أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-8-2016
501
التاريخ: 24-8-2016
624
التاريخ: 24-8-2016
957
التاريخ: 24-8-2016
781
|
اعتبار الفحص في الشبهات الحكمية:
أمّا الشبهات الحكمية : فشرط جريانها فيها هو الفحص .
واستدلّوا عليه بالأدلّة الأربعة :
فمنها : العقل ، ويقرّر حكمه في المقام بوجوه :
الأوّل : أنّ تمام الموضوع لحكمه في قبح العقاب بلا بيان وإن كان هو البيان الواصل إلى المكلّف ; إذ نفس وجوده في نفس الأمر بلا وصول منه إليه لا يرفع قبحه ، إلاّ أنّ المراد من الإيصال ليس إلاّ الإيصال المتعارف بين الموالي والعبيد ، ورئيس الدولة وتابعيها ; أعني الرجوع إلى المواضع والمحالّ المعدّة لبيان القوانين والأحكام ، التي شرّعها صاحبها لمن يجب له اتّباعها والعمل بها .
وهو يختلف حسب اختلاف الرسوم والعادات والأمكنة والأزمنة ، وليس هو اليوم إلاّ الكتب والزبر الحاوية لبيان المولى وأمره ونهيه .
وقد جرى رسم المولى سبحانه على إبلاغ أحكامه إلى نبيّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، وهو قد بلّغ إلى أوصيائه ، وهم قد بلّغوا ما اُمروا به حسب وسعهم . وقد ضبطها ثلّة جليلة من أصحابهم وملازميهم ومن يعدّ بطانة لعلومهم وأسرارهم ، وقد بلغ تلك الزبر الكريمة والصحف المباركة عن السلف إلى الخلف حتّى وصل إلينا . فمن الواجب علينا الرجوع إليها للوقوف على وظائفنا ، فلو تركنا الفحص والتفتيش لسنا معذورين في ترك التكاليف ، فلو عاقبنا المولى لا يعدّ عقابه عقاباً بلا بيان(1) .
وربّما يورد عليه : بأنّ الأحكام الواقعية إنّما يتّصف بالمنجّزية إذا كانت متّصفة بالباعثية والمحرّكية ، وهي لا تتّصف بالباعثية بوجودها الواقعي ، بل بوجودها العلمي لا الاحتمالي ; لأنّه ليس كاشفاً عن الواقع قطعاً .
فإذا توقّفت باعثية الأحكام على كونها منكشفاً ـ انكشافاً تامّاً ـ توقّفت منجّزيتها عليه ; إذ الواقع بنفسه ليس بمنجّز ولا باعث ، بل هو باعث وكاشف لدى العلم وانكشافه .
وعليه : فاحتمال التكليف ليس باعثاً ولا منجّزاً ، كما أنّ احتماله ليس مساوقاً لاحتمال الباعث والمنجّز ; لما عرفت أنّ الباعثية والمنجّزية إنّما يعرضان له عند الوقوف على التكليف لا قبله .
فحينئذ : فاحتمال وجود التكليف في المواضع المعدّة للبيان ليس بباعث ولا منجّز ، ومعه كيف يجب الفحص ؟ فإنّ وجوبه فرع الباعث والمنجّز ، واحتماله ليس مساوقاً لاحتمال المنجّز(2) .
وفيه : أنّ ما ذكر مغالطة محضة ; إذ فيه ـ مضافاً إلى ما عرفت من أنّ الباعث والمحرّك ليس إلاّ مبادئ الحاصلة في نفوس المكلّف ; حتّى في صورة العلم ، كما وافاك تفصيله ـ أنّ في المقام فرقاً بين المنجّزية والباعثية ; فإنّ تنجّز الحكم كفعليته لا يتوقّف على العلم به ; فإنّ معنى التنجّز ليس إلاّ كون الحكم تامّاً من قِبَل المولى قابلا للإجراء ، وكون مخالفتها موجباً للعقاب .
والمفروض حصول هـذه الاُمور من قبله ; سواء اتّصفت بالباعثية أم لا ، والعقل يحكم بأنّ العبد ليس معـذوراً في مخالفـة المولى إذا بيّن تكاليفـه فـي صحيفة واقعة بين يديه . وليس له الاعتـذار بأنّ التكليف ليس بوجـوده الواقعي باعثاً ومنجّزاً ، ولا داعـي لي إلى تحصيل الكلفـة . فنفس الاحتمال منجّـز لـدى العقل والعقلاء .
على أنّ لازم ذلك عدم اتّصافه بالتنجّز إذا بلغه التكليف عن طريق معتبر غير العلم ; فإنّ التكليف الواقعي ليس بباعث ، فليس بمنجّز .
ومجرّد معلومية الأمارة لا يوجب انكشاف التكليف عقلا حتّى يتّصف لأجله بهما ، مع أنّه واضح البطلان .
الثاني من وجوه حكم العقل : ما أفاده بعض الأعيان من المحقّقين ـ قدس سره ـ وهو أنّ الاقتحام قبل الفحص خروج عن رسم العبودية وزيّ الرقّية فيما إذا كان التكليف لا يعلم عادة إلاّ بالفحص ، فالاقتحام بلا فحص ظلم على المولى .
والفرق بين هذا الوجه وما سبق : هو أنّ العقوبة على الوجه السابق إنّما هي على مخالفة التكليف الواقعي المنجّز ، وعلى الثاني على الإقدام بلا فحص ; لأنّه بنفسه ظلم وملاك لاستحقاق العقوبة ; سواء خالف الواقع أولا ، كما في التجرّي .
فمناط صحّة العقوبة هو تحقّق عنوان الظلم ، لا مخالفة التكليف الواقعي حتّى يقال : إنّها قبيحة بلا بيان . فعقاب المولى عبده على مخالفة التكليف الواقعي قبيح وظلم ، كما أنّ إقدام العبد أو تركه بلا فحص ظلم على المولى . ولكلّ حكمه .
نعم ، التحقيق : أنّ الظلم لا ينطبق على الإقدام ، بل على ترك الفحص عن التكليف الذي لا يعلم عادة إلاّ به(3) .
وفيه : أنّ عنوان الظلم لا ينطبق على عنوان ترك الفحص بالذات ، ولو انطبق عليه فإنّما هو بلحاظ احتمال المخالفة . ولو سلّمنا ـ كما هو المفروض ـ جريان قبح العقاب بلا بيان ، وأنّ التكليف الواقعي على فرض وجوده غير مؤثّر ، وأنّ العبد في سعة منه فلا معنى لانطباق عنوان الظلم عليه .
والحاصل : أنّ العقل بعد ما حكم بعدم القبح في مخالفة التكليف الواقعي على فرض وجوده فلا يصير ترك الفحص منشئاً لانطباق عنوان الظلم عليه ; إذ لا معنى لأن يصير التكليف الذي لا قبح في مخالفته منشئاً لتحقّق عنوان الظلم والتجرّي .
وما أفاده : من أنّ لكلّ من مخالفة التكليف الواقعي وترك الفحص حكمه ممنوع بعد ما عرفت : أنّ تحقّق عنوان الظلم متفرّع على كون الواقع منجّزاً ، وما ليس منجّزاً لا قبح في مخالفته ، فليس في ترك فحصه ظلم .
