أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-8-2016
1552
التاريخ: 25-6-2020
1663
التاريخ: 8-8-2016
1154
التاريخ: 9-8-2016
1237
|
أدلّة القول بالأعمّ وهي امور:
1- التبادر:
أي تبادر الأعمّ من المتلبّس والمنقضي عنه التلبّس فيما إذا أطلق المشتقّ، كما يتبادر من «المضروب» المضروب في الآن والمضروب في ما قبل، وهكذا بالإضافة إلى «القاتل» و«الزاني» و«السارق» فيتبادر من كلّ واحد منهما المعنى الأعمّ.
الجواب: إنّ تبادر المعنى الأعمّ من هذه الألفاظ لم ينشأ من حاقّ اللفظ بل نشأ من قرينية المبدأ كما مرّ في تحرير محلّ النزاع، ومرّ أيضاً إنّ محلّ البحث ما يكون مبدأه قابلًا للدوام والاستمرار وإن كان قابلًا للتكرار، والأمثلة المذكورة ليست من هذا القبيل كما لا يخفى.
2- عدم صحّة سلب المشتقّ عمّن انقضى عنه المبدأ :
كما في «القاتل» و«المضروب» ونحوهما أيضاً، فلا يصحّ القول بأنّ «شمراً ليس بقاتل الحسين (عليه السلام)» مثلًا، وعدم صحّة السلب دليل على الحقيقة.
أوّلًا: ويرد عليه ما أوردناه على الوجه الأوّل ولا حاجة إلى التكرار.
وثانياً: ما أفاده المحقّق الخراساني (رحمه الله) من أنّ عدم صحّة السلب في مثلهما إنّما هو لأجل إنّه قد اريد من المبدأ معنى يكون التلبّس به باقياً فعلًا وهو أثر الضرب أو القتل كالتألّم وازهاق الروح ونحو ذلك فإرادة هذا المعنى من المبدأ وإن كان مجازاً قطعاً لأنّه خلاف معناه الحقيقي وهو الضرب أو القتل كالتألّم وازهاق الروح ونحو ذلك، فإرادة هذا المعنى من المبدأ وإن كان مجازاً قطعاً لأنّه خلاف معناه الحقيقي وهو الضرب أو القتل ولكن بعد ما اريد منه ذلك يكون المشتقّ لا محالة مستعملًا في معناه الحقيقي، وهو المتلبّس بالمبدأ في الحال، وقد عرفت في الأمر الرابع إنّ اختلاف المشتقّات في المبادئ ممّا لا يوجب اختلافاً في المهمّ المبحوث عنه، نعم هذا الكلام لا يجري في جميع الأمثلة التي تمسّك بها القائل بالأعمّ كالمضروب إذا لم يكن ضرباً يبقى أثره، فالحقّ في الجواب في مثله هو الأمر الأول، وهو أنّ خصوصيّة المبدأ قرينة على المجاز، بل يمكن أن يقال: إنّ المبدأ في الأمثلة المذكورة يكون قرينة على كون الاستعمال فيها بلحاظ حال التلبّس فتكون مانعة من انصراف الإطلاق إلى اتّحاد حال النسبة بحال النطق، فلا يلزم مجازاً ولا يثبت وضع المشتقّ للأعمّ.
3- إنّ الوضع لخصوص المتلبّس يستلزم كثرة المجازات، لأنّ الغالب في استعمال المشتقّات استعمالها في من قضى عنه المبدأ، وهي بعيدة في نفسها مخالفة لحكمة الوضع.
وأجاب عنه في المحاضرات بأنّه مجرّد استبعاد ولا مانع من أن يكون الاستعمال في المعنى المجازي أكثر من الاستعمال في المعنى الحقيقي مع القرينة ولا محذور في ذلك أبداً، كيف فإنّ باب المجاز أوسع وأبلغ من الاستعمال في المعنى الحقيقي ومن هنا تستعمل أنواع المجازات و«الكناية» و«الاستعارة» و«المبالغة» (التي هي من أقسام المجاز) في كلمات الفصحاء والبلغاء أكثر من استعمالها في كلمات غيرهم» (1).
