المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8120 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

الإيمان
21-3-2021
Proximal Promoter
17-10-2019
PROPERTIES AND USES OF CARBON BLACK
7-8-2017
موسى بن سعيد يأبى فراق الأندلس
8/10/2022
مسائل تتعلق بقضاء شهر رمضان
31-10-2016
Rhoticity
2024-02-13


المشتق  
  
1499   11:50 صباحاً   التاريخ: 7-8-2016
المؤلف : تقريرا لبحث السيد الخميني - بقلم الشيخ السبحاني
الكتاب أو المصدر : تهذيب الأصول
الجزء والصفحة : ج1. ص.137
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /

اختلفوا في أنّ المشتق هل هو موضوع لخصوص المتلبّس أو الأعمّ منه وممّا انقضى عنه المبدأ؟ ولنقدّم أمام المقال اُموراً :

الأوّل: في كون النزاع لغوياً :

الظاهر أنّ المسألة لغوية ، وأنّ البحث معقود لتعيين الموضوع له . ويظهر من بعض الأكابر كونها عقلية ; لأجل أنّ حمل شيء على شيء إنّما هو لكون الموضوع متحيّثاً بحيثية وواجداً لمبدأ به يصحّ الحمل ، وإلاّ لجاز حمل كلّ شيء على كلّ شيء . ثمّ إنّ حدوث ذاك المعنى في الموضوع آناً ما ربّما يكفي في صحّة الحمل ، وإن لم يكن له بقاء واستمرار ، كالاُبوّة وهي أمرآني ناش من تخلّق الابن من مائه ، ولكن العرف يراه أمراً مستمرّاً(1) .

وقريب من ذلك قول صاحب «المحجّة» : من أنّ القائل بعدم صحّة الإطلاق

على ما انقضى عنه المبدأ يرى سنخ الحمل في الجوامد والمشتقّات واحداً . والقائل بالإطلاق يرى التفاوت بينهما وأنّه في الجوامد من قبيل هوهو ، فلا يقال للهواء : إنّه ماء ، وفي المشتقّات من سنخ ذي هو ، يكفي فيه مجرّد الخروج من العدم إلى الوجود(2) ، انتهى .

ولكنّك خبير : بأنّ البحث حينئذ يندرج في عداد الحقائق ، ومن الواضح أ نّه لامعنى للنزاع في أنّ الفاقد للمبدأ ـ بعد ما كان واجداً له ـ هل يقع مصداقاً له بالفعل بحسب متن الأمر أو لا ؟ وسخافته غير مخفية ; إذ ميزان الصدق وعدمه دائر مدار اشتماله على المبدأ وعدمه ، ولا يعقل صدقه على الفاقد حقيقة حتّى يختاره القائل بالأعمّ ، وهذا بخلاف ما إذا كان البحث لفظياً ; لأنّ الواضع له الخيار في تعيين حدود الموضوع له ، فله وضع اللفظ للمتلبّس أو للأعمّ منه ، كما أ نّه بالخيار في تعيين الألفاظ .

الثاني : في تقسيم العناوين الجارية على الذات :

فإنّ لها أقساماً :

منها : ما يكون منتزعاً عن حاقّ الذات ، من غير دخالة شيء مطلقاً ; سواء كان الخارج مصداقاً ذاتياً له كالأجناس والأنواع والفصول ، أم كالمصداق الذاتي له ،كما في انتزاع الوجود عن الموجودات الخارجية .

ومنها : ما يكون منتزعاً عنه باعتبار تلبّسه بشيء ـ وجودياً كان أو عدمياً ـ والأمر الوجودي تارة يكون أمراً حقيقياً ، كانتزاع العالم والأبيض باعتبار مبدئيهما ، واُخرى أمراً انتزاعياً أو اعتبارياً ، لاحظّ له من الوجود إلاّ في وعاء اعتبار العقل وتصويره ; فالأوّل كانتزاع الإمكان عن الممكنات ، والثاني كالملكية والرقّية وغيرهما .