وممّا ذكرنا يظهر النظر فيما أفاده : من أنّ الظلم لا ينطبق على الإقدام ، بل على ترك الفحص; لأنّ ترك الفحص ليس ظلماً مع الاحتياط في مقام العمل ; فإنّ الفحص وعدمه لاموضوعية لهما، وإنّما الفحص لأجل التحفّظ على الواقع ، بل الظلم ينطبق على الإقدام المحتمل كونه مخالفة للمولى .
الثالث من وجوه حكم العقل : أنّ المكلّف الواقف الملتفت يعلم إجمالا بالضرورة بأنّ للمولى سبحانه تكاليف وواجبات ومحرّمات يطلبها منه ولا يرضى بتركه ، ومع هذا العلم الإجمالي يصير المقام من الشكّ في المكلّف به ، وهو ليس مجرىً للبراءة ، وإنّما مجراه هو الشكّ في التكليف(4) .
وفيه : أنّ البحث في شرائط جريان البراءة ـ بعد تسليم كون المقام مجرى لها ، وتسليم أنّ الشكّ فيه شكّ في التكليف لا في المكلّف به ـ فالاستدلال بما ذكر خروج عن موضوع البحث .
نعم ، نوقش فيه بوجهين :
الأوّل : بأنّه أخصّ من المدّعى ; فإنّ المدّعى وجوب الاستعلام عن المسائل ; كان هنا علم إجمالي أم لا ، والدليل يوجب الفحص قبل استعلام جملة من الأحكام بمقدار يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيه ; لانحلال العلم الإجمالي بذلك .
الثاني : أنّه أعمّ منه ; لأنّه هو الفحص عن الأحكام في خصوص ما بأيدينا من الكتب ، والمعلوم بالإجمال هو الأحكام الثابتة في الشريعة مطلقاً ، والفحص عن تلك الكتب لايرفع أثر العلم الإجمالي(5) .
وناقش بعض أعاظم العصر في الوجهين ، فقال :
أمّا في الوجه الأوّل : فإنّ استعلام مقدار من الأحكام يحتمل انحصار المعلوم فيها لايوجب الانحلال ; إذ متعلّق العلم تارة يتردّد من أوّل الأمر بين الأقلّ والأكثر ، كما لو علم بأنّ ما في هذا القطيع من الغنم موطوء ، وتردّد بين العشرة والعشرين ، واُخرى يكون المتعلّق عنواناً ليس بنفسه مردّداً بين الأقلّ والأكثر من أوّل الأمر ، بل المعلوم هو العنوان بما له من الأفراد الواقعية ، كما لو علم بموطوئية البيض من هذا القطيع ، وتردّدت بين العشرة والعشرين .
ففي الأوّل ينحلّ العلم الإجمالي دون الثاني ; فإنّه لا ينحلّ بالعلم التفصيلي بمقدار يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيه ، بل لابدّ من الفحص التامّ عن كلّ محتمل ; لأنّ العلم يوجب تنجّز متعلّقه بما له من العنوان .
وما نحن فيه من هذا القبيل ; لأنّ المعلوم بالإجمال هي الأحكام الموجودة فيما بأيدينا من الكتب، ولازم ذلك هو الفحص التامّ .
ألا ترى أنّه ليس للمكلّف الأخذ بالأقلّ لو علم اشتغاله لزيد بما في الطومار ، وتردّد بين الأقلّ والأكثر ، بل لابدّ له من الفحص من الطومار ، كما عليه بناء العقلاء ، وما نحن فيه من هذا القبيل .
وأمّا في الوجه الثاني : فلأنّه وإن علم إجمالا بوجود أحكام في الشريعة أعمّ ممّا بأيدينا من الكتب إلاّ أنّه يعلم إجمالا أنّ فيما بأيدينا أدلّة مثبتة للأحكام مصادفة للواقع بمقدار يحتمل انطباق ما في الشريعة عليها ; فينحلّ العلم الإجمالي العامّ بالعلم الإجمالي الخاصّ ويرتفع الإشكال ويتمّ الاستدلال بالعلم الإجمالي بوجوب الفحص(6) ، انتهى كلامه .
وفيما ذكره مواقع للنظر :
منها : أنّه لا فرق في الانحلال بين تعلّق العلم بشيء يتردّد من أوّل الأمر بين الأقلّ والأكثر ، وما إذا تعلّق العلم بعنوان ليس بنفسه مردّداً بينهما من أوّل الأمر ، بل المعلوم هو العنوان بما له من الأفراد الواقعية ، لكن الأفراد تردّدت بينهما .
وجه عدم الفرق : أنّ ما ذكره إنّما يصحّ لو لم يكن العنوان ممّا ينحلّ بواسطة انحلال تكليفه ، وأمّا المنحلّ بانحلاله ، كالعالم إذا تعلّق به وجوب الإكرام بما له من الأفراد الواقعية ، وتردّدت الأفراد بين الأقلّ والأكثر فلا محالة ينحلّ العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي . ومثله البيض من الغنم إذا كان مصبّ التكليف ، وتردّد أفراده بين الأقلّ والأكثر .
نعم ، لو كان نسبة العنوان إلى المعنون نسبة المحصّل إلى المحصّل لوجب الاحتياط بلا إشكال، لكن المفروض عدمه .
ومنها : أنّه لو سلّمنا ما ذكره من الفرق فإنّما هو فيما إذا كان متعلّق التكليف بالذات هو العنوان; بحيث يكون العنوان بنفسه ذا أثر شرعي ، وأمّا إذا تعلّق العلم بما ليس بذي أثر أصلا ـ كما في المقام ـ فلا ; فإنّ العلم وإن تعلّق بأحكام موجودة في الكتب التي بأيدينا إلاّ أنّه من العناوين المشيرة إلى ذوات الأحكام الواقعية ، وأمّا ما ذكر من العنوان فليس إلاّ محلاًّ لها ، من غير دخالة لها .
فحينئذ : فلا يتنجّز الواقع علينا بهذا العنوان ، ولا يكون الأحكام بذلك العنوان مورداً للتكليف ، ولا يكون مانعاً عن الانحلال .
فالعلم الإجمالي المؤثّر متعلّق بنفس الأحكام بوجودها الواقعي ، ويتردّد من أوّل الأمر بين الأقلّ والأكثر ، وينحلّ إلى التفصيلي والشكّ البدوي .
نعم ، لو تنجّز علينا الواقع بما له من العنوان ; بحيث يكون المنجّز ـ بالفتح ـ هو الحكم المقيّد بعنوانه المتعلّق للعلم لكان ذلك مانعاً عن الانحلال .
وممّا ذكر يظهر حال المثالين ; فإنّ عنوان البيض ليس ممّا يتعلّق به التكليف ، وليس الواقع منجّزاً علينا بهذا العنوان حتّى يكون العلم المتعلّق به منجّزاً له بهذا العنوان ، ويكون مانعاً عن الانحلال ، وإنّما هو عنوان عرضي ومن الاُمور الاتّفاقية المقارنة لما هو متعلّق التكليف لبّاً ; أعني الموطوء .
