أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-7-2020
1591
التاريخ: 30-8-2016
1393
التاريخ: 8-8-2016
2314
التاريخ: 8-8-2016
1059
|
اختلفوا في أنّ المشتق هل هو موضوع لخصوص المتلبّس أو الأعمّ منه وممّا انقضى عنه المبدأ؟ ولنقدّم أمام المقال اُموراً :
الأوّل: في كون النزاع لغوياً :
الظاهر أنّ المسألة لغوية ، وأنّ البحث معقود لتعيين الموضوع له . ويظهر من بعض الأكابر كونها عقلية ; لأجل أنّ حمل شيء على شيء إنّما هو لكون الموضوع متحيّثاً بحيثية وواجداً لمبدأ به يصحّ الحمل ، وإلاّ لجاز حمل كلّ شيء على كلّ شيء . ثمّ إنّ حدوث ذاك المعنى في الموضوع آناً ما ربّما يكفي في صحّة الحمل ، وإن لم يكن له بقاء واستمرار ، كالاُبوّة وهي أمرآني ناش من تخلّق الابن من مائه ، ولكن العرف يراه أمراً مستمرّاً(1) .
وقريب من ذلك قول صاحب «المحجّة» : من أنّ القائل بعدم صحّة الإطلاق
على ما انقضى عنه المبدأ يرى سنخ الحمل في الجوامد والمشتقّات واحداً . والقائل بالإطلاق يرى التفاوت بينهما وأنّه في الجوامد من قبيل هوهو ، فلا يقال للهواء : إنّه ماء ، وفي المشتقّات من سنخ ذي هو ، يكفي فيه مجرّد الخروج من العدم إلى الوجود(2) ، انتهى .
ولكنّك خبير : بأنّ البحث حينئذ يندرج في عداد الحقائق ، ومن الواضح أ نّه لامعنى للنزاع في أنّ الفاقد للمبدأ ـ بعد ما كان واجداً له ـ هل يقع مصداقاً له بالفعل بحسب متن الأمر أو لا ؟ وسخافته غير مخفية ; إذ ميزان الصدق وعدمه دائر مدار اشتماله على المبدأ وعدمه ، ولا يعقل صدقه على الفاقد حقيقة حتّى يختاره القائل بالأعمّ ، وهذا بخلاف ما إذا كان البحث لفظياً ; لأنّ الواضع له الخيار في تعيين حدود الموضوع له ، فله وضع اللفظ للمتلبّس أو للأعمّ منه ، كما أ نّه بالخيار في تعيين الألفاظ .
الثاني : في تقسيم العناوين الجارية على الذات :
فإنّ لها أقساماً :
منها : ما يكون منتزعاً عن حاقّ الذات ، من غير دخالة شيء مطلقاً ; سواء كان الخارج مصداقاً ذاتياً له كالأجناس والأنواع والفصول ، أم كالمصداق الذاتي له ،كما في انتزاع الوجود عن الموجودات الخارجية .
ومنها : ما يكون منتزعاً عنه باعتبار تلبّسه بشيء ـ وجودياً كان أو عدمياً ـ والأمر الوجودي تارة يكون أمراً حقيقياً ، كانتزاع العالم والأبيض باعتبار مبدئيهما ، واُخرى أمراً انتزاعياً أو اعتبارياً ، لاحظّ له من الوجود إلاّ في وعاء اعتبار العقل وتصويره ; فالأوّل كانتزاع الإمكان عن الممكنات ، والثاني كالملكية والرقّية وغيرهما .
هذا ، وربّما يمثّل لدخالة الأمر العدمي بالإمكان ; لأنّه سلب الضرورتين عن الذات ـ سلباً تحصيلياً ـ ولا مشاحة في المثال ، ونظيره الأعمى والاُمّي .
ومنها : ما يكون العنوان أمراً اشتقاقياً كالضارب والناطق ، وقد يكون جامداً كالماء والنار والزوج .
ومنها : ما يكون ملازماً للذات في الموطنين ; أعني الذهن والخارج أو في واحد منهما ، وقد يكون مفارقاً عنه كالأعراض المفارقة .
وهناك أقسام اُخر ، ضربنا عنها صفحاً .