هذا ، وربّما يمثّل لدخالة الأمر العدمي بالإمكان ; لأنّه سلب الضرورتين عن الذات ـ سلباً تحصيلياً ـ ولا مشاحة في المثال ، ونظيره الأعمى والاُمّي .

ومنها : ما يكون العنوان أمراً اشتقاقياً كالضارب والناطق ، وقد يكون جامداً كالماء والنار والزوج .

ومنها : ما يكون ملازماً للذات في الموطنين ; أعني الذهن والخارج أو في واحد منهما ، وقد يكون مفارقاً عنه كالأعراض المفارقة .

وهناك أقسام اُخر ، ضربنا عنها صفحاً .

التحقيق في المقام

وعلى كلّ حال التحقيق : خروج العناوين غير الاشتقاقية الصادقـة على الذات بذاته ـ كالماء والإنسان ـ عن محلّ النزاع ، وقد يعلّل وجه خروجها ـ كما عـن بعض الأعاظم ـ بأنّ شيئية الشيء بصورته لا بمادّتـه ، فإذا فرضنا تبدّل الإنسان تراباً فما هو ملاك الإنسانية ـ وهو الصورة النوعية ـ قد زال ، وأمّا المادّة المشتركة الباقية ـ  وهي القوّة الصرفة لإفاضة الصورة ـ فهي غير متّصفة بالإنسانية ، وهذا بخلاف المشتقّات العرضية ; فإنّ المتّصف فيها هو الذات، وهو باق بعد انتفاء وصفه(3) ، انتهى .

لكنّك خبير : بأنّ النزاع في المقام لغوي لا عقلي حتّى يتشبّث بأنّ فعلية الشيء بصورته لا بمادّته ، وحينئذ لا مانع من وضع الإنسان ـ مثلا ـ للأعمّ ، بعد ما كان عنان الوضع بيد الواضع ; إذ التسمية لا تدور مدار هوية الشيء .

أضف إليه : أنّ انقضاء المبدأ لا يوجب مطلقاً زوال الصورة النوعية ـ  ولو عرفاً ـ كما في تبدّل الخمر خلاّ ; فإنّهما ليسا حقيقتين مختلفتين بالفصول ، بل هما متّحدان في الذاتيات متفارقان في الأوصاف عرفاً ، ومثلهما الماء والثلج ; فإنّهما أيضاً ليسا جوهرين متباينين ، بل الاختلاف بينهما من ناحية الوصف ; أعني اتّصال أجزائهما وعدمه .

هذا ، مع أنّ النزاع لو كان عقلياً لا يعقل صدق المشتقّ عقلا على ما زال عنه المبدأ ، فلا يصدق العالم على من زال عنه العلم عقلا بالضرورة .

والظاهر : أنّ وجه خروجها عن محطّ البحث هو اتّفاقهم على كونها موضوعة لنفس العناوين فقط ، لا للذات المتلبّس بها ـ ولو في زمان ما ـ وهذا بخلاف المشتقّات ; فإنّ دخول الذات فيها أمر مبحوث عنه ومختلف فيه ، فيقع فيها هذا النزاع .

وأمّا الهيئات في المشتقّات الاسمية فلا ريب في دخولها جميعاً في محلّ النزاع ; سواء كانت منتزعة من نفس الذات ـ كالموجود ـ أم لا ، وسواء كان المبدأ فيها لازماً للذات كالممكن أو مقوّماً للموضوع كالموجود بالنسبة إلى الماهية أم لا . وكذا لو كانت منتزعة عن مرتبة الذات في بعض مصاديقه كالعالم بالنسبة إلى البارئ دون بعض .

فجميع ذلك داخل تحته ، ولا يختصّ بما يمكن زواله عن الذات حتّى يتصوّر له الانقضاء ; وذلك لأنّ النزاع وقع في عنوان عامّ ; أعني هيئة المشتقّ ، ووضعها نوعي .

