أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-9-2016
1224
التاريخ: 4-9-2016
519
التاريخ: 4-9-2016
980
التاريخ: 4-9-2016
513
|
1 - دور الاستصحاب في هذا الدوران:
قد يتمسك بالاستصحاب في موارد هذا الدوران تارة لأثبات وجوب الاحتياط، واخرى لأثبات نتيجة البراء ة. اما التمسك به على الوجه الاول فبدعوى انا نعلم بجامع وجوب مردد بين فردين من الوجوب وهما وجوب التسعة ووجوب العشرة، ووجوب التسعة يسقط بالإتيان بالأقل، ووجوب العشرة لا يسقط بذلك، فاذا أتى المكلف بالأقل شك في سقوط الجامع وجرى استصحابه، ويكون من استصحاب القسم الثاني من الكلي. والجواب على ذلك ان استصحاب جامع الوجوب ان اريد به اثبات وجوب العشرة لان ذلك هو لازم بقائه، فهذا من الاصول المثبتة لانه لازم عقلي لا يثبت بالاستصحاب.
وان اريد به الاقتصار على اثبات جامع الوجوب، فهذا لا اثر له لانه لا يزيد على العلم الوجداني بهذا الجامع، وقد فرضنا ان العلم به لا ينجز سوى الاقل، والاقل حاصل في المقام بحسب الفرض. واما التمسك به على الوجه الثاني فباستصحاب عدم وجوب الزائد الثابت قبل دخول الوقت او في صدر عصر التشريع، ولا يعارض باستصحاب عدم الوجوب الاستقلالي للأقل، إذ لا اثر لهذا الاستصحاب لانه ان اريد به اثبات وجوب الزائد بالملازمة فهو مثبت، وان اريد به التأمين في حالة ترك الاقل فهو غير صحيح، لان فرض ترك الاقل هو فرض المخالفة القطعية، ولا يصح التأمين بالأصل العملي الا عن المخالفة الاحتمالية.
2 - الدوران بين الجزئية والمانعية:
اذا تردد امر شئ بين كونه جزء ا من الواجب او مانعا عنه فمرجع ذلك إلى العلم الاجمالي بوجوب زائد متعلق اما بالتقيد بوجود ذلك الشيء او بالتقيد بعدمه، وفي مثل ذلك يكون هذا العلم الاجمالي منجزا، وتتعارض اصالة البراء ة عن الجزئية مع اصالة البراء ة عن المانعية، فيجب على المكلف الاحتياط بتكرار العمل مرة مع الاتيان بذلك الشيء ومرة بدونه. هذا فيما اذا كان في الوقت متسع وإلا جازت المخالفة الاحتمالية بملاك الاضطرار وذلك بالاقتصار عل احد الوجهين.
وقد يقال: ان العلم الاجمالي المذكور غير منجز ولا يمنع عن جريان البراء تين معا، بناء على بعض صيغ الركن الرابع لتنجيز العلم الاجمالي، وهي صيغة الميرزا القائلة بان تعارض الاصول مرهون بأداء جريانها إلى الترخيص عمليا في المخالفة القطعية، فان جريان الاصول في المقام لا يؤدي إلى ذلك، لان المكلف لا تمكنه المخالفة القطعية للعلم الاجمالي المذكور، إذ في حالة الاتيان بالشيء المردد بين الجزء والمانع يحتمل الموافقة، وفي حالة تركه يحتملها ايضا، فلا يلزم من جريان الاصلين معا ترخيص في المخالفة القطعية.
فان قيل: الا تحصل المخالفة القطعية لو ترك المركب رأسا.
قلنا: نعم تحصل، ولكن هذا مما لا إذن فيه من قبل الاصلين حتى لو جريا معا.
ولكن يمكن ان يقال على ضوء صيغة الميرزا: ان المخالفة القطعية للعلم الاجمالي المذكور ممكنة ايضا فيما إذا كان الشيء المردد بين الجزء والمانع متقوما بقصد القربة على تقدير الجزئية، فإن المخالفة القطعية حينئذ تحصل بالإتيان به بدون قصد القربة، ويكون جريان الاصلين معا مؤديا إلى الاذن في ذلك فيتعارض الاصلان ويتساقطان.
