أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-07-2015
773
التاريخ: 24-10-2014
875
التاريخ: 24-10-2014
849
التاريخ: 5-4-2018
781
|
دلالة الادلة السمعية من الكتاب والسنة والاجماع على ثبوت العلم للواجب قطعية بحيث لا يمكن انكارها.
وأورد عليه : بأنّ التصديق بإرسال الرسل وانزال الكتب يتوقّف على التصديق بعلمه ـ تعالى ـ وقدرته ، فلو توقّف ثبوت العلم عليه لزم الدور ؛
وأجيب عنه : بمنع التوقّف ، فانّه اذا ثبت صدق الرسل بالمعجزات حصل العلم بكلّ ما أخبروا به وإن لم يخطر بالبال كون المرسل عالما.
وردّ هذا الجواب : بأنّ المجيب إن اراد بالخطور الّذي نفاه الخطور التفصيلى بأن يكون المراد انّه اذا ثبت صدق الرسل بالمعجزات حصل العلم بصحة ما اخبروا به وان لم يكن كون المرسل عالما ملتفتا إليه لنا ملحوظا بالتفصيل ، فنسلّم جواز ذلك ؛ لكن هذا لا ينفي التوقّف على وجوب أصل علمنا بكون المرسل عالما وان لم يكن ملتفتا إليه في هذا الوقت ، فاللازم على هذا ليس إلاّ جواز كون الالتفات إلى علم المرسل مستفادا من الشرع لا جواز كون أصل العلم مستفادا منه ؛ مع انّ الكلام في أصل العلم.
وإن أراد بالخطور حصول أصل العلم حتّى يكون غرضه انّه يجوز أن لا يكون أصل العلم معلوما لنا إلاّ بالشرع فهو مكابرة؛ انتهى.
وأنت خبير بانّه لا بدّ في ثبوت النبوّة من العلم بكون المرسل عالما وكونه ملتفتا إليه أيضا ، إذ لو لم يلتفت إليه فلا يحصل العلم بصدقه ولا يجدي علمنا به لو لم يلاحظه في هذا الوقت. فما ذكره المورد في الترديد ـ من جواز كون الالتفات إلى علم المرسل مستفادا من الشرع وعدم توقّف العلم بصحّة ما أخبر به الشرع على الالتفات وان توقّف على أصل العلم ـ لا يخفى قبحه.
نعم! ، يمكن أن يقال : إنّ حصول العلم لنا بذلك في وقت واستقراره في ذهننا والعلم الاجمالي به في هذا الوقت كافّ في ذلك، ولا يلزم الالتفات إليه في هذا الوقت على التفصيل ، إذ كثيرا ما يستدلّ على المطالب بمقدّمات استقرّت في ذهننا وإن لم نكن ملتفتا إليها في هذا الوقت. لكن لا يخفى انّ هذا انما هو في المقدمات البعيدة وامّا في المقدمات القريبة فلا يتحقّق الاستدلال بدون الالتفات إليها. والظاهر انّ علمه ـ تعالى ـ من المقدمات القريبة لاثبات النبوّة فلا بدّ من الالتفات إليه.
ويمكن أن يراد بالالتفات المنفي الالتفات على التفصيل والتوضيح ، دون الالتفات في الجملة.
ثمّ قيل : انّ ما ذكره المجيب شرطية لا يقبل المنع سواء على الخطور التفصيلى أو على اصل العلم ، فان بعد اثبات صدق الرسل يحصل العلم بجميع ما أخبروا به وإن لم يعلم شيئا آخر أصلا ، فالأولى أن يعترض على المجيب بأنّ الشرطية الّتي ذكرتها مسلّمة لكن الكلام في ثبوت مقدّمها ، يعنى انّ ثبوت صدق الرسل بالمعجزات كانّه لا يمكن بدون العلم بكون المرسل عالما، إذ بناء اثبات ذلك على انّه ـ تعالى ـ عالم بها ويقبح عقلا من العالم القادر اظهار المعجزة على يد الكاذب فيكون صادقا، فما لم يثبت علمه ـ تعالى ـ وكذا قدرته لا يثبت صدق الرسل. ودعوى انّه يجوز أن يحصل العلم بصدقهم بمحض ملاحظة المعجزة ـ كما نقل عن غياث الحكماء ـ لا يخلو عن اشكال ؛ انتهى.