فحينئذ : لو قلنا بمقالته ـ من أنّه إذا تعلّق بعنوان بما له من الأفراد الواقعية ، وأغمضنا عمّا ذكرنا من انحلاله لانحلال التكليف المتعلّق به ـ يجب الاحتياط في كلا المثالين ; لتعلّق الحكم بالموطوء ، لا لتعلّقه بعنوان البيض من الغنم .
ومنها : أنّ ما ذكره في الوجه من انحلال العلم الإجمالي العامّ بالعلم الإجمالي الخاصّ غير صحيح على مختاره ; فإنّ العلم تعلّق بالأحكام الواقعية بما في الكتب مطلقاً ، أو الأحكام الصادرة عن الله سبحانه . فإذا فرضنا : أنّ تعلّق العلم بالعنوان منجّز لعامّة الأفراد الواقعية لما صحّ جعل العلم الثاني موجباً لانحلال العلم العامّ ، بعد تنجيزه كلّ ما له فرد واقعي ، إلاّ أن يحصل القطع بالإحاطة بتمام أفراده .
ومنها : أنّ ما ذكره من أنّه إذا تعلّق العلم باشتغال الذمّة بما في الطومار ليس للمكلّف الأخذ بالأقلّ خارج من مصبّ البحث ; فإنّه من الشبهات الموضوعية التي تعرّض ـ قدس سره ـ له فيما بعد ، واختار وجوب الفحص(7) .
وسيوافيك لزوم الفحص في الشبهات الموضوعية في الموارد التي لا يحتاج حصول العلم بالموضوع إلى مقدّمات كثيرة ، بل يحصل بأدنى إمعان النظر ، وإن لم يكن علم إجمالي ، فانتظر .
ثمّ إنّ بعض محقّقي العصر أجاب عن أخصّية الدليل بأنّه يتّجه لو كان متعلّق العلم الإجمالي مطلقاً ، أو كان مقيّداً بالظفر به على تقدير الفحص ، ولكن كان تقريب العلم الإجمالي هو كونه بمقدار من الأحكام على وجه لو تفحّص ـ ولو في مقدار من المسائل ـ لظفر به . وأمّا لو كان تقريبه بما ذكرناه من العلم بمقدار من الأحكام في مجموع المسائل المحرّرة على وجه لو تفحّص في كل مسألة تكون مظانّ وجود محتمله لظفر به فلا يرد إشكال(8) .
وفيه : أنّه مجرّد فرض لا يمسّ الواقع ; فإنّ ادّعاء العلم بأنّ في كلّ مسألة دليلا إلزامياً لو تفحّصنا لظفرنا به ممّا هو مخالف للوجدان ، وكأنّه بصدد دفع الإشكال بأيّ وجه ممكن ; طابق الواقع أولا .
والتحقيق : ما سبق(9) من أنّ الاستناد في لزوم الفحص إلى العلم الإجمالي خروج عمّا هو موضوع للبحث ; فإنّ البحث إنّما هو بعد صلاحية المقام للبراءة ، والبحث في شرائط جريانها . ومعنى الاستناد إلى العلم الإجمالي كون المقام غير صالح للبراءة، وأنّ المجرى مجرى الاشتغال .
ولو أغمضنا عنه : فلا شكّ أنّ العلم ينحلّ مع التفحّص في أبواب الفقه ; إذ لا علم إجمالي إلاّ بأحكام بنحو الإجمال ، وهو ينحلّ بالتفحّص بالضرورة .
ثمّ إنّ القوم قد استدلّوا عليه بالإجماع(10) ، ولكنّه لا يفيد في المقام شيئاً ; إذ المسألة عقلية واضحة ; إذ من المحتمل جدّاً أن يكون مستند المجمعين حكم العقل الواضح الباتّ .
وأمّا الاستدلال بالآيات والأخبار : فسيوافيك لبّ القول فيهما عن قريب إن شاء الله(11) . هذا كلّه في الشبهات الحكمية .
اعتبار الفحص في الشبهات الموضوعية
وأمّا الموضوعية فالحقّ فيها : عدم معذورية الجاهل قبل الفحص عند العقل والعقلاء والوجدان; فلو قال المولى : «أكرم ضيفي» ، وشكّ العبد في أنّ زيداً ضيفه أولا فلا يجوز له المساهلة بترك الفحص مع إمكانه ; خصوصاً إذا كان رفع الشبهة سهلا والمشتبه مهمّاً .
وما قرع سمعك من معذورية الجاهل وقبح عقابه بلا سبب وحجّة فإنّما هو فيما إذا لم يكن الجهل في معرض الزوال ، أو لم يكن العبد مقصّراً في تحصيل أغراض مولاه . نعم بعد ما استفرغ وسعه لكان لما ذكر من القاعدة مجال . وعليه : فملاك صحّة العقوبة هو عدم جريان الكبرى العقلية قبل الفحص والبحث .
كيفية وجوب التعلّم ومناط استحقاق عقاب التارك للفحص :
وممّا ذكرنا يظهر : أنّ وجوب التعلّم وجوب مقدّمي ، فيتّضح أنّ العقاب على ترك الواقع ، لا على ترك الفحص كما اختاره صاحب «المدارك»(12) تبعاً لأستاذه المحقّق الأردبيلي(13) ، ولا على ترك الفحص والتعلّم المؤدّيين إلى ترك الواقع كما أختاره بعض أعاظم العصر ـ رحمه اللّه ـ (14) .
أمّا أنّ العقاب على ترك الواقع : فلما عرفت من أنّ الواقع منجّز قبل الفحص إذا احتمل تكليفاً جدّياً للمولى ، ومعنى تنجّزه هو صحّة العقاب على مخالفته . وقد وافاك : أنّ التنجيز لايتوقّف على العلم بالتكليف(15) .
وأمّا مقالة السيّد صاحب «المدارك» : فسيوافيك ضعفه عند البحث عن ترك التعلّم(16) .
وأمّا ما اختاره بعض أعاظم العصر ; قائلا بأنّ العقاب على ترك الفحص المؤدّي إلى ترك الواقع ; مستدلاّ بأنّ العقاب على ترك الفحص ينافي وجوبه الطريقي الذي لا نفسية له ، ولايجوز على ترك الواقع للجهل به ، فلابدّ وأن يكون لترك الفحص المؤدّي إلى ترك الواقع .
فضعيف غايته ; فإنّه إذا كان ترك الواقع ممّا لا عقاب له ; للجهل به ، وترك الفحص بما هو ممّا لا عقاب له أيضاً ; لكون وجوبه طريقياً فكيف يصحّ العقاب على ترك الفحص المؤدّي إلى ترك الواقع ؟ !
أضف إلى ذلك : أنّه يمتنع أن ينقلب الحكم الطريقي إلى النفسي ، فإذا كان وجوب الفحص طريقياً فكيف صار نفسياً عند أدائه إلى ترك الواجب . على أنّ إنكار صحّة العقاب على ترك الواقع قبل الفحص غير وجيه .
والحقّ القراح : أنّ العقاب يدور على مخالفة الواقع ـ مع قطع النظر عن الروايات ـ بحكم العقل; فلو كان البيان موجوداً لاستحقّ العقاب ، ومع عدمه لايستحقّ بل يقبح . ولمّا كان مركز البيان هو الكتاب والسنّة يحكم العقل بلزوم الفحص للوصول إلى البيان ، فليس الفحص واجباً نفسياً ، ولا تركه قبيحاً كذلك .