التحقيق في المقام
وعلى كلّ حال التحقيق : خروج العناوين غير الاشتقاقية الصادقـة على الذات بذاته ـ كالماء والإنسان ـ عن محلّ النزاع ، وقد يعلّل وجه خروجها ـ كما عـن بعض الأعاظم ـ بأنّ شيئية الشيء بصورته لا بمادّتـه ، فإذا فرضنا تبدّل الإنسان تراباً فما هو ملاك الإنسانية ـ وهو الصورة النوعية ـ قد زال ، وأمّا المادّة المشتركة الباقية ـ وهي القوّة الصرفة لإفاضة الصورة ـ فهي غير متّصفة بالإنسانية ، وهذا بخلاف المشتقّات العرضية ; فإنّ المتّصف فيها هو الذات، وهو باق بعد انتفاء وصفه(3) ، انتهى .
لكنّك خبير : بأنّ النزاع في المقام لغوي لا عقلي حتّى يتشبّث بأنّ فعلية الشيء بصورته لا بمادّته ، وحينئذ لا مانع من وضع الإنسان ـ مثلا ـ للأعمّ ، بعد ما كان عنان الوضع بيد الواضع ; إذ التسمية لا تدور مدار هوية الشيء .
أضف إليه : أنّ انقضاء المبدأ لا يوجب مطلقاً زوال الصورة النوعية ـ ولو عرفاً ـ كما في تبدّل الخمر خلاّ ; فإنّهما ليسا حقيقتين مختلفتين بالفصول ، بل هما متّحدان في الذاتيات متفارقان في الأوصاف عرفاً ، ومثلهما الماء والثلج ; فإنّهما أيضاً ليسا جوهرين متباينين ، بل الاختلاف بينهما من ناحية الوصف ; أعني اتّصال أجزائهما وعدمه .
هذا ، مع أنّ النزاع لو كان عقلياً لا يعقل صدق المشتقّ عقلا على ما زال عنه المبدأ ، فلا يصدق العالم على من زال عنه العلم عقلا بالضرورة .
والظاهر : أنّ وجه خروجها عن محطّ البحث هو اتّفاقهم على كونها موضوعة لنفس العناوين فقط ، لا للذات المتلبّس بها ـ ولو في زمان ما ـ وهذا بخلاف المشتقّات ; فإنّ دخول الذات فيها أمر مبحوث عنه ومختلف فيه ، فيقع فيها هذا النزاع .
وأمّا الهيئات في المشتقّات الاسمية فلا ريب في دخولها جميعاً في محلّ النزاع ; سواء كانت منتزعة من نفس الذات ـ كالموجود ـ أم لا ، وسواء كان المبدأ فيها لازماً للذات كالممكن أو مقوّماً للموضوع كالموجود بالنسبة إلى الماهية أم لا . وكذا لو كانت منتزعة عن مرتبة الذات في بعض مصاديقه كالعالم بالنسبة إلى البارئ دون بعض .
فجميع ذلك داخل تحته ، ولا يختصّ بما يمكن زواله عن الذات حتّى يتصوّر له الانقضاء ; وذلك لأنّ النزاع وقع في عنوان عامّ ; أعني هيئة المشتقّ ، ووضعها نوعي .
وحيث إنّ زنة الفاعل وضعت نوعياً لاتّصاف خاصّ ، مـن غير نظر إلى الموادّ وخصوصيات المصاديق بطل القول بخروج الناطق والممكن ومـا أشبههما ممّا ليس لـه معنون بـاق بعد انقضاء المبدأ عنه ; إذ قـد عرفت أنّ النزاع عنون بعنوان عامّ ، وهو كافل لإدخالها تحته ، ولا يكون وضع الهيئات باعتبار الموادّ أو الموارد متكثّراً .
وأمّا العناوين المنتزعة بعناية دخول أمر وجودي أو عدمي ، حقيقي أو اعتباري ممّا ليس من العناوين الاشتقاقية ، كالزوجية والرقية ; سواء كانت موضوعة وضعاً شخصياً أم نوعياً ، كهيئة الاسم المنسوب إلى شيء ، كالبغدادي والحمّامي ، فالظاهر دخولها في حريم البحث .
كلام فخر المحقّقين في الرضاع:
كما يظهر من فخر المحقّقين ـ قدس سره ـ (4) والشهيد ـ رحمه الله ـ (5) فيمن كان له زوجتان كبيرتان ، أرضعتا زوجته الصغيرة مع الدخول بإحداهما ; حيث قال : لا إشكال في تحريم المرضعة الاُولى والصغيرة ، وأمّا المرضعة الثانية ففي تحريمها إشكال ، اختار والدي المصنّف ـ قدس سره ـ (6) وابن إدريس(7) تحريمها ، فإنّه يصدق عليها أ نّها اُمّ زوجته ; لعدم اشتراط بقاء المبدأ في المشتقّ .