وأنت خبير بانّه إذا لم يثبت صدق الرسل بدون العلم بكون المرسل عالما فيمكن أن يمنع حصول العلم بما أخبروا به على هذا التقدير ، فالشرطية ، (1) فثبت المنع. والظاهر انّه لذلك قال القائل المذكور : « فالأولى » دون « فالصواب » ومثله.
وقد ظهر ممّا ذكر انّ اثبات أصل العلم بالشرع غير صحيح. اللهم إلاّ أن يقال : انّ صدور الآثار الّتي هي خارجة عن طوق البشر من يد شخص انساني دليل على كمال قربه إلى المبدأ الّذي يجب اطاعته ، وهو فائق على جميع بني نوعه وكلّ من هو فائق على جميع بني نوعه بالفضائل والكمالات يجب طاعته عقلا في أقواله وأفعاله ، لأنّ مثله كاد أن يكون ربّا انسانيا ، فيجب الانقياد له والطاعة في أوامره ونواهيه وما جاء به. ومن جملة ما جاء به : إنّ الله ـ تعالى ـ عالم ، فلا دور حينئذ ؛ فتأمّل.
ثمّ الظاهر انّ القوم انّما تمسّكوا بالأدلّة السمعية في اثبات عموم علمه ـ تعالى ـ وشموله لجميع الموجودات كلّية أو جزئيّة ، لا في اثبات أصله وحينئذ لا يرد ما أورد عليه ، لانّ اثبات النبوّة لا يتوقّف على اثبات عموم علمه ـ تعالى ـ بل على علمه بالمعجزة الخاصّة ، واثبات العلم بها لا يتوقّف على اثبات عموم العلم ، بل يجوز أن يحصل بمشاهدة المعجزة العلم بأنّ فاعلها ليس إلاّ الله ـ تعالى ـ ويحصل أيضا بملاحظة إحكامها وإتقانها العلم بكون مبدأها عالما بها ، فيثبت بها النبوّة ، ثمّ يثبت بالنبوّة عموم العلم ؛ وحينئذ فلا دور.
فان قيل : اثبات النبوّة يتوقّف على اثبات العلم بأمور أخرى أيضا ـ مثل العلم بدعوى الشخص بصدقه أو كذبه ـ ، وانّ اظهار المعجزة على يد الكاذب قبيح واثبات العلم بهذه الأمور بدون التمسّك بعموم العلم مشكل ؛
قلنا : اثبات العلم بهذه الأمور أيضا لا يتوقّف على عموم العلم ، بل بتحقّق علمنا بكونه ـ تعالى ـ عالما بها إذا تعدّدت المعجزات أو تكرّرت واحدة ، لانّه إذا لم يكن الله ـ تعالى ـ عالما بهذه الأمور لم يوجد الله ـ تعالى ـ المعجزة على يد مدّعى النبوّة لداع ومصلحة ، بل يكون ايجاده ـ تعالى ـ ايّاها على يده باتفاق صدور هذه بالعجزة عنه ـ تعالى ـ في وقت دعواه لا بسبب حكمة داعية ومصلحة باعثة ، ومعلوم بالضرورة إنّ الاتفاق لا يجتمع مع تعدّد الصدور وتكثّره من شخص واحد في وقت ارادته دون غيره من الاشخاص الغير المتناهية من أهل عصره ودون غير وقت ارادته من الاوقات المتطاولة. فالتكرّر والتعدّد عند وقت إرادة مدّعى النبوّة دليل على علمه ـ سبحانه ـ على صدقه وحسن اظهار المعجزة على يده ، فثبت المطلوب؛ هذا.
وقيل : يمكن أن يقال : انّ مراد من تمسّك في اثبات علمه ـ تعالى ـ بالأدلّة السمعية بالعلم انّما هو العلم المتقدّم على ايجاد الممكنات في الأعيان ـ لانّ بعضهم انكر ذلك ـ ، لا اثبات أصل العلم، وحينئذ فلا دور. لانّ اثبات الشرع انّما يتوقّف على اثبات أصل العلم لا العلم المقدّم.
وأورد عليه : بأنّ اثبات الشرع يتوقّف على اثبات العلم المقدّم ، إذ لو لم يكن الله ـ سبحانه ـ عالما بصدور المعجزة على يد الكاذب قبل صدورها بل انما علمه بعد الصدور أو مع الصدور أيضا لما أمكن له ـ تعالى ـ منعه منه. وتوضيحه انّه ـ تعالى ـ إذا لم يعلم الأشياء قبل وقوعها فلا يكون علمه ـ تعالى ـ إلاّ كالرؤية فينا ، فكما انّه لا يمكن أن نرى فعلا قبل وقوعه وإنّما نراه إذا فعل فكذا علمه ـ تعالى ـ بعينه ؛ وإذا كان علمه ـ تعالى ـ بهذه المنزلة فكما انّه لا يمكن ان يصير رؤيتنا بفعل مانعا عن وقوعه فكذلك لا يمكن أن يصير علمه ـ تعالى ـ مانعا عن وقوع شيء. وحينئذ فإثبات الشرع يتوقّف على العلم المقدّم ولا يكفي العلم المتأخّر والمقارن لإثباته ؛ هذا.