أقول: يمكن المناقشة فيه بأنّه ليس جواباً عن إشكال المخالفة لحكمة الوضع، لأنّ الكلام في أنّ الوضع كيف وضع المشتقّ في المعنى الأخصّ مع كون أكثر الحاجات في المعنى الأعمّ، اللهمّ إلّا أن يقال إنّ الغرض لا يحصل إلّا بالعدول عن الحقيقة إلى المجاز فتدبّر جيّداً فإنّه لطيف.
والحقّ في الجواب أن يقال أنّا لا نقبل كون الاستعمال في المعنى المجازي في المشتقّات أكثر من استعمال في المعنى الحقيقي لإمكان أن يكون الإسناد فيه بلحاظ حال التلبّس كما مرّ.
4- قوله تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] الدالّ على أنّ الظالم لا يليق لمنصب الولاية بضميمة استدلال الإمام (عليه السلام) بها لعدم لياقة من عبد الأوثان لأمر الامامة، وحيث إنّ استدلاله يكون بظاهر الآية على من لا يكون متلبّساً بمبدأ الظلم في الحال بل كان ظالماً في الماضي فلا يكون تامّاً إلّا إذا كان عنوان الظالم حقيقة في الأعمّ من المتلبّس ومن انقضى عنه المبدأ.
و«من الرّوايات» ما رواه هشام بن سالم في حديث قال: قد كان إبراهيم نبيّاً ليس بإمام حتّى قال اللَّه تبارك وتعالى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ ومِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] من عبد صنماً أو وثناً أو مثالًا لا يكون إماماً (2).
و«منها» ما رواه عبد الله بن مسعود قال قال رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) أنا دعوة أبي إبراهيم، قلت:
يا رسول اللَّه وكيف صرت دعوة إبراهيم أبيك؟ (إلى أن قال) فانتهت الدعوة إليّ وإلى علي (عليه السلام) لم يسجد أحدنا لصنم قطّ فاتّخذني نبيّاً واتّخذ عليّاً وصيّاً» (3). (ونحوهما ح 13 من نفس الباب).
ويمكن الجواب عنه:
الجواب أول: بما قاله المحقّق الخراساني (رحمه الله) وتبعه غيره بعبارات متفاوتة مع اشتمال جميعها على روح واحد، وينبغي قبل ذكره أن نشير إلى حقيقة معنى الامامة المذكورة في الآية.
فنقول: يستفاد من الآية المذكورة والرّوايات الواردة في ذيلها أنّ مقام الامامة فوق مقام النبوة لأنّها وسيلة لتحقّق أهداف النبوة في ناحية «التشريع» و«التكوين» ودورها «الإيصال إلى المطلوب» بعد ما كان دور النبوة «إراءة الطريق».
وبعبارة اخرى: إنّ هدف الرسالة هو ابلاغ الأحكام، وهدف الامامة هو إجرائها وتحقّقها في الواقع الخارجي في بُعد التشريع والظاهر (بتشكيل الحكومة الإلهيّة كما أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) وضع الحجر الأساسي لها في المدينة وقد كان (صلى الله عليه وآله) رسولًا وإماماً كجدّه إبراهيم (عليه السلام) وكذلك في المحتوى الداخلي للأشخاص كما يدلّ عليه كثير من الرّوايات الدالّة على نفوذ الإمام (عليه السلام) في النفوس المستعدّة وتربيته لها، وإيصاله إيّاها إلى جوار قرب اللَّه تعالى، فمنها ما شبه الإمام الغائب فيها بالشمس وراء السحاب التي لا تؤثّر في الأشياء من جهة الظاهر والعيان بل تؤثّر من ناحية الباطن والمعنى، ومنها: ما يشير إلى ارتباط قلوب المؤمنين بقلوب النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمّة الهادين من بعده فتحزن بحزنهم وتفرح بفرحهم (4)، ويدلّ عليه قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } [الأحزاب: 43] حيث إنّها تدلّ على إخراج الملائكة المؤمنين من الظلمات إلى النور من طريق المعنى والباطن ولا إشكال في أنّ الأئمّة مختلف الملائكة، وهم أولى بذلك من الملائكة، وأيضاً قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } [الأنبياء: 73] لأنّ إطلاقها يشمل الهداية التشريعيّة والتكوينيّة معاً وإلّا فمجرّد الهداية التشريعيّة من آثار النبوة لا الامامة، ولا يخفى أنّ نفوذ الإمام (عليه السلام) في نفوس المؤمنين وولايته على قلوبهم شأن من شئون الولاية التكوينيّة.
