أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-6-2020
1839
التاريخ: 29-8-2016
1502
التاريخ: 25-8-2016
1893
التاريخ: 7-8-2016
1710
|
الواجب إمّا أن يكون قدره معيّنا ، كالصلاة وأمثالها. وإمّا أن لا يكون كذلك ، بل يكون معلّقا على اسم يتفاوت بالزيادة والنقصان ، كمسح مقدّم الرأس في الوضوء ، وقراءة التسبيح في الركوع والسجود ، والتسبيحات الأربع في الركعتين الأخيرتين ، والحلق والتقصير والهدي ؛ فإنّ جميع ذلك معلّق على اسم يتفاوت بالقلّة والكثرة ، فالقدر المتيقّن وجوبه ما يحصل به المسمّى.
وإن زيد عليه ، فهل يقع هذه الزيادة واجبة أو مستحبّة؟ فيه ثلاثة أقوال (1).
ثالثها : التفصيل بأنّ الفعل لو وقع دفعة يكون المجموع واجبا ، وإلاّ ما يقع أوّلا ممّا يحصل به المسمّى يكون واجبا ، والزائد يكون نفلا.
وهو الحقّ ؛ لأنّ الواجب ـ في أمثال ذلك ـ المفهوم الكلّي الذي يمكن حصوله في ضمن جزئيّات كثيرة ، فأيّ جزئي حصّله يكون هذا المفهوم في ضمنه ، فيكون واجبا ، سواء كان زائدا أو ناقصا ، فإذا أوقع الفرد الزائد عن المسمّى دفعة يكون واجبا ، وإذا أوقع ما يحصل به المسمّى أوّلا ثمّ أوقع الزائد على التعاقب ، يقع الزائد مستحبّا ؛ لأنّ ما يحصل به المسمّى كان من جملة الأفراد التي كان المفهوم الكلّي في ضمنها ، وبمجرّد حصوله حصل الواجب ، فالزائد لا يتّصف بالوجوب ؛ للأصل.
وما احتجّ به النافي مطلقا (2) ـ بأنّ الزيادة يجوز تركه لا إلى بدل ، فلا يكون واجبا وإن وقع دفعة ـ فمردود ؛ لأنّه يجوز أن يكون الواجب التخييري ماهيّة كلّيّة في ضمن أفراد متعدّدة بعضها جزء بعضها ، كالتخيير بين القصر والإتمام. وحينئذ يكون المجموع ـ الذي هو من جملة الأفراد الزائدة ـ بدلا عن الأفراد الناقصة ، ويتّصف بالوجوب. وهو ظاهر.
وإذا عرفت ذلك ، فكيفيّة التفريع أنّه إذا وقع الزيادة عن المسمّى في الامور المذكورة دفعة ، يكون المجموع واجبا. وإن وقع ذلك على التعاقب ، يقع المسمّى واجبا والباقي نفلا ، ويكون الثواب في الأوّل أكثر منه في الثاني ؛ نظرا إلى أنّ ثواب الواجب أكثر من [ ثواب ] المستحبّ.
ثمّ لا يخفى أنّ المستحبّ أيضا إذا كان معلّقا على اسم تفاوت بالقلّة والكثرة ، يكون حكمه كما ذكر ، فإذا وقع ما يحصل به المسمّى ثمّ وقع الزيادة على التعاقب ، لا يتّصف هذه الزيادة بالاستحباب ؛ لأنّه حصل بالجزء ، والأصل عدم استحباب الزائد.
نعم ، قد ثبت (3) استحباب الزائد بالدليل ، كاستحباب الزائد عن زوجة واحدة مع تعليق الاستحباب على التزوّج (4). وكذا كلّ حكم علّق على اسم تفاوت بالقلّة والكثرة ، فإن حصل الزيادة مع ما يحصل به المسمّى دفعة ، يحصل الحكم بالمجموع. وإن حصلت بعده ، يحصل به، ولا يكون للزيادة مدخليّة في الحكم ، وذلك كتعليق إحراز نصف الدين (5) وأفضليّة الركعتين على سبعين ركعة (6) على التزوّج.