قلت : إنّ الموجود في النصوص هو «اُمّهات النساء» لا «اُمّ الزوجـة» ، فتحليل المسألة من طريق المشتقّ ساقط من أصله ، والقول بجريانه في مثل «اُمَّهاتُ نِسائِكُمْ» باعتبار كونه بمعنى زوجاتكم كما ترى ، وإن كان يظهر من «الجواهر» جريانه فيه أيضاً(8) .
وكيف كان : لا عتب علينا في البحث عنها وما اُفيد في هذا المقام ، فنقول ـ ومنه جلّ شأنه التوفيق ـ :
قد ذهب بعض الأعيان من المحقّقين : إلى اتّحاد المرضعتين في الحكم والملاك ; نظراً إلى أنّ اُمومة المرضعة الاُولى وبنتية المرتضعة من المتضائفين ، وهما متكافئان قوّة وفعلا ، وبنتية المرتضعة وزوجيتها متضادّتان شرعاً . ففي مرتبة حصول اُمومة المرضعة تحصل بنتية المرتضعة ، وتلك المرتبة مرتبة زوال زوجية المرتضعة ، فليست في مرتبة من المراتب اُمومة المرضعة مضافة إلى زوجية المرتضعة حتّى تحرم بسبب كونها اُمّ الزوجة(9) ، انتهى .
وقد سبقه صاحب «الجواهر» ـ قدس سره ـ إليه ، وأجاب عنه : بأنّ ظاهر النصّ والفتوى الاكتفاء بالاُمّية المقارنة لانفساخ الزوجية بصدق البنتية ; إذ البنتية والاُمّية وانفساخ الزوجية متّحدات في الزمان ; ضرورة كونها معلولات لعلّة واحدة . فآخر زمان الزوجية متّصل بأوّل أزمنة صدق الاُمّية ، ولعلّ هذا المقدار كاف في الاندراج تحت عنوان «اُمّهات نسائكم»(10) .
وفيه : أنّ الصدق هنا مسامحي ـ حتّى بنظر العرف ـ وهو غير كاف ، إلاّ على القول بوضع المشتقّ للأعمّ حتّى يكون الصدق حقيقياً .
وقال بعض الأعاظم ما حاصله : أنّ الرضاع المحرّم علّة لتحقّق عنوان الاُمومة والبنتية ، وعنوان البنتية للزوجة المرتضعة علّة لانتفاء عنوان الزوجية عنها ، فانتفاء عنوان الزوجية عن المرتضعة متأخّر بحسب الرتبة عن عنوان البنتية لها ، ولا محالة أ نّها تكون زوجة في رتبة تحقّق عنوان البنتية ; لاستحالة ارتفاع النقيضين ، ففي تلك المرتبة تجتمع الزوجية والبنتية، وكونها اُمّ الزوجة(11) .
ولكن ضعفه ظاهر : لأنّ الأثر مترتّب على ما هي اُمّ زوجة بالحمل الشائع في أنظار أهل العرف ، ولا دليل شرعي يدلّ على العلّية بين الحكمين حتّى يتكلّف بتقدير الزوجية في الرتبة ; كي يقع مصداقاً للعمومات .
وبعبارة أوضح : أنّ بنتية المرتضعة ليست علّة تكوينية لرفع الزوجية ، بل لابدّ في استفادة العلّية أو التمانع بينهما من مراجعة الأدلّة الشرعية . ولا يستفاد من قوله تعالى : «واُمّهات نسائكم» سوى التمانع ، وأنّ الزوجية لا تجتمع مع العناوين المحرّمة ، وهو ينافي اجتماعهما في آن أو رتبة .
والتحقيق : أنّ تفريق الفخر ـ قدس سره ـ بين المرضعتين ليس لأجـل وجـود فارق بينهما فـي الابتناء على وضـع المشتـقّ حتّى يقـال بـأنّ تسليم حرمـة الاُولـى والخلاف في الثانية مشكل ، بل تسليمه لحرمة المرضعة الاُولى لأجل الإجماع والنصّ الصحيح في مـوردها دون الثانيـة ; ولـذلك بنى الثانيـة على مسألـة المشتـقّ دون الاُولى .
وأوضـح الحكم فيها مـن طريق القواعـد لعدم وجـود طـريق شرعي فيها .
ففي صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر ـ عليه السَّلام ـ والحلبي عن أبي عبدالله ـ عليه السَّلام ـ قالا : « لو أنّ رجلا تزوّج بجارية رضيعة ، فأرضعتها امرأته فسد النكاح »(12) ، فإنّ الظاهر فساد نكاح الرضيعة ، ويحتمل فساد نكاحهما ، وأمّا حرمة الثانية فليست إجماعية .