و يظهر ممّا ذكرنا امور:
الأول: أنّ الامامة عهد اللَّه إلى خلقه، لا انتصاب ولا انتخاب فيها من ناحية العباد، كما يدلّ عليه نسبته تعالى إيّاها إلى نفسه في قوله تعالى: «إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً».
الثاني: إنّها تحتاج إلى المعرفة والعلم، كما يدلّ عليه قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ } [الأنعام: 75] وتحتاج من ناحية العمل إلى جهد وسيع وتوفيق ونجاح في الابتلاءات والامتحانات الإلهيّة، كما يدلّ عليه قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة: 124].
الثالث: أنّها مرتبة لا يعرفها ولا يعلمها إلّا اللَّه، فهو يعلم حيث يجعل رسالته.
الرابع: أنّ الظالم ليس لائقاً بهذا المقام ولو سبق منه الظلم في زمن بعيد من الأزمنة السابقة لعلو شأن الامامة وعظمة مقام الإمام.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ذكر صاحب الكفاية في مقام الجواب عن الاستدلال بقوله تعالى: «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» إنّه لا يتوقّف الاستدلال بهذه الآية في مسألة الامامة على كون المشتقّ موضوعاً للأعمّ، بل يتمّ الاستدلال ولو كان موضوعاً لخصوص المتلبّس.
توضيح ذلك: إنّ الوصف العنواني الذي يؤخذ موضوعاً للحكم في لسان الدليل على أقسام ثلاثة: فقد يكون لمجرّد الإشارة إلى المعنون من دون دخل للعنوان في الحكم أصلًا كقول الإمام (عليه السلام) في جواب من سأله عن عالم يرجع إليه في مسائله الشرعيّة: «عليك بهذا الجالس» مشيراً إلى بعض أصحابه الذي كان يستحقّ هذه المنزلة لعلمه ووثاقته، ومن الواضح أنّه ليس لعنوان الجلوس دخل في هذا الحكم إلّا بعنوان الإشارة إلى موضوعه الواقعي.
و قد يكون لأجل علّية العنوان للحكم لكن حدوثاً لا بقاءً بحيث إذا صدق عليه العنوان ولو آناً ما ثبت الحكم ولو بعد زوال العنوان كما في قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2].
وقد يكون لأجل علّية العنوان للحكم حدوثاً وبقاء بحيث يدور الحكم مدار صدق العنوان فمهما صدق العنوان كان الحكم ثابتاً، ومهما لم يصدق لم يثبت، كما في الاجتناب عن النجس أو وجوب تقليد الأعلم ونحو ذلك.
والمشتقّ في الآية الشريفة لو كان من القسم الثالث فاستدلاله (عليه السلام) بالآية ممّا يبتني على كون الظالم فيها حقيقة في الأعمّ، إذ لو لم يكن حقيقة في الأعمّ لم يكن العنوان باقياً حين التصدّي.
أمّا لو كان من القسم الثاني فاستدلاله بالآية لا يبتنى على كون الظالم حقيقة في الأعمّ بل الاستدلال إنّما هو لأجل كفاية صدق عنوان الظالم ولو آناً ما لعدم النيل إلى منصب الولاية إلى الأبد كما أنّه كذلك في الزاني والسارق، ولا دليل على كون الآية من قبيل القسم الثالث بل جلالة قدر الامامة قرينة جليّة على كونها من قبيل القسم الثاني.
أقول: ونزيدك وضوحاً إنّ القرائن هنا كثيرة:
منها: ما مرّ من أنّ الآية الشريفة في مقام بيان عظمة مقام الامامة والخلافة الالهيّة ورفعة محلّها وأنّ لها خصوصيّة من بين المناصب الإلهيّة، ومن المعلوم أنّ المناسب لذلك هو أن لا
يكون المتقمّص بها متلبّساً بالظلم أصلًا كما لا يخفى.
ومنها: ما ثبت في محلّه في مسألة عصمة الأنبياء أنّه يعتبر في النبوة والامامة أن يكون النبي أو الإمام معصوماً حتّى قبل نبوته أو امامته ولا يكون لهما سابقة سيّئة ممّا تتنفّر النفوس به وإلّا لا يمكن أن يكون قدوة واسوة، ولا تطمئن النفوس إليه.