وحيث إنّ زنة الفاعل وضعت نوعياً لاتّصاف خاصّ ، مـن غير نظر إلى الموادّ وخصوصيات المصاديق بطل القول بخروج الناطق والممكن ومـا أشبههما ممّا ليس لـه معنون بـاق بعد انقضاء المبدأ عنه ; إذ قـد عرفت أنّ النزاع عنون بعنوان عامّ ، وهو كافل لإدخالها تحته ، ولا يكون وضع الهيئات باعتبار الموادّ أو الموارد متكثّراً .

وأمّا العناوين المنتزعة بعناية دخول أمر وجودي أو عدمي ، حقيقي أو اعتباري ممّا ليس من العناوين الاشتقاقية ، كالزوجية والرقية ; سواء كانت موضوعة وضعاً شخصياً أم نوعياً ، كهيئة الاسم المنسوب إلى شيء ، كالبغدادي والحمّامي ، فالظاهر دخولها في حريم البحث .

كلام فخر المحقّقين في الرضاع:

كما يظهر من فخر المحقّقين ـ قدس سره ـ (4)  والشهيد ـ رحمه الله ـ (5)  فيمن كان له زوجتان كبيرتان ، أرضعتا زوجته الصغيرة مع الدخول بإحداهما ; حيث قال : لا إشكال في تحريم المرضعة الاُولى والصغيرة ، وأمّا المرضعة الثانية ففي تحريمها إشكال ، اختار والدي المصنّف ـ قدس سره ـ (6)  وابن إدريس(7)  تحريمها ، فإنّه يصدق عليها أ نّها اُمّ زوجته ; لعدم اشتراط بقاء المبدأ في المشتقّ .

قلت : إنّ الموجود في النصوص هو «اُمّهات النساء» لا «اُمّ الزوجـة» ، فتحليل المسألة من طريق المشتقّ ساقط من أصله ، والقول بجريانه في مثل «اُمَّهاتُ نِسائِكُمْ» باعتبار كونه بمعنى زوجاتكم كما ترى ، وإن كان يظهر من «الجواهر» جريانه فيه أيضاً(8) .

وكيف كان : لا عتب علينا في البحث عنها وما اُفيد في هذا المقام ، فنقول ـ  ومنه جلّ شأنه التوفيق ـ  :

قد ذهب بعض الأعيان من المحقّقين : إلى اتّحاد المرضعتين في الحكم والملاك ; نظراً إلى أنّ اُمومة المرضعة الاُولى وبنتية المرتضعة من المتضائفين ، وهما متكافئان قوّة وفعلا ، وبنتية المرتضعة وزوجيتها متضادّتان شرعاً . ففي مرتبة حصول اُمومة المرضعة تحصل بنتية المرتضعة ، وتلك المرتبة مرتبة زوال زوجية المرتضعة ، فليست في مرتبة من المراتب اُمومة المرضعة مضافة إلى زوجية المرتضعة حتّى تحرم بسبب كونها اُمّ الزوجة(9) ، انتهى .

وقد سبقه صاحب «الجواهر» ـ قدس سره ـ إليه ، وأجاب عنه : بأنّ ظاهر النصّ والفتوى الاكتفاء بالاُمّية المقارنة لانفساخ الزوجية بصدق البنتية ; إذ البنتية والاُمّية وانفساخ الزوجية متّحدات في الزمان ; ضرورة كونها معلولات لعلّة واحدة . فآخر زمان الزوجية متّصل بأوّل أزمنة صدق الاُمّية ، ولعلّ هذا المقدار كاف في الاندراج تحت عنوان «اُمّهات نسائكم»(10) .

وفيه : أنّ الصدق هنا مسامحي ـ حتّى بنظر العرف ـ وهو غير كاف ، إلاّ على القول بوضع المشتقّ للأعمّ حتّى يكون الصدق حقيقياً .

