أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-08-2015
1067
التاريخ: 20-11-2014
1058
التاريخ: 20-11-2014
963
التاريخ: 20-11-2014
690
|
ذهبت الإمامية ومن وافقهم من المعتزلة، إلى أن الله تعالى لا يفعل القبيح، ولا يخل بالواجب. بل جميع أفعاله تعالى حكمة وصواب، ليس فيها ظلم، ولا جور، ولا عدوان، ولا كذب، ولا فاحشة، لأن الله تعالى غني عن القبيح، وعالم بقبح القبيح، لأنه عالم بكل المعلومات وعالم بغناه عنه. وكل من كان كذلك فإنه يستحيل عليه صدور القبيح عنه، والضرورة قاضية بذلك، ومن فعل القبيح مع الأوصاف الثلاثة استحق الذم واللوم. وأيضا الله تعالى قادر، والقادر إنما يفعل بواسطة الداعي، والداعي: إما داعي الحاجة، أو داعي الجهل، أو داعي الحكمة...
فأما داعي الحاجة، فقد يكون العالم بقبح القبيح محتاجا إليه، فيصدر عنه دفعا لحاجته. وأما داعي الجهل، فبأن يكون القادر عليه جاهلا بقبحه، فيصح صدوره عنه. وأما داعي الحكمة، بأن يكون الفعل حسنا فيفعله لدعوة الداعي إليه. والتقدير أن الفعل قبيح فانتفت هذه الدعاوى، فيستحيل القبح منه تعالى.
وذهبت الأشاعرة كافة، إلى أن الله تعالى قد فعل القبايح بأسرها، من أنواع الظلم، والشرك، والجور، والعدوان، ورضي بها، وأحبها (1) فلزمهم من ذلك محالات:
منها: امتناع الجزم بصدق الأنبياء، لأن مسيلمة الكذاب لا فعل له، بل القبيح الذي صدر عنه من الله تعالى عندهم، فجاز أن يكون جميع الأنبياء كذلك. وإنما يعلم صدقهم لو علمنا أنه تعالى لا يصدر عنه القبيح، فلا يعلم حينئذ نبوة نبينا صلى الله عليه وآله، ولا نبوة موسى، وعيسى، وغيرهما من الأنبياء.
فأي عاقل يرضى لنفسه أن يقلد من لا يجزم بنبي من الأنبياء البتة؟
وأنه لا فرق عنده بين نبوة محمد صلى الله عليه وآله، ونبوة مسيلمة الكذاب؟، فليحذر العاقل من اتباع أهل الأهواء، والانقياد إلى طاعتهم، ليبلغهم مرادهم، ويربح هو الخسران بالخلود في النيران، ولا ينفعه عذره غدا في يوم الحساب!.
ومنها: أنه يلزم منه تكذيب الله تعالى في قوله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ } [البقرة: 205] ، و {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: 7] ، و {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ } [غافر: 31] ، و {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] ، و {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } [الكهف: 49] ، و {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117] ، {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا } [الإسراء: 38] ، {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [الأعراف: 28].
ومن يعتقد اعتقادا يلزم منه تكذيب القرآن العزيز، فقد اعتقد ما يوجب الكفر، وحصل الارتداد، والخروج عن ملة الإسلام، فليتعوذ الجاهل العاقل من هذه المقالة الردية، المؤدية إلى أبلغ أنواع الضلالة. وليحذر من حضور الموت عنده وهو على هذه العقيدة، فلا تقبل توبته، وليخش من الموت قبل تفطنه بخطأ نفسه. فيطلب الرجعة، فيقول: {رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ } [المؤمنون: 99، 100] ، فيقال له: { كَلَّا} [المؤمنون: 100].
ومنها: أنه يلزم منه عدم الوثوق بوعده، ووعيده. ولأنه لو جاز منه فعل القبيح، لجاز منه الكذب، وحينئذ ينتفي الجزم بوقوع ما أخبر بوقوعه من الثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية، ولا يبقى للعبد جزم بصدقه، بل ولا ظن به، لأنه لما وقع منه أنواع الكذب والشرور في العالم، كيف يحكم العقل بصدقه في الوعد والوعيد، وينتفي حينئذ فائدة التكليف، وهو الحذر من العقاب، والطمع في الثواب.