3 - الاقل والاكثر في المحرمات:
كما قد يعلم اجمالا بواجب مردد بين التسعة والعشرة كذلك قد يعلم بحرمة شئ مردد بين الاقل والاكثر، كما إذا علم بحرمة تصوير رأس الحيوان او تصوير كامل حجمه، ويختلف الدوران المذكور في باب الحرام عنه في باب الواجب من بعض الجهات:
فاولا: - وجوب الاكثر هناك كان هو الاشد مؤونة، واما حرمة الاكثر هنا فهي الاخف مؤونة، إذ يكفي في امتثالها ترك اي جزء، فحرمة الاكثر في باب الحرام تناظر إذن وجوب الاقل في باب الواجب.
وثانيا: - ان دوران الحرام بين الاقل والاكثر يشابه دوران امر الواجب بين التعيين والتخيير، لان حرمة الاكثر في قوة وجوب ترك احد الاجزاء تخييرا، وحرمة الاقل في قوة وجوب ترك هذا الجزء بالذات تعيينا، فالأمر دائر بين وجوب ترك احد الاجزاء ووجوب ترك هذا الجزء بالذات، وهذا يشابه دوران الواجب بين التعيين والتخيير لا الدوران بين الاقل والاكثر في الاجزاء او الشرائط.
والحكم هو جريان البراء ة عن حرمة الاقل، ولا تعارضها البراءة عن حرمة الاكثر، بنفس البيان الذي جرت بموجبه البراءة عن الوجوب التعييني للعتق بدون ان تعارض بالبراءة عن الوجوب التخييري.
4 - الشبهة الموضوعية للأقل والاكثر:
كما يمكن افتراض الشبهة الحكمية للدوران بين الاقل والاكثر كذلك يمكن افتراض الشبهة الموضوعية، بان يكون مرد الشك إلى الجهل بالحالات الخارجية لا الجهل بالجعل، كما اذا علم المكلف بان ما لا يؤكل لحمه مانع في الصلاة، وشك في ان هذا اللباس هل هو مما لا يؤكل لحمه أولا، فتجري البراء ة عن مانعيته او عن وجوب تقيد الصلاة بعدمه بتعبير آخر.
وقد يقال - كما عن الميرزا (قدس سره) -: ان الشبهة الموضوعية للواجب الضمني لا يمكن تصويرها الا إذا كان لهذا الواجب تعلق بموضوع خارجي كما في هذا المثال. ولكن الظاهر امكان تصويرها في غير ذلك ايضا وذلك بلحاظ حالات المكلف نفسه، كما إذا فرضنا ان السورة كانت واجبة على غير المريض في الصلاة وشك المكلف في مرضه، فإن هذا يعنى الشك في جزئية السورة مع انها واجب ضمني لا تعلق له بموضوع خارجي ، والحكم هو البراءة.
5 - الشك في اطلاق دخالة الجزء او الشرط:
كنا نتكلم عما إذا شك المكلف في جزئية شئ او شرطيته مثلا للواجب، وقد يتفق العلم بجزئية شئ او دخالته في الواجب بوجه من الوجود ولكن يشك في شمول هذه الجزئية لبعض الحالات، كما إذا علمنا بان السورة جزء في الصلاة الواجبة وشككنا في اطلاق جزئيتها لحالة المرض او السفر، ومرجع ذلك إلى دوران الواجب بين الاقل والاكثر بلحاظ هذه الحالة بالخصوص، فإذا لم يكن لدليل الجزئية اطلاق لها وانتهى الموقف إلى الاصل العلمي، جرت البراء ة عن وجوب الزائد في هذه الحالة، وهذا على العموم لا اشكال فيه، ولكن قد يقع الاشكال في حالتين من هذه الحالات وهما: حالة الشك في اطلاق الجزئية لصورة نسيان الجزء، وحالة الشك في اطلاق الجزئية لصورة تعذره.
