أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-8-2016
6005
التاريخ: 25-8-2016
609
التاريخ: 26-8-2016
585
التاريخ: 26-8-2016
568
|
من الأدلة على الحكم الشرعي عند الأصوليين الأمامية: (العقل)، إذ يذكرون إن الأدلة على الأحكام الشرعية الفرعية أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والعقل. وسيأتي في (مباحث الحجة) وجه حجية العقل. أما هنا فإنما يبحث عن تشخيص صغريات ما يحكم به العقل المفروض إنه حجة، أي يبحث هنا عن مصاديق أحكام العقل الذي هو دليل على الحكم الشرعي. وهذا نظير البحث في المقصد الأول (مباحث الألفاظ) عن مصاديق أصالة الظهور التي هي حجة، وحجيتها إنما يبحث عنها في مباحث الحجة. وتوضيح ذلك: إن هنا مسألتين:
1 - إنه إذا حكم العقل على شيء إنه حسن شرعا أو يلزم فيه شرعا، أو يحكم على شيء إنه قبيح شرعا أو يلزم تركه شرعا، بأي طريق من الطرق التي سيأتي بيانها، هل يثبت بهذا الحكم العقلي حكم الشرع؟ أي إنه من حكم العقل هذا هل يستكشف منه إن الشارع واقعا قد حكم بذلك؟ ومرجع ذلك إلى إن حكم العقل هذا هل هو حجة أولا ؟
وهذا البحث - كما قلنا - إنما يذكر في مباحث الحجة، وليس هنا موقعه. وسيأتي بيان أمكان حصول القطع بالحكم الشرعي من غير الكتاب والسنة، وإذا حصل كيف يكون حجة.
2 - إنه هل العقل أن يدرك بطريق إن هذا الشيء مثلا حسن شرعا أو قبيح أو يلزم فعله أو تركه عند الشارع ؟
يعني إن العقل بعد إدراكه لحسن الأفعال أو لزومها، ولقبح الأشياء أو لزوم تركها في أنفسها بأي طريق من الطريق.. هل يدرك مع ذلك إنها كذلك عند الشارع؟
وهذا المقصد الثاني الذي سميناه (بحث الملازمات العقلية) عقدناه لأجل بيان ذلك في مسائل على النحو الذي سيأتي إن شاء الله تعالى، ويكون فيه تشخيص صغريات حجية العقل المبحوث عنها في المقصد الثالث (مباحث الحجة).
ثم لا بد - قبل تشخيص هذه الصغريات في مسائل - من ذكر أمرين يتعلقان بالأحكام العقلية مقدمة للبحث نستعين بها على المقصود، وهما،
1 - أقسام الدليل العقلي (1) إن الدليل العقلي - أو فقل ما يحكم به العقل الذي يثبت به الحكم الشرعي - ينقسم إلى قسمين: ما يستقل به العقل ومالا يستقل به.
وبتعبير آخر نقول: إن الأحكام العقلية على قسمين: مستقلات وغير مستقلات. وهذه التعبيرات كثيرا ما تجري على السنة الأصوليين ويقصدون بها المعنى الذي سنوضحه. وإن كان قد يقولون: (إن هذا ما يستقل به العقل) ولا يقصدون هذا المعنى، بل يقصدون به معنى آخر، وهو ما يحكم به العقل بالبداهة وإن كان ليس من المستقلات العقلية بالمعنى الآتي. وعلى كل حال فإن هذا التقسيم يحتاج إلى شيء من التوضيح فنقول: إن العلم بالحكم الشرعي كسائر العلوم لا بد له من علة، لاستحالة وجود الممكن بلا علة. وعلة العلم التصديقي لا بد إن تكون من أحد أنواع الحجة الثلاثة: القياس أو الاستقراء أو التمثيل. وليس الاستقراء مما يثبت به الحكم الشرعي وهو واضح. والتمثيل ليس بحجة عندنا، لأنه هو القياس المصطلح عليه عند الأصوليين الذي هو ليس من مذهبنا.
فيتعين إن تكون العلة للعلم بالحكم الشرعي هي خصوص القياس باصطلاح المناطقة وإذا كان كذلك فإن كل قياس لا بد إن يتألف من مقدمتين سواء كان استثنائيا أو اقترانيا. وهاتان المقدمتان قد تكونان معا غير عقليتين فالدليل الذي يتألف منهما يسمى (دليلا شرعيا) في قبال الدليل العقلي. ولا كلأم في هذا القسم هنا. وقد تكون كل منهما أو إحداهما عقيلة، أي مما يحكم العقل به من غير اعتماد على حكم شرعي، فإن الدليل الذي يتألف منهما يسمى عقليا وهو على قسمين:
1 - إن تكون المقدمتان معا عقليتين كحكم العقل بحسن شيء أو قبحه ثم حكمه بأنه كل ما حكم به العقل حكم به الشرع على طبقه. وهو القسم الأول من الدليل العقلي، وهو قسم (المستقلات العقلية).
2 - إن تكون إحدى المقدمتين غير عقلية والأخرى عقلية كحكم العقل بوجوب المقدمة عند وجوب ذيها فهذه مقدمة عقلية صرفة وينضم إليها حكم الشرع بوجوب ذي المقدمة.
وإنما يسمى الدليل الذي يتألف منهما عقليا فلأجل تغليب جانب المقدمة العقلية.