وقال بعض الأعاظم ما حاصله : أنّ الرضاع المحرّم علّة لتحقّق عنوان الاُمومة والبنتية ، وعنوان البنتية للزوجة المرتضعة علّة لانتفاء عنوان الزوجية عنها ، فانتفاء عنوان الزوجية عن المرتضعة متأخّر بحسب الرتبة عن عنوان البنتية لها ، ولا محالة أ نّها تكون زوجة في رتبة تحقّق عنوان البنتية ; لاستحالة ارتفاع النقيضين ، ففي تلك المرتبة تجتمع الزوجية والبنتية، وكونها اُمّ الزوجة(11) .

ولكن ضعفه ظاهر : لأنّ الأثر مترتّب على ما هي اُمّ زوجة بالحمل الشائع في أنظار أهل العرف ، ولا دليل شرعي يدلّ على العلّية بين الحكمين حتّى يتكلّف بتقدير الزوجية في الرتبة ; كي يقع مصداقاً للعمومات .

وبعبارة أوضح : أنّ بنتية المرتضعة ليست علّة تكوينية لرفع الزوجية ، بل لابدّ في استفادة العلّية أو التمانع بينهما من مراجعة الأدلّة الشرعية . ولا يستفاد من قوله تعالى : «واُمّهات نسائكم» سوى التمانع ، وأنّ الزوجية لا تجتمع مع العناوين المحرّمة ، وهو ينافي اجتماعهما في آن أو رتبة .

والتحقيق : أنّ تفريق الفخر ـ قدس سره ـ بين المرضعتين ليس لأجـل وجـود فارق بينهما فـي الابتناء على وضـع المشتـقّ حتّى يقـال بـأنّ تسليم حرمـة الاُولـى والخلاف في الثانية مشكل ، بل تسليمه لحرمة المرضعة الاُولى لأجل الإجماع والنصّ الصحيح في مـوردها دون الثانيـة ; ولـذلك بنى الثانيـة على مسألـة المشتـقّ دون الاُولى .

وأوضـح الحكم فيها مـن طريق القواعـد لعدم وجـود طـريق شرعي فيها .

ففي صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر ـ عليه السَّلام ـ والحلبي عن أبي عبدالله ـ عليه السَّلام ـ قالا : « لو أنّ رجلا تزوّج بجارية رضيعة ، فأرضعتها امرأته فسد النكاح »(12) ، فإنّ الظاهر فساد نكاح الرضيعة ، ويحتمل فساد نكاحهما ، وأمّا حرمة الثانية فليست إجماعية .

ودعوى وحدة الملاك غير مسموعة ، والنصّ الوارد فيها من طريق علي بن مهزيار الذي صرّح بحرمة المرضعة الاُولى دون الثانية(13)  غير خال عن الإرسال ، وضعف السند بصالح بن أبي حمّاد ، فراجع ، ولهذا ابتناها بمسألة المشتقّ .

الثالث : الحقّ خروج أسماء الزمان من محطّ البحث :

وهذا لأنّ جوهر ذاته جوهر تصرّم وتقضّ ، فلا يتصوّر له بقاء الذات مع انقضاء المبدأ ، وعليه لا يتصوّر له مصداق خارجي ولا عقلي كذلك ، ولا معنى لحفظ ذاته مع أ نّه متصرّم ومتقضّ بالذات .

وقد اُجيب عن هذا الإشكال بأجوبة غير تامّة :

منها : ما أفاده المحقّق الخراساني من أنّ انحصار مفهوم عامّ بفرد ـ  كما في المقام  ـ لا يوجب أن يكون وضع اللفظ بإزاء الفرد دون العامّ ، كالواجب الموضوع للمفهوم العامّ مع انحصاره فيه تعالى(14) .