ونتناول هاتين الحالتين فيما يلي تباعا:
(أ) الشك في الاطلاق الحالة النسيان:
اذا نسي المكلف جزء ا من الواجب، فأتى به بدون ذلك الجزء، ثم التفت بعد ذلك إلى نقصان ما أتى به.. فان كان لدليل الجزئية اطلاق لحال النسيان اقتضى ذلك بطلان ما أتى به لانه فاقد للجزء، من دون فرق بين افتراض ارتفاع النسيان في اثناء الوقت، وافتراض استمراره إلى آخر الوقت، وهذا هو معنى ان الاصل اللفظي في كل جزء يقتضي ركنيته، اي بطلان المركب بالإخلال به نسيانا، واما اذا لم يكن لدليل الجزئية اطلاق وانتهى الموقف إلى الاصل العملي، فقد يقال بجواز اكتفاء الناسي بما اتى به، لان المورد من موارد الدوران بين الاقل والاكثر بلحاظ حالة النسيان، والاقل واقع والزائد منفي بالأصل.
وتوضيح الحال في ذلك: ان النسيان تارة يستوعب الوقت كله، واخرى يرتفع في اثنائه.
ففي الحالة الاولى: لا يكون الواجب بالنسبة إلى الناسي مرددا بين الاقل والاكثر، بل لا يحتمل التكليف بالأكثر بالنسبة اليه، لان الناسي لا يكلف بما نسيه على اي حال. بل هو يعلم اما بصحة ما أتى به او بوجوب القضاء عليه، ومرجع هذا إلى الشك في وجوب استقلالي جديد وهو وجوب القضاء، فتجري البراء ة عنه حتى لو منعنا من البراء ة في موارد دوران الواجب بين الاقل والاكثر الارتباطيين.
واما في الحالة الثانية: فالتكليف فعلي في الوقت، غير انه متعلق اما بالجامع الشامل للصلاة الناقصة الصادرة حال النسيان، او بالصلاة التامة فقط، والاول معناه اختصاص جزئية المنسي بغير حال النسيان، والثاني
معناه اطلاق الجزئية لحال النسيان، والدوران بين وجوب الجامع ووجوب الصلاة التامة تعيينا هو من انحاء الدوران بين الاقل والاكثر، ويمثل الجامع فيه الاقل، وتمثل الصلاة التامة الاكثر، وتجري البراء ة وفقا للدوران المذكور. ولكن قد يقال - كما في إفادات الشيخ الانصاري وغيره - بان هذا انما يصح فيما إذا كان بالإمكان ان يكلف الناسي بالأقل، فانه يدور عنده امر الواجب حينئذ بين الاقل والاكثر، ولكن هذا غير ممكن لان التكليف بالأقل ان خصص بالناسي فهو محال لان الناسي لا يرى نفسه ناسيا، فلا يمكن لخطاب موجه إلى الناسي ان يصل اليه، وان جعل على المكلف عموما شمل المتذكر ايضا مع ان المتذكر لا يكفي منه الاقل بلا إشكال، وعليه فلا يمكن ان يكون الاقل واجبا في حق الناسي، وانما المحتمل اجزاؤه عن الواجب، فالواجب إذن في الاصل هو الاكثر ويشك في سقوطه بالأقل، وفي مثل ذلك لا تجري البراء ة.
والجواب: ان التكليف بالجامع يمكن جعله وتوجيهه إلى طبيعي المكلف، ولا يلزم منه جواز اقتصار المتذكر على الاقل، لانه جامع بين الصلاة الناقصة المقرونة بالنسيان والصلاة التامة، كما لا يلزم منه عدم امكان الوصول إلى الناسي، لان موضوع التكليف هو طبيعي المكلف، غاية ما في الامر ان الناسي يرى نفسه آتيا بأفضل الحصتين من الجامع مع انه انما تقع منه اقلهما قيمة، ولا محذور في ذلك.
وهذا الجواب افضل مما ذكره عدد من المحققين في المقام، من حل الاشكال وتصوير تكليف الناسي بالأقل بافتراض خاطبين: احدهما متكفل بإيجاب الاقل على طبيعي المكلف، والآخر متكفل بإيجاب الزائد على المتذكر.
إذ نلاحظ على ذلك: ان الاقل في الخطاب الاول هل هو مقيد بالزائد، او مطلق من ناحيته، او مقيد بلحاظ المتذكر ومطلق بلحاظ الناسي، او مهمل. والاول خلف إذ معناه عدم كون الناسي مكلفا بالأقل، والثاني كذلك لان معناه كون المتذكر مكلفا بالأقل وسقوط الخطاب الاول بصدور الاقل منه، والثالث رجوع إلى الخطاب الواحد الذي ذكرناه، ومعه لا حاجة إلى افتراض خطاب اخر يخص المتذكر، والرابع غير معقول لان التقابل بين الاطلاق والتقييد في عالم الجعل تقابل السلب والايجاب فلا يمكن انتفاؤهما معا.