و منها: ما أفاده بعض الأعلام وهو أنّه قد ورد في عدّة من الرّوايات النهي عن الصّلاة (تحريماً أو تنزيهاً) خلف المحدود بالحدّ الشرعي في زمانٍ ما والمجذوم والأبرص وولد الزنا والأعرابي، فتدلّ على أنّ المتلبّس بهذا لا يليق أن يتصدّى منصب الامامة للجماعة، فتدلّ بالأولوية القطعيّة على أنّ المتلبّس بالظلم (أي عبادة الأوثان) أولى بعدم اللياقة للجلوس على كرسي الخلافة (5).
منها: أنّ حمل الآية على القسم الثالث يستلزم أن تكون من قبيل توضيح الواضح لوضوح عدم لياقة المتلبّس بالظلم وعبادة الأوثان لمنصب الخلافة حين تلبّسه بذلك.
فتخلّص من جميع ما ذكرنا أنّ القرائن الخارجيّة والداخليّة هي التي أوجبت حمل الآية على الأعمّ فلا يجوز الاستدلال بها في المقام.
الجواب الثاني: أنّه لا شكّ في تلبّس بعض الخلفاء في زمان ما بعبادة الأوثان فإذا كان متلبّساً به في زمان كان محكوماً في ذاك الزمان بقوله تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} في خطابه لإبراهيم (عليه السلام) ومن الواضح أنّه مطلق، أي لا ينال عهدي هذا الظالم في هذا الحال وفي المستقبل، ففي الحقيقة نتمسّك بإطلاق قوله تعالى: «لا ينال» في نفس زمان تلبّسه بالظلم، فلا يتفاوت الحال في الاستدلال بالآية بين القول بالأعمّ والقول بالأخصّ.
بقي هنا شيء:
وهو ما أفاده بعض الأعلام من عدم ترتّب ثمرة على النزاع في المشتقّ أصلًا.
توضيحه: أنّ الظاهر من العناوين الاشتقاقيّة المأخوذة في موضوعات الأحكام أو متعلّقاتها (بنحو القضايا الحقيقيّة) هو أنّ فعلية الأحكام تدور مدار فعليتها حدوثاً وبقاءاً بزوالها تزول لا محالة وإن قلنا بأنّ المشتقّ موضوع للأعمّ، فمن هذه الجهة لا فرق بينها وبين العناوين الذاتيّة، نعم قد ثبت في بعض الموارد بمناسبة داخلية أو خارجيّة كون العنوان علّة محدثة ومبقية معاً، وكيف كان فلا أثر للقول بأنّ المشتقّ وضع للأعمّ أو للأخصّ (6).
أقول: إنّ هذا الكلام عجيب لأنّ النزاع في المشتقّ لا مساس له بمسألة كون الأحكام على نهج القضيّة الحقيقيّة أو الخارجيّة أصلًا، بل يجري النزاع وإن كانت على نهج القضايا الحقيقيّة، لأنّه وإن كان الظاهر من العناوين الاشتقاقيّة المأخوذة في موضوعات الأحكام على نهج القضيّة الحقيقيّة دوران فعليّة الأحكام مدار فعليّة الموضوعات حدوثاً وبقاءً، لكن الكلام في أنّ مدار الفعليّة ما ذا؟ فالقائلون بالأعمّ يقولون: بأنّ عنوان الفاسق فعلي حتّى بعد انقضاء المبدأ، بينما القائل بالأخصّ يعتقد إنّه ليس كذلك، فليس الكلام في اعتبار فعليّة العنوان المأخوذ في الحكم، إنّما الكلام في أنّ مدار الفعليّة ماذا؟ وكأنّ وضوح كون المشتقّ حقيقة فيمن تلبّس بالمبدأ في حال النسبة صار سبباً لهذا الاشتباه.
____________
(1) المحاضرات: ج 1، ص 256.
(2) تفسير البرهان: ج 1، ص 151، ح 11.
(3) المصدر السابق: ح 14.
(4) راجع بحار الأنوار: ج 26، ص 140 ح 11 و12.
(5) راجع المحاضرات: ج 1، ص 261.
(6) راجع المحاضرات: ج 1، ص 262.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|