وما يقال : من أنّ تركه ظلم على المولى قد عرفت ضعفه(17) .
بحث وتنقيح:
لو ترك الفحص فهل يستحقّ العقاب عند المخالفة مطلقاً ـ سواء كان بيان ; بحيث لو تفحّص عنه لوقف عليه ، أم لم يكن ـ بل ولو كان هنا طريق على ضدّ الواقع ; بحيث لو تفحّص لوصل إلى هذا الطريق المضادّ للواقع ، أو أنّه يستحقّ العقاب إذا ترك الفحص وخالف الواقع ، ولكنّه لو كان باحثاً عنه لوصل إلى البيان ؟
يحتمل الأوّل ; إمّا لأنّه خالف الواقع بلا عذر وحجّة ، ومجرّد وجود الطريق الموصل إلى ضدّ الواقع لا يصير عذراً إذا لم يستند العبد إليه في مقام العمل .
وإمّا لأنّ العقل يحكم بلزوم الاحتياط عند ترك الفحص ، فهذا الحكم منه يمكن أن يكون بياناً وحجّة .
وإن شئت قلت : إنّ العقل يحكم على سبيل التخيير بين الفحص والاحتياط عند تركه ، فلو فحص عن مظانّ البيان يجري البراءة العقلية ; لتحقّق موضوعها ـ أعني عدم البيان ـ ومع ترك الفحص يحكم بالاحتياط في المقام ; للتحفّظ على الواقع ، فمخالفته مع حكمه بالاحتياط يوجب صحّة العقوبة .
ويحتمل الثاني ; بأن يقال : إنّ حكم العقل بلزوم الاحتياط قبل الفحص ليس لأجل التحفّظ على الواقع مستقلاّ ، بل لأجل احتمال ورود البيان في الكتاب والسنّة ، والمفروض أنّه لم يرد بيان فيهما .
فترك الاحتياط في هذه الموارد لا يوجب استحقاق العقاب ; لأنّ المفروض عدم البيان في مظانّ وجوده الذي لأجله كان العقل يحكم بالاحتياط ; فضلا عن وجود الطريق المضادّ للواقع . فاستحقاقه للعقوبة مع ترك الفحص وحكم العقل بلزوم الاحتياط تابع لوجود بيان واصل من المولى ; بحيث لو تفحّص لوصل إليه .
وأمّا ما ذكرناه من أنّه ترك الواقع بلا حجّة فيمكن أن يدفع : بأنّه إنّما ترك الواقع مع وجود عذر واقعي مغفول عنه ، ومعه لايكون عاصياً ; وإن كان متجرّياً .
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ العذر الواقعي المغفول عنه غير الملتفت إليه ليس بعذر .
والشاهد عليه : أنّه لو فرضنا أنّ شرب التتن كان حراماً واقعاً ، وقام به طريق ، لكنّه لو تفحّص عنه لوقف على دليل أرجح منه يدلّ على حلّيته ; بحيث كان له الأخذ بالأرجح حسب القواعد الاجتهادية ، ومعه لم يتفحّص وشربه وخالفه فلا يمكن أن يعدّ وجود الدليل الراجح عذراً .
والمسألة يحتاج إلى التأمّل وإمعان النظر في مجال واسع .
ثمّ إنّه يظهر ممّا ذكرنا من حكم العقل على استحقاق العقاب على ترك الواقع الذي ورد البيان له; بحيث لو تفحّص لظفر به : أنّ المنجّز ـ بالكسر ـ هو الاحتمال ، والمنجّز هو الواقع . ومعنى تنجيز الواقع هو صحّة العقوبة عليه عند المخالفة .
وما اُفيد في المقام من أنّ المنجّز ـ بالفتح ـ إنّما هو الطريق ; قائلا بأنّ الواقع غير فعلي مع عدم وصوله ، وإنّما يصير فعلياً بوصوله حقيقة قد تقدّم جوابه ; حيث قلنا : إنّ الفعلية لاتتوقّف على علم المكلّف وقدرته ، فالواقع منجّز باحتماله(18) .
وأمّا منجّزية البيان ـ بالفتح ـ فممّا لا محصّل له ; لعدم العقاب على التكاليف الطريقية .
تنبيه : فيما أفاده المحقّق الخراساني في المقام:
قد أفاد المحقّق الخراساني : أنّ المخالفة في المقام مغفول عنها ، ولكن لمّا كانت منتهية إلى الاختيار يستحقّ العقوبة عليها(19) .
أقول : وفي كلامه خلط واضح ; فإنّ البحث إنّما هو في شرائط جريان البراءة ، فلا محالة يكون المورد ملتفتاً إليه ، وهو يستلزم كون احتمال المخالفة ملتفتاً إليه أيضاً ; وإن كانت المخالفة غير معلومة .
فحينئذ فرق بين كون المخالفة غير معلومة وكونها مغفولا عنها ، فهي غير معلومة لكنّها ليست مغفولا عنها .
ثمّ إنّه لو فرض كون ترك الفحص موجباً لبقاء الغفلة عن التكليف ، كما لو ترك الفحص عن حكم شرب التتن ، وفرضنا أنّه لو تفحّص عن حكمه لظفر على الدليل الدالّ على لزوم الدعاء عند رؤية الهلال ـ الذي هو غافل عنه من رأس ـ فهل يستحقّ العقاب على ترك الدعاء ; لأنّه خالف المولى بلا عذر ، وأنّ هذه الغفلة الباقية مستندة إليه باعتبار أنّه ترك الفحص ـ ولو عن تكليف آخر ـ أولا يستحقّ ; لأنّ الغفلة عذر ، ومجرّد ترك الفحص عن تكليف آخر لا يكون قاطعاً له ؟
الظاهر : هو الأوّل ، وأنّ مثل تلك الغفلة لاتعدّ عذراً ; فإنّ معذوريته إن كان لأجل عدم فعلية الأحكام في حال غفلة المكلّف عنها فقد عرفت ضعفه منّا مراراً ، وأنّ الغفلة والجهل والعجز وما شابهها لا تصير سبباً لعدم فعليتها ورجوعها إلى الإنشائية ، وقد عرّفناك لبّ القول في معنى فعلية الأحكام وإنشائيتها ، فراجع بحث الترتّب(20) .
والشاهد عليه : أنّه ليس للمكلّف تعجيز نفسه وسلب قدرته عن نفسه اختياراً ; فلو كانت القدرة شرطاً والعجز مانعاً عن الفعلية لجاز له ذلك ; لعدم لزوم إبقاء شرط الواجب المشروط .
وما عن بعض من التمسّك بإطلاق المادّة فقد عرّفناك ضعفه(21) .
