بوصف الحجّية كما هو المختار.
وبهذا اندفع جميع الإشكالات الواردة على هذا القول، وظهر أنّ ما ذكره المحقّق المذكور هو الذي ينبغي أن يركن إليه في هذا الباب، غير إنّه يبقى عليه أنّه في الواقع راجع إلى وحدة الغرض، وإنّما اُشير إلى وحدة الموضوع من هذه الجهة، فكأنّه قيل: إنّ موضوع اُصول الفقه هو كلّ شيء ينفع في استنباط الأحكام الشرعيّة، فلا جامع بين الكتاب والسنّة ودليل العقل والإجماع والاُصول الأربعة العمليّة والشهرة الفتوائيّة (على القول بحجّيتها) وغيرها من أشباهها إلاّ أنّها تفيد الفقيه في استنباطاته.
بقي هنا شيء:
وهو أنّه لا يخفى إنّا في فسحة من ناحية إشكال عدم وحدة الموضوع لما اخترناه سابقاً من عدم توقّف وحدة العلم واستقلاله عليها بل يكفي فيه وحدة المحمول أو الغرض، ولا إشكال في أنّ الغرض في المسائل الاُصوليّة واحد وهو حصول القدرة على استنباط الحكم الشرعي.
________________________
1. لعلّ المقصود من قوله «غيرها» هو الاُصول العمليّة لعدم كونها من الأدلّة الأربعة بل هي بيان لوظيفة الشاكّ في الحكم الواقعي وإن كانت أدلّة حجّيتها من الأدلّة الأربعة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|