أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-3-2017
639
التاريخ: 25-10-2014
762
التاريخ: 6-08-2015
857
التاريخ: 3-07-2015
702
|
... أنَّ الصفات الإلهية على نَوعين: صفات الجمال، وصفات الجلال، وأنّ ما هو من سِنخ الكمال ومقولته يُسمّى «الصفات الجماليّة» أو «الثبوتية»، وما هو من مقولة النقص وسنخه يسمّى «الصفات الجلالية» أو «السلبية».
والهَدَف من الصّفات السَلبيّة هو تنزيه ذات الله سبحانه من النقص، والحاجة والفقر.
إنّ الله تعالى ـ لكونه غنيّاً موصوفاً بالكمال المطلق ـ منَّزهٌ عن كُلّ وصفٍ يحكي النقص، والحاجة والفقر، ولهذا قال علماء العقيدة المسلمون (علماء الكلام) إنّ الله ليس بجسمٍ ولا جسماني، ولا محلاً لِشيءٍ، ولا حالاًّ في شيء، ذلك لاَنّ كل هذه الخصوصيات ملازمة للنقص والاحتياج ومستتبعة للفقر والاِمكان، وهي تعارضُ كونه غنياً غنىً مطلقاً، وتنافي كونه واجبَ الوجود قطعاً ويقيناً.
هذا ومن الصفات التي تحكي النقص كون الشيء مرئياً، ذلك لاَن الشيء لا يكون مرئياً إلاّ بعد تحقّق شروط ضرورية هي:
أ : أن يكون في مكانٍ وجهةٍ خاصةٍ.
ب : أن لا يكون في ظلمة، بل يشع عليه النور .
جـ : أن يكون بينه وبين الرائي فاصلة معينة ومسافة مناسبة .
ومن الواضح أنّ هذه الشرائط من آثار الكائن الجسماني ومن خصائص الموجود المادّي لا الاِلَه ذي الوجود الاَسمى والاَعلى من ذلك.
هذا مضافاً إلى أنّ كون الله مرئياً لا يخلو من حالتين:
إمّا أن يكونَ كلّ وجودِه مرئياً.
وإمّا أن يكونَ بعض وجودِه مرئياً.
وفي الصورة الاُولى يكون الله المحيط ؛ مُحاطاً ومحدوداً.
وفي الصورة الثانية يكونُ الحق تعالى ذا أجزاء وأبعاض.
وكلا الاَمرين لا يليقان بالله سبحانه فهو تعالى محيطٌ غير محاط به، مطلق غير مقيد، منزّه عن التركب والتبعّض.
على أنَّ ما قلناه يرتبط بالرؤية الحسيّة والبصرية، لا الرؤية القلبيّة، والشهود الباطنيّ الّذي يتحقّق للمرء بفضل الاِيمان الكامل، واليقين الصادق فإنّ هذا القسمَ خارجٌ عن محطّ البحث، وإطار النقاش. ولا ريب في إمكان وقوعه بل وقوعه لاَولياءِ الله، وعبادة الصالحين المقربين.
قال ذعلب اليمانيّ ـ وهو من أصحاب الامام علي ـ قلت للاِمام هل رأيتَ ربَّك يا أميرَ المؤمنيِن؟
قالَ الاِمامُ: «أفَأَعْبُدُ ما لا أرى».
فقال ذعلب: وكيف تراهُ ؟
فقال: «لاَ تراهُ العُيُونُ بمشاهدة العَيانِ وَلكِنْ تدرِكهُ القُلُوب بِحَقائِقِ الاِيمانِ»(1) .
إنّ الرؤية بالبصر علاوةً على كونِها ممتنعةً عقلاً، مرفوضةً من جانبِ القرآن الكريم، فقد صرّحَ القرآن الكريم بنفِي إمكان ذلك.
فعندما طَلَب النبيّ موسى من الله (تحت إلحاحٍ وضغطٍ مِن قومه) أن يريه نفسَه ردّ عليه سبحانه بالنفي المؤكد المؤبد كما يقول: قائلاً: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: 143].