وإن كانت معذوريته لأجل كون الغفلة مطلقاً ـ من أيّ سبب كان ـ عـذراً عند العقل ، مع تسليم فعلية الأحكام ففيه منع ظاهر ; فإنّ المكلّف لو شرب دواءً موجباً لغفلته عن الواجب لايعدّ ذلك عذراً عنده ، بل يستحقّ العقوبة ، ولا يقصر المقام عنه ; فإنّ المكلّف وإن ترك الواجب غفلةً إلاّ أنّ سبب الغفلة هو تركـه الفحص طغياناً وبلا عذر ، وفي مثله لا يكون المأمور به متروكاً مع العذر ، ولا يكون العقاب عقاباً بلا بيان .
تتمّة : فيما إذا انجرّ ترك الفحص إلى ترك واجب مشروط:
لو صار ترك الفحص موجباً لترك واجب مشروط أو موقّت في زمان تحقّق الشرط والوقت ; بمعنى أنّه ترك الفحص قبل تحقّق الشرط والوقت ، مع احتمال كون تركه موجباً لترك المشروط والموقّت في زمان تحقّق الشرط والوقت ، فصار كذلك فهل يستحقّ العقوبة ، كما في ترك الفحص عن الواجب المطلق أولا ؟
وقد فصّل بعض محقّقي العصر ـ رحمه اللّه ـ بينما إذا قلنا بكون الوجوب فعلياً ـ وإن كان الواجب استقبالياً ـ على الوجهين اللذين أوضحهما في كلامه ، فيستحقّ العقاب حينئذ ، مثل تركه في الواجب المطلق .
وأمّا إذا قلنا بعدم فعلية الوجوب إلاّ عند حصول المعلّق عليه ; خصوصاً إذا قلنا بأنّ وجوب الفحص غيري مقدّمي ، ومن المعلوم تبعية وجوب المقدّمة لذيها فكيف يجب الفحص مع عدم وجوب ذيها(22) ؟
الظاهر : عدم صحّة التفصيل المذكور ; فإنّا لو قلنا بوجوب الفحص ـ وجوباً غيرياً ـ لكن ليس وجوب المقدّمة ناشئاً من وجوب ذيها ، أو إرادتها مترشّحة من إرادة ذيها ـ كما يوهمه ظواهر عبائرهم ـ فإنّ ترشّح إرادة من اُخرى وتولّد حكم من آخر غير صحيح جدّاً ، كما أوضحناه في محلّه(23) .
بل لكلّ من الوجوبين والإرادتين مباد ومقدّمات ، بها يتكوّن وجوبها وإرادتها على القول بوجوبها ; بحيث لو وجدت تلك المبادئ في المقدّمة لعرضها الوجوب ; سواء اتّصفت ذوها بالوجوب أم لا .
وعلى ما ذكر : يتّصف الفحص بالوجوب على القول بوجوب المقدّمة ، وأنّ مناط وجوبه هو المقدّمية لحصول ما يعدّ مبادئاً لوجوبه ; فإنّ المولى لمّا وقف على توقّف الواجب المشروط الذي سيتحقّق شرطه بعد على الفحص قبل حصول الشرط ، وأنّ تركه يوجب سلب القدرة عنه في حال تحقّق الشرط فلا محالة تنقدح في نفسه إرادتها وإيجابها ; لحصول عامّة المبادئ في نفسه ـ من التصوّر والتصديق بالفائدة وغيرهما من المبادئ ـ فيتّصف بالوجوب لا محالة ; وإن لم يتّصف الواجب بعد بالوجوب .
فحينئذ : يكون ترك الفحص الموجب لفوت الواجب في محلّه بلا عذر موجباً لاستحقاق العقوبة . نعم لو قلنا بما هو الظاهر من كلامهم من نشوء إرادة من اُخرى لكان لما ذكره مجال .
هذا كلّه لو قلنا بوجوب المقدّمة .
وأمّا إذا قلنا بعدم وجوبها ، أو قلنا بوجوب الفحص لكن لا من باب المقدّمية ـ كما هو الحقّ في المقامين ـ فلا ريب أيضاً في استحقاقه للعقوبة ; لحكم العقل والعقلاء بأنّ تفويت الواجب المشروط الذي سيتحقّق شرطه تفويت بلا عذر وموجب لاستحقاق العقوبة .
ولا مجال لمن هو واقف على حصول الشرط أن يتسامح في الإتيان بما يفوت الواجب بتركه ; فإنّ العقل والعقلاء لا يفرّقون بين الواجب المشروط المعلوم تحقّق شرطه والواجب المطلق في عدم معذورية العبد .
وممّا ذكرنا يتّضح : أنّه لا حاجة في إثبات العقاب في هذه الصورة إلى التمسّك بالقاعدة المعروفة من أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار(24) ; فإنّ القاعدة أجنبية عن المقام ; فإنّها وردت عند أهلها ; ردّاً لأوهام بعض المتكلّمين ; حيث زعم ذلك البعض : أنّ قول الحكماء بـ «أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد» مستلزم لأن يكون الواجب فاعلا موجباً(25) ـ بالفتح ـ فردّ الحكماء عليه بالقاعدة المعروفة من أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار(26) .
أضف إلى ذلك : أنّ الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار في المقام ; لأنّ من ترك السير حتّى ضاق الوقت خرج الإتيان بالحجّ عن اختياره بلا شكّ . نعم لا يصير الامتناع في المقام عذراً عند العقل والعقلاء ، ولكنّه قاعدة اُخرى غير القاعدة الدارجة ، فكم فرق بين أن نقول بعدم كون هذا الامتناع عذراً ـ كما هو المختار ـ وبين أن نقول باتّصاف هذا الترك في حاله بالاختيار ؟
ثمّ إنّ بعض محقّقي العصر أجاب عن الاستدلال بالقاعدة بقوله : بأنّ مورد القاعدة ما إذا كان الامتناع ناشئاً عن سوء اختيار المكلّف ، ولا يكون ذلك إلاّ إذا تحقّق التكليف الفعلي بالواجب في حقّه ، وقد تساهل في تحصيل مقدّماته . وأمّا إذا لم يتحقّق التكليف الفعلي في حقّه ـ كما هو المفروض ـ فلا(27) .
وفيه : ما عرفت من أنّ العقل والعقلاء لا يفرّقون بين المطلق والمشروط الذي سيتحقّق شرطه في عدم جواز المساهلة فيما ينجرّ إلى ترك المطلوب ، فراجع إلى المتعارف بينهم .
حول كلام المحقّق الأردبيلي وصاحب المدارك في وجوب التعلّم
ثمّ إنّ المحكي عن الأردبيلي وتلميذه صاحب «المدارك» هو القول بالوجـوب النفسـي التهيّئي للتعلّم واستحقاق العقوبـة على ترك نفسـه لا علـى ما أدّى إليه(28) .
وأورد عليه بعض محقّقي العصر : بأنّه يستلزم منه وجوب المقدّمة قبل وجوب ذيها ، وأنّ تبعية وجوبها لوجوبه كالنار على المنار(29) .
وفيه : أنّ اتّصاف التعلّم بالوجوب النفسي التهيّئي ليس بمناط المقدّمية ; لعدم توقّف وجود ذيها على التعلّم ، بل الوجه في اتّصافه به ـ على القول به ـ هو أنّ المولى لمّا رأى أنّ ترك التعلّم موجب لترك الواجب وارتكاب الحرام أحياناً ، وليس فيه مناط المقدّمية حتّى يجب بهذا المناط على القول بالملازمة ـ وقد عرفت صحّة اتّصاف المقدّمة بالوجوب إذا كان فيه مناط المقدّمية ; وإن لم يتّصف ذوها بالوجوب بعد ـ فحينئذ لا مناص عن الأمر به نفسياً ; لسدّ الاحتمال ، كالأمر بالاحتياط في الشبهات البدوية .