وعلى هذا الاساس فالمقام من صغريات دوران الواجب بين الاقل والاكثر، فيلحقه حكمه من جريان البراء ة عن الزائد. بل التدقيق في المقارنة يكشف عن وجود فارق يجعل المقام احق بالبراء ة من حالات الدوران المذكور، وهو ان العلم بالواجب المردد بين الاقل والاكثر قد يدعي كونه في حالات الدوران المذكور علما اجماليا منجزا، وهذه الدعوى لئن قبلت في تلك الحالات فهناك سبب خاص يقتضي رفضها في المقام وعدم امكان افتراض علم اجمالي منجز هنا، وهو ان التردد بين الاقل والاكثر في المقام انما يحصل للناسي بعد ارتفاع النسيان، والمفروض انه قد اتى بالأقل في حالة النسيان، وهذا يعني انه يحصل بعد امتثال احد طرفيه، فهو نظير ان تعلم اجمالا بوجوب زيارة احد الامامين بعد ان تكون قد زرت احدهما، ومثل هذا العلم الاجمالي غير منجز بلا شك حتى لو كان التردد فيه بين المتباينين فضلا عما اذا كان بين الاقل والاكثر. وخلافا لذلك حالات الدوران الاعتيادية فان التردد فيها يحصل قبل الاتيان بالأقل فاذا تشكل منه علم اجمالي كان منجزا.
(ب) الشك في الاطلاق لحالة التعذر:
إذا كان الجزء جزء ا حتى في حالة التعذر كان معنى ذلك ان العاجز عن الكل المشتمل عليه لا يطالب بالناقص، وإذا كان الجزء جزء ا في حالة التمكن فقط فهذا يعني انه في حالة العجز لا ضرر من نقصه وان العاجز يطالب بالناقص. والتعذر تارة يكون في جزء من الوقت واخرى يستوعبه.
ففي الحالة الاولى: يحصل للمكلف علم اما بوجوب الجامع بين الصلاة الناقصة حال العجز والصلاة التامة، او بوجوب الصلاة التامة عند ارتفاع العجز، لان جزئية المتعذر ان كانت ساقطة في حال التعذر فالتكليف متعلق بالجامع، والا كان متعلقا بالصلاة التامة عند ارتفاع التعذر، وتجري البراء ة حينئذ عن وجوب الزائد وفقا لحالات الدوران بين الاقل والاكثر. ويلاحظ ان التردد هنا بين الاقل والاكثر يحصل قبل الاتيان بالاقل خلافا لحال الناسي، لان العاجز عن الجزء يلتفت إلى حاله حين العجز.
وفي الحالة الثانية: يحصل للمكلف علم اجمالي اما بوجوب الناقص في الوقت او بوجوب القضاء - إذا كان للواجب قضاء - لان جزئية المتعذر ان كانت ساقطة في حال التعذر فالتكليف متعلق بالناقص في الوقت، والا كان الواجب القضاء، وهذا علم اجمالي منجز. وليعلم ان الجزئية في حال النسيان او في حال التعذر انما تجري البراء ة عند الشك فيها إذا لم يكن بالإمكان توضيح الحال عن طريق الادلة المحرزة، وذلك بأحد الوجوه التالية:
اولا : - ان يقوم دليل خاص على اطلاق الجزئية او اختصاصها، من قبيل حديث (لا تعاد الصلاة الا من خمس...).
ثانيا : - ان يكون لدليل الجزئية اطلاق يشمل حالة النسيان او التعذر فيؤخذ بإطلاقه، ولا مجال حينئذ للبراءة
ثالثا : - ان لا يكون لدليل الجزئية اطلاق بان كان مجملا من هذه الناحية وكان لدليل الواجب اطلاق يقتضي في نفسه عدم اعتبار ذلك الجزء رأسا، ففي هذه الحالة يكون دليل الجزئية مقيدا لإطلاق دليل الواجب بمقداره، وحيث ان دليل الجزئية لا يشمل حال التعذر او النسيان فيبقى اطلاق دليل الواجب محكما في هاتين الحالتين، ودالا على عدم الجزئية فيهما.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|