وهذا هو القسم الثاني من الدليل العقلي، وهو قسم (غير المستقلات العقلية). وإنما سمي بذلك لأنه - من الواضح - إن العقل لم يستقل وحده في الوصول إلى النتيجة بل استعان بحكم الشرع في إحدى مقدمتي القياس.
2 - لماذا سميت هذه المباحث بالملازمات العقلية؟ المراد بالملازمة العقلية هنا هو حكم العقل بالملازمة بين حكم الشرع وبين أمر آخر سواء كان حكما عقليا أو شرعيا أو غيرهما مثل الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري الذي يلزمه عقلا سقوط الأمر الاختياري لو زال الاضطراري في الوقت أو خارجه على ما سيأتي ذلك في مبحث (الإجزاء).
وقد يخفي على الطالب لأول وهلة الوجه في تسمية مباحث الأحكام العقلية بالملازمات العقلية لا سيما فيما يتعلق بالمستقلات العقلية ولذلك وجب علينا إن نوضح ذلك فنقول:
أ - أما في (المسقلات العقلية) فيظهر بعد بيان المقدمتين اللتين يتألف منهما الدليل العقلي. وهما - مثلا -: (الأولى) - (العدل يحسن فعله عقلا). وهذه قضية عقلية صرفة هي صغرى القياس. وهي من المشهورات التي تطابقت عليها آراء العقلاء التي تسمى الآراء المحمودة. وهذه قضية تدخل في مباحث علم الكلام عادة، وإذا بحث عنها هنا فمن باب المقدمة للبحث عن الكبرى الآتية. (الثانية) - (كل ما يحسن فعله عقلا يحسن فعله شرعا). وهذه قضية عقلية أيضا يستدل عليها بما سيأتي في محله، وهي كبرى للقياس، ومضمونها الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع. وهذه الملازمة مأخوذة من دليل عقلي فهي ملازمة عقلية، وما يبحث عنه في علم الأصول فهو هذه الملازمة، ومن أجل هذه الملازمة تدخل المستقلات العقلية في الملازمات العقلية. ولا ينبغي إن يتوهم الطالب إن هذه الكبرى معناها حجية العقل، بل نتيجة هاتين المقدمتين هكذا (العدل يحسن فعله شرعا) وهذا الاستنتاج بدليل عقلي. وقد ينكر المنكر إنه يلزم شرعا ترتيب الأثر على هذا الاستنتاج والاستكشاف، وسنذكر إن شاء الله تعالى في حينه الوجه في هذا الإنكار الذي مرجعه إلى إنكار حجية العقل. والحاصل نحن نبحث في المستقلات العقلية عن مسألتين: (إحداهما) الصغرى، وهي بيان المدركات العقلية في الأفعال الاختيارية إنه أيها ينبغي فعله وأيها لا ينبغي فعله. (ثانيهما) الكبرى، وهي بيان إن ما يدركه العقل هل لا بد إن يدركه الشرع أي يحكم على طبق ما يحكم به العقل. وهذه هي المسألة الأصولية التي هي من الملازمات العقلية. ومن هاتين المسألتين نهيئ موضوع حجية العقل.
2 - وأما في (غير المستقلات العقلية) فأيضا يظهر الحال فيها بعد بيان المقدمتين اللتين يتألف منهما الدليل العقلي وهما - مثلا - (الأولى) (هذا الفعل واجب) أو (هذا المأتي به مأمور به في حال الاضطرار). فمثل هذه القضايا تثبت في علم الفقه فهي شرعية.
(الثانية) - (كل فعل واجب شرعا يلزمه عقلا وجوب مقدمته شرعا) أو (يلزمه عقلا حرمته ضده شرعا) أو (كل مأتي به وهو مأمور به حال الاضطرار يلزمه عقلا الإجزاء عن المأمور به حال الاختيار).. وهكذا. فإن أمثال هذه القضايا أحكام عقلية مضمونها الملازمة العقلية بين ما يثبت شرعا في القضية الأولى وبين حكم شرعي آخر. وهذه الأحكام العقلية هي التي يبحث عنها في علم الأصول.
ومن أجل هذا تدخل في باب الملازمات العقلية. الخلاصة :
ومن جميع ما ذكرنا يتضح إن المبحوث عنه في الملازمات العقلية هو إثبات الكبريات العقلية التي تقع في طريق إثبات الحكم الشرعي، سواء كانت الصغرى عقلية كما في المستقلات العقلية، أو شرعية كما في غير المستقلات العقلية. أما الصغرى فدائما يبحث عنها في علم آخر غير علم الأصول، كما إن الكبرى يبحث عنها في علم الأصول، وهي عبارة عن ملازمة حكم الشرع لشيء آخر بالملازمة العقلية، سواء كان ذلك الشيء الآخر حكما شرعيا أم حكما عقليا أم غيرهما. والنتيجة من الصغرى والكبرى هاتين تقع صغرى لقياس آخر كبراه حجية العقل، ويبحث عن هذه الكبرى في مباحث الحجة...
_________________
(1) قد يستشكل في إطلاق اسم الدليل على حكم العقل كما يطلق على الكتاب والسنة والإجماع. وسيأتي إن شاء الله تعالى في مباحث الحجة معنى الدليل والحجة باصطلاح الأصوليين وكيف يطلق باصطلاحهم على حكم العقل، أي القطع.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|