نعم ، يرد على المحقّق الأردبيلي وتلميذه : أنّ ما ذهبا إليه لم يدلّ عليه دليل ; لا من العقل كما هو واضح ، ولا من النقل كما سيوافيك بيان مفاد الأدلّة النقلية .
أضف إلى ذلك : أنّ الوجوب النفسي التهيّئي لا يوجب عقوبة ; لعدم ملاكها فيه ; فإنّ العقوبة إنّما يصحّ على ترك ما هو مأمور به نفساً ولذاته ، والواجب بالوجوب النفسي التهيّئي إنّما وجب لأجل التحفّظ على الغير .
فلا يكون تعلّق الأمر به لأجله حتّى يكون مولوياً ذاتياً موجباً لاستحقاق العقوبة . مع أنّ إنكار استحقاق العقوبة على مخالفة نفس الواقع خلاف الإنصاف ، كما مرّ(30) . هذا كلّه حكم العقل .
وأمّا مفاد الآيات والأخبار ، فخلاصة الكلام فيه : أنّه قد يستفاد من أخبار كثيرة متفرّقة في أبواب متفرّقة أنّ الاجتهاد في الأحكام وتحصيل مرتبة التفقّه مستحبّ نفسي مؤكّد أو واجب كفائي نفسي .
ويدلّ على المطلوبية النفسية أخبار :
منها : ما ورد في فضل العلم والعلماء ، كما في مرسلة الربعي عن أبي جعفـر ـ عليه السلام ـ : «الكمال كـلّ الكمال التفقّـه فـي الديـن ، والصبر على النائبـة ، وتقديـر المعيشة»(31) .
وما روي عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ : «إنّ العلماء ورثة الأنبياء»(32) .
وقوله ـ عليه السلام ـ : «العلماء اُمناء الله»(33) .
وقولـه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : «مـن سلك طـريقاً يطلب فيه علماً سلك الله بـه طريقـاً إلـى الجنّة»(34) .
وغيرها من «أنّ فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم»(35)
ممّا لاتعدّ ، وهذه الروايات تعطي كون التفقّه مطلوباً نفسياً . وليس من البعيد لو قلنا بدلالة طائفة منها على الوجوب الكفائي ، كما لا يبعد استفادته من آية النفر({ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]) .
وهاهنا طائفة اُخرى يدلّ على أنّ الجهل وترك السؤال والتعلّم لا يعدّ عذراً ، كما يدلّ عليه مرسلة يونس عن بعض أصحابه قال سئل أبو الحسن ـ عليه السلام ـ : هل يسع الناس ترك المسألة عمّا يحتاجون إليه ؟ فقال : «لا»(36) .
وصحيحة الفضلاء قالوا : قال أبو عبدالله ـ عليه السلام ـ لحمران بن أعين في شيء سأله : «إنّما يهلك الناس لأنّهم لا يسألون»(37) .
ورواية المجدور الذي غسلوه ولم يمّموه(38) .
وما ورد في تفسير قوله تعالى : {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} [الأنعام: 149] «أنّه يقال للعبد يوم القيامة هل علمت ، فإن قال نعم قيل : فهلاّ عملت ، وإن قال لا قيل له : هلاّ تعلّمت حتّى تعمل»(39).
إلى غير ذلك ممّا هو ظاهر في أنّ العلم للعمل .
وهذه الروايات إرشاد إلى حكم العقل من لزوم السؤال والتعلّم لتمامية الحجّة على العبد على فرض ورود البيان من المولى ، ولايدلّ على الوجوب النفسي ، ولا النفسي التهيّئي ; لأنّ مفادها تابع لحكم المرشد إليه ، وهو حاكم بعدم وجوبه نفسياً . وهاهنا روايات كثيرة لا يسع المقام لإيرادها وتوضيح مقاصدها ، وفيما ذكرنا كفاية إن شاء الله تعالى .
إشكال تنافي الصحّة واستحقاق العقوبة في مسألتي الجهر والإخفات والقصر والتمام:
مناط صحّة عمل الجاهل وبطلانه:
قد اتّضح ممّا ذكرنا : أنّ الملاك لصحّة عمله وبطلانه هو الإتيان بكلّ ما يعتبر في المأمور به من الأجزاء والشرائط وعدمه ، وهذا هو المراد من قولهم من وجود الملازمة بين بطلان العمل واستحقاق العقاب ، وصحّته وعدم استحقاقه ، غير أنّه :
قد انتقض هذه القاعدة في موردين :
الأوّل : الجهر بالقراءة في موضع الإخفات وبالعكس ، جهلا بالحكم ; ولو عـن تقصير .
الثاني : الإتمام في موضع وجوب القصر .
فإنّ الأصحاب قد أفتوا في هذين الموضعين ـ تبعاً للنصوص(40) ـ بصحّة الصلاة مع الجهل بالحكم ; ولو عن تقصير(41) ، مع التسالم على استحقاق العقاب على ما هو مقتضى إطلاق كلامهم من عدم معذورية الجاهل المقصّر(42) .
فأوجب ذلك إشكالا في المقام ; لأنّه لو كان المأتي به هو المأمور به فلا وجه لاستحقاق العقاب، وإلاّ فلا وجه للصحّة .
وإن شئت قلت : إنّ وجوب الجهر والإخفات ، وكذا القصر إن توقّف على العلم به فهو يستلزم الدور المعروف ، وإن كان غير متوقّف عليه فيلزم عدم صحّة الصلاة ; لعدم الإتيان بالمأمور به ، وإن كان من باب تقبّل العمل الناقص بعد وجوده بدلا عن الكامل وسقوط ما كان واجباً من قبل فهو ممّا يأباه العقل من سقوط الواجب مع بقاء وقته مع المؤاخذة على تركه ، وإن قلنا : بعدم استحقاقه العقوبة فهو ينافي مع ما تسالموا عليه من عدم معذورية الجاهل واستحقاقه للعقوبة .
والحاصل : أنّه كيف يجتمع الصحّة والعقوبة مع بقاء الوقت ؟ ! فإنّ الناقص لو كان وافياً لمصلحة التامّ فيصحّ العمل ولا يستحقّ العقاب ، وإلاّ فلا وجه للصحّة ، إلاّ إذا كان الناقص مأموراً به ، وهو خلاف الواقع ; للإجماع على عدم وجوب صلاتين في يوم واحد .
أجوبة المحقّقين عن إشكال التنافي:
ولقد أجـاب عـن هـذه العويصة ثلّـة مـن المحقّقين لا بأس بالإشارة إلى تلك الأجوبة :
الأوّل : ما أفاده المحقّق الخراساني : من احتمال كون الناقص واجداً لمصلحة ملزمة مضادّة في مقام الاستيفاء مع المصلحة القائمة بالتامّ ، والتامّ بما هو تامّ مشتمل على مصلحة ملزمة ، ويكون مأموراً به لا الناقص ، لكن مع الإتيان بالناقص يستوفى مقدار من المصلحة المضادّة لمصلحة التامّ ، فيسقط أمر التامّ لأجله ، ويكون الصلاة صحيحة لأجل استيفاء تلك المصلحة(43) ، انتهى .
