أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-8-2016
1696
التاريخ: 8-8-2016
3796
التاريخ: 1-9-2016
1480
التاريخ: 13-7-2020
2048
|
يقع الكلام في الحروف في موضعين :
1. ما هو معانيها ومفاهيمها؟
2. في كيفية وضعها.
أمّا الأوّل فقد عُرِّف المعنى الحرفي بما ذكره ابن الحاجب في «كافيته» حيث قال: الاسم ما دلّ على معنى في نفسه، والحرف ما دلّ على معنى في غيره.
والمراد من قوله «ما دلّ» هو اللفظ ، والضمير في كلّ من: «في نفسه» و«في غيره» يرجع إلى المعنى، وانّه في حدّ ذاته على قسمين:
قسم يكون مفهوماً محصَّلاً في نفسه، لا يتوقّف تصوّره في الذهن إلى معنى آخر.
وقسم يكون مفهوماً متحقّقاً في الذهن بتبع غيره.
«فمعاني الأسماء معان مستقلة ملحوظة بذواتها، ومعاني الحروف معان آلية حيث إنّها تلحظ بنحو الآلية والمرآتية لملاحظة غيرها» .
توضيحه: إنّ الغاية من وضع الألفاظ سواء أكان بالوضع التعييني أو التعيّني، هي رفع الحاجة وإظهار ما يقوم في النفس من المفاهيم والمعاني التي ينتقل إليها الذهن من طرق الحواس وغيرها من أدوات المعرفة ولمّا كانت النشأة الخارجية على أقسام، كانت المفاهيم المتّخذة منها على غرارها، ذاتَ أقسام.
إنّ الإنسان إذا أجال نظره في صحيفة الوجود يجد انّ ثمّة أقساماً من الحقائق:
الأوّل: ما هو مستقل ذاتاً وماهية، كما هو مستقل خارجاً ووجوداً، كالجواهر كلّها. وهذا ما يعبر عنه بـ«ما وجوده في نفسه لنفسه» ويشير قولهم:« في نفسه» إلى كونها ذات مفاهيم مستقلة، كما يشير قولهم : «لنفسه» إلى كونها غير ناعتة على خلاف الأعراض المتأصّلة.
الثاني: ما هو مستقل ذاتاً وماهية، غير مستقل خارجاً ووجوداً وهذا كالأعراض مثل البياض والسواد، فانّ لكلّ مفهوماً مستقلاً، فيعرّف الأوّل بأنّه نور مفرّق لنور البصر، والثاني بأنّه نور قابض لنور البصر لكنّه غير مستقل في عالم الوجود حيث لا يوجد إلاّ في الموضوع.
الثالث: ما هو غير مستقل ذاتاً ووجوداً، فهو اندكاكيّ المعنى كما هو اندكاكيّ الوجود، فمفهومه فان في غيره كما أنّ وجوده في الخارج كذلك. وهذا ما يسمّى بـ«الوجود الرابط» و«المعنى الحرفي» فهو لا يتصوّر إلاّ تبعاً للمعنى الاسمي، كما لا يتحقّق إلاّ مندكاً في الغير، وهذا نظير قولنا: زيد في الدار، فكلّ من «زيد» و«الدار» من المعاني الاسمية أمّا كونه فيها من المعاني الحرفية، إذ لا يتصوّر الكون إلاّ مضافاً إلى زيد والدار، كما لا يتحقّق إلاّ بهما، فالكون قائم بهما تصوّراً وخارجاً، ولو أردنا إضفاء الاستقلالية لهذا المعنى الحرفي لزم انسلاخه عن حقيقته، فالمعنى الحرفي من أضعف مراتب الوجود.
وبما انّ وضع لفظ لمعنى يتوقف على تصوّره، والمعاني الحرفية لا يمكن تصوّرها وإلاّ لانسلخ عن المعنى الحرفي وانقلب إلى المعنى الاسمي، فيُحتال في مقام الوضع، بملاحظة المعاني الاسمية كالابتداء والانتهاء ويوضع اللّفظ لا بإزائها بل بإزاء مصاديقها الخارجية التي هي معان حرفية.