ومن يجوز لنفسه أن يقلد من يعتقد جواز الكذب على الله تعالى، وأنه لا جزم في البعث والنشور، ولا بالحساب، ولا بالثواب، ولا بالعقاب؟، وهل هذا إلا خروج عن الملة الإسلامية؟
فليحذر الجاهل من تقليد هؤلاء، ولا يعتذر: بأني ما عرفت مذهبهم، فهذا عين مذهبهم، وصريح مقالتهم.. نعوذ بالله تعالى منها، ومن أمثالها..
ومنها: أنه يلزم نسبة المطيع إلى السفه والحمق، ونسبة العاصي إلى الحكمة والكياسة، والعمل بمقتضى العقل. بل كلما ازداد المطيع في طاعته وزهده، ورفضه للأمور الدنيوية، والاقبال على الله تعالى بالكلية، والانقياد إلى امتثال أوامره، واجتناب مناهيه، نسب إلى زيادة الجهل، والحمق، والسفه. وكلما ازداد العاصي في عصيانه، ولج في غيه وطغيانه، وأسرف في ارتكاب الملاهي المحرمة، واستعمال الملاذ المزجور عنها بالشرع، نسب إلى العقل، والأخذ بالحزم، لأن الأفعال القبيحة إذا كانت مستندة إليه تعالى، جاز أن يعاقب المطيع، ويثبت العاصي، فيجعل المطيع بالتعب، ولا تفيده طاعته إلا الخسران، حيث جاز أن يعاقبه على امتثال أمره، ويحصل في الآخرة بالعذاب الأليم السرمد، العقاب المؤبد. وجاز أن يثيب العاصي، فيحصل بالربح في الدارين، ويتخلص من المشقة في المنزلتين.
ومنها: أنه تعالى كلف المحال، لأن الآثار كلها مستندة إليه تعالى، ولا تأثير لقدرة العبد البتة، فجميع الأفعال غير مقدورة للعبد.. وقد كلف ببعضها، فيكون قد كلف ما لا يطاق.
وجوزوا بهذا الاعتبار، وباعتبار وقوع القبح منه تعالى: أن يكلف الله تعالى أن يخلق مثله تعالى، ومثل نفسه، وأن يعيد الموتى في الدنيا، كآدم، ونوح، وغيرهما. وأن يبلع جبل أبي قبيس دفعة، ويشرب ماء دجلة جرعة، وأنه متى لم يفعل ذلك عذبه بأنواع العذاب!.
فلينظر العاقل في نفسه، هل يجوز له أن ينسب ربه تعالى وتقدس إلى مثل هذه التكاليف الممتنعة؟ وهل ينسب ظالم منا إلى مثل هذا الظلم؟
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا..
ومنها: أنه يلزم منه عدم العلم بنبوة أحد من الأنبياء عليهم السلام، لأن دليل النبوة هو: أن الله تعالى فعل المعجزة عقيب الدعوى، لأجل التصديق، وكل من صدقه الله تعالى فهو صادق، فإذا صدر القبيح منه لم يتم الدليل. أما الصغرى، فجاز أن يخلق المعجزة للإغواء والاضلال.
وأما الكبرى، فلجواز أن يصدق المبطل في دعواه.
ومنها: أن القبائح لو صدرت عنه تعالى لوجبت الاستعاذة منه، لأنه حينئذ أضر على البشر من إبليس لعنه الله، وكان واجبا على قولهم، أن يقول المتعوذ: أعوذ بالشيطان الرجيم من الله تعالى.
وهل يرضى العاقل لنفسه المصير إلى مقالة تؤدي إلى التعوذ من أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين؟. وتخليص إبليس من اللعن، والبعد، والطرد؟ نعوذ بالله من اعتقاد المبطلين، والدخول في زمرة الظالمين.
____________
(1) شرح العقائد، وحاشيته للكستلي ص 109 و 113، والملل والنحل ج 1 ص 94 و 96 و 101، والفصل لابن حزم ج 3 ص 66 و 69 وشرح التجريد للقوشجي ص 373.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|