فائدة :
كلّ واحد من الواجب والمستحبّ لا يجزئ عن الآخر ؛ لتغايرهما ، والأصل عدم قيام المغاير للشيء مقامه.
نعم ، قد ثبت (7) بالدليل إجزاء كلّ منهما عن صاحبه في مواضع :
أمّا إجزاء الوجوب عن الندب ، فكأجزاء صلاة الاحتياط عن النافلة لو ظهر عدم الاحتياج إليه ، وإجزاء صوم وقع بنيّة القضاء من رمضان عن الصوم المستحبّ لو ظهر بعده عدم وجوب القضاء عليه.
وأمّا إجزاء الندب عن الوجوب ، فكإجزاء صوم يوم الشكّ عن رمضان ، وإجزاء الوضوء المجدّد لو ظهر أنّه كان محدثا على الأقوى. وقد ذكر مواضع كثيرة وقع في بعضها الخلاف. ويجب أن يكون الأصل عندك عدم الإجزاء حتّى يثبت بالدليل القطعي (8).
ضابطة :
ثواب الواجب أعظم من ثواب المستحبّ ؛ لما ورد من « أنّ القدر الذي يمتاز به الواجب هو سبعون درجة » (9). وللخبر القدسي « وما تقرّب إليّ المتقرّبون بمثل أداء ما افترضت عليهم» (10) ؛ ولاشتماله على مصلحة زائدة ، وهذا جار في كلّ واجب ومستحبّ ، إلاّ في مواضع :
منها : إبراء الدين ، المستحبّ بالنسبة إلى إنظار المعسر ، الواجب (11).
ومنها ـ على ما ذكر ـ : ابتداء السلام بالنسبة إلى ردّه (12).
ومنها : الصلاة التي يعيدها المنفرد جماعة ، فإنّها مستحبّة ، ولكنّها أفضل من الصلاة الواجبة التي سبقت (13).
وقد ذكر بعض الأصحاب مواضع أخر (14). ويمكن أن يستخرج مواضع كثيرة على ما يستنبط من الأخبار ؛ فإنّ ردّ السلام من الواجبات ، وزيارة النبيّ والأئمّة من المستحبّات ، ولا شبهة في كون الثاني أعظم ثوابا من الأوّل (15). فتأمّل.
___________
(1) راجع المحصول 2 : 196.
(2) أي سواء كان الزائد في ضمن المجموع أم لا فهو غير واجب وهو رأي الفخر الرازي في المحصول 2 : 196.
(3) في « ب » : « يثبت ».
(4) لم نعثر على دليل استحباب الزائد عن زوجة واحدة.
(5) الكافي 5 : 328 ، باب كراهة العزبة ، ح 2.
(6) المصدر ، ح 1.
(7) في « ب » : « يثبت ».
(8) راجع القواعد والفوائد 1 : 83 ، الفائدة 6.
(9) راجع تمهيد القواعد : 61 ، القاعدة 12 ، وذهب إليه ابن خزيمة كما في حاشية ردّ المحتار 1 : 126.
(10) الكافي 2 : 352 ، باب من آذى المسلمين ، ح 7 ، ووسائل الشيعة 1 : 104 ، أبواب مقدّمة العبادات ، الباب 23 ، ح 17.
(11) كما في سورة البقرة (2) : 280. وهي قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ).
(12) راجع الكافي 2 : 644 ، باب التسليم ، ح 3 و 8.
(13) تهذيب الأحكام 3 : 150 ، 175.
(14) راجع القواعد والفوائد 2 : 107 ، القاعدة 185.
(15) راجع الكافي 4 : 579 ، باب فضل الزيارات وثوابها ، والأبواب التي بعده. واعلم أنّه ليس في الأخبار المذكورة أنّ زيارتهم عليهم السلام أعظم ثوابا من ردّ السلام ولكن يعلم الإنسان أنّ ما ذكر من الثواب والفضيلة لزيارتهم عليهم السلام لا يكون في ردّ السلام ، ولذا قال المصنّف رحمه الله : « يستخرج ويستنبط ».
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|