وهذا الجواب يدفع الإشكال بحذافيره :
أمّا صحّة الصلاة المأتي بها : فلعدم توقّفها على الأمر واشتمالها على المصلحة الملزمة .
وأمّا العقاب : فلأنّه ترك المأمور به عن تقصير والإتيان بالناقص أوجب سقوط أمره قهراً ، وعدمَ إمكان استيفاء الفائت من المصلحة ; لأجل عدم اجتماعها مع المستوفاة .
وأورد عليه بعض أعاظم العصر : بأنّ الخصوصية الزائدة من المصلحة القائمة بالفعل المأتي به في حال الجهل إن كان لها دخل في حصول الغرض من الواجب فلا يعقل سقوطه بالفاقد لها; خصوصاً مع إمكان استيفائها في الوقت ، كما لو علم بالحكم في الوقت . ودعوى عدم إمكان اجتماع المصلحتين في الاستيفاء ; لأنّ استيفاء إحداهما يوجب سلب القدرة عن استيفاء الاُخرى واضحة الفساد ; لأنّ القدرة على الصلاة المقصورة القائمة بها المصلحة التامّة حاصلة ، ولا يعتبر في استيفاء المصلحة سوى القدرة على متعلّقها .
وإن لم يكن لها دخل فاللازم هو الحكم بالتخيير بين القصر والإتمام ، غايته أن يكون القصر أفضل فردي التخيير(44) .
وفيه : أنّ الخصوصية الزائدة لازمة الاستيفاء ، إلاّ أنّها لا دخالة لها في حصول المصلحة القائمة بالناقص ، فهي ممكنة الاستيفاء ; وإن لم ينضمّ إليه الخصوصية الزائدة التي لها دخل في استيفاء الغرض الأكمل .
وأمّا عدم الأمر باستيفائها بعد الإتيان بالفرد الناقص : فللتضادّ بين المصلحتين وعدم إمكان استيفائها إلاّ في ضمن المجموع ، ولا يمكن استيفاؤها بالإتيان بها مستقلاّ أو في ضمن الناقص الذي ليس فيه مصلحة بعد .
وهذا هو المراد من قول المحقّق الخراساني من عدم إمكان استيفاء المصلحتين ; فإنّ للاستيفاء طريقين : إمّا بالإتيان بها مستقلاّ ، أو في ضمن الناقص غير القائم به المصلحة ، وكلاهما غير صحيح .
فما أفـاده : مـن أنّ القـدرة على الإتيان بالصلاة المقصورة حاصلـة غير صحيحة ; فإنّه خلط بين القدرة على الصلاة القائم بها لمصلحة وصورة الصلاة ، فهو قادر بعد الإتيان بالناقص على الثانية دون الاُولى .
الثاني : ما أفاده بعض محقّقي العصر ـ قدس سره ـ من الالتزام بتعدّد المطلوب ; بأن يكون الجامع بين القصر والتمام والجهر والإخفات مشتملا على مرتبة من المصلحة الملزمة ، ويكون لخصوصية القصرية وكذا الجهرية مصلحة زائدة ملزمة أيضاً .
مع كون المأتي به الفاقد لتلك الخصوصية من جهة وفائه بمصلحة الجامع المتحقّق في ضمنه مقوّماً للمصلحـة الزائـدة القائمـة بالخصوصيـة القصريـة أو الجهريـة ; بحيث لا يبقى مع استيفائها به مجال لتحصيل الزائدة القائمة بالخصوصيـة . فيقال أمّا الصحّة : فلوفائه بمرتبة من المصلحة الملزمة القائمة بالجامع وصيرورته بذلك مأموراً به بمرتبة من الأمر المتعلّق بالجامع ضمناً ، وأمّا العقاب : فلتفويته المصلحة اللازمة القائمة بالخصوصية القصرية(45) ، انتهى .
وحاصلـه : تعلّق أمـر بالجامـع ، وأمـر آخـر بالواجـد للخصوصيـة ، وهـو مبني علـى أن يكون المطلق والمقيّـد عنوانين مختلفين ; بحيث يـدفعان التضادّ بيـن الأحكام .
وقد قلنا في مبحث الاجتماع ما هو حقيقة الحال ، ورجّحنا خلافه(46) ; قائلا بأنّ المقيّد عين المطلق مع قيد آخر ; عينية اللابشرط مع بشرط شيء ، ومثله غير كاف في دفع التضادّ بين الأمر والنهي ، والتضادّ بين الأمرين .
اللهمّ إلاّ أن يفرّق بين المقامين ; بدعوى أنّ امتناع تعلّق الأمر والنهي بهما ليس لأجل التضادّ بينهما ; لعدم التضادّ بين الأحكام ، بل لأمر آخر راجع إلى عدم الجمع بين الإرادتين .
وأمّا المقام فلا مانع يمنع عن تعلّق بعثين إليه ، وكون المطلق محبوباً والمقيّد محبوباً آخر . فالعطشان المشرف للموت ، الذي يندفع هلاكه بمطلق الماء وبالماء البارد فهو بنحو الإطلاق محبوب ، وبقيد أنّه بارد محبوب مؤكّد .
فإن قلت : تشخّص الإرادة بالمراد ; فلو صحّ ما حُرّر في مبحث النواهي ـ من عينية المطلق مع المقيّد ـ فكيف تتشخّص الإرادتان بشيء ؟ فلو قيل بالمغايرة فهو كما يصحّح اجتماع البعثين يصحّح اجتماع الأمر والزجر .
قلت : نعم ، لكن يكفي في تشخّصهما اختلاف هوية المتعلّقين ، ولايكفي ذلك في جواز تعلّق الإرادة المضادّة للأخرى .
الثالث : ما أجاب به الشيخ الأكبر كاشف الغطاء من الالتزام بالترتّب ، وأنّ المأمور به أوّلا وبالذات هو القصر مثلا ، فلو عصى وتركه ـ ولو للجهل بالحكم ـ يجب عليه الإتمام(47) .
وأورد عليه بعض أعاظم العصر ـ مضافاً إلى ما ذكره الشيخ الأعظم من عدم إمكان الترتّب(48) ـ بأنّه أجنبي عن الترتّب ; لأنّه يعتبر في الخطاب الترتّبي أن يكون كلّ من المتعلّقين واجداً لتمام ما هو ملاك الحكم ، ويكون المانع من تعلّق الأمر بكلّ منهما هو عدم القدرة على الجمع ; للتضادّ بينهما ، والمقام ليس كذلك ; لعدم ثبوت الملاك فيهما ، وإلاّ لتعلّق الأمر بكلّ منهما ; لإمكان الجمع بينهما ، وليسا كالضدّين . فعدم تعلّق الأمر بهما يكشف عن عدم الملاك .
