أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
752
التاريخ: 3-07-2015
751
التاريخ: 3-07-2015
911
التاريخ: 25-10-2014
799
|
[ قال الشيخ ] ذهب جمع من الأشاعرة وغيرهم إلى إجراء هذه الصفات على الله سبحانه مع تفويض المراد منها إليه.
قال الشهرستاني :
« إن جماعة كثيرة من السلف يثبتون صفات خبرية مثل اليدين و الوجه ولا يؤولون ذلك ، إِلاّ أنهم يقولون إنا لا نعرف معنى اللفظ الوارد فيه ، مثل قوله : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، و مثل قوله : { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75].ولسنا مكلفين بمعرفة تفسير هذه الآيات ، بل التكليف قد ورد بالإِعتقاد بأنه لا شريك له ، و ذلك قد أثبتناه » (1).
وإليه جنح الرازي وقال :
« هذه المتشابهات يجب القطع بأنَّ مراد الله منها شيء غير ظواهرها ، كما يجب تفويض معناها إلى الله تعالى و لا يجوز الخوض في تفسيرها » (2).
تحليل نظرية التفويض :
إِنَّ التفويض شعار من لا يريد أن يقتحم الأبحاث الخطيرة ، و يرى أنه يكفيه في النجاة قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « بُنِيَ الإِسلام على خمس : شهادة أنْ لا إله إلاّ الله و أنَّ محمداً رسول الله ، و إقام الصلاة ، و إيتاء الزكاة و الحج وصوم رمضان » (3).
ولأنه يرى أنَّ التفويض أسلم من الإِثبات الذي ربما ينتهي به إمّا إلى التشبيه و التجسيم الباطلين أو إلى التعقيد و الإِبهام اللَّذين لا يجتمعان مع سِمَة سهولة العقيدة.
ولكنَّ أهل الإِثبات ـ أعني اصحاب النظريتين السابقتين ـ عابوا على نظرية التفويض بأنَّ غاية تلك النظرية مجرد الإِيمان بألفاظ القرآن و الحديث من غير فقه و لا فهم لمراد الله و رسوله منها. فإنَّ الإِيمان بالألفاظ و تفويض معانيها إلى الله سبحانه بمنزلة القول بأنَّ الله تعالى خاطبنا عبثاً ، لأنه خاطبنا بما لا نفهم ، والله يقول : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4] (4).
أقول : إِنَّ لأهل التفويض عذراً واضحاً في هذا المجال ، فإنهم يتصورن أنَّ الآيات المشتملة على الصفات الخبرية ، من الآيات المتشابهة ، و قد نهى سبحانه عن ابتغاء تأويلها و أمر عباده بالإِيمان بها. فقال سبحانه : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } [آل عمران: 7]. فلا عتب عليهم إذا أعرضوا عن تفسيرها وفوضوا معانيها إليه سبحانه. نعم ، الإِشكال في عدم كون هذه الآيات من الآيات المتشابهة ، فإِنَّ المفاد فيها غير متشابه إذا أمعن فيها الإِنسان المتجرد عن كل رأي سابق ، كما سيوافيك بيانه.
والعجب أنَّ ما عابوا به أصحاب التفويض وارد عليهم أيضاً ، فإِنَّ إثبات الصفات الخبرية بمعانيها الحرفية التي تتبادر عند إيرادها مفردة ، مع حفظ التنزيه ، تجعلها ألفاظاً بلا معان واضحة. لأنَّ الكيفية المتبادرة من هذه الصفات هي المقومة لمَعَانيها فإِثبات مفاهيمها الحرفية مع سَلْب كيفيّاتها أشبه بإِثبات الشيء في عين سلبه. فعندئذ تنقلب الآيات البيّنات الدّالة على أشرف المعاني و أجلِّها إلى آيات غير مفهومة ولا معقولة. وكأنَّ الله تعالى خَاطَبهم وهم أميون لا يعلمون من الكتاب إِلاَّ أماني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الملل و النحل ، ج 1 ، ص 92 ـ 93 بتلخيص.
2 ـ أساس التقديس ، ص 223.
3 ـ صحيح البخاري ، ج 1 ، كتاب الإِيمان ، ص 7.
4 ـ الفتوحات المكية ، ج 4 ، ص 928. و تبعه ابن تيمية في هذا النقد كما نقله في علاقة الإثبات و التفويض ، ص 60.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|