واعترض على التوجيه المذكور أيضا : بأنّ اثبات الشرع يتوقّف على التصديق بالقدرة ، لانّ القصد بإرسال الرسل لا يمكن بدون القدرة والعلم مأخوذ في حقيقة القدرة ؛ فيلزم الدور.
ودفع هذا الاعتراض بأنّ المأخوذ في القدرة ليس إلاّ أصل العلم ، لا العلم المقدّم ؛ والموجّه التزم توقّف اثبات الشرع على أصل العلم ، وانّما قال لا يتوقف اثباته على العلم المقدّم ومراد القوم من التمسك بالشرع في اثبات علمه انّما هو العلم المقدّم ؛ فلا دور.
ويمكن أن يقال : انّ مراد المعترض انّ المأخوذ في القدرة هو العلم المقدّم ، لانّ قدرته يجب أن يصلح للمنع عن الفعل ولو لم يكن العلم المأخوذ فيها هو العلم المقدّم لم يصلح لذلك. فحاصل كلامه : انّ اثبات الشرع يتوقّف على التصديق وقدرته الّتي لا ينفكّ عن العلم المتقدّم ، فالدور لازم.
وعلى هذا فالفرق بين هذا الاعتراض والايراد السابق بتوسيط القدرة وبعدمه ، وفي الحقيقة مآلهما واحد ؛ لانه لا بدّ في الايراد السابق أن يقال لاثبات توقّف الشرع على العلم المقدّم انّه لو لم يكن عالما بصدور المعجزة على يد الكاذب قبل صدورها لما امكن منعه منها. وهذا هو معنى القدرة ، فالقدرة قد أخذت في الايراد السابق أيضا. وحينئذ لا يمكن أن يقال : لا حاجة إلى اقحام القدرة في البين لكفاية أن يقال : انّ اثبات الشرع يتوقّف على العلم المقدّم فيلزم الدور ، لانّ توسيط القدرة انّما هو لبيان التوقّف على العلم المقدّم ، فيكون حاصل الاعتراض انّه ـ تعالى ـ يجب أن يقدّر على المنع وما ذلك إلاّ بالعلم المقدّم ؛ وهذا هو الايراد السابق بعينه من دون تفاوت أصلا.
وقد ظهر ممّا حررناه انّ اثبات عموم علمه ـ سبحانه ـ بالأدلّة السمعية صحيح ، وانّ اثبات علمه المتقدّم بها غير صحيح ؛ وكذا اثبات أصل العلم بها. اللهم إلاّ أن يوجّه بما اشرنا إليه أخيرا من وجوب اطاعة صاحب المعجزات في كلّ ما جاء به عقلا.
تتميم:
الظاهر انّ بعض الملاحدة من الفلاسفة ـ خذلهم الله ـ أنكروا أصل علمه ـ سبحانه ـ وقالوا: ليس المبدأ الأوّل عالما أصلا. وقد نقل صاحب المواقف : انّ بعض قدماء الفلاسفة ممّن لا يعبأ به ذهب إلى انّ الله ـ تعالى ـ لا يعلم شيئا ـ تعالى عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا ـ (2). وقال العلامة الطوسى في نقد المحصّل : « قدماء الفلاسفة قالوا : العلم حصول صورة المعلوم في العالم ومع ذلك فهو يقتضي اضافة ما للعالم إلى المعلوم. والعالم والمعلوم إن كانا متغايرين فلا بدّ من أن يتصوّر العالم بصورة المعلوم ولا يمكن أن يقبل المبدأ الأوّل شيئا من غيره ، وإن كانا واحدا فلا بدّ فيه من تغاير اعتباري حتّى يمكن أن يعقل الاضافة بينهما. ولا كثرة في المبدأ الأوّل بوجه من الوجوه ، فهو لا يوصف بالعلم بوجه ، بل هو مفيض العلم على الموجودات الّتي هي معلولاته كما يفيض الوجود عليها ؛ فهذا مذهبهم.