ودعوى وحدة الملاك غير مسموعة ، والنصّ الوارد فيها من طريق علي بن مهزيار الذي صرّح بحرمة المرضعة الاُولى دون الثانية(13) غير خال عن الإرسال ، وضعف السند بصالح بن أبي حمّاد ، فراجع ، ولهذا ابتناها بمسألة المشتقّ .
الثالث : الحقّ خروج أسماء الزمان من محطّ البحث :
وهذا لأنّ جوهر ذاته جوهر تصرّم وتقضّ ، فلا يتصوّر له بقاء الذات مع انقضاء المبدأ ، وعليه لا يتصوّر له مصداق خارجي ولا عقلي كذلك ، ولا معنى لحفظ ذاته مع أ نّه متصرّم ومتقضّ بالذات .
وقد اُجيب عن هذا الإشكال بأجوبة غير تامّة :
منها : ما أفاده المحقّق الخراساني من أنّ انحصار مفهوم عامّ بفرد ـ كما في المقام ـ لا يوجب أن يكون وضع اللفظ بإزاء الفرد دون العامّ ، كالواجب الموضوع للمفهوم العامّ مع انحصاره فيه تعالى(14) .
وأنت خبير بضعفه ; إذ الغاية من الوضع هي إفهام ما يقع في خاطر المتكلّم ـ ذهنياً كان أو خارجياً ـ وأمّا ما لا يحوم الفكر حوله ، وليس له مصداق في كلا الموطنين ـ كما عرفت في الزمان ـ فالوضع له لغو وعاطل .
وأمّا مفهوم الواجب فلا نسلّم وحدة مصداقه ; إذ ما هو المنحصر هو الواجب بالذات دون الواجب مطلقاً ; حتّى الواجب بالغير والواجب بالقياس إلى الغير ، والمركّب من اللفظين ـ أعني الواجب بالذات ـ ليس له وضع على حدة .
وأمّا الشمس والقمر فلا يبعد كونهما عَلَمين كلفظ الجلالة ، وعلى فرض كونها موضوعة للمعاني الكلّية ، كالذات الجامع للكمالات ، ولماهية الشمس والقمر لعلّه للاحتياج إلى إفهام معانيها العامّة أحياناً ; لأنّ الأخير ـ مثلا ـ بالنظر إلى مفهومه لا يأبى عن الكثرة في بدأ النظر ، وإنّما يثبت وحدته بالأدلّة العقلية . فملاك الوضع موجود في أمثال هذه الموارد ، بخلاف الزمان المبحوث عنه ; فإنّه آب عن البقاء مع انقضاء المبدأ عند العقل والعرف ابتداءً ، فالفرق بين اللفظين واضح .
ومنها : ما عن بعض الأعاظم من أنّ أسماء الزمان مثلا ـ كاليوم العاشر من المحرّم ـ وضـع لمعنى كلّي متكرّر في كلّ سنة ، وكان ذلك اليوم الذي وقـع فيه القتل فرداً من أفراد ذاك المعنى العامّ المتجدّد في كلّ سنة ، فالذات في اسم الزمان إنّما هـو ذلك المعنى العامّ ، وهـو باق حسب بقاء الحركـة الفلكية ، وقـد انقضى عنه المبدأ(15) .
وفيه : أنّ الكلّي القابل للصدق على الكثيرين ـ أي اليوم العاشر من المحرّم ـ غير وعاء الحدث، وما هو وعائه هو الموجود الخارجي ، وهو غير باق قطعاً .
وبعبارة اُخرى : أنّ الأمر الزماني لابدّ وأن يحصل في زمان خاصّ لا في زمان كلّي . فعلى هذا ، إذا تعيّن الكلّي في ضمن مصداق معيّن ، وفرضنا ارتفاع ذاك المصداق بارتفاع مبدئه ارتفع الكلّي المتعيّن في ذلك المصداق والمصداق الآخر الذي فرض له مخالف مع الأوّل في التشخّص والوجود ، فإذن لا معنى لبقائه مع انقضاء المبدأ ، وهو واضح .
ومنها : ما عن بعض الأعيان من أنّ اسم الزمان موضوع لوعاء الحدث من غير خصوصية الزمان والمكان ، فيكون مشتركاً معنوياً موضوعاً للجامع بينهما . فحينئذ عدم صدقه على ما انقضى عنه المبدأ في خصوص الزمان لا يوجب لغوية النزاع(16) .
