أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-3-2017
672
التاريخ: 11-10-2017
893
التاريخ: 25-10-2014
731
التاريخ: 3-07-2015
803
|
يراد بالتجسيم هنا :
1 - التشبيه : وهو الاعتقاد بان اللّه تعالى صورة تشبه صورة الانسان.
2 - التجسيم : وهو الاعتقاد بان اللّه جسم.
3 - التحيز : وهو الاعتقاد بان اللّه متحيز، أي في مكان.
ومنشأ هذه الأقوال وأمثالها هو الموقف الفكري والعقائدي مما يعرف ب«المتشابه» الوارد في القرآن والحديث.
فقد جاء منه آيات وروايات يترآى من ظاهرها التجسيم، أمثال :
أ - من القرآن :
{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75].
{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } [الزمر: 67] .
{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22].
{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] .
{وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: 61].
{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88].
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه: 5] .
{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10].
ب - من الحديث :
(خلق اللّه آدم على صورته).
(لا تملأ النار حتى يضع اللّه رجله فيها).
(ينزل ربنا كل ليلة الى سماء الدنيا حين يبقى الثلث الأخير، ويقول : من يدعوني فاستجيب له).
(خَمَّرَ طينة آدم بيده اربعين صباحاً).
(لقيني ربي فصافحني وكافحني ووضع يده بين كتفيّ حتى وجدت برد أنامله).
وكان الموقف الفكري المشار اليه من هذه النصوص وأمثالها علمياً وعقائدياً يتلخص في التالي :
1 - الأخذ بظواهرها من غير تأويل. وهو ما نهجه المجسمة.
2 - تأويلها بحمل ألفاظها التي يظهر منها التجسيم على معنى مجازي يلتقي وطبيعة سياق النص وقرائنه، وبشكل يتمشى وأصل التوحيد وهو ما نهجه الامامية والمعتزلة ومن اليهما.
3 - التوقف عن الأخذ بالظاهر وعن التأويل. وهو ما التزمه اهل الحديث.
ويبرر الشهرستاني الموقف الأخير بقوله : «إعلم أن السلف من أصحاب الحديث لما رأوا توغل المعتزلة في علم الكلام ومخالفة السنة التي عهدوها من الأئمة الراشدين، ونَصَرَهم جماعة من امراء بني أمية على قولهم بالقدر، وجماعة من خلفاء بني العباس على قولهم بنفي الصفات وخلق القرآن، تحيروا في تقرير مذهب أهل السنة والجماعة في متشابهات الكتاب الحكيم واخبار النبي الأمين صلى الله عليه وآله .
فأما احمد بن حنبل وداود بن علي الأصفهاني، وجماعة من أئمة السلف، فجروا على منهاج السلف المتقدمين عليهم من اصحاب الحديث مثل مالك بن أنس ومقاتل بن سليمان.
وسلكوا طريق السلامة، فقالوا : نؤمن بما ورد به الكتاب والسنة، ولا نتعرض للتأويل بعد أن نعلم قطعاً أن اللّه عز وجل لا يشبه شيئاً من المخلوقات، وان كل ما تمثل في الوهم فانه خالقه ومقدره.
وقالوا : انما توقفنا في تفسير الآيات وتأويلها لأمرين :
أحدهما : المنع الوارد في التنزيل في قوله تعالى : {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] فنحن نتحرر من الزيغ.
والثاني : أن التأويل أمر مظنون بالاتفاق، والقول في صفات الباري بالظن غير جائز، فربما أوّلنا الآية على غير مراد الباري تعالى فوقعنا في الزيغ، بل نقول كما قال الراسخون في العلم {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7] ، آمنا بظاهره وصدقنا بباطنه، ووكلنا علمه الى اللّه تعالى، ولسنا مكلفين بمعرفة ذلك، إذ ليس ذلك من شرائط الايمان وأركانه»(1).
وناقشهم السيد الطباطبائي بقوله : «للناس في معنى العرش بل في معنى قوله : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] والآيات التي في هذا المساق مسالك مختلفة.
فاكثر السلف على انها وما يشاكلها من الآيات هي من المتشابهات التي يجب أن يُرجع علمها الى اللّه سبحانه.
وهؤلاء يرون البحث عن الحقائق الدينية والتطلع الى ما وراء ظواهر الكتاب والسنة بدعة.
والعقل يخطئهم في ذلك، والكتاب والسنة لا يصدقانهم، فآيات الكتاب تحرض كل التحريض على التدبر في آيات اللّه، وبذل الجهد في تكميل معرفة اللّه ومعرفة آياته بالتذكر والتفكر والنظر فيها، والاحتجاج بالحجج العقلية، ومتفرقات السنة المتواترة معنى توافقها، ولا معنى للأمر بالمقدمة والنهي عن النتيجة.
وهؤلاء هم الذين كانوا يحرمون البحث عن حقائق الكتاب والسنة حتى البحث الكلامي الذي بناؤه على تسليم الظواهر الدينية ووضعها على ما تفيده بحسب الفهم العامي ثم الدفاع عنها بما تيسر من المقدمات المشهورة والمسلمة عند أهل الدين - ويعدونها بدعة»(2)
ويبرر القائلون بالحمل على الظاهر، لزوم الحمل على الظاهر بعدم وجود مجاز في كلام العرب أو في القرآن والسنة على الأقل.
