أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-10-2014
1485
التاريخ: 25-10-2014
926
التاريخ: 25-10-2014
692
التاريخ: 25-10-2014
849
|
إنّ القرآن الكريم يصفُ الله تعالى بصفة التكلّم إذ يقول: { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] ، وقال أيضاً: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} [الشورى: 51].
وعَلى هذا الاَساس لاشكّ في كون التكلّم إحدى الصّفات الاِلَهيّة.
إنّما الكلام هو في حقيقة التكلّم وأنّ هذه الصِفة هل هي من صِفات الذات أم من صفات الفعل؟ إذْ مِنَ الواضح أنّ التكلّم بالشَكل الموجود عند الاِنسان لا يجوزُ تصوّرُهُ في الحقّ تعالى.
وحيث إنّ صفَةَ التَكّلم ممّا نطق بها القرآن الكريم، وَوَصَف بها الله، لذلك يجب الرّجوع إلى القرآنِ نفسه لِفَهم حقيقته كذلك.
إنّ القرآن يقسّم تكلّم اللهِ مع عباده ـ كما عرفنا ـ إلى ثلاثةِ أنواع، إذ يقول: { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } [الشورى: 51] إذَن فلا يمكن للبشر أن يكلّمهُ الله إلاّ من ثلاث طرق:
1 ـ «وَحْياً» الاِلهام القلبي .
2 ـ «أو مِنْ وَراءِ حِجابٍ» كأن يكلّم اللهُ البشرَ من دون أن يراه كتكلّم اللهِ مع موسى .
3 ـ «أو يُرسِلَ رسولاً...» أي مَلَكاً يوحي إلى النبيّ بِإذنِ الله تعالى.
ففي هذه الآية بَيَّنَ القرآنُ تكلُّمَ اللهِ بأنّه تعالى يوجدُ الكَلامَ تارةً من دون واسطةٍ، وَأحْياناً مع الواسطةِ، عَبر مَلك من الملائكة.
كما أنّ القِسمَ الاَوّل تارةً يكون عن طريقِ الاِلقاء والاِلهام إلى قلب النبي مباشرةً، وتارةً بالاِلقاء إلى سَمْعِهِ ومنه يصلُ الكَلامُ إلى قلبه.
وعلى كلّ حال يكونُ التكلّم بِصُوره الثلاث بمعنى إيجاد الكلام وَهَو من صِفات الفعل.
إنّ هذا التَفْسير والتحليل لصفة التكلّم الاِلَهيّ هو أحدُ التفاسير التي يمكن استفادتها بمعونةِ القرآنِ وإرشاده وهدايته.
وهناكَ تفسيرٌ آخرٌ لهذه الصفة وهو: أنَّ اللهَ اعتبر مخلوقاتهِ من كلماتِه فقال: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109] . فالمقصودُ من «الكلمات» في هذه الآية هو مخلوقات الله الّتي لا يقدرُ شيءٌ غيرُ ذاته سبحانه على إحصائها وعدّها، ويدعم هذا التفسيرَ للكلمة وصفُ القرآن الكريم المسيحَ ابنَ مريم بأنّه «كلمة الله» إذ قال: { وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} [النساء: 171] إنّ الاِمام أميرَ المُؤْمنين فسّر تَكَلّم الله تعالى في إحدى خُطَبِه وأحاديثه بأنّه إيجادٌ وفِعلٌ، فقال: «يَقُولُ لِمَنْ أرادَ كَوْنَهُ «كُنْ»، لا بصَوتٍ يَقرَعُ، ولا بنداءٍ يُسْمَعُ وَإنّما كَلامُهُ سُبحانَه فِعلٌ منه، أنشَأهُ وَمَثَّله»(1).
فإذا كان الكلام اللفظيّ معرباً عمّا في ضمير المتكلّم، فما في الكون من عظائم المخلوقات إلى صغارها يعرب عن علم الله تعالى وقدرته وحكمته.
[وبما ان القران كلام الله تعالى ياتي هذا السؤال] هل القرآن مخلوق أم قديم؟
اتّضح مِنَ البَحْث المتَقَدّم الذّي تضمّن تفسيراً لِحقيقة كلامِ الله، بنحوين، أنَّ التفسيرَ الثاني لا يخالف التفسير الاَوّل، وانّه سبحانه متكلم بكلا الوجهين.
كما ثَبَتَ أنَّ كلامَ اللهِ حادثٌ وليس بقديمٍ، لاَنّ كلامَهُ هو فِعْلُه، ومن الواضح أنّ الفِعلَ حادثٌ، فَيَنتُجُ من ذلك أنّ «التكلّم» أمرٌ حادِثٌ أيضاً.
ومع أنّ كلامَ الله حادثٌ قطعاً فإنّنا رعايةً للاَدب، وكذا دَرءاً لسوءِ الفهم لا نقول: إنّ كلام الله (القرآن) مخلوق إذ يمكن أن يصفه أحدٌ في ضوء ذلك بالمجعول والمختلق وإلاّ فإنّ ما سوى اللهِ مخلوقٌ قطعاً.
يقول سليمان بن جعفر الجعفري: سألت الاِمامَ عليَ بن موسى بن جعفر: يا اْبن رسول الله أخبِرني عن القرآن أخالقٌ أو مخلوقٌ؟
فأجاب قائلاً: «ليس بخالقٍ ولا مخلوقٍ، ولكنّه كلامُ الله عزّ وجلّ».(2)
وهنا لابدّ من التذكير بنقطةٍ تاريخيةٍ في هذا المجال وهي أنّه طُرحت في أوائل القرن الثالث الهجري، في عام 212 هـ في أوساط المسلمين مسألة ترتبط بالقرآن الكريم، وهي: هل القرآنُ حادثٌ أو قديمٌ؟
وقد صارت هذه المسألة سبباً للفرقة والاختلاف الشديدين ، على حين لم يمتلك القائلون بِقدَم القرآن أيَّ تبرير صحيح لمزعمتهم ، لاَنّ هناك احتمالات يكون القرآنُ حسب بعضها حادثاً، وحسب بعضها الآخر قديماً.
فإذا كان المقصود من القرآن هو كلماته التي تُتلى وتُقرَأ، أو الكلمات التي تلقّاها الاَمينُ جبرائيل، وأنزلها على قلب رسول الله فإنّ كل ذلك حادثٌ قطعاً ويقيناً.
وإذا كان المقصود هو مفاهيم الآيات القرآنية ومعانيها، والتي يرتبط قسمٌ منها بقصص الاَنبياء، وغزوات الرسول الاَكرم، فهي أيضاً لا يمكن أن تكون قديماً.
وإذا كان المقصودُ هو علم الله بالقرآن لفظاً ومعنى فإنّ من القطعيّ والمسلَّم به هو أنّ علم الله قديمٌ، وهو من صفات الذات، ولكن العلِمَ غيرُ الكلام كما هو واضحٌ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة، الخطبة 186 .
(2) . التوحيد للصدوق: ص 223 باب القرآن ما هو، الحديث 2 .
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|