وأنت خبير بضعفه ; إذ الغاية من الوضع هي إفهام ما يقع في خاطر المتكلّم ـ  ذهنياً كان أو خارجياً  ـ وأمّا ما لا يحوم الفكر حوله ، وليس له مصداق في كلا الموطنين ـ كما عرفت في الزمان ـ فالوضع له لغو وعاطل .

وأمّا مفهوم الواجب فلا نسلّم وحدة مصداقه ; إذ ما هو المنحصر هو الواجب بالذات دون الواجب مطلقاً ; حتّى الواجب بالغير والواجب بالقياس إلى الغير ، والمركّب من اللفظين ـ أعني الواجب بالذات ـ ليس له وضع على حدة .

وأمّا الشمس والقمر فلا يبعد كونهما عَلَمين كلفظ الجلالة ، وعلى فرض كونها موضوعة للمعاني الكلّية ، كالذات الجامع للكمالات ، ولماهية الشمس والقمر لعلّه للاحتياج إلى إفهام معانيها العامّة أحياناً ; لأنّ الأخير ـ مثلا ـ بالنظر إلى مفهومه لا يأبى عن الكثرة في بدأ النظر ، وإنّما يثبت وحدته بالأدلّة العقلية . فملاك الوضع موجود في أمثال هذه الموارد ، بخلاف الزمان المبحوث عنه ; فإنّه آب عن البقاء مع انقضاء المبدأ عند العقل والعرف ابتداءً ، فالفرق بين اللفظين واضح .

ومنها : ما عن بعض الأعاظم من أنّ أسماء الزمان مثلا ـ كاليوم العاشر من المحرّم  ـ وضـع لمعنى كلّي متكرّر في كلّ سنة ، وكان ذلك اليوم الذي وقـع فيه القتل فرداً من أفراد ذاك المعنى العامّ المتجدّد في كلّ سنة ، فالذات في اسم الزمان  إنّما هـو ذلك المعنى العامّ ، وهـو باق حسب بقاء الحركـة الفلكية ، وقـد انقضى عنه المبدأ(15) .

وفيه : أنّ الكلّي القابل للصدق على الكثيرين ـ أي اليوم العاشر من المحرّم  ـ غير وعاء الحدث، وما هو وعائه هو الموجود الخارجي ، وهو غير باق قطعاً .

وبعبارة اُخرى : أنّ الأمر الزماني لابدّ وأن يحصل في زمان خاصّ لا في زمان كلّي . فعلى هذا ، إذا تعيّن الكلّي في ضمن مصداق معيّن ، وفرضنا ارتفاع ذاك المصداق بارتفاع مبدئه ارتفع الكلّي المتعيّن في ذلك المصداق والمصداق الآخر الذي فرض له مخالف مع الأوّل في التشخّص والوجود ، فإذن لا معنى لبقائه مع انقضاء المبدأ ، وهو واضح .

ومنها : ما عن بعض الأعيان من أنّ اسم الزمان موضوع لوعاء الحدث من غير خصوصية الزمان والمكان ، فيكون مشتركاً معنوياً موضوعاً للجامع بينهما . فحينئذ عدم صدقه على ما انقضى عنه المبدأ في خصوص الزمان لا يوجب لغوية النزاع(16) .

ولكن هذا الكلام عن مثل هذا القائل بعيد في الغاية ; إذ الجامع الحقيقي بين الوعائين غير موجود ، ووقوع الفعل في كلّ غيرُ وقوعه في الآخر ، والجامع العرضي الانتزاعي ـ كمفهوم الوعاء والظرف ـ وإن كان متصوّراً إلاّ أ نّه بالحمل الأوّلي باطل جدّاً ; لأنّه خلاف المتبادر من اسمي الزمان والمكان ; ضرورة أنّه لا يفهم من لفظ المقتل مفهوم وعاء القتل الجامع بينهما أو مفهوم ظرفه ، وأمّا أخذ الوعاء بالحمل الشائع فهو موجب لخصوصية الموضوع له ، مع عدم دفع الإشكال معه .