« وشبهتهم - كما يقول السيوطي - :
1 - ان المجاز اخو الكذب، والقرآن منزه عنه.
2 - وان المتكلم لا يعدل اليه الا اذا ضاقت به الحقيقة فيستعير، وذلك محال على اللّه تعالى»(3).
ثم يردهم (اعني السيوطي) بقوله :
«وهذه شبهة باطلة، إذ لو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن، فقد اتفق البلغاء على ان المجاز أبلغ من الحقيقة. ولو وجب خلو القرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتشبيه القصص وغيرها»(4).
واستدل السيوطي في (المزهر)(5) على وقوع المجاز في لغة العرب بقوله : «وعمدتنا في ذلك النقل المتواتر عن العرب، لانهم يقولون : (استوى فلان على متن الطريق) ولا متن لها، و(فلان على جناح السفر) ولا جناح للسفر، و(شابت لمة الليل) و(قامت الحرب على ساق)، وهذه كلها مجازات. ومنكر المجاز في اللغة جاحد للضرورة، ومبطل محاسن لغة العرب».
أما القائلون بالتأويل فذهبوا الى أن الآية الكريمة {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] ، تفيد تقسيم آيات القرآن الكريم الى قسمين : المحكمات والمتشابهات.
وهي (اعني الآية المذكورة) من المحكمات.
وليس فيها ما ينص أو يظهر منه المنع من تأويل المتشابه على نحو الاطلاق الذي يشمل من كان في قلبه زيغ ومن ليس في قلبه زيغ.
نعم، هي تمنع من تأويل المتشابه لمن كان في قلبه زيغ لانه يقصد من تأويله على طريقته - أي من غير الرجوع به الى المحكم - اثارة الفتنة واثارة تأويله للتأويل وبغية الجدل.
أما تأويله للفهم والافهام لا منع فيها له.
وعليه فتأويل المتشابه جائز.
ولكن يجب أن يكون بإرجاعه الى المحكم، ويدل على هذا ما ورد في (عيون أخبار الرضا) من قوله (عليه السلام) : (مَنْ رَدَّ متشابه القرآن الى محكمه هُدي الى صراط مستقيم).
يقول السيد الطباطبائي : «المراد بالمتشابه كون الآية بحيث لا يتعين مرادها لفهم السامع بمجرد استماعها بل يتردد بين معنى ومعنى حتى يُرجع الى محكمات الكتاب فتعيّن هي معناها وتبينها بياناً فتصير الآية المتشابهة عند ذلك محكمة بواسطة الآية المحكمة، والآية المحكمة محكمة بنفسها.
كما في قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] يشتبه المراد منه على السامع أول ما يسمعه، فاذا رجع الى مثل قوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] استقر الذهن على أن المراد به التسلط على الملك والاحاطة على الخلق، دون التمكن والاعتماد على المكان المستلزم للتجسيم المستحيل على اللّه سبحانه»(6).
هذا مضافاً الى ما استدلوا به من بطلان التشبيه، قال الصدوق : «الدليل على أن اللّه سبحانه لا يشبه شيئاً من خلقه من جهة من الجهات انه لا جهة لشيء من افعاله الا محدثة، ولا جهة محدثة الا وهي تدل على حدوث من هي له، فلو كان اللّه جل ثناؤه يشبه شيئاً منها لدلت على حدوثه من حيث دلت على حدوث من هي له إذ المتماثلان في العقول يقتضيان حكماً واحداً من حيث الجهة التي تماثلا منها، وقد قام الدليل على ان اللّه عز وجل قديم ومحال أن يكون قديماً من جهة وحادثاً من جهة اخرى»(7).
ومن هنا نجدهم يتأولون كل ما ورد من المتشابه مما ظاهره التجسيم. ومن امثلة هذا : تأويلات القاضي المعتزلي، قال :
« مسألة : فان قال : فقد قال اللّه تعالى ما يدل على انه جسم، فقال :
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] .
{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3] .
و {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ } [فاطر: 10].
{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]
الى غير ذلك من الآيات التي فيها ذكر الجنب والساق والعين والوجه.
قيل له : ان اول ما ينبغي أن تعلمه أنه لاحق بعد أن تتقدم للانسان معرفة اللّه تعالى، ويعلم انه لا يشبه الاجسام ولا يفعل القبائح، فالاحتجاج به في نصرة الجسمية لا يجوز.
قد استوى بِشْرُ على العراق *** من غير سيف ودم مهراق
قد استوى بشر على العراقِ *** من غير سيف ودم مهراق
______________________
(1) الملل والنحل 1 / 103 - 104.
(2) الميزان 8 / 153.
(3) الاتقان 2 / 36.
(4) م. ن.
(5) 1 / 364.
(6) الميزان 3 / 21.
(7) التوحيد 80 - 81.
(8) المختصر في اصول الدين 332 - 335.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|