ولكن هذا الكلام عن مثل هذا القائل بعيد في الغاية ; إذ الجامع الحقيقي بين الوعائين غير موجود ، ووقوع الفعل في كلّ غيرُ وقوعه في الآخر ، والجامع العرضي الانتزاعي ـ كمفهوم الوعاء والظرف ـ وإن كان متصوّراً إلاّ أ نّه بالحمل الأوّلي باطل جدّاً ; لأنّه خلاف المتبادر من اسمي الزمان والمكان ; ضرورة أنّه لا يفهم من لفظ المقتل مفهوم وعاء القتل الجامع بينهما أو مفهوم ظرفه ، وأمّا أخذ الوعاء بالحمل الشائع فهو موجب لخصوصية الموضوع له ، مع عدم دفع الإشكال معه .
هذا ، مضافاً إلى أنّ الظاهر : أنّ وعائية الزمان إنّما هي بضرب من التشبيه لإحاطة الزمان بالزماني إحاطة المكان بالمتمكّن ، وإلاّ فهو ليس ظرفاً في الحقيقة ، بل أمر منتزع أو متولّد من تصرّم الطبيعة وسيلانها ، وتوضيحه موكول إلى محلّه(17) .
ومنها : ما أفاده بعض محقّقي العصر من أنّ الزمان هوية متّصلة باقية بالوحدة الوجودية ، وإلاّ لزم تتالي الآنات ، واستحالته معلومة كاستحالة الأجزاء الفردة ، وعليه يكون الزمان بهويته باقياً ; وإن انقضى عنه المبدأ ، ولولا كون الألفاظ موضوعة للمعاني العرفية لقلنا بصدق اسم الزمان على الهوية الزمانية إلى آخر الأبد ، وكان مقتل الحسين ـ عليه السَّلام ـ ـ مثلا ـ صادقاً على الزمان إلى الأبد .
ولكن العرف بعد حكمه بأنّ للزمان قسمة ، وقسّمه إلى أقسام حسب احتياجاته لم يجز ذلك ، ولكن إذا وقع القتل ـ مثلا ـ في حدّ من حدود اليوم فهو يطلق المقتل على ذاك اليوم ; ولو بعد انقضاء التلبّس به ; لما يرى من بقاء اليوم إلى الليل(18) ، انتهى ملخّصاً .
والظاهر : أنّ الخلط نشأ من عدم الوصول إلى أنّ أنظار أهل العرف ـ كالعقل ـ تتفاوت في بقاء الزمان والزماني ، وأنّهم يفرّقون بينهما .
توضيحه : أنّ العرف كما يدرك الوحدة الاتّصالية للزمان كذلك يدرك تصرّمـه وتقضّيه ، ويرى أوّل اليوم غير وسطه وآخـره ، فإذا وقعت واقعـة في حـدّه الأوّل لا يرى زمان الوقوع باقياً وقد زال عنه المبدأ ، بل يرى اليوم باقياً وزمان الوقوع متقضّياً .
وبين الأمرين فرق ظاهر ، وما هو معتبر في بقاء الذات في المشتقّ هو بقاء زمان الوقوع ـ أعني بقاء الشخص الذي تلبّس بالمبدأ عيناً ـ وما نحن بصدده ليس كذلك ، فتدبّر .
___________
1 ـ راجع نهاية الاُصول : 65 ـ 67 .
2 ـ اُنظر نهاية الدراية 1 : 164 .
3 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 83 ، أجود التقريرات 1 : 53 .
4 ـ إيضاح الفوائد 3 : 52 .
5 ـ مسالك الأفهام 7 : 269 .
6 ـ قواعد الأحكام 3 : 25 .
7 ـ السرائر 2 : 556 .
8 ـ جواهر الكلام 29 : 330 .
9 ـ نهاية الدراية 1 : 168 .
10 ـ جواهر الكلام 29 :329 ـ 330 .
11 ـ بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 161 .
12 ـ الفقيه 3 : 306 / 1472 ، وسائل الشيعة 20 : 399 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالرضاع، الباب 10 ، الحديث 1 .
13 ـ الكافي 5 : 446 / 13 ، وسائل الشيعة 20 : 402 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالرضاع، الباب 14 ، الحديث 1 .
14 ـ كفاية الاُصول : 58 .
15 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 89 .
16 ـ نهاية الاُصول : 72 .
17 ـ الحكمة المتعالية 3 : 115 ـ 118 ، شرح المنظومة ، قسم الحكمة : 257 ـ 258 .
18 ـ بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 162 ـ 164 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|