ويمكن أن يَسأَل أحد: إذا كانت رؤيةُ الله بالبصر والعَين غير ممكنة فلماذا قال القرآن الكريم: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23].
والجواب على ذلك هو: أنّ المقصود من النظر في الآية الكريمة، هو انتظار الرحمة الاِلَهية، لاَنّ في الآية شاهدين على ذلك:
1ـ إن النظر في هذه الآية نُسِبَ إلى الوجوه وقال ما معناه: إنّ الوجوه المسرورة تنظرُ إليه. ولو كان المقصود هو رؤية الله بالبصر لنُسِبَ النظر إلى العيون لا إلى الوجوه.
2 ـ إن الكلام في هذه السورة عن فريقين: فريق يتمتّع بوجوهٍ مسرورةٍ مشرقةٍ وقد بيّن ثوابَها بقوله: ( إلى رَبّها ناظِرَةٌ).
وفريق يتسم بوجوه حَزينة مكفهرّة وقد بيّن جزاءها وعقابها بقوله: {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} [القيامة: 25].
والمقصود من الفقرة الثانية واضح وهو أنّ هذا الفريق يعلم بأنّه سيصيبه عذابٌ يفقر الظهر، ويكسره ولهذا فهو ينتظر مثل هذا العذاب الاَليم.
وبقرينة المقابلة بين هذين الفريقين يمكن معرفة المقصود من الآية الاُولى وهو أنَّ أصحاب الوجوه المسرورة تنتظر رحمة الله، فقوله تعالى: (إلى رَبّها ناظِرة) كنايةٌ عن انتظار الرَّحمة الاِلَهية، ولهذا النّوع من التكنية وذكر شيء وإرادة شيء آخر كنايةً نظائر في المحاورات العرفية فيقال فلانٌ عينه على يد فلان أي أنّه ينتظر إفضالهَ وإنعامه عليه.
وخلاصة القول ؛ أنّه كما ينتظر أصحابُ الوجوهِ الحزينةِ عذاباً إلَهيّاً، ينتظرُ أصحابُ الوجوهِ المسرورةِ رحمةً إلَهيةً كُنّي بها بالنَظَر إليه جرياً على العادةِ المألوفةِ في المحاورات العرفيّة العربيّة، وبقرينة المقابلة التي هي من قوانين البلاغة وقواعدها.
هذا مضافاً إلى أنّه يجب أن لا يُكتفى في تفسير الآيات القرآنية بآيةٍ واحدةٍ بل لابدّ من استعراض ما يشابهُها من الآيات من حيثُ الموضوع، والتوصل إلى المفهوم الحقيقي بعد ملاحظة مجموعة تلك الآيات.
وفي مسألة الرُؤية لو لاحظنا كلّ الآيات المتعلّقة بها في القرآن الكريم، بالاِضافةِ إلى الاَحاديثِ الشريفةِ في هذا المجال لاتّضحَ عدمُ إمكان رؤية الله تعالى في نظر الاِسلام من دون غموضٍ.
وفي خاتمة المطاف تفسّر الرؤية الواردة في قصة موسى مع أصحابه، انّ موسى اختار من قومه سبعين رجلاً لميقات ربه لكي يشاهدوا نزول التوراة، فلمّا بلغوا الميقات اقترحوا عليه ان يريهم الله سبحانه، يقول تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً } [البقرة: 55] .
وقال سبحانه: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} [النساء: 153] فلما أفاقوا بدعاء من نبيهم موسى اقترحوا عليه شيئاً آخر، فقالوا: إنك تسمع كلام الله وتصفه لنا أدع ربك حتّى يريك نفسه فتنقله إلينا فأصرّوا وألَحّوا في ذلك، فطلب موسى بضغط وإِلحاح من قومه ان يريه الله ذاته مع علمه بامتناع رؤيته، وقال: { رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143] فوافاه الجواب: {قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: 143] فتبيَّن من ذلك انّ طلب موسى لم يكن من تلقاء نفسه بل كان إجابة لاِلحاح قومه المعروفين باللجاج والاِصرار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة: الخطبة 179.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|