هذا ، مضافاً إلى أنّ الظاهر : أنّ وعائية الزمان إنّما هي بضرب من التشبيه لإحاطة الزمان بالزماني إحاطة المكان بالمتمكّن ، وإلاّ فهو ليس ظرفاً في الحقيقة ، بل أمر منتزع أو متولّد من تصرّم الطبيعة وسيلانها ، وتوضيحه موكول إلى محلّه(17) .

ومنها : ما أفاده بعض محقّقي العصر من أنّ الزمان هوية متّصلة باقية بالوحدة الوجودية ، وإلاّ لزم تتالي الآنات ، واستحالته معلومة كاستحالة الأجزاء الفردة ، وعليه يكون الزمان بهويته باقياً ; وإن انقضى عنه المبدأ ، ولولا كون الألفاظ موضوعة للمعاني العرفية لقلنا بصدق اسم الزمان على الهوية الزمانية إلى آخر الأبد ، وكان مقتل الحسين ـ عليه السَّلام ـ ـ مثلا ـ صادقاً على الزمان إلى الأبد .

ولكن العرف بعد حكمه بأنّ للزمان قسمة ، وقسّمه إلى أقسام حسب احتياجاته لم يجز ذلك ، ولكن إذا وقع القتل ـ مثلا ـ في حدّ من حدود اليوم فهو يطلق المقتل على ذاك اليوم ; ولو بعد انقضاء التلبّس به ; لما يرى من بقاء اليوم إلى الليل(18) ، انتهى ملخّصاً .

والظاهر : أنّ الخلط نشأ من عدم الوصول إلى أنّ أنظار أهل العرف ـ كالعقل ـ تتفاوت في بقاء الزمان والزماني ، وأنّهم يفرّقون بينهما .

توضيحه : أنّ العرف كما يدرك الوحدة الاتّصالية للزمان كذلك يدرك تصرّمـه وتقضّيه ، ويرى أوّل اليوم غير وسطه وآخـره ، فإذا وقعت واقعـة في حـدّه الأوّل لا يرى زمان الوقوع باقياً وقد زال عنه المبدأ ، بل يرى اليوم باقياً وزمان الوقوع متقضّياً .

وبين الأمرين فرق ظاهر ، وما هو معتبر في بقاء الذات في المشتقّ هو بقاء زمان الوقوع ـ أعني بقاء الشخص الذي تلبّس بالمبدأ عيناً ـ وما نحن بصدده ليس كذلك ، فتدبّر .

___________

1 ـ راجع نهاية الاُصول : 65 ـ 67 .

2 ـ اُنظر نهاية الدراية 1 : 164 .

3 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 83 ، أجود التقريرات 1 : 53 .

4 ـ إيضاح الفوائد 3 : 52 .

5 ـ مسالك الأفهام 7 : 269 .

6 ـ قواعد الأحكام 3 : 25 .

7 ـ السرائر 2 : 556 .

8 ـ جواهر الكلام 29 : 330 .

9 ـ نهاية الدراية 1 : 168 .

10 ـ جواهر الكلام 29 :329 ـ 330 .

11 ـ بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 161 .

12 ـ الفقيه 3 : 306 / 1472 ، وسائل الشيعة 20 : 399 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالرضاع، الباب 10 ، الحديث 1 .

13 ـ الكافي 5 : 446 / 13 ، وسائل الشيعة 20 : 402 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالرضاع، الباب 14 ، الحديث 1 .

14 ـ كفاية الاُصول : 58 .

15 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 89 .

16 ـ نهاية الاُصول : 72 .

17 ـ الحكمة المتعالية 3 : 115 ـ 118 ، شرح المنظومة ، قسم الحكمة : 257 ـ 258 .

18 ـ بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 162 ـ 164 .

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.