والباقون منهم ومن أهل الملل جميعا اتفقوا على انّه ـ تعالى ـ عالم » (3) ؛ انتهى.
وهذا الكلام أيضا صريح في انّ قدماء الفلاسفة مذهبهم انّه ـ تعالى ـ لا يعلم شيئا ـ تعالى الله عما يقول الملحدون ـ. وحمله على انّ مذهبهم نفي العلم الزائد بعيد جدّا. ولا يستبعدنّ من ذهاب بعض من بعد من العقلاء الى نسبة الجهل إليه ـ سبحانه ـ ، فانّ خفاء الضرورة على بعض العقلاء جائز ، ولذلك ترى انّ لكثير من العقلاء مذاهب شنيعة فاسدة مخالفة للبديهة ؛ فهؤلاء أيضا منهم.
وقال بعض المشاهير : « ظنّي انّه لم ينف أحد من العقلاء علم الواجب بالذات ـ تعالى ـ ، بل البعض انّما نفوا العلم التفصيلي قبل ايجاد الأشياء في الاعيان ظنّا منهم انّ هذا هو العلم ـ كما يدلّ عليه الدليل الّذي استدلّوا به ـ. والبعض الّذي نفوا العلم بذاته ـ تعالى ـ انّما نفوا العلم الزائد على الذات ـ كما يشعر به دليلهم ـ » ؛ انتهى.
وتوضيح ما ذكره : انّ بعض من نفوا العلم انّما نفوا العلم التفصيلى قبل الايجاد ـ وان نفوا بحسب اللفظ العلم المطلق قبل الايجاد ـ لظنّهم إنّ العلم منحصر في العلم التفصيلي. ولمّا نفوه عن الواجب ـ تعالى ـ قبل ايجاد الأشياء في الاعيان ظنّوا انّه ـ تعالى ـ ليس عالما بالأشياء في ذلك الوقت أصلا فهؤلاء لم ينفوا العلم مطلقا ، لانّهم لم ينكروا العلم بذاته ـ تعالى ـ أصلا. وأيضا لم ينكروا العلم بالأشياء بعد ايجادها ، بل انما انكروا العلم بالأشياء قبل ايجادها ، وذلك أيضا بناء على زعمهم من انحصار العلم في التفصيلي وإلاّ فما ذكروه لا ينف العلم الاجمالي قبل ايجاد الاشياء.
وأيضا : غير خفي عليك انّ المخالفين لعلم الواجب ـ تعالى ـ على النهج الّذي هو الحقّ وثبت من العقل والنقل فرق كثيرة ـ على ما هو المذكور في الكتب الكلامية ـ ؛
الفرقة الاولى : من أنكر علمه ـ تعالى ـ رأسا ؛
الثانية : من قال : انّه ـ تعالى ـ لا يعلم الحوادث قبل وقوعها ؛
الثالثة : من قال : انّه ـ تعالى ـ لا يعلم غيره مع كونه عالما بذاته ؛
الرابعة : من قال : انّه ـ تعالى ـ لا يعلم الجزئيات المتغيّرة المتشكّلة المتبدّلة ؛
الخامسة : من قال : انّه ـ تعالى ـ لا يعلم نفسه وان علم غيره.
وسنشير ـ إن شاء الله ـ إلى أدلّة المخالفين وشبههم مع جوابها.
فالقائل المذكور إن كان مراده انّ الفرقة الاولى لم ينكروا العلم رأسا ، بل إنّما نفوا العلم التفصيلي قبل ايجاد الأشياء فهو مخالف لظاهر تصريحاتهم ـ على ما هو المنقول منهم ؛
وان كان مراده انّ الفرقة الثانية انّما نفوا العلم التفصيلى قبل ايجاد الأشياء فهو ممنوع ، إلاّ أنّ ذلك لا ينفي وجود الفرقة الاولى بعد تصريح جماعة ـ منهم المحقّق الطوسى وصاحب المواقف ـ مع أنّ دليل هؤلاء ـ أعني : الفرقة الثانية ـ كما تعلم وانّ دل على أنّ غرضهم نفي العلم قبل ايجاد الأشياء ، إلاّ انّه لا يدلّ على نفى العلم التفصيلى فقط دون الاجمالي ، بل يدلّ على نفى العلم بالأشياء قبل ايجادها مطلقا ـ سواء كان تفصيليا أو اجماليا .
________________
(1) هكذا العبارة في النسختين.
(2) راجع : شرح المواقف ، ج 8 ص 65.
(3) راجع : نقد المحصّل ، ص 279.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|