هذا ، مع أنّه يعتبر في الخطاب الترتّبي أن يكون خطاب المهمّ مشروطاً بعصيان الأهمّ ، وفي المقام لا يعقل أن يخاطب التارك للقصر بعنوان العاصي ; فإنّه لا يلتفت إليه ، وإلاّ يخرج من عنوان الجاهل ، ولا تصحّ منه حينئذ الصلاة التامّة ، فلا يندرج في صغرى الترتّب(49) ، انتهى .
قلت : والكلّ ضعيف :
أمّا الأوّل : فلأنّ البحث مبني على صحّة الترتّب .
وربّما يقال بإمكانه في المقام ; وإن لم يكن ممكناً في غيره ; لأنّ الشرط في المقام للأمر بالتمام يحتمل أن يكون أمراً انتزاعياً ; وهو كونه ممّن لا يأتي بالقصر جهلا قبل التمام ، وهو حاصل من أوّل الأمر .
ومثل هذا الشرط ممّا يمتنع أن يكون شرطاً للأمر بالمهمّ ; لاستلزامه وجود أمرين فعليين متوجّهين إليه في زمان واحد مع عجزه ، بخلاف المقام ; فإنّه يصحّ أن يجعل شرطاً للأمر بالتمام ; لأنّه لا يكون في المقام عاجزاً عن الإتيان بالقصر والتمام ، إنّما الكلام في الملاك ، وهو حاصل عند حصول العنوان الانتزاعي .
وفيه : أنّ لازم ما ذكره استحقاق عقابين إذا ترك كلتا الصلاتين ، ولا أظنّ القائل يلتزم به ; وإن التزمنا به في باب الترتّب على وجه آخر(50) .
أضف إليه : أنّ ما ذكره خلط بين القدرة على صورة الصلاة ، وحقيقتها بما لها من الملاك ، والمقدور هو الأوّل لا الثاني ، فهو أيضاً عاجز عن الإتيان بالصلاتين بالمعنى الذي عرفت ، فتأمّل .
وأمّا الثاني : فلأنّه لا يشترط أن يكون الضدّ واجداً للملاك من أوّل الأمـر ، بل يكفي حـدوث الملاك عند الجهل بحكم القصر أو عند العصيان . بل لا إشكال في أنّ الصلاتين واجدتان للملاك ; أمّا القصر فواضح ، وأمّا التمام فهو أيضاً صحيح عند عدم الإتيان بالقصر عند الجهل بالحكم ; نصّاً وإجماعاً ، وقد وافاك معنى كونهما متضادّين .
وأمّا الثالث : فبأنّه لا يشترط في الخطاب الترتّبي أن يكون المخاطب متوجّهاً إلى الشرط المأخوذ موضوعاً للأمر الثانوي ، بل يكفي وجوده الواقعي ; وإن لم يلتفت كما في المقام ، فتأمّل(51) . وقد تقدّم في خطاب الناسي ما يفيد في المقام(52) .
ثمّ إنّ في المقام أجوبة شتّى ، وفيما ذكرنا غنىً وكفاية .
_____________
1 ـ اُنظر فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4 : 278 .
2 ـ نهاية الدراية 4 : 406 ـ 407 .
3 ـ نهاية الدراية 4 : 405 ـ 406 .
4 ـ فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 25 : 414 .
5 ـ فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 25 : 414 ـ 415 .
6 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4 : 279 ـ 280 .
7 ـ نهاية الأفكار 3 : 471 ـ 472 .
8 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4 : 302 .
9 ـ تقدّم في الصفحة 428 .
10 ـ فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 25 : 412 .
11 ـ يأتي في الصفحة 443 ـ 445 .
12 ـ مدارك الأحكام 2 : 345 .
13 ـ مجمع الفائدة والبرهان 2 : 110 .
14 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4 : 285 .
15 ـ تقدّم في الصفحة 426 ـ 427 .
16 ـ يأتي في الصفحة 442 ـ 443 .
17 ـ تقدّم في الصفحة 427 ـ 428 .
18 ـ تقدّم في الصفحة 426 ـ 427 .
19 ـ كفاية الاُصول : 425 .
20 ـ تقدّم في الجزء الأوّل : 433 ـ 436 .
21 ـ تقدّم في الصفحة 345 .
22 ـ نهاية الأفكار 3 : 479 ـ 480 .
23 ـ تقدّم في الجزء الأوّل : 283 ـ 284 و 323 ـ 324 .
24 ـ كفاية الاُصول : 425 .
25 ـ شرح المواقف 3 : 178 ، شرح المقاصد 2 : 10 .
26 ـ القبسات : 309 ، الحكمة المتعالية 6 : 307 و 349 ، شوارق الإلهام : 94 / السطر16.
27 ـ نهاية الأفكار 3 : 481 .
28 ـ مجمع الفائدة والبرهان 1 : 342 و 2 : 110 ، مدارك الأحكام 2 : 345 و 3 : 219 .
29 ـ نهاية الأفكار 3 : 481 .
30 ـ تقدّم في الصفحة 434 .
31 ـ الكافي 1 : 32 / 4 .
32 ـ الكافي 1 : 32 / 2 .
33 ـ الكافي 1 : 33 / 5 (مع اختلاف يسير) .
34 ـ الكافي 1 : 34 / 1 .
35 ـ الكافي 1 : 34 / 1 .
36 ـ الكافي 1 : 30 / 3 .
37 ـ الكافي 1 : 40 / 2 .
38 ـ الكافي 1 : 68 / 5 ، وسائل الشيعة 3 : 346 ، كتاب الطهارة ، أبواب التيمّم ، الباب 5 ، الحديث 1 .
39 ـ الأمالي ، الشيخ الطوسي : 9 / 10 ، تفسير نور الثقلين 1 : 775 / 330 .
40 ـ راجع وسائل الشيعة 6 : 86 ، كتاب الصلاة، أبواب القراءة في الصلاة ، الباب 26 ، الحديث 1 ، و 8 : 506 ، كتاب الصلاة ، أبواب صلاة المسافر ، الباب 17 ، الحديث 4 .
41 ـ الحدائق الناضرة 8 : 143 و 11 : 429 ، رياض المسائل 3 : 401 و 4 : 452 ، جواهر الكلام 10 : 24 ـ 25 و 14 : 343 .
42 ـ الحدائق الناضرة 5 : 409 ، جواهر الكلام 12 : 229 ـ 230 .
43 ـ كفاية الاُصول : 428 .
44 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4 : 291 ـ 292 .
45 ـ نهاية الأفكار 3 : 484 ـ 485 .
46 ـ تقدّم في الجزء الثاني : 37 .
47 ـ كشف الغطاء 1 : 171 .
48 ـ فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 25 : 439 .
49 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4 : 293 .
50 ـ تقدّم في الجزء الأوّل : 443 ـ 444 .
51 ـ إشارة إلى عدم معقولية الترتّب في المقام ; فإنّ الموضوع للأمر الثانوي إنّما هو العصيان بترك القصر في تمام الوقت ; سواء كان شرطاً بوجوده الخارجي أو بوجوده اللحاظي ، وهو غير متحقّق في المقام ; لأنّ المفروض بقاء الوقت ، ولا يحصل العصيان إلاّ بانقضائه . [المؤلّف]
52 ـ تقدّم في الصفحة 348 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|