فلفظة «مِن» موضوعة لمصداق الابتداء لا لمفهوم الابتداء الكلّي وإلاّ ينقلب المعنى الحرفي اسمياً، فالمحكيّ بلفظة «من» في قولك: «سرت من الكوفة إلى البصرة» ليس هو مفهوم الابتداء بل مصداقه الخارجي الذي لا يتحقّق إلاّ بطرفيها، أعني : «السير» و«الكوفة» (1).
نعم هناك حروف ربما لا تنطبق عليها ما ذكرنا من الضابطة، وهذا نحو «واو» الاستئناف و«تاء» التأنيث في «ضربتْ» و«قد» في الفعل الماضي، فالأولى عدّها علامات لا حروفاً.
هذا كلّه حول الأمر الأوّل.
وأمّا الثاني، أعني كيفية وضعها، فقد ظهر ممّا ذكرنا انّ وضع الحروف من قبيل الوضع العام والموضوع له الخاص، فانّ الواضع لاحظ المعنى الاسمي، فوضع اللّفظ بأزاء مصاديقه التي هي معان حرفية.
فإن قلت: إذا كان الملحوظ معنى اسمياً فلابدّ أن يكون مصداقه أيضاً كذلك، فحينئذ كيف يصحّ أن يقال «انّ الواضع لاحظ المعنى الاسمي ووضع اللفظ بإزاء مصاديقه التي هي معان حرفية مع انّ مصداق كلّ شيء بحسبه.
قلت : انّ المعاني الاسمية على قسمين :
1. ما يتمتع بالاستقلال تصوراً ومصداقاً، لحاظاً وتطبيقاً وذلك كأسماء الأجناس مثل الإنسان فله مفهوم مستقل كما انّ له مصداقاً كذلك عند التطبيق على الخارج.
2. ما يتمتع بالاستقلال في مقام التصور واللحاظ دون التطبيق على الخارج وذلك كمفهوم الابتداء أو الانتهاء فانّهما من المفاهيم الاسمية فيخبر عنهما كما يخبر بهما ويقال: الابتداء خبر من الانتهاء، ولكنّهما عند التطبيق لا ينطبقان إلاّ على الموجود القائم بالغير المندك فيه، من السير والقراءة والكتابة وغيرها وهذه خصيصة هذا القسم من المعاني الاسمية.
فالابتداء عند اللحاظ والتصور يتجلى بصورة مفهوم اسمي وعند التطبيق على الخارج يتحقّق في معنى قائم بالغير، كالابتداء المندك في السير إلى البصرة وغيره.
إذا عرفت ذلك فاعلم إذا حاول الواضع أن يضع لفظاً لمصاديق الابتداء والانتهاء فلا محيص له من تصور تلك المصاديق ولو إجمالاً فعندئذ يلاحظ تلك المصاديق من خلال ذينك المفهومين الاسميين ويقول: وضعت لفظة «مِن» أو لفظة »إلى» لما ينطبق عليه لفظ الابتداء أو يصدق عليه الانتهاء في الخارج.
فاتضح بما ذكرنا أمران:
1. انّه ربما يكون المفهوم اسمياً، وما ينطبق عليه معنى حرفياً.
2. انّ الواضع في وضع الحروف يلاحظ الحقائق الحرفية من خلال المفاهيم الاسمية.
ثمّ إنّ المعاني الحرفية على قسمين:
1. معان حاكية.
2. معان ايجادية.
فالقسم الأوّل يحكي عن معنى متحقق في الخارج، مثل قولك: سر من البصرة إلى الكوفة.
والقسم الثاني موجد للمعنى بنفس الاستعمال، كالنداء والخطاب في قولك : يا زيد أو قوله سبحانه: «إِيّاكَ نَعْبُدُ» .
________________
1. وما ذكرناه هو المعروف بين الأُدباء في معاني الحروف، وهناك نظريات أُخرى كنظرية المحقّق الرضي في شرح الكافية:10، ط مصر، التي اختارها المحقّق الخراساني، ونظرية المحقّق صاحب الحاشية، ونظرية المحقّق النائيني وتلميذه المحقّق الخوئي وقد بسطنا الكلام في نقد هذه النظريات في محاضراتنا المدونة باسم «المحصول»:1/62ـ68.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|